العدد 93 -

السنة الثامنة – شعبان 1415هـ -كانون الثاني1995م

كفكف الدمع

أيمن القادري

مهداة إلى المسلمين المتهمين بتهمة حبّ الله، في سجون العالم العربي، ولا سيما في الأردن. وقد جاءت تحكي صرخة كل منهم إلى سائر المسلمين.

كفكفِ الدمعَ، دموعُ الحرِّ عَلْقَمْ
.

 

واسمحِ الخدِّ… أترضى إنْ تأَلَّمْ
.

أَلق من معجمِكَ الرثِّ الأسى
.

 

أو فأوقدْ فيه ناراً تتضرَّمْ
.

طهِّرِ القلبَ من اليأسِ ضحىً
.

 

أو فقلْ للشمس تُصليه فيُعْدَمْ
.

اخنقِ الخوفَ بكفَّيْ ناقمٍ
.

 

أو فأعلنْ: لستُ من للهِ أسلَمْ
.

كفكفِ الدمعَ… جراحي حممٌ
.

 

ودمي ملتهبٌ: سالَ وأسقمْ
.

ليس في جسمي المسجّى موضعٌ
.

 

لم تنلْهُ طعنةُ الرمحِ المسمَّمْ
.

كبدي، رأسي فؤادي، أضلعي،
.

 

كلُّ ما فيَّ قروحٌ تتورَّمْ
.

لا تزدْ آلام عبدٍ رسفتْ
.

 

في قيودٍ قدماه، فَتَجَهَّمْ
.

لا… دعِ الدمعَ، وإنْ أحببتني
.

 

فاكسُرِ الطوقَ وحرّرني… تقدَّمْ
.

وإذا أعيتكَ عنّي حيلةٌ
.

 

فاسأَلِ الله فكاكي… وتبسَّمْ
.

أنا مَنْ سيقَ إلى السجن، وفي
.

 

كفّه المصحفُ… والليلُ تكتَّمْ
.

تُهَمي واضحةٌ… حاشدةٌ
.

 

وسِجِلّي أسودُ اللون مُرَقَّمْ
.

وعلى دفته قد كتبوا:
.

 

«الأصوليُّ فلانٌ»… ثمّ «يُعدَمْ»
.

 ¯ ¯ ¯

مات «هارونُ»(1) فَمَن أحفادُه؟
.

 

ليَروْا «نقفورَ» فينا يتحكَّمْ
.

أين من يصرح: «كلبَ الرومِ، قفْ!
.

 

ليس من أوقدَ نارَ الكفرِ يسلَمْ»
.

«يا وليدَ الكفرِ من كافرةٍ،
.

 

ها هو الجيشُ سيأتيك فتُرْغَمْ»
.

ومضى «معتصمٌ»(2)، لكنها
.5

 

صرخةُ المرأةِ عادَتْ، وهيَ أعظم
.

أين من يهتفُ: «لبيك اثبُتي،
.

 

ففلولُ الشرك، هذا اليومَ، تُهزَمْ»
.

«زحفُ أجنادي سيُفنى جمعَهُمْ
.

 

في حصونٍ حَسِبوا أنْ ليسَ تُحْطَمْ»
.

 ¯ ¯ ¯

وانقضى حكمُكَ فارقُد في الثرى
.

 

آهِ، يا عبدَ الحميدِ(3)… الليلُ أَظْلَمْ
.

أين من يصرح من أعماقه
.

 

في بني صهيون: «لا، فالحربُ أقوم»
.

ثمنُ القدسِ لهيبٌ حارقٌ
.

 

يجعل الأجسادَ منكم دون مَعْلَمْ
.

 ¯ ¯ ¯

دولة الإسلام ولّت… دفنت
.

 

معولُ الدفن عُرُوبيٌّ مُخضرَمْ
.

انطوى سلطانُ شرع المصطفى
.

 

وزوى القرآن في قبوٍ مُهَدَّمْ
.

هَجَروا القرآن… داسوا فوقَه،
.

 

مزَّقوه، واستباحُوا كلَّ مَحْرَمْ
.

بُعْثِرَ التنـزيل… آيٌ يُزدرى…
.

 

آيةٌ تُنقَشُ… والباقي يُنَغَّمْ
.

 ¯ ¯ ¯

جُرْحُ أصفاديَ لا يُزعجني
.

 

فأنا الحرُّ، أُعادي، أَتكلَّمْ
.

أنتم الجرحُ… بصمتٍ مُطبِقٍ
.

 

صارَ في تشريعكم «أولى» و«أسلم»
.

أين فيكم عزّةٌ هادرةٌ
.

 

تقصفُ الطاغوتَ بالطود المُقَطَّمْ
.

أين أنتم؟ ليس فيكم أثرٌ،
.

 

أهو نومٌ، أهو موتٌ؟ لستُ أعلمْ
.

أنتُمُ جيلُ المخازي فاسكَرُوا
.

 

بأغاني الغَرْبِ والرَقْصِ المُرَخَّمْ
.

اهنَأُوا: أنتمْ عبيدٌ خلّصٌ
.

 

واسجدوا للغرب: فقد جادَ وأكرمْ
.

أنتم اللطخةُ في ناصعةٍ
.

 

بكم التاريخُ والأيامُ تُوصَمْ
.

كم رجمتمْ شخصَ إبليسَ معاً
.

 

وهو فيكمْ، فلماذا ليس يُرجَمْ
.

 ¯ ¯ ¯

خَلْقَ أسوارِ دُناكم أمّةٌ
.

 

أقسمت بلله، والأبوابُ تُحْكَمْ
.

من قرار السجن تمضى قبضةٌ
.

 

تَسْحَقُ الأوثانَ الزرعِ المُهَشَّمْ
.

من رُفاتِ الحُرِّ واستشهادِه
.

 

قبسٌ يفتكُ بالليل، فَيُضْرَمْ
.

لم تزلْ طائفةٌ ظاهرةٌ
.

 

تنهج التحريرَ من قيدٍ بمعصمْ
.

وشبابُ الحقِّ ما زالوا هنا
.

 

يزرعونَ النورَ، حيثُ الدربُ مُبْهَمْ
.

لا تقلْ: «أنتم قليلٌ»، تزدري،
.

 

بصراخِ الأُخت «فاروق»(4) تلعثمْ
.

كبدي حرَّى، ونفسي شُوِّقَتْ
.

 

لأميرٍ يسرُجُ الخيلَ المُطَهَّمْ
.

لكتابِ الله دستور الوَرى
.

 

تُحْكَمَ الأصقاعُ من كعبةِ «زمزمْ»
.

 ¯ ¯ ¯

كفكفِ الدمع… دمي أجدى لكم
.

 

ودعِ الدمعَ لأبكارِ وأُيَّمْ
.

كفكفِ الدمعَ فهذي جولةٌ
.

 

بين إسلامٍ وكفرٍ، فاصحُ واعْلَمْ
.

حَطِّمِ الكفرَ وحَطَّمْ جُنْدَهُ،
.

 

حطِّمِ الطاغوتَ وادفُنْ ما تَحَطَّمْ
.

لا تدعْ فوق الثرى يا صاحبي
.

 

غيرَ شمسِ الحَقِّ… تعلُوْ… تتبسَّمْ
.

يا أخي، تلك يدي، فامضِ معي،
.

 

كفكفِ الدمعَ، دموعُ الحُرِّ عَلْقَمْ
.

(1) هارون الرشيد، والإشارة هنا إلى قصته مع نقفور ملك الروم.

(2) الخليفة المعتصم، والإشارة هنا إلى قصته مع استغاثة المرأة مما أدى إلى فتح عمورية في بلاد الروم.

(3)  السلطان عبد الحميد الثاني، والإشارة إلى موقفه من عرض هرتزل بشأن فلسطين.

(4)  الفاروق هو عمر بن الخطاب، والإشارة هنا إلى قصة إسلامه حين واجهته أخته فاطمة واستصرخت فطرته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *