أخبار المسلمين في العالم
1989/02/05م
المقالات
2,180 زيارة
معايير السلوك الدولية
تعبير جديد بدأ تسويقه في سوق السياسة الدولية، ذلك هو تعبير «معايير السلوك الدولية» وهذا التعبير (الشعار) هو من اختراع أميركا وبريطانيا، فأميركا التي نصّبت نفسها وصية على العالم وبشكل خاص على العالم الإسلامي وبقية الدول الصغيرة والفقيرة المنتشرة في أفريقيا وأميركا الجنوبية، وبريطانيا التي تشارك أميركا النزاع أحياناً وتساندها أحياناً أخرى حسب مصلحتها وحرصاً منها على أن تبقى في صفوف الدول الكبرى ذات القرار في العالم تحاول كذلك إيهام الرأي العام بأنها حريصة على (المعايير الدولية للسلوك)، فقد صرح (جيفرى هاو) في معرض حديثه عن مبادرة عرفات الخيانية بأن «ياسر عرفات قد التزم التزاماً واضحاً بمعايير السلوك الدولية».
والسؤال الذي يرد هنا هو: هل تلتزم كل من إنجلترا وأميركا (بمعايير السلوك الدولية) وهل التزمتا بها منذ افتتاح عهد الاستعمار على يد إنجلترا واستمراره على يد الدولتين حتى الآن؟ وهل التزمت بريطانيا بمعايير السلوك الدولية حينما شرّدت المسلمين من ديارهم في فلسطين وأقامت دولة لليهود مكانهم؟ وهل التزمت (معايير السلوك الدولية) حينما هدمت دولة الخلافة ومزقتها إلى دويلات ومستعمرات لها ولفرنسا؟ وهل التزمت بمعايير السلوك الدولية حينما أثارت الحرائق في بلاد المسلمين حتى تتغلب على أميركا وتُبقي سيطرتها على الدول المرتبطة بها؟ أم أنها التزمت بتلك المعايير حينما زوّدت الأنظمة العميلة لها بالأسلحة الفتاكة بقصد قمع شعوب العالم الإسلامي المتطلعة إلى الانعتاق من السيطرة الاستعمارية البغيضة؟ ثم ماذا عن اشتراكها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956؟ وماذا عن حرب اليمن؟ وانقلابات العراق، وحرب الخليج وجزر فوكلاند، والحرب الهندية الباكستانية وتمزيق القارة الهندية؟ أليس ذلك خرقاً فاضحاً لكل المعايير في الدنيا؟
أما أميركا فما قيل عن إنجلترا ينطبق عليها ويزيد، فهي الخصم اللدود لإنجلترا في صراعهما على النفوذ في البلاد التي كانت خاضعة كلياً لحكم (بريطانيا العظمى)، ومن جراء ذلك الصراع قامت بإشعال الحرائق في العالم الإسلامية للحلول محل بريطانيا ولا زالت تمارس عمها تحت شعارات مزيفة وأباطيل خادعة، فهي التي تقف وراء معظم الانقلابات التي حصلت (في الشرق الأوسط) منذ الخمسينات وحتى الآن، وهي وراء حرب الخليج، والحرب اللبنانية، وهي وراء الدعم المادي والسياسي للدولة اليهودية التي لم تبق معياراً إلا وخرقته، وأميركا التي تدعي الحرص على (المقاييس الدولية) وأمن العالم والسلام فيه ومعزوفة حقوق الإنسان، أميركا هذه هي التي أشعلت حرب فيتنام بالتواطؤ مع روسيا، وأميركا هي التي أشعلت حرب الخليج لمنافسة بريطانيا، وصراعها مع بريطانيا على قبرص كان وراء الحرب فيها وتقسيمها، وأميركا هي التي خفضت أسعار النفط لتضرب الصادرات النفطية البريطانية والشرق أوسطية… وهي وبريطانيا وراء كل مصيبة في العالم الإسلام.
إن الدول الحاقدة الطامعة في العالم الإسلامي وعلى رأسها كل من بريطانيا وأميركا، تريد إيجاد (فزّاعة) جديدة تستعملها للتخويف، وتستعملها لتبرير تدخلها في شؤون العالم الإسلامي تحت عنوان (الحفاظ على المعايير الدولية) فهل يفيق العالم الإسلامي ويرد كيدهم إلى نحورهم؟.
النظام المصري يلجأ للحيلة لأحكام سيطرته على دعاة التغيير
لا زال التوتر سائداً في العلاقة بين النظام المصري والجماعات الإسلامية بعد بروز تعاطف جمهور الناس مع تلك الجماعات نتيجة لتصرفات النظام والأكاذيب الإعلامية التي روجها النظام عبر صحفه أثناء المواجهات التي حصلت في بعض المدن المصرية، وقد أحس جمهور الناس مدى التزوير الإعلامي الفاضح خصوصاً وأنهم شاهدوا ما حصل من مجابهات بأم العين فكان أن استعانت الحكومة بنداء لشيخ الأزهر يهاجم الجماعات الإسلامية ويصف عملهم «بالتطرف الديني» وطلب من السكان مساعدة السلطات وتجنب المساجد حيث «يعمل المتطرفون على زرع الفوضى والتمرد» ولكن ذلك الإجراء لم يؤد إلى تهدئة الوضع فلجأ النظام إلى حيلة أخرى وهي الإيعاز إلى وزير الأوقاف محمد محجوب (وهو من أقطاب الحزب الوطني الحاكم) بتشكيل تجمع أسماه (المجلس الإسلامي المستقل) ويضم بعض الشخصيات التي تبدو للناس البسطاء أنها غير مرتبطة بالنظام أو أنها طرف حيادي ثالث، وأعضاء المجلس هم: محمد متولي الشعراوي (وزير أوقاف في عهد السادات)، الشيخ محمد الغزالي، الدكتور يوسف القرضاوي، الدكتور محمد الطيب النجار، الشيخ عبد الله المشد، ومهمة ذلك المجلس أن يتولى كتم الأصوات المطالبة بتغيير النظام وإعادة الإسلام إلى الحكم والمجتمع، وقد أكد العلماء الأجلاء دون طلب من أحد أنهم ليسوا وعاظاً للسلطة ولا علماء للشرطة، وذلك خلال إلقاء بيانهم على الناس. وكتب مراسل مجلة «العالم» في القاهرة «إن الشيخ الشعراوي قام بتكفير بعض الذين كانوا يثيرون همهمات في المسجد أثناء إلقاء البيان وقال عنهم أنهم ليسوا منا، بل مندسين علينا» ويتابع المراسل «وقد نجح الدكتور محمد علي محجوب في إقناع المكتب السياسي للحزب الوطني الحاكم بجدوى الحوار مع الجماعات الإسلامية بدلاً من الاعتقال الذي يؤدي إلى تعاطف شعبي أكثر مع أفراد تلك الجماعات» وفي مكالمة هاتفية أجرها مراسل «العالم» مع الدكتور عمر عبد الرحمن أمير الجماعة الإسلامية أكد أنه لا علاقة لجماعته بحادث قتل الضابط في المباحث الجنائية: المقدم عصام شمس الدين، واعتبر عمر عبد الرحمن أن حادث قتل الضابط كان ذريعة لشن حملات اعتقال وتشويه ضد الجماعات الإسلامية، وقد استعان النظام ببعض الفتاوى التي تقضي بخروج الجماعات وبعدها عن الإسلام ليكون ذلك مبرراً أمام الناس لملاحقة وقمع تلك الجماعات.
الأنظمة تتشابه في العالم الإسلامي
النظام في جيبوتي يحارب اللغة العربية:-
وجه ممثل ما يسمونه (بالمعارضة) في جيبوتي رسالة إلى إحدى المجلات الأسبوعية يقول فيها: «لقد التزم النظام الجوليدي بمحاربة اللغة العربية منذ توليه السلطة، وأخذ على نفسه عهداً بطمس الهوية العربية الإسلامية لشعب جيبوتي المسلم وذلك بفرضه قسراً اللغة الفرنسية عليه بدلاً من اللغة العربية… واستعد النظام لأداء هذا الدور القذر نيابة عن أسياده الفرنسيين… وهو يبالغ في تعصبه للفرنسية أكثر من الفرنسيين أنفسهم بهدف تكريس الثقافة الاستعمارية… والنظام بلغ به الأمر حد الإبعاد المتعمد لكل خريج من الجامعات العربية عن الوظائف الحكومية وغيرها بحجة أنهم لا يجيدون اللغة الرسمية وهي طبعاً الفرنسية». وتعليقاً على ذلك نقول إن كل من يظن أن الاستعمار حمل عصاه ورحل هو واهم وهماً كبيراً، ومن يظن أن هنالك استقلالات هو أكثر وهماً.
الأسلحة الكيميائية
هدد اسحق رابين الدول العربية باستعمال الأسلحة الكيميائية، ومما قاله في تهديده: «إن العرب إذا استخدموا الأسلحة الكيميائية مرة فإن إسرائيل سوف تستخدمها مئة مرة إن لم يكن أكثر» وهذا التهديد يُستنتج منه عدة أمور منها:-
1- أن هنالك دولاً أخرى غير ليبيا (التي تدعي أميركا أنها تحاول تصنيع السلاح الكيميائي) تملك هذا السلاح بما في ذلك إسرائيل وربما دولاً عربية أخرى، لأن تهديد رابين يقول: «العرب» ولم يهدد ليبيا فقط.
2- بما أن هنالك دولاً غير ليبيا المتهمة تملك أسلحة كيميائية وهذا أمر لا خلاف فيه فلماذا إذن كل هذه الضجة الأميركية الغربية على ليبيا فقط؟
3- إن تصريحات رابين غيره من حكام إسرائيل تعكس جو الرعب الذي يبقى هاجس إسرائيل حكومة وشعباً لأن عدد اليهود الضئيل نسبياً، وعيشهم في بقعة محدودة من الأرض يجعلهم في رعب دائم من الأسلحة الفتاكة التي لا تُبقي لهم أثراً إن استُعلمت.
4- إن تهديدات اليهود ومحاولة ظهورهم بمظهر القوي المتفوق لا تعبر عن حقيقة واقعهم وإنما هو لرفع معنويات اليهود وهي نوع من الحرب النفسية الوقائية.
5- إن الجبن والخوف هما طابع الحكام الذين عناهم رابين بتهديده لدرجة أنهم لم يتفوهوا ولو بكلمة، فكانوا عند حسن ظن العدو بهم: الصمت شيمتُهم، والذل دَيدَنهم.
لماذا؟!
الاتجاه الإسلامي في تونس يشيد بإنجازات زين العابدين:-
أشاد رئيس حركة الاتجاه الإسلامي راشد الغنوشي بما أسماه (الإنجازات الإيجابية) التي تحققت في تونس طيلة السنة الماضية أي منذ وصول زين العابدين للسلطة وأضاف أن استمرارية «التغيير الإيجابي لا تتم إلا إذا تضافرت جهود قوى الخير والديمقراطية من أجل دفع وتجسيد إرادة التغيير» وأعرب عن أمله في أن «تشهد السنة الثانية للتغيير مزيداً من الدعم لنمط الاجتماع المدني ولأركان النظام الجمهوري وللمسار الديمقراطي». غريب هذا المديح للنظام، والأغرب أن يصدر من زعيم الاتجاه الذي يسمى نفسه اتجاهاً إسلامياً، فماذا يختلف زين العابدين عن بورقيبة؟ إن الفارق الوحيد هو فارق السن، أما الارتهان والتبعية فلم يتغيرا، والحكم بغير ما أنزل الله لا زال هو السائد، فهل دعم النمط الاجتماعي المدني وأركان النظام الجمهوري والمسار الديمقراطي هي مطالب إسلامية؟ أين الإسلام من هذه المقولات؟ لا يسعنا إلا القول: اتقوا الله في دينكم وفي أمتكم، فالأمانة التي يحملها المسلم غالية ولا ينبغي أن تخضع للمساومة.
1989-02-05