العدد 27 -

السنة الثالثة – العدد 27 – ذو الحجة 1409هـ، الموافق تموز 1989م

انعدام الموقف والهدف

إن ظاهر انعدام الموقف والهدف هي شبيهة بحالة انعدام الوزن في الفضاء الخارجي حيث يهيم فيها رواد الفضاء في حركات بهلوانية دون أن يستطيعوا التحكم في خطواتهم وحركاتهم فتصبح أرجلهم إلى أعلى ورؤوسهم إلى أسفل، ويتحركون حركة دائرية، بل يدورون حول أنفسهم أحياناً كثيرة، وهذه الحالة من انعدام الوزن لها ما يشبهها في أوضاعنا العامة والخاصة والسياسية منها بشكل خاص، والمدقق في أحوال المسلمين يجد أن الكثرة الساحقة منهم هي بلا موقف وبلا هدف وتدور في فراغ هائمة على وجهها أو تدور حول نفسها أو في حلقة مفرغة، لأنها لم تتخذ هدفاً معيناً تسعى للوصول إليه أو إلى تحقيقه، ولم تتخذ موقفاً من مختلف القضايا التي تعتبر قضايا مصيرية من وجهة نظر الإسلام، وهنا تكمن الخطورة فغير المسلمين هم الذين يقرّرون نيابة عنهم ويختارون الهدف ويتخذون المواقف نيابة عنهم، فيقولون لهم مثلاً: «كل البنادق نحو العدو الصهيوني»فيرددون وراءهم: كل البنادق نحو العدو الصهيوني. مع أنها شعار يطلق للتخدير ولبعض المآرب ضمن الصراع على النفوذ في المنطقة المحيطة بإسرائيل. ويقولون لهم إن أمراضكم هي «الجهل والمرض والتخلف» ويرددون وراءهم بالموافقة، لكنهم يتجاهلون ذكر أسباب هذه الأمراض ويتجاهلون أيضاً ذكر الأمراض الأخرى الأساسية التي أدت إلى الوقوع في الجهل والمرض والتخلف ألا وهي تحكّم الكافر المستعمر في بلاد المسلمين وتنصيب حماة لمصالحه يسوسون الناس بغير الإسلام ويحاربون الإسلام وأهله، ويحولون دون النهوض والتخلص من التبعية الفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية للغرب، وبالتالي التخلص من الجهل والفقر والمرض والارتهان وتقليد حضارة الغير والذل والاحتلالات والحروب والانقلابات المزيفة، وانعدام الموقف، وانعدام الشعور بالمسؤولية، وانعدام الشعور الجماعي، والقضاء على التمزيق والانقسامات والإقليمية والعنصرية والقومية والوطنية والديمقراطية الكافرة اللعينة، وهكذا من الضروري أن يكون للمسلم موقف وهدف وإلا فسوف يصبح كالريشة في مهب الريح أو كالكرة تتقاذفها أرجل اللاعبين في السياسة المحلية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *