العدد 31 -

العدد 31 – السنة الثالثة – ربيع الثاني 1410 هـ الموافق تشرين الثاني 1989م

المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى

يوجد في بيروت «مجلس شرعي إسلامي». هذا المجلس عقد في 14/11/89 جلسة وأصدر بياناً واتخذ قراراً.

هذا القرار هو «اعتبار جلساته مفتوحة… نظراً لخطورة المرحلة». يعني أن هذا المجلس يستطيع أن يؤثر في سير الأحداث.

أما البين فقد جاء فيه: (إن المجلس الشرعي الإسلام الأعلى يعتبر المجلس النيابي بشكله الحاضر هو السلطة التشريعية الوحيدة).

وهنا نحتار! هل نهزأ من هذا الكلام، أو نتألم ونبكي منه؟ والله عن قصفنا بالمدافع أهون من صدور هذا الكلام عن مجلس يحمل هذا الإسلام: مجلس، إسلامي، شرعي، أعلى!

(شرعي إسلامي) ويعتبر هؤلاء النواب سلطة تشريعية وحيدة. إذاً هو ليس شرعياً وليس إسلامياً، بل هو مجلس (علماني لا ديني). أي عاقل في الدنيا يسمع أن المجلس الشرعي الإسلامي انعقد في دار الفتوى برئاسة المفتي، سيتوقع أن يكون البحث منطلقاً من الشرع الإسلامي وملتزماً بالشرع الإسلامي. ولا يمكن أن يخطر بباله أن يكونوا أكثر علمانية من الأوروبيين، وأكثر بُعداً عن الشرع الإسلامي من الفاسقين؟

يا أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى يكفيكم أن تحاكموا أنفسكم إلى قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا).

وقد جاء في البيان أيضاً: (يعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ما صدر عن العماد ميشال عون باطلاً وكأنه لم يكن غير دستوري، وغير قانوني، ومعطل للحياة الديمقراطية، وهو اغتصاب صريح للسلطة الشرعية).

إذاً السلطة في لبنان قبل أن يغتصبها عون كانت شرعية في نظركم، وأنتم تعتبرون الآن سلطة رينيه معوض شرعية. فهل هذه السلطة شرعية في ميزان الشرع الإسلام الذي تحملون اسمه؟ وأنتم تعتبرون أن ما فعله ميشال عون باطلاً. ولكنكم اعتبرتموه باطلاً ليس لأنه يخالف الشرع الإسلامي، بل لأنه غير دستوري وغير قانوني. أي انتم جعلتم مقياسكم الدستور اللبناني والقانون اللبناني، وكان المفروض فيكم أن يكون مقياسكم كتاب الله وسنّة رسوله، فما وافقهما فهو صحيح، وما خالفهما فهو باطل. لقد نسيتم أنكم مسلمون، ونسيتم أنكم في دار الفتوى، ونسيتم أنكم مجلس شرعي إسلامي، ونسيتم ربكم فأنساكم أنفسكم. فعودوا إلى رشدكم إنا لكم من الناصحين. وتذكَّروا قول ربكم: ]فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ[.

وأنتم هببتم لعقد جلسة طارئة، واعتبرتم جلساتكم مفتوحة لأن عمل عون تعطيل للحياة الديمقراطية. لقد تحركتم من أجل الحفاظ على الديمقراطية، وهي نظام كفر! فلماذا ل تتحركوا من أجل الإسلام الذي تحملون اسمه؟

وجاء في البيان: (تنفيذ وثيقة الطائف خطوة ضرورية على طريق العدالة). مع أن هذه الوثيقة تنص على بقاء لبنان منفصلاً عن بقية بلاد الإسلام، وتنص على أن يكون الرئيس مارونياً، وتنص أن يكون نظامه نظاماً علمانياً، أي نظام كفر. فهل تذكرتم الحلال والحرام، وهل تذكرتم الشرع الإسلامي، يا أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي، حين باركتم هذه الاتفاقية؟!

اللهم ردنا إليك حتى نستحق نصرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *