العدد 318 - 319 - 320 -

السنة الثامنة والعشرون رجب – شعبان – رمضان 1343هـ / أيار – حزيران – تموز 2013م

صـَرخَـةٌ شـاميّة

بسم الله الرحمن الرحيم

صـَرخَـةٌ شـاميّة

عبد الرحمن المقدسي (تراب)- بيت المقدس

في وقتٍ زادَ فيهِ العَداءُ، وعَظُمَ البَلاءُ، وقلَّ فيهِ اليسيرُ، وشحَّ فيهِ النَّصير، نرفع صرخة مدوية من أرض رويت بدماء الشهداء الأبرار واحتضنت في ثراها أجساد الصحابة الأطهار، من أرض الشام عقر دار الإسلام، نرفع إليكم صرخة شاميّة:

مِنْ جنبِ أجسادِ أطفالٍ قُطِّعت حلاقيمُهم من الوريد إلى الوريد، وفعلت في أجسادهم سكاكين عدو الله بشار ظلماً وبطشاً، فمثّلت وبترت واقتلعت،

من جنب زفرة حرّة شاميّة مقهورة هُتك عرضها وانتزع طهرها نستصرخكم أيها المسلمون،

ومن جنب رؤوس قُطِّعت وأيادٍ بُترت وبطونٍ بُقرت واجتُثت أحشاؤها نستصرخكم أيها المسلمون،

من قهر شيوخٍ وكبارِ سنٍّ نُتِفت لحاهم وهدّمت على رؤوسهم منازلهم فاختلط لحمهم بعظامهم ليمتزج بتراب أرض الشام الطاهر،

من ها هنا… نستصرخكم أيها المسلمون!!

إني أنا المقتولُ رُغمَ ندائي                                    في كلِّ قُطرٍ تستباحُ دِمائي

ذنبـي بأنّـي مسلـمٌ ومُوَحِّـدٌ                                      «اللهُ ربـي» أغضَبَـتْ أعـدائـي

وبعدُ، أيها المسلمون:

قضيةٌ عَظُمَتْ والناسُ ثائرةٌ                                   وَدَاؤُها مُعْضِلٌ والمعتدِيْ أَشِرُ

ما زال عدو الله بشار وشبيحته يَصِلون ليلهم بنهارهم في قتال أهلنا في سوريا وصدهم عن دين الله، على مرأى من العالم أجمع، وهم مع ذلك يرقصون رقصة المذبوح الذي بات يعدُّ الثواني لنهايته، فقد أوشكت حلقات العقد أن تكتمل، وأوشك الطاغية أن يُؤخذ بالنواصي والأَقدام، وفي هذا الوقت الذي اقترب فيه هلاكه تتسارع الصفقات، بل وتتزايد أحاديث التدخلات، فكلما وجدت أميركا وأحلافها أن حركة المسلمين هي الأقوى، وأن حكم الإسلام قادم إلى الشام عقر دار الإسلام،  كلما بدأوا يبحثون عن ذرائع التدخل: تارة باسم التسوية السياسية من أجل التفاوض مع صنائعهم، وأخرى باسم فرض السلام في المنطقة لمنع استعمال أسلحة الدمار!

 أيها المسلمون المؤمنون الصابرون في سوريا الشام:

لا يشك أحد منا بوجود مؤامرة دولية على الثورة ضدكم ولمصلحة السفاح، وهذا يفضح مدى فجور المجتمع الدولي ومدى إجرامه، وما السفاح بشار إلا أحد صنائعه، بل الكل يقطع بوجود تلك المؤامرة. ولا تظنوا أنكم غير مسؤولين أمام الله إذا لم تضعوا حداً لذلك. فأنتم من وقف في وجه السفاح بشار وقواته الأمنية المجرمة، وأنتم من ثُكِلتم، وأنتم من قدمتم وضحيتم بأغلى ما عندكم، فلا تسمحوا لأحد أن يخطف ثورتكم ويقطف ثمرتها، كائناً من كان، على حساب دينكم وتضحياتكم. ألم تعلنوا «قائدنا للأبد سيدنا محمد»؟، فسبيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  معلوم، وقد فرض الله سبحانه وتعالى علينا اتباعه دون غيره، حيث قال: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، ألم تعلنوا «يا الله ما لنا غيرك يا الله»؟، فكونوا صادقين مع دينكم وأنفسكم ولا تطلبوا العون إلا من الله وحده، فالله سبحانه وتعالى هو أغنى الشركاء عن شركه، وهو القائل عزَّ من قائل ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)   . إن أقوى موقف تعلنونه الآن، هو أن تعلنوا جميعاً، وعلى قلب رجل واحد منكم، أنكم مع الله وحده قلباً وقالباً، قولاً وفعلاً، وأن تعلنوا أنكم مع دينكم في تحريم الاستعانة بالغرب الكافر وعملائه من حكام بلاد المسلمين، فهذا نبي الله ابراهيم عليه السلام لما أراد النمرود وقومه حرقه، جمعوا له الْحَطَبَ شَهْرًا ثُمَّ أَوْقَدُوهَا، وَاشْتَعَلَتْ وَاشْتَدَّتْ، حَتَّى إِنْ كَانَ الطَّائِرُ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهَا فَيَحْتَرِقُ مِنْ شِدَّةِ وَهَجِهَا. ثُمَّ قَيَّدُوا إِبْرَاهِيمَ وَوَضَعُوهُ فِي الْمَنْجَنِيقِ مَغْلُولًا. فَضَجَّتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَجَمِيعِ الْخَلْقِ وقالوا: رَبَّنَا !إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرَهُ، يُحَرَّقُ فِيكَ، فَأْذَنْ لَنَا فِي نُصْرَتِهِ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إنِ اسْتَغَاثَ بِشَيْءٍ مِنْكُمْ أَوْ دَعَاهُ فَلْيَنْصُرْهُ، فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَدْعُ غَيْرِي فَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ وَأَنَا وَلِيُّهُ» فَلَمَّا أَرَادُوا إِلْقَاءَهُ فِي النَّارِ، أَتَاهُ خُزَّانِ الْمَاءِ – وَهُوَ فِي الْهَوَاءِ – فَقَالُوا: يَا إِبْرَاهِيمُ، إِنْ أَرَدْتَ أَخْمَدْنَا النَّارَ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمْ. وَأَتَاهُ مَلَكُ الرِّيحِ فَقَالَ: لَوْ شِئْتَ طَيَّرْتُ النَّارَ. فَقَالَ: لَا. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْوَاحِدُ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَا الْوَاحِدُ فِي الْأَرْضِ، لَيْسَ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرِي، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». رواه ابن اسحق في تفسير القرطبي

فيا الله، نلجأ إليك وحدك، أنت ركننا الشديد، نستنجد بك كما استنجد بك سيدنا إبراهيم عليه السلام… خاشعين متذللين ضارعين: ما إلنا غيرك يا الله.

 أيها المسلمون المجاهدون الثائرون:

مطلوب أن تجبروا المعارضة الخارجية على قطع الصلة بالغرب، وإلا فإنها لا تمثلكم، بل هي لا تمثلكم، بل اعملوا على أن تكون المعارضة التي تمثلكم من جنسكم، بأن تلتزم الحل الإسلامي الذي تبنيتموه ووثقتم أغلظ الأيمان عليه، وهو إقامة الخلافة الراشدة، التي وعد الله بها من يعبده وحده، لا يشرك به شيئاً، وذلك بقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

لكم الله يا أهلنا في سوريا، لقد حطمتم بإيمانكم وصبركم وتضحياتكم كل أطواق الخوف والجبن وقهر الرجال الذي مارسه النظام السوري البائس عليكم لأكثر من أربعين سنة، وفضحتم كل منافق وعميل حتى صار الناس إلى فُسْطَاطَيْنِ: فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ إِيمَانَ فِيهِ. وسطَّرتم بثورتكم ما أحيا الأمل لدى الأمة جميعها بعودة دولة الخلافة وتاريخها المشرق… فهنيئاً لكم ما تفعلون، وبوركتم بكل ما يبارك الله به عباده المخلصين. وإن ابتلاء المؤمنين بغلبة عدوهم لهم، وقهرهم، وكسرهم لهم، أحياناً فيه حكمة عظيمة، لا يعلمها على التفصيل إلا الله عز وجل كما قال الإمام العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتاب إغاثة اللهفان:

  1. فمنها: استخراج عبوديتهم وذلهم لله، وانكسارهم له، وافتقارهم إليه، وسؤاله نصرهم على أعدائهم، ولو كانوا دائماً منصورين قاهرين غالبين؛ لبطروا وأشروا، ولو كانوا دائماً مقهورين مغلوبين منصوراً عليهم عدوهم لما قامت للدين قائمة، ولا كانت للحق دولة .

    فاقتضت حكمة أحكم الحاكمين أن صرفهم بين غلبهم تارة، وكونهم مغلوبين تارة، فإذا غُلبوا تضرعوا إلى ربهم، وأنابوا إليه، وخضعوا له، وانكسروا له، وتابوا إليه، وإذا غَلبوا أقاموا دينه وشعائره، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وجاهدوا عدوه، ونصروا أولياءه .

  2. إنهم لو كانوا دائماً منصورين، غالبين، قاهرين؛ لدخل معهم من ليس قصده الدين، ولو كانوا مقهورين مغلوبين دائماً لم يدخل معهم أحد .

    فاقتضت الحكمة الإلهية أن كانت لهم الدولة تارة، وعليهم تارة، فيتميز بذلك بين من يريد الله ورسوله، ومن ليس له مراد إلا الدنيا والجاه.

3 . ومنها: إن امتحانهم بإدالة عدوهم عليهم يمحصهم، ويخلصهم، ويهذبهم؛ كما قال تعالى في حكمة إدالة الكفار على المؤمنين يوم أحد: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)

وإننا نؤكد عليكم أن تجعلوا من الإسلام الحنيف وحده أساساً لثورتكم كي تكون نابعة من عقيدتكم وقائمة على أساسها، لا على أساس علمانية فاجرة أو ديمقراطية كافرة، فهي ليست ثوبكم بل ثوبكم هو الإسلام وحده؛ ولذلك ندعوكم مخلصين أن لا تجعلوا غير إقامة الخلافة هدفاً لثورتكم، وأن تحذروا من الوقوع فيما وقع فيه إخوانكم في تونس ومصر وليبيا واليمن الذين سرقت ثورتهم، وبيعت دماء شهدائهم، فأصبحت ثوراتهم تحتاج إلى ثورات.

أيها المسلمون في العالم أجمع:

أيها الضباط والجنود في الدول العربية والإسلامية (من أعلى رتبة عسكرية نزولاً إلى أدناها):

كفى برغاء الثورة السورية منادياً (1)، وإن الكريم إذا دُعي إلى طعنة بليل أجاب، وآن والله لأزبِّ العقبة أن يُجدد صرخته(2)، فلا يحل لعين مؤمنة ترى هذه المجازر في الشام، عقر دار الاسلام، فتطرف حتى تغيره، ولكم في الصحابي الجليل سعيد بن عامر رضي الله عنه عبرة وعظة حين تذكر مشهد مقتل خبيب بن عدي رضي الله عنهما، حيث قال: شهدت مصرع خبيباً وأنا مشرك، ورأيت قريشاً تقطع من جسده وهي تقول له: « أتحب أن يكون محمداً مكانك وأنت ناجٍ ؟ فيقول: والله ما أحب أن أكون آمناً وادعاً في أهلي وولدي، وأن محمداً يوخز بشوكة»، وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لن يغفر لي… وأصابتني تلك الغشية. فكان رضي الله عنه يُغشى عليه حين يتذكر خذلانه لخبيب حين صُلب على خشبة، وقطّعت قريشُ جسده وهو حيّ، وسعيد ينظر بين جموع الكفار ولا ينصره، وهو على الكفر آنذاك.
نعم لقد كان يراه في حلمه إذا نام، ويذكره حين صلى ركعتين مطمئنتين أمام خشبة الصلب، وهو يسمع رنين صوته في أذنيه وهو يدعو على قريش يوم الرجيع: «اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا». سير أعلام النبلاء

نعم عباد الله: كان ذلك بسبب تركه نصرته حتى ظن أن الله لن يغفر له، مع أنه لم يكن وقتها مسلماً !! وكلنا يعلم أن الإسلام يجبُّ ما قبله.

إنها المسؤولية أيها الأخوة ، إنها الرابطة الإسلامية التي جمعته بخبيب …

 فكم عندنا من الجراح في سوريا كل يوم ؟!!!

إننا نشهد كل يوم مصرع أخوة لنا باعوا أنفسهم في سبيل الله، أخوة لنا رفعوا راية العُقاب حتى لا يدنس الكفار دينهم وعقيدتهم، أخوة لنا هدمت دورهم، وشردت عوائلهم، ويُتِّم أطفالهم ورملت نسائهم، كل ذلك في سبيل عزة دين الله، فهل تعلمنا منهم ما تعلمه سعيد من خُبَيب؟!

ألا تتوقون أيها المسلمون ليوم عز تجتمع فيه جيوش المسلمين في الجابية (هضبة الجولان) بعد تحريرها كما اجتمعت من قبل جيوش الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث عقد مع قادة جيش الفتح في مصر والشام والعراق لقاءً سطّره التاريخ، فكان يوماً من أيام الله، نصر الله فيه الإسلام والمسلمين بعد أن تم فتح الشام والعراق ومصر، وتُوِّج هذا اليوم العظيم بأذان بلال بن رباح رضي الله عنه بعد أن طلب المسلمون من عمر رضي الله عنه أن يسأل لهم بلالاً أن يؤذِّن لهم، فسأله فوافق، وكان بلال لم يؤذِّن منذ أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُرَ يوماً كان أكثر بكاءً من يومئذ ذِكْراً منهم للنبي صلى الله عليه وسلم.

فاقلبوا، أيها المسلمون، الطاولة على رؤوس حكامكم واخلعوهم من عروشهم كما تُخلع الإصطفلينة من الأرض، وبايعوا أميراً لكم، خليفة للمسلمين، يحكمنا بكتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فوالله إن عروش حكامكم لأهون وأضعف من بيت العنكبوت لو كنتم تعلمون، فما بارز أهل الحق قِرنٌ إلا كُسر قرنه (3)، فقُرِع من ندم سِنُّه (4)، ولا ناجزهم خصمٌ إلا بشروه بسوء منقلبه، وسدوا عليه طريق مذهبه لمهربه، ولا فاصحهم مفاصح ولو كان مثل خطباء أياد إلا فصحوه وفضحوه (5)، ولا كافحهم مقاتلٌ ولو كان من بقية قوم عاد إلا كبُّوه على وجهه وبطحوه، وإنها والله ساعة من صبر، فإما شهادة وإما خلافة، فمدوا إلينا أيديكم لتعقدوا معنا أشرف صفقة تنالون بها أشرف وسام بأن يسميكم الإسلام والمسلمون أنصار الله ودينه، فينصركم الله نصراً عزيزاً مؤزراً، فلم يبقَ واللهِ للعاملينَ غيرُ سيوفِ أهل النصرةِ وقد شـُرِّعتْ، وَمَنـَعَة ٌمن أهل ِالقوَّةِ لو أعطيت. فوجهوا بنادقكم إلى حيث يجب أن توجه، وقوموا لنصرة دين الله فتفوزوا بشرف النصرة كما شرّف الله بها الأنصار الذين نصروا دينه ونبيه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ   ).

هذي أساورُ كِسْرى سوفَ نَلْبِسُها                                               أبْشـِـْــــر سُــــــــــرَاقـــــَةَ فالدُّنيـا سَتَزْدَهِـرُ

وإنَّ شـــــَعْبـاً إلــــــــــــى العَلْيــــــــاءِ مُنْطَلِـقٌ                                               لَنْ يَقْدِرَ الجـنُّ يُــثــــْــنـِـيـهٍ ولا البشـرُ

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

————————

هوامش:

(1) كفى برغاء الثورة السورية منادياً: هذا مَثل يضرب للرجل تحتاج إلى نُصرته أوْ مَعُوْنَتهُ فلا يحضرك ويعتلُّ بأنه لم يعلم.

(2) أزبّ العقبة: اسم شيطان صرخ بأعلى صوته بعد بيعة العقبة الثانية التي كان فيها نصرة الدين: «يا أهل الجباجب – المنازل – هل لكم في مذمم والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم. قال: فقال سول الله : «هذا أزب العقبة» وهو شيطان اسمه أَزَبُّ العَقَبةِ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ.

(3) القِرنُ: بالكسر: هو الكُفْءِ والنظير في الشجاعة والحرب.

(4) قُرِعَ سِنّهُ: منَ المَجاز: إشارة إلى شدة الندم والتوبيخ.

(5) خطباء أياد: أياد إحدى قبائل العرب، وكان منهم خطباء يضرب بهم المثل وتعلمت العرب الخطب منهم.q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *