العدد 13 -

العـدد الثالث عشر – السـنـة الثانية – شوال 1408هـ – حزيران 1988م

كتاب مفتوح للصحافة العربية والأجنبية

تلقت مجلة «الوعي» كتاباً مفتوحاً من داخل الأرض المحتلة موجه إلى الصحافة العربية والأجنبية وهذا نصّه:

«من أرض فلسطين أرض الأنبياء والإسراء والمعراج وأرض الشهداء والمجاهدين ومهد عيسى عليه السلام، وبلسان أهل فلسطين في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وفي جبل النار وخليل الرحمن والمثلث والجليل وكل فلسطين، المجاهدين في سبيل الله الصامدين في وجه أعداء الله والإنسانية اليهود والصهاينة النازيين الجدد».

نبعث لكم كتابنا هذا، واضعين أمام أعينكم الحقائق عن انتفاضتنا حتى لا يكون هناك مجال لمحرّف أو منحرف عن خطها الذي سارت عليه منذ انطلاقها.

«إن أمتنا أمة عظيمة عزيزة، تحمل رسالة وحضارة، أمة جهاد واستشهاد، تنبت الرجال الأبطال وترفض الجبناء والأنذال، وقد كبت أمتنا كبوة ولا عجب فلكل جواد كبوة، وها هي تصحو من كبوتها وتعود إلى أصالتها حاملة الرسالة إلى العالم، رسالة السعادة والطمأنينة والأمن والسلام لترفع عن العالم التمييز والقهر والظلم والاستعباد والاستعمار، وكبوة أمتنا هذه مكنت الاستعمار ورأس حربته اليهود الصهاينة من إقامة دولة لهم على أرضنا وتشريدنا في أنحاء المعمورة، والتسلط على من تبقى منا في فلسطين وتعريضنا للقهر والظلم والإذلال لترحيلنا عن بلادنا.

ومن سوء حظنا أن إخواننا خارج فلسطين يعيشون ظروفاً من الظلم والقهر والتسلط والإحباط تمنعهم من النهضة والوحدة، ومن التقدم بجانبنا وقفة الأخ مع أخيه، وقفة المصير الواحد والمستقبل الواحد، بل وتكذب هذه الأنظمة علينا وعليكم تؤيدنا في الخطب والإذاعات وتعمل لأجل العدل والوفاء والتقدم في أجهزة الإعلام فقط، والحقيقية التي يعرفها كل الناس أن هذه الأنظمة قهرتنا وتآمرت على قضايانا المصيرية ومكّنت اليهود ودولتهم ومن ورائهم دول المغرب والمشرق من السيطرة على منطقتنا والتحكم بمصيرنا وقضايانا فوصل بها الأمر أنها كانت وما زالت حامية لإسرائيل من كل عمل جدّي ضدها، وعملت وما زالت تعمل على الصلح والسلم معها، فهي تمنع الفدائيين من الهجوم على إسرائيل عبر أراضيها، ولا تعد جيوش العرب إلا للهزيمة أمام اليهود، وأصبحت قضايانا كلها فلسطينية وعربية وإسلامية بيد الدول الكبرى، تدعو للمؤتمرات الدولية والإقليمية لحلها، كأن الحمل الوديع المغفل يأمل من الذئب المفترس أن يوجد له مسكناً وسكناً.

أصبحت فلسطين القضية كرة تتدحرج من واشنطن إلى لندن غل موسكو لا تمر بمحطة عربية أو إسلامية، والغريب المفجع أن زعماءنا هم الذين يدحرجونها بعيداً بحجة طلب الحل والنجدة، وأصبح مفتاح الحل والربط بيد إسرائيل هي التي ترضى عن الحل أو ترفضه، ما ترضاه يمر وما لا ترضاه يموت، وأصبح للمؤتمرات العربية والإسلامية التي تعقد مقررات على الورق، لا يظهر منها إلا ما يقول بتدويل القضية والطلب من الدول الاستعمارية الكبرى أن تتكرم علينا بالحل. وما مبعوثي أميركا وإنجلترا وروسيا وهيئة الأمم وتوجيهاتهم إلا شر وشراك ينصبونها لنا ومحاولات لتسخير انتفاضتنا لخدمة خططهم، فلا ثقة بهم ولا بحسن نواياهم، فأجهزة الإعلام لم تسلط الأضواء على انتفاضتنا من أجل دوافع إنسانية ولا وقوفاً بجانب حقنا وإنما لحاجات بنفوسهم لتنفيذ سياساتهم الخبيثة التي ترسمها هذه الدول.

أمور غريبة عجيبة تجري علينا، لا يرضى بها عاقل ولا يقنع بها جاهل، زد على ذلك ما تعيشه أمتنا من تسلط وقهر لأجهزة المخابرات تمنع التفكير والحرية والحركة والتفاعل، وتهدر طاقات الأمة ملاً ورحالاً في قضايا جانبية كالحروب الإقليمية وأمثالها وكلها في سبيل الشيطان والتفرقة، وسرقة أموال الأمة ونهب ثرواتها، وما تمارسه إسرائيل علينا من عنجهية حتى طمع فينا القوي والضعيف، ولا زال حكامنا وقادتنا يمنّوننا ويكذبون علينا وكأن كذبهم سيستمر إلى يوم القيامة.

لكل هذا انتفضنا انتفاضة عزيزة باسم الله باسم الإسلام في وجه اليهود المجرمين، في وجه الظلم والقهر ومنع الشعوب من تقرير مصيرها، انتفضنا ثأراً لكرامتنا ومقدساتنا وشهدائنا وأرضنا وحقنا للتحرير والتحرر، لنعز وننهض أليس اليهود يدفنون شبابنا أحياء؟ يدوسوننا بالسيارات؟ يكسروننا ويقتلوننا ويسجنوننا؟ ألم ينتهكوا عرضنا؟ فمن تحرك ووقف في وجههم؟ هل حال إخواننا خارج الحدود أحسن من حالنا؟ هل يقف إخواننا خارج الحدود يتفرجون علينا خذلاناً لنا أم رغماً عنهم؟

لكل هذا انتفضنا، ولم يعد يخيفنا شيء، فأربكنا دولة الغاصبين وأسقطنا هيبة الغطرسة اليهودية ونفضنا غبار الذل عن الجبين فأصبحنا لا نخشى اليهود برصاصهم وهراواتهم وقنابلهم وتعذيبهم ولا سجونهم فمواقفنا هي مواقف العزة تسري في عروقنا شباباً وأطفالاً شيوخاً ونساء. لم تعد إسرائيل ذلك المرد المخيف ولم تعد أجهزة القهر ملاك الموت، انتفضنا لننقل العدوى إلى نفوس شبابنا وجنودنا في بلادنا العربية ليلحقوا بنا، لنضع اليد باليد والسواعد بالسواعد واضعين نصب أعيننا قول الله عز وجل (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وقول رسولنا الكريم: «الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة».

لقد اخترقت طائرتنا الشراعية احدث تكنولوجيا العصر العسكرية، وصمد حجرنا في وجه أعتى أسلحة العصر فأصبحت أوهاماً، ووقفت إرادتنا في وجه أصلف وأحقد بني البشر فجعلتهم كالعنكبوت تحتمي وراء بيوته وأثبتنا أن إسرائيل دويلة مصطنعة وكيان هش سقوطها سهل يسير، لقد أثبتنا أن بإمكاننا انتزاع حقنا واسترجاع أرضنا كل أرضنا، وبرهنت انتفاضتنا أنه لو وجدت الإرادة المخلصة عند حكامنا لتحرير البلاد والعباد لاستطاعوا ذلك، ولوقفت الدول العظمى التي تحتقرنا اليوم تصفق وتهنئ، لأن عصرنا يدور الحق مع القوة، وقلة هم أصحاب المبادئ الذين يديرون القوة مع الحق كما هو شأننا نحن المسلمين أبناء الفاتحين العظام الذين حرروا البلاد والعباد فيما مضى.

لقد لطمت انتفاضتنا اليهود على وجوههم وجعلتهم يفكرون فينا وفي أبناءنا من بعدنا إن هم بقوا على فكرهم التوسعي الاستيطاني بل قل إن هم بقوا في أرض فلسطين.

إن ما ترونه على شاشات التلفزيون نزر يسير مما نقوم به نحن أهل فلسطين من تضحية وصمود ونزر يسير ما يقوم به ويمارسه اليهود من قمع وعدوان ووحشية.

إننا في واقعنا أقوى من اليهود ولكننا مكبلين بحبال من الأوهام، ونؤمن بأن الله معنا فنطلب الموت لنيل الشهادة لتوهب لنا الحياة. إننا أهل الانتفاضة نرفض حصر أهدافنا باستدرار العطف الإنساني ونرفض إدخال قوات دولية إلى منطقتنا والمطالبة بتشكيل دولة فلسطينية لمفاوضة اليهود ونرفض المطالبة بالتعويض عن أرضنا ونرفض المؤتمر الدولي، بل فلسطين إسلامية من البحر إلى النهر.

لكل ذلك صامدون على أرضنا مصممون على انتزاع حقنا، فهل يصحو إخواننا خارج الحدود ويكسرون قيود الخوف وحواجز الرهبة ويأتوننا على ظهور دباباتهم وطائراتهم تخفق فوق رؤوسهم رايات الجهاد لا إله إلا الله محمد رسول الله،

إننا جميعاً وبفارغ الصبر في انتظاركم،،

وإنها لثورة حتى التحرير والنصر،،

                                                                   قيادة طلائع الجهاد للانتفاضة

الخميس 13 شعبان 1408 ـ 31 آذار 1988

لَلّهُ أَفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «قال الله تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه حيثُ يذكرني، والله لَلّهُ أفرحُ بتوبة عبدهِ، من أحدكم يجدُ ضالّته بالفلاة، ومن تقرّب إليّ شبراً، تقرّبت إليه ذراعاً، ومن تقرّب إليّ ذراعاً، تقرّبت إليه باعاً، وإذا أثيب إليَّ يمشي أقبل إليه أهرول».

رواه مسلم

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *