العدد 14 -

السنة الثانية – العدد الثاني – ذو القعدة 1408هـ، الموافق تموز 1988م

«لا يجتمع جبن وإيمان»

 أخي القارئ،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ).

وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».

فقول الله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) واضح في نهي المسلمين عن الركون إلى الظلم والظالمين مجرد الركون وهو الميل والسكن والاطمئنان. وقد قال عليه وعلى آله الصلاة والسلام، في معرض النهي عن الركون للظالمين: «من رأى منكم حاكماً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله عاملاً بعباد الله بالإثم والعدوان ولم يغيّر عليه بكلمة كان على الله أن يدخله مُدْخله».

فلقد حرم الله على المسلمين الركون إلى الظلم وحكّام الجور تحريماً جازماً. وإنّا لنرى المسلمين في أيامنا هذه يهابون الظالم ويماشونه ويعينونه في ظلمه خوفاً منه، فالظاهر أن المسلمين قد تخلّوا عن عزّة أنفسهم التي كانت في أجدادهم. فعن خباب بن الأرت قال: قلنا يا رسول الله، ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: «إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار في مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد لا يصرفه ذلك عن دينه» وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإن لقن الله عبداً حجته، قال: يا رب رجوتك وفرقت الناس، أي خفت الناس»، فلقد أصبحت أمّة الإسلام ذليلة مهانة. أما آن لها أن تنفض غبار الذل والهوان عنها وتقلع الظلم والظالمين من فوق رأسها. ولنسمع قول الحبيب المصطفى حين يقول: «ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار ألا إن الكتاب والسلطان سيختلفان فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمراء، يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لكم، إن أطعتموهم أضلّوكم وإن عصيتموهم قتلوكم قالوا: وما نفعل يا رسول الله؟ قال: «كما فعل أصحاب عيسى، حمّلوا على الخشب ونشروا بالمناشير فوا لذي نفس محمد بيده لموت في طاعة خير من حياة في معصية» وقد وعد الله عبادة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر المغيّرين على الحكام الظلمة بمنزلة كمنزلة سيد الشهداء حمزة، فقال عليه الصلاة والسلام: «سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى حاكم جائر فنصحه فقتله».

وصدق عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «لا يجتمع جبن وإيمان» .

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *