العدد 132 -

السنة الثانية عشرة – محرم 1418هـ – أيار 1998م

كلمة أخيرة انتخابات مفصّلة حسب الطلب

كلمة أخيرة

انتخابات مفصّلة حسب الطلب

هل تفصّل الديمقراطية كما يفصّل الثوب عند الخياط؟

هل هناك أحجام وأوزان للزعماء والكتل السياسية ترسم بالقلم؟

نعم أصبحت الصورة للديمقراطية أكثر وضوحاً في بلادنا فغالباً ينجح حزب السلطة ولائحة السلطة ومرشح السلطة.

ولا يقتصر النجاح على المراكز العليا في السلطة بل يشمل كل المراكز من أصغر مركز (اتحاد الطلبة) مروراً بمراكز أهم (المختار وعضو البلدية) وانتهاءً بمراكز أعضاء المجالس النيابية وانتخابات رئاسة الجمهورية، فغالباً تجد أن السلطة ورجالها جاهزون لاحتلال المراكز (الديمقراطية) المفصلة على قياسهم. هذه الأمور أصبحت من البدهيات عند عامة الناس، فقد حصل يوماً أن حصلت انتخابات طلابية في إحدى الجامعات، وحينما سُئل أحد الطلبة عن الناجحين قال: طبعاً لائحة السلطة هي الناجحة، والأمر ليس بحاجة لسؤال من هذا النوع.

إذا طبقنا هذه المقدمة على الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت في بيروت مؤخراً نرى أن ما رُسم على الورق مسبقاً حصل في صناديق الاقتراع يوم الاقتراع ويوم فرز النتائج. لقد صرح أقطاب السلطة أنهم لا يريدون حزبيين في المجالس البلدية فإذا هم يشكلون لائحة دُعيت لائحة التوافق ومن بين أعضائها مرشحون يمثلون: حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية، وحزب الله، والجماعة الإسلامية، وحركة أمل، وحزب الطاشناق، ولو أن التمثيل هنا كان أحياناً يأخذ أشكالاً غير حركية أو غير حزبية، والأدهى من ذلك أن هذه اللائحة لم تنجح إلا بأصوات الحزبيين من كل الطوائف والذين جاءتهم كلمة السر فصوتوا للائحة كاملة دون تشطيب والتزموا (بوعد الشرف) كما قيل على ألسنة البعض.

نعم هذه الأحزاب التي اختلفت على كل شيء طيلة أيام الحرب اتفقت على لائحة التوافق دون تعديل بسحر ساحر. قالوا إن اتفاق الطائف ينص على إلغاء الطائفية السياسية، وقالوا إن تشريع قانون الزواج المدني يعد خطوة أولى هامة نحو إلغاء الطائفية السياسية، فإذا هم يكرّسون الطائفية رسمياً ومن قبل رجال السلطة الذين رسموا اللوائح ومنها لائحة بيروت البلدية والتي أصروا على أن تكون 12+12، 12 مسلماً و12 نصرانياً، ثم وزعوا الـ 12 مسلماً على المذاهب، ووزعوا حصة النصارى على الطوائف، وأوعزوا إلى جميع القوى والأحزاب السياسية والدينية ودار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي بأن تنتخب اللائحة كاملة دون تعديل حسب التوزيع الطائفي المرسوم. فإذا شعار إلغاء الطائفية السياسية هو للاستهلاك فقط ويُفسر حسب الطلب ويفصل حسب الطلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *