العدد 79 -

العدد 79 – السنة السابعة، جمادى الأولى 1414هـ، الموافق تشرين الثاني 1993م

رسالة إلى أمة كانت خير أمة أخرجت للناس

يقول الله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) أيتها الأمة الإسلامية، إن الرسول سيشكونا إلى الله تعالى بأن هجرنا القرآن، والمتهم هو أنت وأنا وهذا وذاك ونحن جميعاً والأمة المحمدية بأجمعها، والجريمة الملقاة على رقابنا هي هجران القرآن الكريم. والسؤال هو كيف يكون هجران القرآن، هل بعدم قراءته وتلاوته أو بعدم طباعته أو أشياء من هذا القبيل؟ أما الطابعة فإنا نشاهد ملايين المصاحف تطبق وتوزع من بعض البلاد الإسلامية مجاناً، وأما التلاوة عن ظهر قلب أو القراءة فمجودة ومشاهدة في الحفلات وعلى المقابر وللتداوي، ورغم هذا وذلك فإن القرآن مهجور:

1- هجرت الأمة التحاكم إلى القرآن، وتحاكمت إلى الطواغيت وإلى الكفر فهجرت الآيات التي تأمر بالتحاكم والرجوع إلى القرآن في كل صغيرة وكبيرة كقوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، وكقوله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا).

2- هجرت الأمة الحكم بالقرآن وحكموا بالعادات الباطلة والديمقراطية الكافرة والرأسمالية العفنة والاشتراكية الملحدة بلد الحكم بالقرآن فطبقوا ونفذوا أوامر الكفار وهجروا القرآن.

3- هجرت الأمة الإيمان بجزئيات في القرآن، جزئيات غيبية وآمنت بالمادة وبالمحسوس، هجرنا الإيمان بأن الرزق بيد الله، وهجرنا الإيمان بأن الأجل بيد الله وهجرنا أنه لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ولم يظهر إيماننا بهذه الغيبيات من تصرفاتنا وأعمالنا، فخوفاً على الرزق والأجل وخوفاً من السجن سكتت الأمة على أنظمة الكفر المطبقة عليها واستسلمت للكفرة الفجرة. فلو آمنت الأمة حق الإيمان ولم يكن هناك غبار على تلك العقائد وما شابهها لثارت ولما ركنت إلى الطاغوت الذي يأمر اللهُ أن نكفر به، فهجرنا الآيات التي تقول: (يُصِيبَنَا إِلاَ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) وقوله عزّ وجلّ: (أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا).

4- هجرت الأمة التدبر والموعظة والدراسة التشريعية للقرآن واتخذته (أي القرآن) للناحية العملية.

5- هجرنا الخوف بالوعيد الذي أنذرنا به القرآن وآمنا بالوعيد الذي خوفنا به الحكام الظالمون أو الكفار من سجون وتعذيب أو إعدام.

6- هجرنا الإيمان بالوعد الذي وعدنا القرآن واعتقدنا بأماني الشيطان، فهجرنا الإيمان والعمل من أجل الشهادة في سبيل الله لنيل جنة الفردوس ورضوان الله والنعيم المقيم، وتمسكنا بأماني الشيطان من وسخ الدنيا الزائلة التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة.

أيها المسلمون: عودوا إلى إسلامكم لتعودوا كما أرادكم الله: خير أمة أخرجت للناس. ولتنالوا شفاعة رسولكم صلى الله عليه وآله وسلم بدل أن يشكوكم إلى ربه يوم القيامة.

ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.

اللهم ارحمنا بدولة الخلافة. اللهم ارحمنا بتطبيق الشريعة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين c

عبد اللطيف ـ بروكسيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *