العدد 313 -

السنة السابعة والعشرون صفر الخير 1434هـ – كانون الثاني 2013م

الثورات والتغيير المنشود: الخلافة هي الحل

الثورات والتغيير المنشود: الخلافة هي الحل

هبت عاصفة التغيير في المنطقة، ثورات وانتفاضات وحروب، ورغم نجاح هذه العاصفة في نسف العديد من طواغيت العرب الذين حكموا الأمة بالحديد والنار عقوداً طويلة، فإن مشاهد البؤس والفقر والظلم والفوضى ما زالت مخيمة بظلالها على المنطقة. ولم تتمكن الأمة بعد من الوصول إلى تحقيق البديل المنشود. فما زال فقراء بلادنا ومساكينها يسعون بكل جهد للهجرة منها، محاولين  التسلل إلى موانئ أوروبا، أو الوصول إلى أميركا وكندا وأستراليا، فيما تطارد هؤلاء المتسللين قوانين الهجرة غير الشرعية، هذا في حال وصلوا إليها ولم يغرقوا في البحار والمحيطات قبل رؤية اليابسة.

يجري هذا رغم «أن أجداد هؤلاء العاثرين جاءوا أوروبا فرساناً أو علماء. وكان الفارق في علوم الطبابة بين المسلمين وأوروبا ثلاثة قرون على الأقل. وفي القاهرة كان مستشفاها الرئيسي في القرن الثالث عشر يضم 8 آلاف سرير وأجنحة لجميع الأمراض بينها العقلية. وما هو أهم من كل ذلك أن مصر سلمت إدارة المستشفى إلى العالم الدمشقي ابن النفيس الذي وضع أول تصوُّر للعلاقة بين القلب وجهاز التنفس. ولم يلحق به الأوروبيون إلا بعد 350 عاماً» ناهيك عما «أضافه الخوارزمي إلى علم الحساب. وما عرف بعصور النهضة فيما بعد، بني الكثير منه على ما أسسه علماء الإسلام. وفي كل مدينة أوروبية قطنها المسلمون أكثر من أثر علمي كبير. من قرطبة إلى مرسيليا إلى ساليرنو إلى صقلية». كما «تبنى سيلفستر الثاني أول بابا فرنسي في الفاتيكان النظام الرقمي الذي أنتجه علماؤنا بعدما رمى جانباً تعقيدات الترقيم اللاتيني. وتنافست مدن أوروبا على ترجمة العلوم والمعارف الإسلامية. وهاجر علماء من إيطاليا وبريطانيا إلى الأندلس لكي يدرسوا العربية وينقلوا علوم المسلمين. ونشطت حركة الترجمة، سراً وعلناً، حتى أصبحت قاعدة التقدم العلمي الأوروبي في القرن الثالث عشر وما تلاه. وأعطي العلماء المسلمون أسماء لاتينية لكي يسهل على طلاب المعرفة حفظها وتمييزها».

ويبقى السؤال ماثلاً للعيان: لماذا كانت القرون الماضية قرون الإنجازات والحلم والمجد لا الجزع واليأس؟ لماذا ازدهرت أحوال الأمة وارتقت علمياً ومعرفياً؟ ولماذا انحدرت ومازالت في ذيل الأمم رغم ثورات عاصفة؟… إن ذلك كان لسبب بسيط، لأنه كانت للمسلمين دولة خلافة ترعاهم وتدير شؤونهم بحسب رسالة الرحمة التي أشاعها الإسلام، والتي تحرص عليهم وعلى دينهم وأمنهم ومعاشهم، وتضمن كافة السبل لرقيهم وازدهارهم، لذلك كانوا يصلون إلى أوروبا فاتحين بدل أن “يصلوا إلى شواطئها  على بواخر التهريب والموت.” كانوا ينتقلون من مدن العلم والمعرفة التي شيدتها الخلافة بدل مدن وعواصم الجهل والظلم والشقاء التي أورثها لنا الاستعمار؛ لهذا كان لا بد من استعادة الخلافة من جديد، تلك التي تحمي الأمة وتحنو عليها، وتمنع أعداءها من نهبها أو الاعتداء عليها. ولهذا كان لا بد أن يصبح عنوان الحراك القائم في المنطقة، الخلافة وحدها هي الحل، وأن لا يتوقف هذا الحراك أبداً قبل استعادتها ومشاهدتها حية ماثلة بيننا للعيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *