العدد 105 -

السنة العاشرة – شعبان 1416هـ – كانون الثاني 1996م

من حقنا أن نسأل: لماذا؟

من حقنا أن نسأل: لماذا؟

من: محمد الكيال

من الأمور الطبيعية عند البشر جميعاً إذا وقعوا في أزمة ما أو خرجوا من محنة أن يجلس الواحد منهم لمحاسبة نفسه ولاستخلاص العبر ولتقويم أقواله وأفعاله التي صدرت عنه والتي قام بها.

والقضية ذاتها تنطبق على الهيئات والجماعات والدول فإنه غ حَزَبَ هيئةً أو جماعة أو دولة أمرٌ ما اجتمع رؤساء الهيئة وقيادة الجماعة وحكام الدولة وبحثوا في الأسباب التي أوقعتهم فيما وقعوا فيه وفي أخطائهم وتقصيرهم وفي كيفية تلافي هذا الخطأ وذلك التقصير.

والأصل أن المسلمين في ذلك مثل باقي الناس بأفرادهم وكتلهم ودولتهم، لا يختلفون عن غيرهم في شيء إلا بمدى قوة المحاسبة وتتابعها وذلك بسبب خشيتهم لله عز وجل.

إلا أن ما عددناه طبيعياً وبالذات في حق المسلمين أصبح اليوم وللأسف شاذاً وخاصة في أوساط المسلمين، ولست أريد أن أشير في حديثي هنا إلى التقصير في محاسبة الفرد لنفسه وإن كان لا بد من علاج ذلك ولا أريد أن أتناول تقصير المسلمين في محاسبة آخر وهو محاسبة قادتنا الجدد وأعني بذلك الحركات الإسلامية ورؤساءها ممن أخذوا على عاتقهم لأْمَ جرح الأمة النازف وإذهاب أحزانها وإرجاعها عزيزة كريمة كما كانت من قبل.

ولقد ربط الله تعالى النصر بحسن العمل، والمحاسبة إنما تلزم لسد الثغرات العارضة في هذا العمل، وتركها قد يؤدي إلى الضعف والفرقة وعدم النجاح، ووجودها يبرز بوضوح كون القيادة في الإسلام مقصورة على المبدأ، إذ المبدأ هو القائد لا الطاعة العمياء التي يعمل المرء بمقتضاها ولو كان في الأمر مخالفة لله وللرسول. ونحن المسلمين نصطلي في هذه الحقبة من عمر الأمة بلظى معركة مصيرية بيننا وبين الكفار وفي خضم هذه الحرب، ونحن في حاجة لأن نقف مع أنفسنا لحظات صدق لنحسب ونتحاسب ما الذي أنجزناه؟ وكم بقي علينا؟ ثم يقبل واحدنا الحق من الآخر فيزال بذلك الدرن ويستقيم البدن ومن ثم نتابع السير لحسم المعركة.

أيها المسلمون، أيها الشباب في الحركات والجماعات الفاضلة، لقد أعطانا الشرع حق محاسبة مسئولينا ومسائلتهم عما يعملون، وأعطانا الحق في مناقشتهم في طريق السير هل يؤدي بنا فعلاً إلى النصر؟ وهل هو نفسه الذي سار عليه أبو القاسم عليه الصلاة والسلام؟ إن الأمة الإسلامية لم تزل في تراجع مستمر على كثير من الأصعدة منذ عقود، ويبدو أنه لن يكون لهذا التراجع مع حد إن لم تتخذ إجراءات مناسبة تعادل هذا التأخر، فوضع حلول نصفية أو القيام بإجراءات غير عملية لا يخدم الغاية التي قمنا من أجل تحقيقها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *