العدد 72 -

العدد 72- السنة السادسة، شوال 1413هـ، الموافق نيسان 1993م

تحت الثلج والصقيع والخيام

إلى الذين نأت عيونهم عن حدائق الزيتون والبرتقال، ولكن صورة القدس لا تزال مرسومة في تلك العيون. إلى الذين يلفّهم الثلج والصقيع وفي دمائهم تغور مراجل من نار الثورة المتأججة ونور الإيمان المشرق في صدورهم، إليهم أرفع هذه القصيدة:

تحت الثلج والصقيع والخيام

الشاعر: يوسف إبراهيم

02/01/1993م

أصبحتُ في وطني غريباً ومُشَرَّداً ضَلَّ الدروبا
.

وسِياطُ إسرائيلَ تُلْهِبني على ذلٍ وتوسِعُني نُدوباً
.

وكرامتي خَجْلى ووجهُ المجدِ عاد بحُرحِ عزته خضيبا
.

ومساجدي ثكْلى وقد عاد الأذانُ على منابرها نحيبا
.

وحدائقُ الزيتون والليمونِ صار جمالُها الزاهي شحوبا
.

صمتتْ بها الأطيارُ والأغصانُ واجمةٌ فلم تسمع غَرِداً طَروبا
.

غادرتُ موطنيَّ السليبَ يمزّقُ الغازون فوق ترابه شرافاً سليبا
.

ويَلُفّه ليلٌ من الأحزان يُمطرُهُ المصائبَ والكُروبا
.

والمسجدُ الأقصى نداء مستغيثٌ صارخُ الآلامِ لم يَسْمَعْ مجيبا
.

ودمي رخيصٌ مستباحٌ لم يحرك في حَميّة أمتي ثأراً غَصوبا
.

غادرتُه والنارُ تُحرق كل ناحية وتغرقه لهيبا
.

وأكفُّ أطفالِ الحجارة تصفع العدوان لا تخشى الحِرابَ ولا الخطوبا
.

يَلقوْن بالأحداق خِنجرهُ، وبالأكباد يَلقوْن المخالبَ والنيوبا
.

] ] ]

يا بارقاتِ الفتحِ أين ضياؤك الهادي إلى الأقصى يعودُ
.

يا نسمةً عبقتْ جنحةِ البُراق بطيبها نَعِمَ الوجودُ
.

وصهيلُ خيلِ النصر في الميْدان أعنيةٌ على أنغامها فُتِح الخلودُ
.

ومشى شُرحْبيلُ وكَبّرَ خالدٌ والأرضُ تهتف والجنودُ
.

والنَّقْعُ أذكى من عبير المسك، والراياتُ يُطربُها النشيدُ
.

وبشائرُ النصر المؤزّرِ تغمر الفاروق، والأقصى بمقدمه سعيدُ
.

يا أيها الأمسُ الذي سكنَ النفوس، وطيْفُهُ النائي بَعيدُ
.

أنا ما نهلْتُ المجدَ إلا مِنْ مَعينكَ دافقَ السُّقيا وطاب ليَ الورودُ
.

أنا ما قبسْتُ النورَ إلا مِنْ هُداكَ فمنهجي، رغم الدُّجى، صُبْحٌ رشيدُ
.

أنا ما عرفتُ السْيرَ إلا في خطاك، فكيف عن دربي أحيدُ
.

من حَمحَماتِ الخيلِ في حِطيّن في سمعي أغاريدٌ أهازيجٌ قصيدُ
.

من شُعلةِ الإسراءِ والمعراجِ في جنبيّ شمسٌ لا تغيب ولا تبيدُ
.

من صرح تاريخي تعالى ذُرى الأمجاد صَرحٌ لا يَخِرُّ ولا يميدُ
.

من عِزّةِ اليرموك تاجي فوق هامِ الدهر مزْهُوٌّ مجيدُ
.

ما كنتُ أحسَبُ أنه يوماً على عرض الخيانة تستقل به العبيدُ
.

صنعوا عروشَ الذلِّ من دَمِنا وطابَ بمعبد الدولار عندهم السجودُ
.

واستعذبوا للغرب ناراً في مواطنهمْ، وهمْ فيها وأمتُهم وقودُ
.

وأذلّهمْ سيفُ اليهودِ فأذعنوا، وأذلُّ خلْقِ اللهِ في الأرض اليهودُ
.

يا طالما ضجّتْ هتافاتُ الصمود وثار في المذياعِ فارسُها العنيدُ
.

وعلى شعار الزيف تختالُ العروبة والتحررُ والشهادةُ والشهيدُ
.

واليومَ قد خَرِسَ الهتافُ الثائرُ الجبّارُ وأنهارَ الصمودُ
.

ونِعالُ إسرائيلَ تصفعهمْ، وركب كفاحِهمْ كالهرِّ منهزمٌ طريدُ
.

لا قاصفاتُ الرعد توقظهم، فهم في كهف سكرتِهم رُقودُ
.

ودماؤهم ثلجٌ وفي الأجساد احساسٌ به خَدَرٌ بليدُ
.

] ] ]

يا لَلْهوانِ حِرابُ إسرائيل تصرعني وترِميني طعاماً للئامُ
.

والثلج يلسعَني بنار الزمهرير وعاتيات الريح تَعصف بالخيامُ
.

ومشاعل الوطن الجريحِ المستباحِ يكادُ يخقنها الظلاْم
.

مَدّوا عيوناً نحو أهليهمْ على الآمال تسهرُ لا تَقَرُّ ولا تنامْ
.

عُزْلٌ يَلُفُّهمُ الصقيعُ ولا سلاحَ ولا دِثارَ ولا شَرابَ ولا طعامْ
.

والأهلُ؟ أين الأهل؟ في حانات أميركا سكارى الروحِ أيقاظٌ نيامْ
.

يتمرغون على الرُّغامِ أمامَ سادتهمْ فيخجل من خنوعهم الرُغَأمْ
.

ويُطأطِئونَ ويغمُضون بوجه إسرائيل أعينَهمْ فتفقؤها السهامْ
.

قالوا: السلامُ، وكفُّهمْ في ساحة الميدان لا تقوى على حمل الحسامْ
.

لبسوا على الأجساد ثوب الذلِّ فانهارتْ بها هِمَهُ الكرامْ
.

وتثاقلت أقدامُهمْ في سييرها، فطريق حيرتهم قتامُ في قتامْ
.

ومفاوضاتُ الذلِّ أغلالٌ تكبّلهمْ فيعجزهم نهوضٌ أو قيامْ
.

ويخيفُهمْ شبحُ اليهودِ ييبُهمْ رعباً فترتعدُ الفرائصُ والعظامْ
.

وعلى الأثير يزمجرون كأنهم في الحرب أسْدٌ لا تذلُّ ولا تُضامْ
.

يسترجعونَ الأرضَ بالأحلام، يبنون القصورَ الشَمَّ من سحر الكلامْ
.

في كل قُطْرٍ يزدهي عرضٌ من الاذعانِ، يزهو فوقه بطلٌ همامْ
.

فإذا أُميطتْ عن وجوه الخائنين الحُجبُ وانحسر اللثامْ
.

برزتْ جِياهٌ راحَ يغمرها الصَّغارُ، لِعزةِ الدولار ساجدةٌ، وهامْ(1)
.

] ] ]

يا أُمّةٌ حملتْ مصابيحَ الهداية فاستضاءَ الكوُ بالنور المبينْ
.

واستمطرتْ سُحُبَ السماء فعمّ كلَّ الأرض وابلُها الهَتونْ
.

ومشتْ تَدُكُّ معاقلَ الطغيان، فانهارتْ عروضُ الظالمينْ
.

هُزّي رُفاتَ الفاتحينَ تُجبكِ في اليرموك غاضبةً سيوفُ الفاتحينْ
.

ويثورُ نَبْضٌ من دم الشهداء في حطينَ يدعو للجهادِ الثائرينْ
.

ما زال صوتُ ابن الوليد مجلجلَ الأصداءِ في سمْعِ القرونْ
.

ما زال غيْثُ اللهِ مِنْ قرآنه الأعلى عميمَ السَّكْبِ يُروي الظامئينْ
.

ما زال نور الله يحملهُ الهداةُ المؤمنونَ مبشرين ومنذرينْ
.

واليومَ أرحلُ كالغريبِ عن الحِمى وأنا حسيرُ النفسِ منبوذٌ مَهينْ
.

وأُساقُ كالحَمَلِ الذي في قبضة الجزّارِ ينتظر المنَونْ
.

وأُذادُ كالطير الذي في دَوْحهِ المهجورِ تبكيه الغصُونْ
.

وبَنوُ السبايا في روابيه الأبيّة كالذئاب يعربدونْ
.

ويكبّلون المسجدَ الأقصى فيغرقُ  نورُه الوهّاجُ في ليلٍ حزينْ
.

شُرُفاتُه وقِبابُه والساجدون بساحِهِ أسْرى ومِنبرُه سجين
.

يا راقدينَ على يد الأحلام في سُكْرِ الوعودِ مُخَدّرينْ
.

واللاهثينَ بمجلس «الرعب» الصليبيّ الذي في قبضةِ المستعمرينْ
.

تبْنونَ فيه وترفعون دعائماً للسلم من رمل وطينْ
.

ماذا وراءَ القدسِ غيرُ المسجدِ النبوي والحَرَمِ الأمين؟
.

أنا صيحةٌ من صوتِ تاريخي تَهُرّ ضمائرَ المتمرّدينْ
.

أنا رعشةٌ من عزمةِ الفاروقِ تِسْري في دم المتوثبينْ
.

أنا حدُّ سيفٍ لاحَ في يُمْنى عَلّيٍ لا يخورُ ولا يهونْ
.

أنا ثورةٌ جُنّتْ فلم تعرف طريقاً للكفاح سوى الجنون
.

لا سِلْمَ حتى تخفق الراياتُ في الأقصى لتمحو من حِماه الغاصبينْ
.

ويقودَ جيْشَ النصرِ في ظل الخلافة نحو غايته أميرُ المؤمنين c
.

من ثمار الحضارة الغربية

خلال الشهر الماضي صرحت وزيرة الشؤون الاجتماعية في ألمانيا بأن الشعب في بلادها يعامل الكلاب بأفضل مما يعامل به الإنسان. ومن ذلك أنه إذا أراد بشخص أن يستأجر بيتاً فإن المالك يسأله عن عدد أفراد أسرته أو أولاده الذين سيسكنون البيت فإن كانت الأسرة كبيرة فإنه يرفض التأجير. أما إذا كانت الأسرة قليلة ولكنها تربي عدداً كبيراً من الكلاب فهذا مقبول.

وهناك شخص في ألمانيا قدم طلباً كي يدفع عن أولاده الضريبة التي تتقاضاها الدولة عن الكلاب. وحين سئل عن ذلك قال: من اجل أن يحق لأولادي أن يتمتعوا بالحقوق التي تتمتع بها الكلاب. ومن هذه الحقوق التي يحرم منها الأولاد وتتمتع بها الكلاب أن الكلب لو دخل إلى حديقة وداس العشب فلا أحد يحتج، وإذا بال الكلب أو… في الشارع فلا أحد يحتج، وإذا نبح الكلب في أي مكان فلا أحد يحتج. أما لو صدر شيء من ذلك من أحد من الأولاد فإن الناس يتأففون والقانون يوقع عقوبة c

(1)  هام معطوفة على جباه، والهام جمع هامة وهي الرأس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *