العدد 360 -

السنة الواحدة والثلاثين – محرم 1438هـ – تشرين الأول 2016م

إعلان انهيار الحضارة الغربية رهن بإعلان النموذج الإسلامي بديلًا

إعلان انهيار الحضارة الغربية رهن بإعلان النموذج الإسلامي بديلًا

ما من شك بأن دول الغرب الكبرى في أميركا وأوروبا هي التي تتحكم بشؤون العالم اليوم، تشاركهم روسيا نصيبًا في ذلك خارج نطاقها الإقليمي بقدر ما تَسمح به لها هذه الدول في مناطق نفوذ كل منها. لكن هذا التحكم يستند إلى منطق القوة العارية، أما منطق الفكر الذي ينشد بناء الإنسان فقد تهاوى تمامًا؛ حيث ثبت زيف الحضارة الغربية المريضة بداء الاستعمار والاستعباد وانتهاك أساسيات معايير حقوق الإنسان التي تزعم تلك الدول تقديسها، فيما هي تقدس مصالحها فقط لا غير.

لقد مارست هذه الدول جرائمها بحق الإنسانية منذ أن بزغ نجمها، وازدادت شراسة ووحشية مع تبنيها الفكر النفعي الذي يفصل الحياة عن تشريعات الخالق سبحانه، وبالتالي إعلاء القيمة المادية على حساب القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية. فارتكبت بسبب ذلك سلسلة متلاحقة من الفظائع، أدت إلى قتل وتشريد شعوب بأكملها، من غير أن يتردد ساسة الغرب لحظة أو يرفَّ لهم جفن.

والتاريخ كما هو الواقع الراهن شاهد على ذلك. حيث لن يتمكن أحد من أن يمحو من ذاكرة البشرية إبادة الهنود الحمر ليستعمر الرجل الأبيض بلادهم. ولن يتمكن أحد من تجاوز معاناة الأفارقة الذين ساقهم تجار النخاسة عبيدًا كالخراف إلى أميركا، يسومونهم سوء العذاب من أجل خدمتهم. وليس بعيدًا عنا مقتل عشرات الملايين في حربين عالميتين من أجل الهيمنة والسيطرة والاستئثار. كما تعاملت تلك الدول بحقارة قل نظيرها مع مجازر بورندا ورواندا التي قضى فيها ملايين على أعين قوات هذه الدول ورعايتها. من ثم تلاحقت المشاريع التدميرية لبلاد المسلمين التي تم توثيق استباحتها بشكل وحشي بشع بالصوت والصورة، في فلسطين والشيشان والبوسنة وأفغانستان والعراق وبورما واليوم في سوريا، حيث تمطر السماء براميل متفجرة على مدن وبلدات ليل نهار، فتقتل وتبيد الأطفال والشيوخ والنساء من غير رقيب ولا حسيب.

وما يزيد الطين بلة نفاق دول الغرب التي تدعي نشر الديمقراطية بينما تقوم بدعم وتأييد أنظمة القهر والاستبداد على مدار عقود طويلة في بلاد المسلمين، بل تعتبرها حليفًا استراتيجيًا لها، فيما هي عدوة لحقوق الإنسان بحسب معايير الغرب المزعومة، كحال الأنظمة الحاكمة في السعودية وتونس ومصر والعراق مثلًا.

لقد فشلت هذه الدول منفردة ومجتمعة في وضع نظام عالمي مستقر يؤمن الحاجات الأساسية ليعيش الإنسان بكرامة وأمن وكفاية في هذا العالم. ويرجع ذلك إلى طبيعة الفكر الرأسمالي الذي يتحكم بها، حيث يلهث كل منها وراء منفعته الخاصة، محاولًا الاستئثار بخيرات الدول المستضعفة بنهم لا حدود له، من غير أن يتحمل أدنى قدر من المسؤولية الأخلاقية أو الإنسانية التي يدعيها. والتي لم يتبقَّ منها على ما يبدو سوى «حقوق» الشواذ جنسيًا إضافة إلى «حق» انتقاص الإسلام والنيل من مقدساته!

هنا يكمن الفرق بين الدول الرأسمالية التي تسعى لاستعمار العالم واستعباد أهله وبين دولة الإسلام التي تجعل من أمة الإسلام صاحبة رسالة، تضحي بالغالي والنفيس من أجل نشره وتطبيقه وتحقيق الطمأنينة والاستقرار للبشرية؛ لذلك كله، كان لا بد من إبراز الإسلام على حقيقته كنظام حياة متكامل ينبثق عن عقيدة يقينية صحيحة، تحمل الخير للبشر، وتبث بينهم الرحمة والسكينة والطمأنينة. كذلك لا بد من الاستمرار في تسليط الضوء على حضارة الغرب الزائفة وعقيدته النفعية التافهة وممارساته المشؤومة لفضحه وتنفير البشرية منه. لكن نجاح هذا بالشكل المطلوب لن يتأتَّى البتة ما لم يجسد المسلمون عقيدتهم وشريعتهم في دولة إسلامية جامعة هي دولة الخلافة، التي تمثل عمليًا جوهر المطلوب لتقديم نموذج عملي يمثل البديل لحضارة الغرب البالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *