العدد 69 -

العدد 69- السنة السادسة، رجب 1413هـ، الموافق كانون الثاني 1993م

الاقرار بارتكاب الخيانة والاصرار عليها

رُغْمَ ما جرى من إبعادٍ لـ 415 من أهل فلسطين، ورغم ما يجري من قتل وحبس وهم لأهل فلسطين بأيدي اليهود، ورغم إصرار اليهود إلى مصادرة وبناء المستوطنات واسترداد المستوطنين، ورغم الاحتقار الذي يُعامَلون به فإن منظمة (التحرير!) ما زالت مصرة على متابعة المفاوضات مع دولة اليهود!

ونطرح الآن بعض النماذج من الخيانة التي اعترف بها المسؤولون عن المفاوضات:

1- محمود عباد (أبو مازن)، عضو منظمة (التحرير)، عضو مجلس حركة فتح، المشرف على المفاوضات، قال في خطاب ألقاه في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح، بعد خطاب عرفات، قال: «من واجبنا أن لا نكذب عليكم، وأن نصارحكم بالحقيقة… والحقيقة أننا إنما نحاول فقط تحسين صورة النتائج التي نعرف أنها غير مرضية، وأنها تكاد تكون في مستوى الخيانة الوطنية، ولكنها أقصى ما أمكننا الحصول عليه. إن السقف واطئ أصلاً، ونحن نفاوض تحت هذا السطح المفروض، وليست لدينا القدرة على رفعه. لذا فنحن نحاول فقط ألاّ ينزل أكثر فنغطس تحته. لكن علينا أن نتخلّص من الأوهام، وأن نكون واقعيين، فما سوف نتوصل إليه سيكون مرفوضاً، ولا بد لنا مع ذلك أن ندافع عنه». وهنا اهتاج ياسر عرفات، وتوجه إلى (أبو مازن) يسأله باستنكار: «هل تتهمني بالكذب، هل تشك في وطنيتي؟» فردّ أبو مازن: «لا أتهمك يا أخ أبو عمار، لكن علينا أن نصارح هؤلاء الجالسين هنا، فهم القيادة، وما قلته أنت ليس صحيحاً، والصحيح أننا سنتنازل عن كثير مما كنّا نعتبره جوهرياً، فلماذا المغالطة، أو المخادعة، أو التمويه. لنتحمّل مسؤوليتنا، ولنواجه الناس بالحقيقة، فهذا أقصى ما استطعنا تحقيقه والسلام».

2- صائب عريقات، عضو الوفد الفلسطيني الذي يفاوض اليهود قال: «إن حزب التحرير من أوعى وأنقى الأحزاب الموجودة في الساحة، ويوجد عنده بعد نظر، إلاّ أننا وصلنا إلى رأس السلّم، وهم في أوّله، ولا نستطيع الرجوع لأننا سنسقط على رؤوسنا ونتكسر… وصلنا إلى اللاعودة، مع التأكد بأن ما يجري هو الخيانة بعينها».

3- عند تشكيل الوفد الفلسطيني لمفاوضة اليهود عرضوا على عضو من حزب التحرير الاشتراك في الوفد فرفض وبيّن لهم مدى خطورة ذلك ومدى الخيانة فيه. وأخيراً جاء شخص نصراني مشارك في الوفد المفاوض إلى هذا العضو قائلاً له: «إنني كنت متضايقاً منك عندما رفضت الذهاب معنا إلى واشنطن، ولكني الآن وبعد أن ذهبت ورأيت ما يجري بأم عيني قلت إنك على حق، وإنك أوعى منا على ما يحدث، فالحقيقة أننا بذهابنا إلى المفاوضات كنا مجرمين، وأنا أول مجرم.ذهبنا إلى واشنطن ودخلنا إلى قاعة المفاوضات، ووجدنا أمام أعضاء الوفد مذكرة وكاسة عصير، حيث أن الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي يقرأ كل واحد منهم البند الأول مثلاً، ثم يجري النقاش عليه، وإذا أبهم شيء تدخل المندوب الأميركي وفسَّر ما هو مكتوب فقط. وقد تستلزم الأمر حضور بيكر ليفسر النصوص المكتوبة فقط ـ كما تريده أميركا ـ وبعد فترة قصيرة يقول: «I have no time» أي: ليس لدي وقت. هذه البنود فيها ثوابت أميركية، حتى إن بيكر يشترط هذه الثوابت لحضور الجلسات. أما الثوابت الفلسطينية فهي لوسائل الإعلام فقط». وتابع القول: «إن ما يطرح على الوفد الفلسطيني وصل إلى حدّ الازدراء والهوان لدرجة أن عبد الشافي أراد أن يعرض مسألة مثل المطاردين من الفلسطينيين ـ وكان بيكر حاضراً ـ فقال بيكر: مَنْ هؤلاء المطاردون؟ فقيل له: فلسطينيون يُقتلون برصاص اليهود، فرد قائلاً: لم نأتِ إلى هنا لمناقشة مسألة الإرهابيين. وغيّر الحديث فوراً، فلم يجرؤ أحد من أعضاء الوفد على الاحتجاج». وتابع يقول: «إن ما يُطرح من حلَ على الوفد أضعف مما طرح في كامب ديفيد، بل وأضعف مما طرحته روابط القرى. إن ما تطرحه المنظمة اليوم أضعف من طرح روابط القرى. لا دولة فلسطينية إلى الأبد، ولا عودة للقدس، حتى إن أجراس القيامة سوف لا تدق إلا تحت حراب جيش الدفاع، وأنتم أحرار في أقصاكم». هذه أقوال أحد النصارى من أعضاء الوفد الفلسطيني للمفاوضات.

لقد وصلت خيانة المفاوضات التآمرية مع اليهود إلى الحد الذي جعل المشاركين فيها يصلون إلى القناعة التامة أنهم إنما يقومون بالخيانة عينها، وأنهم يشاركون في تنفيذها. ومع وصولهم إلى هذه القناعة فإنهم مصرّون على المضي في المشاركة في هذه المفاوضات الخيانية، التي ستؤدي إلى التنازل عن الأرض المقدسة لليهود.

فهل في الأمة الإسلامية مَنْ يتقدم ليمنع هؤلاء الخونة المفرّطين من إكمال جريمتهم الشنيعة في حق الأمة الإسلامية كلها في أجيالها الحاضرة واللاحقة؟!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *