العدد 363 -

السنة الواحدة والثلاثون – ربيع الثاني 1438هـ – كانون الثاني 2017م

حركات السلام اليهودية: وجه آخر للاستعمار!!. (3)

               بسم الله الرحمن الرحيم

حركات السلام اليهودية: وجه آخر للاستعمار!!. (3)

 حمد طبيب – بيت المقدس

قبل أن نبدأ بالإجابة عن الأسئلة التي ذكرناها في الحلقة السابقة بخصوص حقيقة حركات السلام اليهودية، نريد أن نبين بعض الحقائق التي تتعلق بهذا الموضوع كمقدمات لكشف الطريق أمامه:

الحقيقة الأولى: إن الله عز وجل قد جعل ملة الكفر ملةً واحدة (مهما تعدّدت واختلفت أسماؤها) من حيث رفضها وتنكرها وعداوتها لأمة الإسلام. قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ الانفال73، يقول (الإمام القرطبي) في تفسيره: “قوله تعالى﴿وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين؛ فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، والكفار بعضهم أولياء بعض، يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم… ﴿ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ﴾ وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمنين… ﴿تَكُن فِتْنَةٌ﴾ أي محنة بالحرب، وما انجرَّ معها من الغارات والجلاء والأسر. والفساد الكبير: ظهور الشرك. قال الكسائي:  ويجوز النصب في قوله ﴿تَكُن فِتْنَةٌ﴾ على معنى تكن فعلتكم فتنة وفسادًا كبيرًا… ” تفسير القرطبي (ج7 ص412).

 وأكد رب العزة كذلك في كتابه العزيز أن ملل الكفر، بكافة مسمياتهم، يحرصون على عداوة أمة الإسلام وحربها بكافة الوسائل والأساليب، ولا يألون جهدًا، ولا يدخرون وسعًا ولا طاقة في سبيل هذه الغاية الشريرة الإجرامية. قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ 109 البقرة، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ 36 الأنفال  ويقول: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ 217 البقرة

كذلك وأكد رب العزة أن اليهود خاصة هم أشد الناس عداوة لأمة الإسلام قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾ المائدة 82، ولم يفرق القرآن هنا بين حركة سلام، أو ليكود أو غير ذلك، يقول (الإمام الشوكاني) في تفسيره (فتح القدير): “قوله: ﴿لَتَجِدَنّ… إلخ هذه جملة مستأنفة مقررة لما فيها من تعداد  مساوئ اليهود وهناتهم، ودخول لام القسم عليها يزيدها تأكيدًا وتقريرًا. والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكل من يصلح له كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز. والمعنى في الآية أن اليهود والمشركين، لعنهم الله، هم أشد جميع الناس عداوة للمؤمنين وأصلبهم في ذلك” تفسير فتح القدير.

الحقيقة الثانية: حقيقة اليهود وصفاتهم الهابطة الذميمة؛ كما أخبر عنها الحق تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: لا يخفى على مسلم على وجه الأرض حقيقة اليهود، وصفاتهم السيئة وأخلاقهم الذميمة مع الله ومع الأنبياء ومع البشر بشكل عام. وقد أخبر القرآن الكريم عن كثير من هذه الصفات في إخباره عن  تاريخ اليهود مع أنبيائهم، يقول الدكتور صلاح الخالدي في كتاب (الشخصية اليهودية من خلال القرآن الكريم): “اتصف اليهود بصفات أخلاقية عجيبة، حيث توفرت لهم مجموعة من الرذائل الأخلاقية والمفاسد السلوكية بصورة عجيبة، لعلها لم تتوفر مثلها لأمة أخرى من الأمم، واتخذت هذه الرذائل والمفاسد والقبائح والنقائص والأمراض والآفات خطوطًا ثابتة وعلامات بارزة ومسارات مستقرة في النفسية اليهودية العجيبة المعقدة؛ فنمت في أطوائها، وتغلغلت في أغوارها… والعجيب في هذا الموضوع أن هذه الآفات والأمراض الأخلاقية لم تتمثل في جيل يهودي واحد، ولا في مجموعة يهودية معينة، إذن لهان الأمر… ولكنها تحققت في الإنسان اليهودي المشوه أينما كان… فكل يهودي –باستثناء الأنبياء والمؤمنين الصالحين من بني إسرائيل- هو نموذج إنساني مجسم مشاهد لهذه الأخلاق”. ص 193

  • ومن أبرز هذه الصفات المنكرة الشريرة التي ذكرها القرآن الكريم:

1- أنهم قتلة الأنبياء والرسل والصالحين من أتباع الأنبياء والرسل، قال تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ آل عمران 112

2- التكذيب والريبة: وهذا الأمر واضح مع الأنبياء ومع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث إنهم يكذبون أنبياء الله تعالى، ويشككون في رسالاتهم، ويكثرون الأسئلة التي تدل على التشكيك.  وفي قصة البقرة أكبر مثال على ذلك، ومن الأمثلة على كذبهم: قال تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ آل عمران 75،  وقال: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ المائدة  64، يقول (الإمام القرطبي): “وهذا هو الذي أراد هؤلاء اليهود عليهم لعائن الله. وقد قال عكرمة: إنها نزلت في فنحاص اليهودي عليه لعنة الله. وقد تقدم أنه الذي قال: ﴿إِنَّ اللهَ فَقِيْرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاْءُ ) آل عمران: 181)، فضربه أبو بكر الصديق رضي الله عنه”.

3- تغطية الحقائق والتضليل والخداع، قال تعالى: ﴿وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ 69 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ 70 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ 71 آل عمران وقال: ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ آل عمران 72. يقول الأستاذ  إبراهيم بابللي في كتاب: (أساليب اليهود في تحقيق أهدافهم): “… يحاول اليهود جهدهم خداع غيرهم، ومن الأمثلة الحية على محاولات الخداع اليهودية الاتفاقات التي تهدف في آخر الأمر إلى تطبيع العلاقات بين الدولة اليهودية والدول العربية والإسلامية…” ص13

4- الاستعلاء وتحقير الغير، وهذه الصفة ملازمة لليهود على مدار التاريخ، وكانت سببًا في إعلان الحرب عليهم أكثر من مرة في تاريخهم؛ فقد رأوا بداية أن الرسالة التي نزلت على رسوله صلى الله عليه وسلم يجب أن تنزل عليهم وليس على أحد غيرهم، قال تعالى: ﴿وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركينالبقرة 135. يقول (الإمام البغوي)  في تفسيرها:
“قال ابن عباس: نزلت في رؤساء يهود المدينة كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، ووهب بن يهودا، وأبي ياسر بن أخطب، وفي نصارى أهل نجران السيد والعاقب وأصحابهما، وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين؛ كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله… لذلك كان هذا أحد أسباب كفرهم… ” (تفسير البغوي (1/156)

 وفي أرض الواقع فإن اليهود يصنفون أنفسهم بأنهم شعب الله المختار المفضل على كل شعوب الأرض، وهذا الأمر -وهو تحقير الشعوب والاستعلاء عليهم- قد جعل الأوروبيين يخرجونهم من بلادهم في طول أوروبا وعرضها، قال تعالى:  ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ المائدة 18. وقال: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ آل عمران 75. 

5- كراهيتهم للمسلمين، بسبب الرسالة، وبسبب كشف حقائقهم في القرآن الكريم، وبسبب عدم السكوت على أكاذيبهم وقلبهم للحقائق وتزويرهم لتاريخ الأنبياء والرسل، قال تعالى:﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ البقرة 120. يقول الإمام (ابن كثير) في تفسيره: “يعني بقوله جل ثناؤه: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق”.  

6- سعيهم بالفساد والإفساد بكافة أنواعه وألوانه؛ من قتل وتخريب وإفساد أخلاقي، وإنشاء منظمات مفسدة؛ مثل الماسونية والشيوعية وغيرها… وهذا مصداقًا لقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾  المائدة 64

      جاء في بروتوكولات حكماء صهيون (البرتوكول الثالث): “إنّ المحافل الماسونية تقوم في العالم أجمع، دون أن تشعر بدور القناع الذي يحجب أهدافنا الحقيقية، على أن الطريقة التي ستستخدم بها هذه القوة في خطتنا، بل في مقر قيادتنا لازالت مجهولة من العالم بصفة عامة”. وفصّل (البروتوكول الحادي عشر) الأهداف التي ترمي إليها الصهيونية من إفساح المجال لغير اليهود للانضمام إلى المحافل الماسونية؛ فقد جاء فيه: “ما هو السبب الذي دفعنا إلى أن نبتدع في سياستنا، ونثبت أقدامنا عند غير اليهود، لقد رسخناها في أذهانهم دون أن ندعهم يفقهون ماتبطن من معنى، فما هو السر الذي دفعنا إلى أن نسلك هذا المسلك، اللهم إلا أننا جنس مشتَّت، وليس في وسعنا بلوغ غرضنا بوسائل مباشرة… هذا هو السبب الحقيقي لتنظيمنا الماسونية التي لم يتعمق هؤلاء الخنازير من غير اليهود في فهم معناها… “.

ويقول الأستاذ (علي السعدني) عن العلاقة بين الماسونية والصهيونية في كتابه: (أضواء على الصهيونية) تتفق الصهيونية والماسونية في أمور كثيرة منها:

 1- كل منهما يرسم في الظلام ويخطط في السر.

 2- الماسونية والصهيونية قائمة على أساس تلمودي.

 3- تتفق الماسونية والصهيوية في عدائهما لكل الأديان ماعدا اليهودية.

وفي حقيقة (الشيوعية) وارتباطها المباشر بالصهيونية، يقول الملك فيصل بن عبدا لعزيز آل سعود في كتابه المشهور: (الشيوعية وليدة الصهيونية): “…الثورة الشيوعية في روسيا من تخطيط اليهود، وهم القائمون عليها بتفجيرها، بل نجد الفترة التي سبقت ثورة أكتوبر 1917 ببضع عشرة سنة كانت تحت سيطرة اليهود وجهودهم في هدم روسيا، أو إحداث البلبلة والهيجان والفتن التي  تنتهي إلى الهدم؛ تلك الجهود التي أثمرت قيام الشيوعية في روسيا… ” ص 43.

7- إثارة الفتن والدسائس بين المسلمين، قال تعالى:﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ 98 قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ آل عمران 99. روى الطبري في تفسيره أن شاس بن قيس اليهودي، كان عظيم الكفر شديد العداوة للمسلمين، مرّ يومًا على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس يتحدثون، فغاظه ذلك حيث تآلفوا واجتمعوا بعد العداوة، فأمر شابًا من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث، وينشدهم ما قيل فيه من الأشعار، وكان يومًا اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس، ففعل؛ فتشاجر القوم وتنازعوا، وقالوا السلاح السلاح، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار، فقال: أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، وألف بينكم، فعرف القوم أنه نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضًا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فما كان يوم أقبح أولًا وأحسن آخرًا من ذلك اليوم، وأنزل الله في شاس بن قيس، وما صنع قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون﴾.

8- حبهم للحياة، وسعيهم وراء المال والشهوات أيضًا بأي ثمن حتى وإن كان بذل وهوان، حتى وإن كان في دمار البشرية وترسيخ الأخلاق الذميمة فيها. قال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ البقرة 96.

يقول الأستاذ (سيد قطب) رحمه الله في الظلال: “أحرص الناس على حياة… أية حياة، لا يهم أن تكون حياة كريمة، ولا حياة مميزة على الإطلاق! حياة فقط! حياة بهذا التنكير والتحقير! حياة ديدان أو حشرات! حياة… والسلام! إنها يهود، في ماضيها وحاضرها ومستقبلها سواء. وما ترفع رأسها إلا حين تغيب المطرقة. فإذا وجدت المطرقة نكست الرؤوس، وعنت الجباه جبنًا وحرصًا على الحياة… أي حياة! ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ يود أحدهم لو يعمر ألف سنة؛ ذلك أنهم لا يرجون لقاء الله، ولا يحسون أن لهم حياة غير هذه الحياة”.

9 – الجدل والمراء وكثرة الاختلاف: يقول الحق تبارك وتعالى في وصفهم من هذه الناحية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ الأنعام 159. وهذا الاختلاف هو لكثرة المراء والجدل؛ قال عليه الصلاة والسلام: “ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ الزخرف: 58″. رواه الإمام الترمذي في سننه. فقد كان بنو إسرائيل يكثرون الجدل والمراء من أجل المراء فقط، وقد سألوا الله أسئلة كثيرة لا تدل إلا على الجدل والملاججة؛ قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾ النساء 153. يقول الإمام الطبري في تفسيره: “إن اليهود والنصارى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لن نتابعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله، وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله! قال الله جل ثناؤه: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً﴾“.

10- الخيانة ونقض العهد والوعد: يقول الحق تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ 99 أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ 100 وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ البقرة 101. يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: “فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها. ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة، الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره، وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ومناصرته، كما قال: ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل﴾. وقال هاهنا: ﴿ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ص345.      

11- الذل والهوان والمسكنة أبدًا حتى تقوم الساعة، يقول الحق تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ 112 آل عمران.

12- الحسد وحب الذات، وتمنِّي زوال النعمة والخير عن الآخرين، قال تعالى واصفًا هذه الصفة الذميمة فيهم: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ البقرة 109. وقال أيضًا: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا 53 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا﴾ النساء 54.

هذه هي أبرز صفاتهم الذميمة؛ لذلك نقول بأن فكرة الكذب واللف والدوران، وتغيير الحقائق مغروزة في صلبهم وفي طبائعهم، ولا يمكن أن ينزعوها مهما غيروا جلودهم ولبسوا جلودًا غيرها… فمثلهم مثل الأفعى التي تنتزع جلدها لتلبس جلدًا غيره، ولا يغير ذلك من حقيقتها شيئًا!!.        [يتبع]

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *