العدد 63 -

السنة السادسة، محرم 1413هـ، تموز 1992م

الهجمة الأميركية والقرارات الدولية في فرض الحصار على ليبيا وملحقاته

فيما يلي الكلمة التي ألقاها المهندس عطا أبو الرشتا في الندوة التي عقدت في 18/06/92 في مجمّع النقابات في عمّان. وقد حذفنا بعضة أسطر من مقدمتها:

منذ القضاء على الخلافة أوائل هذا القرن بفعل الكافر المستعمر والمسبحين بحمده والسائرين في ركابه من خونة هذه الأمانة، منذ ذلك التاريخ والكفار المستعمرون يعيشون نشوة النصر لقضائهم على الخلافة التي كانت تقض مضاجعهم والتي أزاحتهم عن مركز القيادة في العالم طيلة قرون، غير أنهم لم يكتفوا بذلك بل تعاهدوا على العمل الدؤوب للحيلولة دون عودة الخلافة من جديد، فعقدوا الدراسات والأبحاث ووضعوا المكائد والمؤامرات وتوصلوا في نهايتها إلى وضع أمور أربعة موضع التنفيذ حتى يصلوا إلى هدفهم ويحققوا غايتهم.

1- نشر مفاهيم وثقافات تكرس التجزئة في بلاد المسلمين وتفسخ الولاء للإسلام وتستبدل به الولاء للقوميات والوطنيات فالعربي للعرب والتركي للترك والفارسي للفرس… ثم الأردني للأردن والفلسطيني لفلسطين والسوري لسوريا.. وهكذا.

2- توصيل عملاء لهم إلى الحكم في بلاد المسلمين قضيتهم المصيرية المحافظة على تسلطهم وحدودهم القطرية تكريساً للتجزئة وتركيزاً للتقسيم.

3- زرع أجسام غريبة في بلاد المسلمين كما صنعوا باليهود في إقامة كيان لهم في فلسطين ليكونوا رأس حربة متقدمة لهم تمنع وحدة المسلمين وعودتهم دولة واحدة.

4- استغلال المنظمات الدولية لفرض هيمنتهم على المنطقة وتبرير تدخلهم فيها بزعم الحفاظ على الشرعية الدولية لإبقاء بلاد المسلمين ضعيفة مجزأة مضطربة.

أما الأمور الثلاثة الأولى فماثلة للعيان وبسطها وتفصيلها له مجال آخر.

وأما الأمر الرابع فإن استقراء أعمال المنظمات الدولية يثبت أنها ما استعملت مرة في إصدار قرار متعلق بالمسلمين إلا كان تكريساً للتجزئة والتقسيم وإضعافاً للقوة وبسطاً للهيمنة والنفوذ وامتصاصاً للثروة.

وإليكموه بشيء من التفصيل:

أنشئت عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى ووضع ميثاقها موضع التنفيذ سنة 1920 وقد جعلوا للعصبة شعاراً خادعاً (ضمان السلم العالمي ومنع الحروب وتنظيم وتوثيق التعاون الدولي) في الوقت الذي كان الغرض من إنشائها هو تنظيم الاستعماريين الدول التي انتصرت في الحرب ومنع وجود النزاع المسلح الذي يؤثر على مصالحها، وكانت الدولتان الفاعلتان في عصبة الأمم هما بريطانيا وفرنسا وفي الدرجة الأولى بريطانيا، بالإضافة إلى إيطاليا واليابان ثم روسيا وألمانيا التي دخلت العصبة فيما بعد.

لقد كانت تسيطر على بريطانيا، وهي الدولة الفاعلة في عصبة الأمم فكرة تمزيق بلاد المسلمين وإنهاء دولة الخلافة طيلة أكثر من قرنين من الزمان. ولذلك فقد كانت المشاريع التي تقترحها لقضايا المسلمين أو القرارات التي تعمل على إصدارها من عصبة الأمم يغلب عليها جميعها تقسيم بلاد المسلمين وإنهاء وحدتهم والحيلولة دون عودة دولة الخلافة التي تجمعهم، ثم أضيفت إلى هذه الفكرة فكرة أخرى عندما بدأ اكتشاف الثروات النفطية والمعدنية في المنطقة الإسلامية التي أسموها الشرق الأوسط وهذه الفكرة الجديدة هي نهب ثروات المنطقة والهيمنة عليها.

وقد استمرت نظرة بريطانيا وغيرها من الدول الكافرة المستعمرة للمنطقة الإسلامية على هذا النحو طيلة فترة بقاء عصبة الأمم منذ إنشائها في 1920 وحتى وفاتها بعد الحرب العالمية الثانية.

وعندما تشكلت هيئة الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 ومنذ أن عقدت دورتها الأولى في لندن 11/01/1946 وحتى اليوم فإن نظرتها إلى قضايا المنطقة الإسلامية لا زالت نفس النظرة على الرغم من تغير الدول الفاعلة حيث أصبحت بزعامة وهيمنة أميركا ويلحق بها روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وجعلوا لها امتياز حق الفيتو لإقرار القرارات وإلغائها مما يمكنها من التحكم بهذه القرارات وبخاصة أميركا.

إن هيمنة بريطانيا على قرارات عصبة الأمم  تشبه الآن هيمنة أميركا على قرارات هيئة الأمم بنفس النظرة السابقة، وهذا واضح في القرارات الدولية سواء أكان القرار صادراً باسم الدول الكبرى المهيمنة مباشرة أو باسم الهيئات الدولية التي تهيمن عليها، والأمثلة على ذلك كثيرة:

1- لما انتهت الحرب العالمية الأولى بوشر بعقد معاهدات الصلح بالشروط التي تفرضها الدول المنتصرة على الدول المنهزمة. وقد كان قطب الرحى في معاهدات الصلح وفي الشروط بريطانيا، ولكنها تصرفت مع الدولة العثمانية وألمانيا اللتين انهزمتا معاً في الحرب بأسلوب مختلف فبالنسبة لألمانيا عقدت معها معاهدة فرساي سنة 1919 مبقية على كيان ألمانيا السياسي ولكن بشروط تبقيها ضعيفة. أما بالنسبة للدولة العثمانية فرفض الحلفاء عقد معاهدة صلح معها وما طلوا إلى أن تمكنوا من إبراز مصطفى كمال بأعمال مدبرة توصّل من خلالها إلى إعلان جمهورية علمانية في أنقرة وإلغاء دولة الخلافة في آذار سنة 1924، وعندها عقدوا معاهدة صلح مع تركيا العلمانية، أي أنهم ينطلقون من هدم دولة الخلافة، الدولة العثمانية، لأنها عنوان وحدة بلاد المسلمين ومصدر قوتهم.

من الوثائق المفرج عنها في ملفات وزارة الخارجية البريطانية وثيقة يقول فيها لورنس: (أهدافنا الرئيسية تفتيت الوحدة الإسلامية ودحر الدولة العثمانية وتدميرها).

ونشرت مجلة ديرشبيجل الألمانية الواسعة الانتشار بحثاً عن خطر الإسلام على الحضارة الغربية في عددها الثامن لعام 1991 تقول فيه: إن الغرب انتقم لهزيمته أمام صلاح الدين في القدس زمن الحرب الصليبية، مرتين: الأولى عندما دعم الغرب مصطفى كمال للقضاء على الخلافة الإسلامية والثانية عندما دعم الغرب اليهود لتأسيس دولة لهم في فلسطين.

2- كان من بواكير أعمال عصبة الأمم قرار صك الانتداب على فلسطين الذي أوكلته لبريطانيا بقرار من الجمعية العامة للعصبة بتاريخ 06/07/1921 الذي نص في مادته الثانية: (تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي وفقاً لما جاء بيانه في ديباجة الصك من أن الدولة المنتدبة مسؤولة عن تنفيذ وعد بلفور الصادر في 02/11/1917).

3- كان من أوائل أعمال الأمم المتحدة بعد إنشاءها القرار 181 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 29/11/1947 والقاضي بتقسيم فلسطين، ثم القرار 194 المتضمن تدويل القدس وتعويض اللاجئين.

4- ثم أصدرت الجمعية العمومية قرارها رقم 273 الدورة 3 في 11/05/1949 المتضمن قبول دولة اليهود في فلسطين (إسرائيل) عضواً في الأمم المتحدة.

5- ثم أصدر مجلس الأمن أكثر من عشرين قراراً متعلقاً بفلسطين منها القرار 194 المتضمن تدويل القدس وتعويض اللاجئين، والقرار 242 المتضمن تعايش الدول العربية مع إسرائيل واعتبار قضية فلسطين قضية لاجئين فقط، ثم القرارين 338 – 339 في 22 – 23/10/1973 حول فك الاشتباك بين مصر وسوريا وإسرائيل والتفاوض معاً.

وجميع هذه القرارات تنطلق من الاعتراف باحتلال اليهود لفلسطين وتثبيت كيانهم فيها.

6- كذلك أصدر مجلس الأمن أكثر من عشرة قرارات بالنسبة لأزمة الخليج اعتباراً من القرار 660 في 02/08/1990 مروراً بالقرارين 665 – 667 بفرض الحصار البحري والجوي على العراق وبالقرار 678 في 29/11/1990 باستعمال القوة ضد العراق ثم القرار 687 المتضمن شل قدرة العراق العسكرية والاقتصادية بتدمير الأسلحة والمرافق الإستراتيجية.

7- وأخيراً صدر القرار رقم 731 في 21/01/1992 والذي يطلب من ليبيا تسليم شخصين ليبيين متهمين بالتورط في حادثتي تفجير طائرة البانام الأميركية فوق اسكتلندا 1988 وطائرة يوتا الفرنسية 1989 فوق صحراء النيجر. ثم تبعه القرار 748 في 31/03/1992 بفرض عقوبات على ليبيا اعتباراً من 15/04/1992 إن لم تستجب للقرار رقم 731.

هذه بعض أمثلة للقرارات الدولية المتعلقة بثلاث قضايا فقط: فلسطين وأزمة الخليج والعراق وليبيا، والمدقق فيها وفي كيفية اتخاذها يتبين له بوضوح أن الأمم المتحدة أصبحت بمؤسساتها المختلفة وعلى رأسها مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، أصبحت دائرة من دوائر وزارة الخارجية الأميركية، وصارت تكلفها بما يمكن اعتباره بالمهمات القذرة لتأمين غطاء الشرعية الدولية للهيمنة الأميركية الكاملة ولتحقيق المصالح الأميركية في الكون كله، وهي تتخذ القرارات الدولية تكأة لضرب الإسلام والمسلمين وفرض هيمنتها وتثبيت الكيانات الدائرة في فلكها.

إن القرارات الدولية قد أوصلت قضية فلسطين لأن تكون استجداء ليهود في تفاوض ذليل للاستسلام والخضوع لهم، لعلهم في بعض الشيء ينسحبون بدل أن تكون القضية كما هي في الأصل: بلاد إسلامية احتلها يهود يجب قتالهم والقضاء عليهم وإعادة فلسطين كاملة لديار الإسلام.

والقرارات الدولية أوصلت أزمة الخليج والعراق لأن يكون ساحة مستباحة لبعثات التفتيش الغربية طائرات الاستطلاع التجسسية، ثم تدمير أسلحته وتقييد سلطانه على أرضه.

وهم يحاولون بالقرارات الدولية أن يوصلوا ليبيا إلى ما أوصلوا إليه فلسطين والعراق.

وعلى الرغم من القرارات الدولية تحمل الخطر في ذاتها إلا أن الذي يزيد فاعلية خطورتها هو انصياع الدول القائمة في بلاد المسلمين لهذه القرارات.

ففلسطين يُسار في ضياعها بالقرارات الدولية لانصياع الدول العربية المعنية والمنظمة الفلسطينية لهذه القرارات.

والعراق يُسار في تدميره وإفراغه من سيادته لانصياع العراق للقرارات الدولية.

ومما يزيد الأمور سوءاً أن الحكام في بلاد المسلمين يحرصون على تطبيق هذه القرارات الدولية على بلاد المسلمين المجاورة لهم والتي تصدر بحقها القرارات، فهم لا يجرؤون على إعلان رفع الحصار عن العراق وليبيا ويكونون بذلك قد عملوا على تسهيل المهمات القذرة التي تنفذها أميركا تحت غطاء الشرعية الدولية المزعومة. وينسى هؤلاء الحكام أن سيرهم في ركاب أميركا لن يحصنهم من خطر هذه القرارات عندما تقتضي مصلحة أميركا ذلك فيندمون حينها ولات ساعة مندم. إن هاجس الدولة الكافرة المستعمرة هو الإسلام وهو تخط لضربه مختلقة كل الذرائع لتبرير ذلك، فقد نشرت صحيفة “واشنطن تايمز” تحت عنوا: “تحول في مسار التاريخ” للمعلق الصحفي دافيد هاول: “إن العدو الآن بعد اندحار الشيوعية هو الإسلام”، ويقول في مقاله الذي نشرته كذلك صحيفة “جابان تايمز”: “إن الصراع عاد إلى أصله بين الغرب والإسلام”. وقبل بضعة أشهر نشر أن حلف الأطلسي استبدل بالدائرة الحمراء الشيوعية في خرائطه التي كان يحقق لضربها سابقاً الدائرة الخضراء الإسلامية ليركز المؤامرات تجاهها، وكذلك نشرت صحيفة “لوكوتيديان دوباري” مقالاً لرئيس وزراء فرنسا الأسبق ميشال دوبري يقول فيه: “إن عدو أوروبا الأول هو الإسلام”.

وعليه فإن هذه الدول وبخاصة أميركا تسير في ضرب المسلمين وحصارهم بخطة مدروسة فما أن تفرغ من بلد حتى تلتف إلى غيره، ولذلك فيه ما إن انتهت من أزمة الخليج حتى بحثت عن مكان آخر فكانت ليبيا فحركت تجاهها قضية قديمة حدثت منذ أربع سنين لتجعلها مبرراً لاستصدار قرارات دولية تفرض عقوبات على ليبيا. وهكذا دواليك فالأمر لن يقف عند ليبيا إن نجحت به بل ستبحث عن مكان آخر لإكمال دورها الشرير المخطط له.

لهذا فإنه من الأهمية بمكان أن ينظر إلى الموضوع الليبي نظرة جد، فإن أميركا إذا خرجت منه بسلام فإنها ستنطبق مندفعة بنشاط نحو بلد آخر، وأما إذا جابهها موقف قوي وصخرة صلبة تردها على أعقابها خاسرة فإنها ستفكر ألف مرة قبل أن تواصل دورها الشرير في بلد إسلامي آخر.

إن أميركا قد خرجت من أزمة الخليج مزهوة بما حصلت عليه وبالتالي أصابها الغرور وظهر عليها الانتفاخ ولذلك فهي لن تترك أطماعها في ليبيا بسهولة، كذلك إن تفردها في الموقف الدولي ونظامها العالمي الجديد الذي طلعت به قد زادها صفاً على صلف، إلا أن هذا الانتفاخ والصلف والتفرد يحمل في ثناياه عوامل هدمه فإن النظرة الرأسمالية التي تنطلق منها أميركا ستجعلها تنظر لغيرها نظرة هيمنة واستغلال وتسلط حتى لحفائها الأقربين وقد بدأ حلفاؤها في أوروبا واليابان يتململون من هذا النظام الجديد محاولين كسر تفرد أميركا في الموقف الدولي.

كذلك فإن انتفاخها ما هو إلا انتفاخ ورم وليس انتفاخ صحة، فمجتمعاتها ينخرها السوس وهي كمنسأة سليمان ستهوي إن وجدت من يقف في وجهها بقوة. والمسلمون هم الأقدر والأجدر بذلك.

وإني هنا أيها الأخوة الكرام مبين إجراءات عملية كفيلة ليس فقط بصد الهجمة الأميركية على ليبيا بل بإعادة الضربة إليهم بعنف أكثر وقوة أشد.

أمّا الدولة في ليبيا فإن عليها:

1- الحكم بالإسلام على الفور وأن يكون دستورها الكتاب والسنة لا كتاباً أخضر أو أصفر، وأن تعلن الولاء للإسلام بعد أن تكون قد عادت عن إنكارها للسنة وعن عدائها لحملة الدعوة الإسلامية وأن تكون دولة خلافة إسلامية ليس متاجرة بها وتهديداً بل تطبيقاً عملياً أكيداً، وخلافة راشدة وليس خلافة فاطمية شقت عصا الطاعة على خليفة المسلمين آنذاك ووالت الصليبيين على صلاح الدين.

2- أن تعلن الانسحاب الفوري من منظمة الأمم المتحدة وباقي ملحقاتها من المنظمات الدولية، ليس انسحاب رد فعل بل انسحاباً نهائياً لا رجعة فيه، وبالتالي رفض القرارات الجائرة والظالمة نظراً لما للمنظمة وقراراتها من خطورة بالغة على الإسلام والمسلمين ولتحريم الاحتكام لشرع غير شرع الله الذي أنزله على رسوله، وإنها لمصيبة أنه حتى الدول التي اصطلت بنار المنظمة الدولية كالعراق وليبيا لم تنسحب منها بعد.

3- أن تقطع العلاقة السياسية وملحقاتها مع الدول التي كانت وراء القرارات الدولية ضد ليبيا كأميركا وبريطانيا وفرنسا وأن لا يسمح لرعاياهم أو مصالحهم أن تبقى في بلاد المسلمين.

4- أن تجعل قضية الشخصين الليبيين خارج موضوع النقاش والمفاوضات وأن يكون عدم تسليمهما للدول الكافرة المستعمرة أمراً محسوماً لا يقبل التردد فإنه حرام كل الحرام أن يُجعل للكافرين على المؤمنين سبيل (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).

5- أن تقطع المباحثات مع بريطانيا التي يتم من خلالها تقديم ليبيا لبريطانيا معلومات عما يسمونه بالإرهاب، لأن تصحيح مسار ليبيا في هذا الموضوع يجب أن يكون ذاتياً وليس كتنازلات لبريطانيا ودول الغرب، لأن التنازل يتبعه تنازل، هذا في الوقت الذي يدرك كل سياسي واعٍ أن الإرهاب الذي يتحدثون عنه ملازم لتلك الدول تُسِرّه حيناً وتعلنه أحياناً أخرى فها هي المحكمة العليا للولايات المتحدة تعلن أمس شرعية اختطاف أشخاص في الخارج وجلبهم إلى أميركا لمحاكمتهم، هذا فضلاً عن الجرائم العديدة التي ارتكبتها أميركا وبريطانيا وفرنسا في مستعمراتهم السابقة واللاحقة وكذلك الجرائم المتتالية التي ترتكبها صنيعتهم في فلسطين ولبنان.

6- أن تسهل ليبيا إجراءات دخول الرعايا المسلمين عرباً أو غير عرب إليها وتسهل كذلك منحهم تابعيتها وأن تعبئ الجميع اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً ليكونوا شوكة في حلق من يفكر في الاعتداء على الإسلام وأهله. أما ما يجري حالياً في ليبيا من ردود فعل على العرب وغيرهم من المسلمين لعدم مؤازرة الدول العربية لليبيا، ومحاولة اتخاذ الأجهزة الرسمية هناك لهذا الأمر تبريراً للتقرب من الغرب، فإن هذا أخذ للناس بجريمة حكامهم فضلاً عن أنه لن يجعل الغرب يرضى عن ليبيا بل سيفقدها كثيراً من عناصر قوتها، علماً بأن مواقف الحكام في بلاد المسلمين كثيراً ما كانت ضد مصالح الأمة نفسها، وحدث هذا حتى من حكام ليبيا في أزمة الخليج.

أما الدول القائمة في بلاد المسلمين:

فعليها أن تؤازر ليبيا وتنصرها باتخاذ نفس المواقف التي ذكرناها سابقاً فالقضية قضيتها كما هي قضية ليبيا وأن تنصهر معها في دولة خلافة واحدة، غير أنه إن تأخر ذلك فعليها أن تتخذ وعلى الفور موقفين مستعجلين.

انسحاب جماعي من منظمة الأمم المتحدة، ورفض علني للمقاطعة والحصار مع العراق وليبيا وأن يثبت ذلك عملياً بتنفيذه علناً صراحاً لا على استحياء أو من وراء ستار.

وأما الأمة الإسلامية:

فإن تدرك أن الإجراءات العملية يملك صلاحية تنفيذها الحاكم صاحب السلطان والأمة ملزمة أن تقف في وجه الحكام وقفة صلبة صلدة إن تقاعسوا عن تنفيذ هذه الإجراءات ولو لزم الأمر أن يضحي بالمهج والأرواح.

والمسلمون معاً لا يضرهم حصار أن مقاطعة من الغرب فبلادهم أنهم الله عليها بالمال والرجال والثروات والخيرات وقبل هذا وذاك بنعمة الإسلام التي جعلتهم خير أمة أخرجت للناس تجاهد في سبيل الله ولا تخشى في الله لومة لائم.

أيها الأخوة الكرام:

لو كان للمسلمين خليفة لما تداعينا إلى حضور ندوة نتدارس فيها الحصار الأميركي لليبيا وأبعاده والإجراءات العملية لإحباطه بل لتداعينا لتنفيذ أمر الخليفة بدك حصون الكفار المستعمرين في عقر دارهم وإشغالهم في أنفسهم وليس فقط لرد اعتداءاتهم علينا ولم جرؤت دولة أن تنازعنا السيادة القيادة أو تفرض حصاراً علينا في ليبيا والعراق أو تنتهك الحرمات والمقدسات في فلسطين ولبنان والبوسنة وأذربيجان ولا أن تهجّر أو تظلم مسلماً في بورما وبلغاريا وكشمير والفلبين.

لو كان للمسلمين خليفة لما جرؤ أحد أن يفاوض يهود على بيع البلاد والعباد أو يوافق على قرار دولي يدمر سلاحه ويستبيح أرضه أو يفكر مجرد تفكير أن يجعل تسليم مسلمين للكفار موضع نقاش.

لو كان للمسلمين خليفة لما تبجح هرتزوغ وشامير وجرؤا على القول مخاطبين العالم إن الإسلام هو خطر عليكم فحاربوه، لأنهما عندها لن يكون لهما موطئ قدم في فلسطين أو وجود ليقولا ما قالاه أو يفعلا ما فعلاه.

لو كان للمسلمين خليفة لما جرؤ بوش أن يدخل بجيشه البلد الحرام وأن يجمع معه جيوشاً من بلاد إسلامية تقاتل معه مسلمين، ولما جرؤ أن يفتتح حملته الانتخابية الرئاسية بقوله: أميركا فوق العالم.

أيها الإخوة الكرام:

إن قضايا الأمة العظام تستأهل كلمة حق وفعل حق لهما دوي ودوي علّ ذلك يوقظ نائماً أو يصعق خائناً أو يعيد العقل لمضبوع.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عطا أبو رشتا  

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *