العدد 375 -

السنة الثانية والثلاثون، ربيع الآخر 1439هـ، كانون الثاني 2018م

سياسات ترامب وموقفها من القدس تعزل أمريكا وتكتل العالم ضدها!

سياسات ترامب وموقفها من القدس تعزل أمريكا وتكتل العالم ضدها!

 

صوتت 128 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو الولايات المتحدة إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة (لإسرائيل)، فيما اعترضت 9 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت لصالح القرار الذي استبقته واشنطن بالتهديد بوقف المساعدات المالية التي تقدمها لتلك الدول. تعليقاً على هذا الموقف الجامع من أغلب دول العالم ضد القرار الأمريكي، كتب باتريك وينتور المحرر الدبلوماسي في صحيفة «غارديان» قائلاً “إن بلطجة وتهديدات ترامب في موضوع القدس هي أخبار سيئة للأمم المتحدة، إذ أن موقف أمريكا المتحيز من (إسرائيل) قد ينتهي بقطع واشنطن التمويل عن المنظمة الدولية.

وأشار وينتور في مقالته إلى خطاب الرئيس ترامب أمام الجمعية العامة في أيلول (سبتمبر) المنصرم الذي جاء فيه «إن الدول القوية ذات السيادة تسمح لعدد من الدول ذات القيم والثقافات والأحلام المختلفة ليس للتعايش فقط ولكن العمل جنباً إلى جنب في الأمم المتحدة وعلى قاعدة الاحترام المتبادل» إلا أن المشهد تغير بعد ثلاثة أشهر، حيث تعرضت الدول المتنوعة نفسها لتهديدات من سفيرة الرئيس الأمريكي نيكي هيلي التي قالت إنها ستسجل أسماء الدول التي لم تدعم قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالمدينة كعاصمة (لإسرائيل).

ولمحت هيلي إلى أن الدول التي تتحدى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستواجه عقوبات. وكان ترامب واضحاً عندما قال إن فشل الأمم المتحدة دعم قراره سيكون انتصاراً لسياسة «امريكا أولاً» حيث «ستوفر الكثير». وقال «لا نهتم، ولكن الأمر مختلف حيث كانوا يصوتون ضدك ثم تدفع لهم ملايين الدولارات. ولن يستفيد احد منها منذ الآن». ويقول الكاتب معلقاً إن «القوة الناعمة» التي تم تعريفها بـ «أنها القدرة للحصول على ما تريد من خلال الجذب لا الإكراه» فإن ترامب يمارس عكسها تماماً، حيث أنه أحد أكبر الداعين لدبلوماسية الإكراه. وهذا يعود في جزء منه إلى أن ترامب هو نتاج عقلية ظلت تنظر للأمم المتحدة على أنها مركز المشاعر المعادية لأمريكا والفساد والتبذير.

الوعي: إن تصويت 128 دولة ضد قرار الولايات المتحدة الأمريكية بشأن ‫القدس أمر لافت، لكنه يقيناً ليس من أجل إنصاف المظلومين، أو لتحقيق العدل في هذا العالم. فالدول التي قادت هذه الحملة بزعامة بريطانيا وفرنسا وغيرها دول عريقة في الاستعمار وفي استعباد الشعوب واستغلالها وإذلالها وما زالت تمارس نفس الدور بشكل أو آخر. وهذه الدول لا تأبه بفلسطين أو العرب أو المسلمين ولا تهتم إلا بمصالحها. بل إن بريطانيا نفسها احتفلت منذ أسابيع قليلة بالمناسبة المئوية لوعد بلفور المشؤوم بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. وهي التي شكلت هذا الكيان المسخ، ودعمته بكل الأشكال الممكنة حتى وقف على قدميه، بعد أن أسقطت الدولة العثمانية ومزقت المسلمين ونصبت عليهم أراذل يسومونهم سوء العذاب. إن ‏الموضوع عند هذه الدول ليس تحرير القدس من الاحتلال، وليس هو كذلك إعطاء الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين شيئا من حقوقهم، فهذا آخر همهم. إنما الموضوع عندهم هو محاولة لجم الجشع الأمريكي الذي يريد أن يتحكم في مصير العالم ويلتهم خيراته بمفرده. ويجد هؤلاء في سياسات ترامب وسقطاته الكثيرة فرصة نادرة لنبذ أمريكا وتحجيم دورها وتكتيل العالم ضدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *