العدد 13 -

العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية – شوال 1408هـ – حزيران 1988م

كتاب الشهر

الكتاب: مسألة القضاء والقدر

المؤلف: عبد الحليم محمد قنبس وخالد عبد الرحمن العك.

الناشر: دار الكتاب العربي ـ دمشق 192 صفحة من الحجم الكبير.

«هذه دراسة جديّة وأبحاث مركّزة لمسألة القضاء والقدر التي دار حولها النقاش طيلة قرون ماضية، حيث دام الجدل فيها مدى حياة أجيال عديدة، والنتيجة كانت دائماً دوراناً ضمن تلك المناقشات المجادلات، رغم إصرار الكثير من تحقيق نتائج ناجحة تخرجهم من طوق تلك المناقشات التي دخلوها ولم يعد بمقدورهم مغادرة ساحتها أو الخروج من ربقة التزامها.

لقد كان ذلك حينما دخلوا حظيرة الفلسفة اليونانية من أوسع أبوابها ظناً منهم أنها سلاح للدفاع .. وأداة للفهم.. وأساس للإقناع.. ولكنهم لم يعلموا أنهم وقعوا في شرَك حبالها حينما زينت لهم أنفسهم عشقَ الفلسفة اليونانية التي اتخذوها أساساً لمناهجهم وقواعداً لبحوثهم وكانت ـ ويا ليتها لم تكن ـ جنايةً على الأمة، أضاعت خلالها أعمار أجيال كان الأحرى بها أن تقضي فيما هو أجدى وأنفع للإسلام والمسلمين. (من المقدمة)

ثم يبدأ المؤلفان ببحثهما بتوطئة بحثاً فيها مسألة القضاء والقدر وكيف أن بحث المتكلمين كان دائراً حول أفعال العباد: هل هم يخلقون أفعالهم أم الله تعالى؟ وهل ما يتولد من هذه الأفعال من خاصيات من تأثير على فعل العباد؟ أم الله سبحانه هو الذي يخلقها عند فعل العبد هلا؟ ويعقّب المؤلفان إلى أن الإجابة على الأسئلة السالفة الذكر هي القضية التي أخذت حيزاً كبيراً من تفكير أولئك، وسميت «مسألة القضاء والقدر» ثم يورد المؤلفان جميع أقوال المتكلمين ومناقشاتهم في هذا البحث.

وانتقلا في البحث الثاني ليتكلما عن كيفية نشأة مسألة القضاء والقدر. فيقولا في بداية البحث «لم يتكن مسألة القضاء والقدر شيئاً جديداً بحثها المعتزلة أو غيرهم من المتكلمين، لأن الفلاسفة اليونانيين قد سبقوهم بذلك وبحثوا أفعال العباد، وأطلقوا على ذلك: مسألة «القضاء والقدر»، أو «الاختيار والجبر» أو «حرية الإرادة» وهذه التسميات كلها في معنى واحد، وهو أن كل ما يحدث من الإنسان من أفعل هل هو حرّ في إحداثها أم مجبور في ذلك؟.

وهذا المعنى لم يرد ببال المسلمين من قبل، بل الذين بحثوا فيها واختلفوا في معناها هم الفلاسفة…». وناقش المؤلفان في هذا البحث موقف جميع الفرق وناقشوا الأخطاء التي وقعوا بها.

وقد خصص المؤلفان باباً خاصاً للتحدث عن نشأة المتكلمين ومنهجهم وعن الفرق بين الفلاسفة والمتكلمون، وكيف أن المتكلمين قد استخدموا سلاح المنطق في ردودهم وبيّنَا خطأ منهم المتكلمين بالتفصيل وبدقة متناهية.

انتقلا المؤلفان في وسط الكتاب إلى توضيح مسالة القضاء والقدر وذلك بتبيين معنى كلمتي القضاء والقدر كم وردتا في الكتاب والسنة ثم بحثا المسألة على مقتضى الفهم الصحيح لحقيقة لفظتين القضاء والقدر والمفهوم المتعارف عليه للفظتين.

وفي باب منفصل تحدث المؤلفان عن، هل أن الإنسان مسيّراً أم مخيّراً؟ فبعد أن يوردا جميع الأقوال والإجابات على هذه المسألة يعطي المؤلفان الجواب الصحيح على هذا التساؤل بأنه «لقد ثبت بالدليل القاطع أن الإنسان يعيش في هذه الحياة ضمن دائرتين اثنتين لا ثالث لهما، أما الدائرة الأولى: فهي التي تنفذ فيها إرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته الكونية التي لا رادّ لها إلا هو سبحانه، وفيها جعل الله تعالى الإنسان يسير بحسبها وعلى مقتضاها سيراً مجبراً لا إرادة لها فيها ولا اختيار.. وأما الدائرة الثانية. فهي التي تنفذ فيها إرادته ومشيئته الشرعية، وفيها جعل الله تعالى الإنسان يسير فيها سيراً اختيارياً، بحيث لا مُكره له فيها ولا مُجبر..». ويفصّل المؤلفان إجابتهما بوضوح ودقّة وكيف أن هناك أمور من مقتضيات نظام الوجود، كما تكلما عن خاصيات الأشياء وخلقها.

وفعلاً لقد أجاب المؤلفان عن التساؤل بما يُروي الغليل ويشفي العليل.

ثم يخصص المؤلفان بابان للتحدث عن الإنسان والهدى والضلال، والأجل والرزق بيد الله تبارك وتعالى، وختما بحثهما بباب تحت عنوان «التوكل على الله من خاصية الإيمان بالقدر».

إننا في مجلة «الوعي» إذ نضع هذا الكتاب القيّم ضمن سلسة الكتب المتقاة من المكتبة الإسلامية، ننصح كل مسلم شاباً أم فتاة اقتناء هذا الكتاب القيّم.

والله ولي التوفيق. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *