العدد 94 -

السنة الثامنة – رمضان 1415هـ -شباط 1995م

ندوة: كيف يواجه المسلمون عملية التضليل التي يتعرضون لها منذ أوائل القرن التاسع عشر

عقدت هذه الندوة في أوائل الشهر الكريم بمدرسة الهندسة، والوعي تنشرها اليوم راجية المولى تبارك وتعالى أن يجعل فيها الخير للإسلام والمسلمين.

أيها المسلمون:

حري بنا ونحن في هذا الشهر المبارك أن نقف معاً برهة من الزمن نتدبر فيها أحوال هذه الأمة التي اجتمع عليها العدو من كل حدب وصوب، وتنكر لها أبنائها وقام حكامها مقام الكافر في عمله لهدم وتمزيق وإذلال هذه الأمة، وزرع العداوة والبغضاء بين أبنائها، وهم يقومون بهذا المنكر العظيم وتلك الخيانة الفاحشة فرحين مستكبرين.

أيها المسلمون: نحن أمة القرآن، أمة الفرقان، أمة الذكر الحكيم، نحن أمة الكتاب الذي قال الله تعالى في حقه وهو يمتدح شهر رمضان (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

نحن أمة الكتاب الذي قال تعالى عنه: (أَلَم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) نحن أمة القرآن الذي وصفه المولى تبارك وتعالى بقوله: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) وفي سورة إبراهيم: (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).

نعم أيها المسلمون: نحن أمة الكتاب الحق الذي نزل بالحق ومن الله تبارك وتعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ)، نعم أيها الأخوة نحن هذه الأمة التي شرفت وأكرمت بهذا الكتاب، ونحن هذه الأمة التي كلفت وأكرمت بواجب تحرير البشرية من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وإخراج الناس كل الناس من الظلمات إلى النور وإلى صراط العزيز الحميد. نحن الذين شرفنا وأكرمنا بواجب الحكم بين الناس كل الناس بهذا الهدى، هدى النور، فنحن بهذا الكتاب نمتلك الهدى والرشاد والخير. فمن غيرنا بعد ذلك له حق السيادة والقيادة لهذه البشرية الضائعة، ومن يملك من مقوماتها أكثر منا، ومن له الرصيد الحضاري العظيم الذي يؤهله لإنقاذ البشرية وإسعادها غير أصحاب هذا الكتاب.

نحن لنا ذلك الحق، لنا حق السيادة، وسيادتنا سيادة رحمة ورعاية، وسيادة هدى ونور، وقيادتنا قيادة خير وفلاح.

أيها المسلمون: ما بالنا اليوم وقد انقلبت الأمور وانتكست الأحوال حتى أصبح الكفر في شتى أشكاله وأنواعه يحمل إلينا، وحتى صار أضل الناس وأبعدهم عن الهدى والرشاد يتولى أمورنا، ويسيطر علينا فيسودنا سيادة تجبر وتكبر، ويقودنا إلى أن ننسلخ من إسلامنا وعقيدتنا ما بالنا اليوم وأمثال كلينتون وميجر وميتران ويلتسن وأذيالهم يحاولون أن يضعوا نعالهم فوق جبين هذه الأمة الكريمة، من خلال علية إذلال وتحكم وتجبر يندى لها الجبين؟ ما الذي أوصلنا إلى هذه الحال؟ وكيف السبيل إلى الخروج منها؟

لنعلم أيها المسلمون أن الإجابة عن هذه الأسئلة والتفكير فيها، وكذلك العمل بما نتوصل إليه من إجابة على ذلك هو فرض كفرض الصلاة والزكاة والصيام والجهاد، ولا ينجو المسلم من عذاب الله إن لم يشتغل بهذا الأمر ويسعى لإنقاذ هذه الأمة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم».

وعن جرير بن عبدالله أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك فشرط علي «والنصح لكل مسلم» ولفظ النصح هنا ورد عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو الخارجي عنه وكشف مكائده ضد المسلمين. وكذلك حديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبله» وكذلك الحديث الشريف: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». وأي منكر أعظم من هذا الذي نعيشه، والآيات والأحاديث الدالة على وجوب التغيير والوقوف في وجه الكفر والنفاق وسيطرة العدو الكافر، تملأ صفحات القرآن وكتب الحديث، فما علينا إلا أن نقبل على هذا القرآن العظيم في شهر القرآن المبارك نتدبره ونفهم واقع آياته، ونقارن ذلك بما نحن عليه وما يجب أن نكون عليه، فإن أول الطريق هو الفهم الصحيح الصادق، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين».

أيها المسلمون: سنحاول أن نضع بين أيديكم إجابة عن هذه الأسئلة، نسأل الله تبارك وتعالى فيها السداد والتوفيق،ومن رأى هذا الرأي فعليه العمل به وله، ومن رأى نقصاً أو خطأً فعليه النصح، ومن رأى غير ذلك فعليه بالعمل بما توصل إليه شريطة أن يستند في رأيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالمهم هو أن ننطلق للتغيير وتبديل هذا الظلام الدامس والذل والمهين ، وأن نبكر بالعمل والثورة على سيطرة الكفار وعملائهم قبل أن ينجحوا –لا قدر الله- في بسط سيطرتهم الأبدية على بلادنا وعلى أمتنا، وقبل أن يربطونا بهم ربط العبيد بالسيد يتحكم فيه ويتجبر ما شاء له التحكم والتجبر، وكفانا سلبية وعزلة وهروب.

أيها الأخوة الكرام:

لا يختلف اثنان على أن تخلّي المسلمين عن وضع الإسلام عقيدة ونظاماً موضع التطبيق والتنفيذ في حياتنا كأمة وكأفراد هو السبب في تمكن الكفار منا ووصولنا إلى هذه الحال المزرية، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ولقوله تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ).

كيف حدث هذا التخلي عن إيجاد الإسلام حياً في واقع الحياة، وكيف تمكن الكفار من النجاح في ذلك؟

لقد خضعت الأمة إلى عملية تضليل هائلة بدأت منذ أوائل القرن التاسع عشر بالغزو الثقافي بأفكار القومية والوطنية والتحديث وما شابه ذلك، ولكنها أخذت طريقها السياسي إلينا من الحرب العالمية الأولى حين حطم نظام الخلافة ومزقت بريطانيا ودول الكفر المسلمين، وبسطت قوميات تركية وعربية وكردية وفارسية، ثم سلطانها على جميع بلاد المسلمين، وقسمت الأمة قسمت البلاد التي تنطق بالعربية إلى وطنيات وأوطان.

وحصاد ذلك كله هو الكارثة التي نعيشها اليوم والتي يعتصر لها قلب كل مسلم، فنرى أعراض المسلمين ودمائهم تستباح ليل نهار بأيديهم وبأموالهم. وسقطت أخوة العقيدة والإسلام، وحل مكانها هذه الروابط النتنة التي أهلكت الحرث والنسل، ولذا علينا أن نعلم أن كل من يدعو إلى قومية أو وطنية، حتى وإن صبغها بالإسلام أو بأي صبغة أخرى، فإنما هو مجرم وعميل من عملاء الكفار سواء كان ذلك بسوء نية أو بحسنها، فإن كان بحسن نية فهو جاهل لا يصح أن يستمع إليه أو يسار خلفه، أما إن كان بسوء نية فهو مجرم يستحق أشد العقاب، وكلاهما لا بد من استئصال دعوته من تربة المسلمين ومن بين أبناء الإسلام.

هذا التضليل أيها الأخوة حدث قبل الحرب العالمية الأولى واستمر إلى يومنا هذا، إلا أنه بعد الحرب العالمية الثانية كانت عملية التضليل أشد خطراً وأكثر خبثاً، فقد ضللوا المسلمين عن التحرر وضللوهم عن النهضة وضللوهم قبل ذلك وبعد ذلك عن الإسلام وجعلوا بلادهم ركائز غير مسلمة لتشغلهم بها ولتكون أداة للدول الاستعمارية الكافرة تستعملها في كل وقت لضرب المسلمين.

أما التضليل عن التحرير فإنه عندما بدأت الأمة تستجمع قواها لطرد الاستعمار وهزيمته عسكره قاموا بتغيير أسلوب الاستعمار بأن تركوا الاستعمار المباشر بالجندي والحديد والنار، وجعلوا الاستعمار غير مباشر عن طريق الاستقلال المربوط بالمعاهدات تحت اسم الأحلاف، أو المربوط بالقروض والمساعدات تحت اسم عمليات الإنماء والتنمية، وبالعملاء والأجراء تحت اسم الصداقة والصداقات، وبالأحزاب والتكتلات العميلة تحت اسم الاشتراكية والديمقراطية والحريات فلم يكن غريب بعد ذلك أن نظل حتى يومنا هذا تحت سيطرة الغرب، فأنى لنا أن نتحرر وعلى رقابنا تلك الزمرة الخائنة المجرمة من الحكام والسياسيين والأحزاب العميلة المأجورة.

وأما التضليل عن النهضة فإنه أخفى عن أعين الناس، إذ ضللوا الناس بأن أقنعوهم بأن النهضة لا تكون إلا بالاقتصاد، فخدع الناس وبدل أن يفهموا بأن النهضة هي الارتفاع الفكري أي امتلاك العقيدة الصحيحة وما ينبثق عنها من أفكار صحيحة راقية تعالج شؤون الأمة والدول والأفراد فيرتقي بذلك سلوكهم ويمتلكوا الفهم الصحيح والوعي الصحيح الذي يمكنهم م الرقي والرفعة والرفاهية، بدل ذلك أيها الأخوة تحولوا إلى ترهات الاقتصاد والخطط الخمسية والعشرية، وصاروا يدخلون في دوامات لا نهاية لها، ورغم أن كل حكومة وكل رئيس يأتي يعلن بأن همه التنمية والاقتصاد فإن الوضع يزداد سوءاً فوق سوء، وذلك رغم أننا من أغنى الأمم ومن أكثرها حيوية، مما يدلل على أن الأمر كله خداع وتضليل.

وأما التضليل عن الإسلام فهنا الطامة الكبرى، إذ بدأت عملية التضليل بنشر وإتباع سياسة فصل الإسلام عن السياسة، وإشاعة مفهوم الإسلام التعبدي، ونعتوا الإسلام بالرجعية والتزمت ومعاداة العلم وغير ذلك، وجعلوا الإسلام اشتراكياً عندما كان للاشتراكية سوق ولها حماة، واليوم يجعلون الإسلام ديمقراطياً، خدمة للاستعمار والعملاء، والأنكى والأمر أن ينخدع من يظن نفسه حاملاً لدعوة الإسلام بذلك فيسطرون في كتاباتهم ويدعون في كلماتهم إلى الديمقراطية، ويقومون بأعمالهم بالسير في مستنقع الديمقراطية سواء بمشاركتهم في حكم الأنظمة العميلة، أو في محاولة إيجاد صيغة تمكنهم من العمل على هذا الأساس مما أوقعهم في الحرام، بل وإنني أنقل لكم نصاً لأحدهم لا يكاد يصدقه عقل مسلم، فهو يقول في جريدة “ليبوان” الفرنسية بتاريخ 18 فبراير 1991 في لقاء معه بوصفه سكرتير عام الحركة: إنه ليس فقط القرآن والسنة والشريعة هي مصادر الدولة التي ننشدها بل مبادئ فولتير ومونتسكيو وديروروت وروسو ومبادئ الثورة الفرنسية.

أما الركائز الفظيعة فهي الكيان اليهودي الذي نشأ وترعرع تحت حماية حكام العرب الخونة جميعاً وكذلك القسم الجنوبي من السودان وبعض المقاطعات في نيجيريا، وكذلك لبنان فكلها ركائز للاستعمار إضافة إلى الركائز التي يسعى اليوم لإيجاده في الخليج بشكل آخر وتحت اسم النظام الأمني وما شابه ذلك.

لعل هذا الذي ذكرت بصورة مختصرة جداً يعطي إجابة عن السؤال الأول، وهو ما الذي أوصلنا إلى هذه الحال وكيف تخلينا عن إيجاد الإسلام حياً في معترك الحياة. وأما السؤال الثاني وهو كيفية الخروج من هذا الواقع والعودة إلى سابق عز الإسلام وضياء القرآن. فلنعلم أيها المسلمون أن التحطيم الفوري والكامل لعمليات التضليل هو أساس كل تغيير بل إن إزالة التضليل سيؤدي إلى أن تنطلق الأمة الإسلامية لتصبح الدولة الأولى في العالم بإذن الله.

إن الطريق لإبطال هذه العملية التضليلية الواسعة يقتضي منا التالي:

1- أن نعود لفهم العقيدة الإسلامية باعتبارها عقيدة سياسية وليس فقط عقيدة روحية أي أن نفهم أن العقيدة الإسلامية ترعى شؤون الدنيا كما ترعى شؤون الآخرة، وأن هذه العقيدة تقتضي أن يتدخل الإسلام في سلوك الإنسان ومعاملاته وعلاقاته مع الناس، وأن الدين الإسلامي جاء من الله للإنسان ليستعمله في الدنيا فلا يوجد دين منفصل عن الدنيا فيلزم المسلم أن يسير في جميع أموره حسب ما يأمر الله ورسوله. وعلينا أن ننشر هذا الفهم ونعمقه لدى جماهير الأمة لتدرك ذلك وتدرك أنها أمة ذات رسالة عالمية، وأنها أخرجت الناس، أي لهدايتهم وإنقاذهم من الكفر والشرك، وأن وجودنا كأفراد وكأمة وكدولة إنما هو من أجل هذه الغاية، ولنستحي من الله أيها الأخوة فهاهم الأميركان يقطعون آلاف الكيلومترات ويخوضون الحروب تلو الحروب من أجل مصالح دنيوية زائلة، ومن أجل ديمقراطية فاسدة فما بالنا ونحن أهل الإسلام والإيمان.

2- لقد جعل الله لأعمال الإنسان قيماً مختلفة وترك له تقدير قيم الأشياء المادية، أما الأعمال غير المادية التي تتعلق بأوامر الله ونواهيه فهو حددها وقدرها من عنده، وأوجب التفاضل بينها فجعل لطاعة الوالدين قيمة ولكن جعل لأعمال الجهاد قيمة اكبر وجعل للسعي على العيال قيمة وجعل لدفع العدو عن بلاد الإسلام قيمة أكبر، وجعل لبناء المسجد قيمة ولكنه جعل لحمل الدعوة قيمة أكبر. قال تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ)، ويقول: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).

هكذا أيها الأخوة جعل الله للأعمال قيمة معينة ورتب هذه القيم في سلم متصاعد ترتيب معين فجعل في رأس سلم القيم الإسلام والجهاد في سبيل الله والدفاع عن الإسلام وتوعد من يغير يبدل هذا الترتيب للقيم بالعذاب الشديد ووصف من يفعل ذلك بالفسق.

فماذا فعلنا نحن المسلمين جعلنا حياتنا وأزواجنا وأولادنا وأموالنا وعشيرتنا في رأس سلم القيم ووضعنا الجهاد والإسلام في المؤخرة بل ونسينا ذلك. ولذا فإن الأمر الثاني بعد إحياء العقيدة الإسلامية هو إعادة القيم إلى ترتيبها المنطقي في عقول وقلوب وأعمال المسلمين أمة وأفراداً حتى يعود الإسلام والجهاد في سبيل الله في رأي سلم القيم.

2- لا بدمن أن نفهم ونفهِم الأمة أحكام الإسلام التي تتعلق بالحكم والاقتصاد حتى تدرك الأمة أنها أمة متميزة لها نظام خاص يتميز ويختلف عن كل نظام، نظام من اللطيف الخبير، فيه رفع السماء الذي أوحى منها وفيه علم العليم الحكيم، نظام لا يدنو منه نظام البشر ولا ترقى إليه خزعبلات المتفلسفين والمدّعين، نعم لا بدم من بيان ذلك للأمة حتى تعمل لجعل هذا النظام مطبقاً في واقع الحياة فنجني ثمار أرقى وأعظم نظام حكم ونظام اقتصاد عرفته البشرية. بهذه الأمور الثلاثة نكون قد تصدينا بصفة رئيسية للعنصر الأول من عناصر التضليل وهو المتعلق بالعقل وأنظم الحكم.

4- لا بد لنا من ملاحقة الحكام والسياسيين والأحزاب والمنظمات العميلة، فنعمل على كشف مؤامراتها وخيانتها للأمة، وعلينا أن نوضح للأمة المصالح الحقيقية لها ونبين سوء رعاية الحكام لهذه المصالح، ونحاول أن نندفع مع الأمة وبالأمة لقلع هؤلاء الحكام من السلطة وهؤلاء السياسيين والأحزاب عن مراكز التأثير واتخاذ القرار، فعلينا أن نخاطب أصحاب الإيمان وأهل التقوى ممن له تأثير على الحكم وكل من يستطيع أن يساهم مع الأمة على أساس الإسلام في خلع هؤلاء واستبدالهم بقيادة مسلمة مؤمنة واعية مخلصة. ونكون بذلك قد حطمنا العامل الثاني والمهم من عوامل التضليل، ألا هو التضليل السياسي.

5- لا بد لنا من الدخول في صراع ثقافي وفكري مع كل من يحمل لهذه الأمة أفكاراً وآراء وأحكاماً توجد الميوعة في الأمة وتسقط النخوة والعفة من شبابها، وتبدد طاقات الشباب وتضيعهم في متاهات الثقافات الهابطة والأعمال الوضيعة ولا بد من فضح الإعلام الفاسد كما أنه لا بد في نفس الوقت من بيان مفاهيم الإسلام الصادقة وتشجيع الناس من أجل إحياء التراث الإسلامي من فقه وحديث وسيرة وأدب وتفسير ولغة عربية.

وبذلك نقضي على التضليل الثقافي، ولا بد من القيام بهذه الأعمال جميعها وفي آن واحد ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. وإن كنا نعمل أن ذلك يحتاج إلى الجهود المكثفة والمتوالية إلا أن هذه الأمة هي من وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة». فهلا تفجر هذا الخير ليعم الأرض، وهلا سعينا لنعمر آخرتنا ونستعيد عزتنا، وهلا انطلقنا لننال رضوان الله ونسعد بجنات النعيم، فلننطلق أيها المسلمون سوياً للعمل لذلك فإنه عز الدنيا والآخرة.

اللهم يسر لنا ذلك واجعلنا من أهلك وخاصتك وأعزنا بالإسلام وأعز الإسلام بنا، ومكن لدينك ولكتابك ولحكمك، إنك أنت العزيز الحكيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *