العدد 134 -

السنة الثانية عشرة – ربيع الأول 1419هـ – تموز 1998م

وحدة المسلمين في الشريعة الإسـلامية

وحدة المسلمين في الشريعة الإسـلامية

بقلم: د. محمد خير

الموضوع الذي نتناوله هو (وحدة المسلمين في الشريعة الإسلامية).

ونسير على بركة الله  في معالجة هذا الموضوع حَسَبَ الخطة التالية:

أولاً     – ما هو حكم الشريعة الإسلامية في الوحدة بين المسلمين؟

ثانياً     – ما هو الأساس الذي تقوم عليه وحدة المسلمين؟

ثالثاً     – ما هي الأحكام التي شرعها الإسلام لحماية الوحدة بين المسلمين؟

رابعاً     – ما هو الإطارُ، أو الشكلُ السياسيُّ الذي عَيَّنَتْه الشريعة الإسلامية للوحدة بين المسلمين؟

خامساً – ما هي الآثار الإيجابية المترتبة على الوحدة بين المسلمين؟

         وما هي الآثار السلبية المترتبة على التخلي عن الوحدة بين المسلمين؟

سادساً – ما هو موقف أعداء الإسلام من الوحدة بين المسلمين؟

         وفي الختام، كلمة أخيرة نختم بها الموضوع.

هذه هي أهم المحاور التي نديرُ الكلام حولها لمعالجة موضوع (الوحدة بين المسلمين).

 

النقطة الأولى: ما هو حكم الشريعة الإسلامية في الوحدة بين المسلمين؟

أي: هل توحيد الأمة الإسلامية في جميع أقطارها، في كيان واحد، وصهرها في دولة واحدة، وتحت سلطة واحدة، ورئيس واحد، هل هذه الوحدة بهذا المفهوم، فرضٌ من الفرائض الإسلامية كالصلاة والصوم والجهاد، بحيث يأثم المسلمون بإهمال السعي الجاد إلى تحقيق هذا الفرض، أو أنّ هذه الوحدة هي مجرد أمر مستحب ومندوب، أو لا يحققونها إذا لم يكن هناك رضاً ولا اتفاقٌ بين الأقطار الإسلامية – سواءٌ كان ذلك الرفض لتحقيق الوحدة صادراً عن سكان تلك الأقطار، أو كان صادراً عن الرؤساء – حين يجدون في الوحدة ما يتعارضُ مع مصالحهم الخاصـة، أو ما يتعارض مع مصالح من يدفعونهم لاتخاذ موقف الرفض هذا، من الداخل أو من الخارج؟

أقول: السؤال المطروح، هذه الوحدة بين المسلمين في جميع أقطارهم – بالمفهوم الذي ذكرناه – ما حكم الشريعة الإسلامية فيها؟

والجواب: الوحدة بين المسلمين – بالمعنى الذي ذكرناه – إنما هي فرْضٌ من الفرائض الإسلامية، كالصلاة والصوم والحج والجهاد… ويأثم المسلمون إذا تقاعسوا عن السّعْي الجادّ إلى تحقيق ذلك الفرْض، كما يأثمون حين يُهملون أيّ فرض من الفرائض الإسلامية…

والدليل من القرآن على وجوب هذه الوَحْدَة – قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)والآية تدلُّ على وجوب اجتماع المسلمين في وَحْدَةٍ واحدة، تربطهم جميعاً – أيْ: مجتمعين غير متفرِّقين – أنْ يكون الأساس الذي يجمع المسلمين في هذه الوحدة، إنما هو: حَبْلُ الله، أي: القرآنُ، أو المنهج الذي جاء به النبي عليه وآله الصلاة والسلام، أو الإسلام بشكل عام.

والدليل من السنة النبوية على وجوب هذه الوحدة بين المسلمين قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: «من أراد أن يُفَرِّق أمْرَ هذه الأمة، وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان» أيْ: إنَّ الأصل في هذه الأمة الإسلامية أن تكون جميعاً – أيْ: مجتمعة في وحدة واحدة، في كيان واحد، تحت سلطة رئيس واحد، ومَنْ أراد تفريقها وتمزيقها إلى كيانات ودويلات فإنَّ الإجراء الشرعي فيمن يحاول عملية التمزيق هذه، هو القتل! “فاضربوه بالسيف كائناً مَنْ كان”! وهذا النصُّ الشرعيُّ مِن أصْرَح الأدِلَّة على تحريم الفُرْقة والتجزئة بين الأمَّةِ الإسلامية، وبالتالي: وجوب كون المسلمين في وحدةٍ واحدة!.

والدليل أيضاً من إجماع الصحابة على وجوب هذه الوحدة بين المسلمين ذلك الحكمُ الذي أصدَرَهُ (أبو بكر الصديق) رضي الله عنه، في وجوب وحدة المسلمين، المتمثِّلةِ في كونهم تحت إمْرَةِ رئيس واحد، وتحريم اتخاذهم أكثر مِن رئيس، ولم يُنْكِرْ أحدٌ مِن الصحابة على أبي بكر الصديق هذا الحكمَ الذي أصدره، فكان إجماعاً من الصحابة رضي الله عنهم على وجوب الوحدة بين المسلمين. يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: “لا يَحِلُّ أن يكون للمسلمين أميرَان، فإنه مَهْما يكن ذلك يختلفْ أمرهم وأحكامُهم، وتتفرَّق جماعتُهم، ويتنازعوا فيما بينهم! هنالك تُتْركُ السُّنَّة (أي الشَّرْع الذي سَنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم) وتظهرُ البِدْعَة (أي الانحراف عن الإسلام)، وتعظُم الفِتْنَة، وليس لأحَدٍ على ذلك صلاح!”.

هذا هو حكم الوحدة بين المسلمين فـي دولة واحدة:

الوَحْدَةُ فَرْضٌ، والتقاعُسُ عن هذا الفرض إثم كبير

وهذه هي أدلة وجوب الوحدة بين المسلمين، من الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع.

بل إنَّ بعض الفقهاء استدلَّ بالقياس أيضاً، وهو الأصلُ الأساسيُّ الرابعُ مِن أصول الفقه، لإيجاب الوحدة بين المسلمين! أيْ: لِوُجُوبِ كون الأمَّةِ الإسلامية، تحت سلطة رئيسٍ واحد، وتحريم وجودِها تحت سلطة رئيسَيْن أو أكثر…

يقول الإمام الجويني في ذلك: “ذهب أصحابنا (أي: الشافعية) إلى مَنْع عقد الإمامة (أي: الرئاسة على الأمة الإسلامية) لِشخصيْنِ في طَرَفَيِ العالَم… ثم قالوا: لو اتفق عقدُ عاقِدَي الإمامة لـِشخصَيْن لَنُزِّل ذلك منـزلة تزويج وَليَّيْنِ امرأة من زَوْجَيْن!” أي: كما لا يجوز أنْ يُعْقَد عقدُ الزواج على المرأةِ لزَوْجَيْن اثنين، بل يجـب أن يكون العَقْدُ لـزوج واحد، كذلك لا يجوز للأمة الإسلامية أن تعقد الرئاسةَ عليها لرئيسَيْن اثنين، بل يجب أن يكون عَقْدُ الرئاسة عليها لرئيس واحد.

وهكذا نجد أصولَ الفقه، أي: أصولَ التشريع: الكتابَ، والسُّنَّة، والإجماعَ، والقياسَ، تفرِضُ كُلُّها أن تكون الأمةُ الإسلاميةُ وحدة واحدة، في دولة واحدَة، تحت سلطة رئيس واحد! وبهذا ننتهي من النقطة الأولى في هذا البحث.

| | |

النقطة الثانية: في هذا البحث: ما هو الأساسُ الذي تقوم عليه الوحدة بين المسلمين؟

الأساسُ الذي يجب أن تقوم عليه وحدة المسلمين هو: (حَبْلُ الله) كما في قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا)أي: القرآن، وهو حَبْلُ النجاة، الذي أكرم الله به هذه الأمَّة، لإنقاذهم مِمَّا هم فيه مِن ضعف وذل، وتخلف وتجزئة…

وأعداءُ الأمة الإسلامية، يُدْركون أنَّ سِرَّ حياةِ المسلمين، وسِرَّ قوتهم إنما هو في اعتصامهم بالقرآن الكريم: يلتفون حولَه، ويتخذونه مصدراً للدستور، أي: القانون الأساسيَّ الذي يحكمهم ويحكم بلادَهم، ويَستَنبِطون من هذا القرآن، ومِما أرشد إليه القرآن من السُّنَّة، والإجماع، والقياس يستنبطون مِن وذلك كُلِّه جميع الأنظمة التي تَرْعَى شؤونهم، وتعالجُ مشاكلهم: كنظام الحكم، ونظام الإدارة، ونظام القضاء، ونظام الاقتصاد، ونظام الأُسْـرة، ونظام التعليم،… وما إلى ذلك.

أقول: أعداء الأمة الإسلامية مِن الغَرْبيين يُدركون أنَّ القرآن الكريم هو سِرُّ حياة المسلمين، وسِرُّ قوتهم، والطريق إلى نهضتهم، والحصانةُ ضدَّ المفاهيم الغربية التي يُرادُ منها إضعافُ تَمَسُّكِ المسلمين بدينهم من أجل السيطرة عليهم… ولهذا، يَضَعُ أعداءُ الأمة الإسلامية مِنَ الغَرْبيين الخططَ والأساليبَ للقضاء على تَمَسُّك المسلمين بهذا القرآن.

ومِمَّا يُذْكَرُ في هذا الصَّدَد المقولَةُ الشهيرةُ التي أعلنها (غلادستون) – أحَدُ رؤساء الوزارة السابقين في بريطانيا- يقول: “ما دام هذا القرآن بأيدي المسلمين فلَنْ تستطيع أوروبا السيطرةَ على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان!”.

ومِمَّا يُذْكَرُ في هذا الصدد أيضاً أنَّ أحَدَ القادَةِ السابقين للجيش السوري، وهو (جمال فيصل) كان في فرنسا في دَوْرَةِ تدريب… وكانت تُلْقَى هناك على الضباط الفرنسيين، وغير الفرنسيين، محاضرات عامَّة… وهناك محاضرات خاصَّة للفرنسيين… وحَدَث أن دخل (جمال فيصل) مرة – إلى محاضرة خاصة بالفرنسيين – عن طريق الخطأ – ثم لم يَسْتَحْسِنْ أن يخرج من المحاضرة، فبقي يستمع فماذا سمع؟ لقد سمع المحاضرَ يقول في محاضرته للفرنسيين: “إننا لا نستطيع أنْ نركز في بلاد المسلمين مفاهيمنا الغربية، ونضمن عدمَ تقدُّمهم ونهضتهم إلا إذا قضينا عندهم على هذا الكتاب” وهنا، أخرج المحاضر من جيبه مصحفاً صغيراً، يُطْلِعُ عليه الحاضرين!

نعم، هذا هو الأساسُ الذي ينبغي أن تقوم عليه الوحدةُ بين المسلمين: القرآنُ الكريم.

وليس معنى هذا، أن المسلمين إذا لم يُحكِّموا القرآن في حياتهم فليس عليهم أن يقيموا الوحدة فيما بينهم! لا، بل إن وحدة المسلمين فرض، وإقامة الوحدة على أساس القرآن فرض أيضاً، وليس أحد الفرضين شرطاً للآخر… كما أن الصلاة فرض، والصوم فرض آخر، وليس الصوم شرطاً لفرضية الصلاة أو صحتها، كما أن الصلاة ليست شرطاً لفرضية الصوم أو صحته!.

أي: الواجب فيما نحن فيه، هو العمل على إيجاد الوحدة، والعمل على تحكيم شرع الله في هذه الوحدة، فإذا قامت الوحدة قبل تحكيم الشرع فقد سقط عن الأمة واجب من الواجبات الكفائية، وبقي عليها أن تعمل لتحقيق الواجب الآخر. هذا ما يقال في النقطة التالية.

| | |

النقطة الثالثة فـي هـذا البحث: ما هي الأحكام التي شرعها الإسلام لحماية الوحدة بين المسلمين؟

لقد شرع الإسلام أحكاماً كثيرة لحماية الوحدة بين المسلمين…

ومن هذه الأحكام:

تقرير الأخوّة بين المسلمين بغضّ النظر عن اختلاف ألوانهم، وأعراقهم، ولغاتهم… قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم».

كما دعا الإسلام إلى إشاعة المحبة بين المسلمين، واعتبر ذلك من علامات الإيمان، والطريق إلى الجنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا». ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

كما دعا الإسلام إلى أن يـتعاطف المسلمون فيما بينهم، وأن يتراحموا، وأن يتعاونوا حتى كأنهم جسد واحد أو بنيان متماسك: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَـلُ المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». كما يقول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».

كما اعتبر الإسلام إثارة النعرات والنزعات، والـتـفـاخـر – عـلـى أســاس الـلـون – اعتبر ذلك لوناً من ألوان الجاهلية، التي جاء الإسلام للقضاء عليها:

… ومما يذكر في هذا أن (أبا ذر الغفاري) غضب مرة على خادمه، فقال له: يا ابن السوداء! يعيره بأمه السـوداء! فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «أتعيره بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل، إلا بالتقوى» فما كان من أبي ذر رضي الله عنه إلا أن وضع خده على الأرض، ودعا خادمه ليطأه بقدمه مبالغة في التكفير عن ذنبه الذي ارتكبه!!

كما دعا الإسلام إلى القضاء على العصبية الإقليمية أو الوطنية؛ لأنها من عوامل الفرقة بين المسلمين، ومما يُذكر في هذا:

ما جاء في السيرة النبوية من أحداث غزوة بني المصطلق: فقد حدث أن نشب نزاع وشجار على الاستقاء من ماء (المريسيع) بين خادم لعمر بن الخطاب وبين مولى لبني الخزرج من الأنصار! فنادى خادم (عمر): يا للمهاجرين يستنصر بهم! ونادى مولى بني الخزرج: يا للأنصار يستنصر بهم! واستمع إلى الصياح (عبد الله بن أُبيّ بن سلول) رئيس المنافقين من أهل المدينة، فقال لمن حوله: أَوَ قد فعلوها؟ لقد كاثرونا في بلادنا (يعني المهاجرين) واللهِ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، يحرّض الأنصارَ من أهل المدينة على طرد المهاجرين من أهل مكة. وكادت الفتنة تشتعل بين المهاجرين والأنصار، بتحريض رئيس المنافقين على إثارة هذه النعرة الوطنية بين المسلمين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسير نحو المدينة ليشغلهم عن الخوض في هذه الفتنة. ولما وصلوا المدينة نزل قوله تعالى حاكياً مقولة رئيس المنافقين: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)وكان (عبد الله بن أُبيّ) رئيس النفاق، لم يدخل المدينة بعد، وكان له ابن صالح هو (عبد الله بن عبد الله بن أبيّ)، فلما سمع هذه الآية، أناخ على مجامع طرق المدينة، فلما جاء أبوه المنافق ليدخل، منعه ابنه وقال لأبيه: والله لا تدخلها إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتعلمَنَّ اليومَ مَن الأعزُّ مِنَ الأذل؟! فأرسل (عبد الله بن أُبيّ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو ابنه! فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الابن: أن خَلِّ عنه ليدخل! فقال الابن: أما أمر رسـول الله صلى الله عليه وسلم فنعم، فدخل (عبد الله) رئيس المنافقين… فلم يلبث إلا أياماً حتى اشتكى ومات!

وكما حارب الإسلام العصبية الوطنية، حارب العصبية القومية أيضاً؛ لأن إثارتها من عوامل الفرقة بين المسلمين… يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى» ويروي (ابن عساكر) أن (قيس بن مطاطية) جاء  إلى حلقة من الصحابة وقال: هؤلاء – مشيراً إلى الأوس  والخزرج – نصروا هذا الرجل (يعني النبي صلى الله عليه وسلم، أي: لأنه عربي وهم عرب، وبدافع القومية العربية قام الأوس والخزرج بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة الإسلام) ثم استطرد هذا الرجل يقول: فما بال هذا وهذا؟ مشيراً إلى غير العرب من المسلمين، كبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي!! فقام (سعد بن معاذ) رضي الله عنه، وأمسك بتلابيب الرجل وساقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، هذا الرجل، يقول هذا الكلام. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا الناس فخطبهم وقال: «أيها الناس، إن أباكم واحد، وإن أمكم واحدة، كلكم لآدم، وآدم من تراب، وليست العربية في أحدكم بأب ولا أم إنما هي اللسان! فمن تكلم بالعربية فهو عربي».

وهكذا قضى النبي صلى الله عليه وسلم على مفهوم (القومية العربية) بالمعنى العرقي؛ لأنه من عوامل تحطيم الوحدة بين المسلمين، وأعلن أن الإسلام دين إنساني للناس جميعاً على اختلاف أعراقهم وأجناسهم، وليس ديناً عنصرياً للعرب وحدهم؛ ولهذا كان واجب نصرة هذا الدين إنما هو على بني الإنسان كافة، وليس على العرب وحدهم كما توهم (قيس بن مطاطية) في هذا الحديث.

كما أعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن مفهوم (العروبة) أو (العربية) في الإسلام إنما هو محصور في اللغة؛ لأنها لغة القرآن، وكل مسلم مهما كان الجنس الذي ينتمي إليه – ما دام يتكلم العربية، ويقرأ القرآن بالعربية، ويؤدي شعائر دينه بالعربية – فهو من العرب في نظر الإسلام!

ولهذا، فإن الافتخار بالعروبة، أو بالعزة القومية بشكل عام ليس من الإسلام في شيء؛ فإن مناط العزة والفخار بالنسبة للمسلم، إنما هو بالإسلام، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما نبتغِ العز بغير ما أعزنا الله أذلنا الله”.

ومن الأحكام الشرعية التي شرعها الإسلام لحماية وحدة المسلمين وجوب تصفية كل من يحاول تمزيق هذه الوحدة، فقد ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه».

هذه بعض الأحكام الشرعية التي جاء بها الإسلام لحماية الوحدة بين المسلمين.

وبهذا ننتهي من النقطة الثالثة من هذا البحث.

| | |

النقطة الرابعة: ما هو الإطار، أو الشكل السياسي الذي عينته الشريعة الإسلامية للوحدة بين المسلمين؟

والجواب على هذا السؤال هو، كما ذكر في مستهل هذه الكلمة، توحيد الأمة الإسلامية، في جميع أقطارها، في كيان واحد، وصهرها في دولـة واحـدة، وتحت سلطة رئيس واحد، وتحمل جنسية واحدة!

وهذا كله هو من مقتضيات وجوب كون الرئاسة لإمام واحد، أي: لرئيس واحد، على جميع المسلمين في كل البلاد الإسلامية…

وهذا ما صرح به النص الشرعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم أيضاً: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع؛ فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر!».

وفي توضيح هذا الحكم الشرعي يقول الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: “إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة، ويجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة، ويحرم الوفاء بها، ويحرم عليه طلبها! وسواء عقدوها للثاني عالِمين بعقد الأول، أم جاهلين! وسواء كانا في بلدين، أو بلد، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل، والآخر في غيره… واتفق العلماء: على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام، أم لا…”.

هذا ما يقوله الإمام النووي حول وجوب كون الرئاسة على المسلمين، والبلاد الإسلامية، لإمام واحد، ما يعني وجوب توحيد البلاد الإسلامية في دولة واحدة، كما هو الحال بالنسبة للدول الكبرى اليوم، وكما كانت الحال بالنسبة للدولة الإسلامية، في الفترات الزاهرة من تاريخ المسلمين، سواء عهد الراشدين، أو عهد الأمويين، أو عهد العباسيين، أو عهد العثمانيين… قبل أن ينفرط عقد الخلافة الإسلامية، ويخيم على العالم الإسلامي الظلام، ويصبح المسلمون، أضيع من الأيتام، على مأدبة اللئام.

| | |

ونأتي إلى النقطة الخامسة: في هذا الموضوع، ما هي الآثار الإيجابية المترتبة على وحدة المسلمين؟ وما هي الآثار السلبية المترتبة على التخلي عن وحدة المسلمين؟

أولاً- بالنسبة للآثار الإيجابية: لا يمكن لمن يريد أن يتحدث عن هذه الآثار أن يستوفي الحديث عنها، ولو في عدة مقالات، ويكفي في الإشارة إلى شيء من هذه الآثار أن نذكر ما جاء في التاريخ الإسلامي، من أن خليفة المسلمين “هارون الرشيد رأى سحابة في السماء وهي تسير، فخاطبها قائلاً: اذهبي حيث شئت، فسيأتيني خراجك”.

كما يكفي أن نشير إلى ما كان يتمتع به المسلمون من مكانة مرهوبة في المجتمع الدولي، حين كانوا تحت سلطة واحدة، حتى في الفترة التي كان فيها المسلمون، وكانت فيها دولتهم الإسلامية تحت حكم العثمانيين في أشد فترات الضعف، بحيث كان الغرب يسمي الدولة العثمانية أو الخليفة العثماني بالرجل المريض، وهو: أي الغرب ينتظر لحظة إعلان وفاة هذا الرجل، لينقضّوا على تركته، يسلبون أملاكه، ويتوزعون بلاده. حتى في مثل هذه الفترة البائسة من تاريخ المسلمين، كان يُحسب فيها للمسلمين – في المجتمع الدولي – ألف حساب وحساب! وذلك بسبب الوحدة التي كانت تضم معظم المسلمين في ذلك الوقت. يقول أحد المبشرين: “إن أوروبا كانت تفزع من الرجل المريض، لأن وراءه ثلاثمائة مليون من البشر مستعدين للجهاد، بإشارة من إصبعه” هذا ما قاله هذا المبشر لأهل أوروبا.

ونقول نحن لأوروبا: لا تفزعي، حتى ولو صار المسلمون اليوم ملياراً وربع المليار من البشر، في وحدة واحدة، فإن الله عز وجل حمّل المسلمين رسالة الإسلام إلى العالم، لا ليضطهدوا الناس أو يستعمروهم، وإنما حملهم هذه الرسالة، كما قال الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه لـِ رستم قائد الفرس: “ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”.

ويذكر الخبراء، من الآثار الإيجابية لوحدة المسلمين في مجال الاقتصاد ولو بين قطرين على الأقل، يذكرون في مسألة معالجة الأزمة الغذائية في مصر والسودان: أن في السودان قطعة أرض هي من أخصب بلاد الله، وأنها لو زرعت قمحاً لكفت إفريقيا كلها، لا مصر والسودان فحسب، ولكنها تحتاج إلى مشروع هندسي، وإلى قوة بشرية تعمل في الزراعة، في تلك البقعة من الأرض، وهذه الخبرة الهندسية، وهذه القوة البشرية موجودة في مصر، ولكن تنفيذ هذا المشروع، يحتاج قبل ذلك، إلى وجود وحدة بين البلدين في دولة واحدة، للقضاء على كل الحساسيات والنعرات… حتى تنتقل هذه الخبرة والقوة البشرية في مصر إلى حيث تعمل في الأرض المستصلحة في السودان… وما دامت الوحدة غير قائمة، فستبقى المشاريع الخيّرة معطلة، وتبقى الأزمات الاقتصادية تأخذ بخناق المسلمين، وتبقى الدول الكبرى تتحكم في أقواتهم… ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

كما قلنا: الآثار الإيجابية للوحدة كثيرة وكثيرة… ولم تكتب هذه الكلمة لبيان أبعادها، فنكتفي بتلك الإشارة إليها.

ثانياً- وأما ما هي الآثار السلبية لفقدان الوحدة بين المسلمين، فإن لها حديثاً ذا شجون يعصر القلب، ويدمي الفؤاد، ويفتت الكبد، ويدع الحليم حيران!

إن ما يعانيه المسلمون اليوم، من التخلف والضعف، وما يكابده المسلمون اليوم من التشرد والتشتت والتجزئة، وما يقاسيه المسلمون اليوم من نهب لثرواتهم وامتهان لكرامتهم، وما يجري على المسلمين اليوم في كثير من أقطارهم من تعذيب وتقتيل، ومن هدم لمنازلهم وطردهم من بلادهم! وما يتجاسر عليه أعداء المسلمين من تحقير لدينهم، وعدوان على مقدساتهم…كل ذلك، وغير ذلك ما هو إلا أثر من آثار التخلي عن (حبل الله) الذي أمر الله المسلمين أن يعتصموا به، وأن يتوحدوا فيما بينهم عليه ومما يذكر في هذا: أنه لما دخلت قوات إسرائيل (القدس) عام 67، تجمهر الجنود اليهود حول حائط المبكى، وصاروا يهتفون مع (موشي دايان): “يوم بيوم خيبر، يا لثارات خيبر! حطوا المشمش ع التفاح – دين محمد ولى وراح – محمد مات خلّف بنات!” وفي هذا يقول الشاعر (محمد الفيتوري) يخاطب النبي عليه وآله الصلاة والسلام، من وراء القرون:

“يا سيّدي منذ رَدَمْنا البحرَ بالسدود!

وانتصبت ما بيننا وبينك الحدود

مِتْنا! وداستْ فوقَنا ماشيةُ اليهود!!

يا سيدي عليك أفضل الصلاة والسلام

من أمة مضاعة! تقذفها حضارة الخراب والظلام”

نعم، لأن البحر المتلاطم من المسلمين في العالم، لم يعد بحراً واحداً، وإنما وُضِعت السدود في أرجائه فمزّقته إلى مستنقعات آسنة!

ولأن الحدود الفاصلة، وُضعت بين المسلمين وبين المنهج الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لجعلهم أمة واحدة قوية… لكـل ذلك – كما يقول الفيتوري – “متنا! وداست فوقنا ماشية اليهود!!”.

| | |

ونأتي إلى النقطة السادسة من هذا البحث: ما هو موقف الأعداء من الوحدة بين المسلمين؟

لقد أدرك أعداء المسلمين من المستعمرين في مطلع العصر الحديث أنهم لن يستطيعوا السيطرة على المسلمين، واحتلال بلادهم، ونهب خيراتهم وثرواتهم، ما دام المسلمون في وحدة واحدة… ومن أجل هذا رسموا الخطط، ووضعوا الأساليب لتفتيت وحدة المسلمين، وتفكيك دولتهم…

وكان من معاول الهدم التي استخدمها العدو لتفتيت وحدة المسلمين: نشر الأفكار الوطنية والأفكار القومية بين الشعوب التي تتألف منها الأمة الإسلامية… وهكذا ثارت العصبيات والنزاعات الداخلية التي أضعفت المسلمين في مواجهة العدو…

وكان من نتائج ذلك، أن اتفق قسم كبير من العرب مع الإنجليز المستعمرين ضد دولتهم الإسلامية، في الحرب العالمية الأولى… ما أدى إلى إسقاط الخلافة الإسلامية، واستيلاء المستعمرين على معظم البلاد الإسلامية، يتوزعون فيما بينهم تركة الرجل المريض، بعدما قضوا على حياته… وراح المستعمرون، يهيئون الأوضاع في البلاد التي احتلوها، لتجزئتها إلى دويلات هزيلة، ليسلموها بعد ذلك، إلى حراس من أهل البلاد صنعوهم على أعينهم ليحافظوا على تلك التجزئة خدمة لمصالح المستعمرين، تبعاً لسياسة: (فَرِّقْ تَسُدْ) التي وضعها (أرسطو) الفيلسوف اليوناني لتلميذه (الإسكندر المقدوني). يحكي التاريخ البعيد أن (الإسكندر) لما فرغ من احتلال بلاد فارس، وأراد المضي في فتح البلاد شرقاً… كتب إلى معلمه (أرسطو) يعلمه بأنه لما فتح بلاد فارس رأى رجالاً لم ير مثلهم جمالاً، وكمالاً، وشجاعةً! وأنه لا يأمن إن رحل عنهم أن يَثِبوا على من يخلفه على البلاد من بعده… وأنه رأى قتلهم خوفاً من انقلابهم على خليفته. فكتب إليه (أرسطو): فهمت كتابك في رجال فارس، فأما قتلهم فهو من الفساد في الأرض! ولو قتلتهم جميعاً، لأبدت الأرض مثلهم، ولكن فَرِّقْ كلمتهم! بأن تجعل لكل طائفة منهم ملكاً، فلا يؤدي بعضهم إلى بعض طاعة! ويلجأ كل فريق منهم إليك لتنصره على منافسه… وهكذا مَلَك الإسكندرُ ملوكَ الطوائف… فمكثوا على ذلك تابعين له!

أقول: ماذا فعل الاستعمار ببلاد المسلمين أكثر من هذا؟

ومن الأساليب التي اتخذها الاستعمار لتفتيت وحدة المسلمين، والحيلولة دون إعادة هذه الوحدة: زَرْعُ إسرائيل في (فلسطين).

يحكي التاريخ القريب، أنه قبيل الحرب العالمية الأولى: طلبت الدول الاستعمارية من بريطانيا – وكانت زعيمة الاستعمار آنئذٍ – أن تدرس بدء اليقظة في منطقة الشرق الأوسط، فانتدبت بريطانيا (اللورد كامبل) لعمل الدراسة المطلوبة، وتقديم تقرير بها إلى الجهات المختصة… ومما جاء في تقرير (اللورد كامبل) الذي نشر عام 1907م ما يلي: “هناك شعب واحد متصل، يسكن من المحيط إلى الخليج لغته واحدة، ودينه واحد، وأرضه متصلة، وماضيه مشترك، وآماله واحدة، وهو اليوم في قبضة أيدينا، ولكنه أخذ يتململ، فماذا يحدث لنا إذا استيقظ العملاق؟!” ثم يقول (اللورد كامبل): “يجب علينا أن نقطع اتصال هذا الشعب بإيجاد دولة دخيلة، تكون صديقة لنا، وعدوة لأهل المنطقة، وتكون بمثابة الشوكة تخز العملاق كلما أراد أن ينهض”. هذا ما جاء في التقرير المذكور… لقد عمل الاستعمار الغربي بهذه التوصية فزرع الكيان اليهودي في قلب البلاد العربية من العالم الإسلامي…

والكلمة الأخيرة في هذا الموضوع:

على المسلمين أن يدركوا أن العالم اليوم، لا مكان فيه للشعوب الضعيفة، ولا للدويلات الصغيرة، اللهم إلا إذا كان ذلك المكان، هو مكان الخادم الذليل من السيد اللئيم! ومهما اهتم هذا السيد بأمر خادمه فليس ذلك عن إعزاز وتكريم، وإنما هو من أجل حث هذا الخادم، على مزيد من التفاني في خدمة سيده!

وعلى المسلمين أن يربأوا بأنفسهم عن أن يكونوا بهذه المنزلة، منزلة العبيد أو الخدم، بعد أن جعلهم الله سادة الدنيا وقادتها، وخيرَ أمّة أُخرجتْ للناس، وأنعم عليها بالثروات الهائلة. عليهم أن يربأوا بأنفسهم عن أن يظلوا شعوباً ضعيفة ودويلات صغيرة تتحكَّم بها القوى الكبرى: تقهرها وتنهب خيراتها.

وعلى المسلمين أيضاً، أن يدركوا أن السيد اللئيم المستبد في هذا العالم، لن يسمح للخدم، عن طيب خاطر، أن يتحرروا منه، ليقطعوا يديه، عن أن تمتد إلى ثرواتهم ومقدراتهم، فضلاً عن أن يصبحوا هم السادة في هذا العالم، ليعيدوا تنظيمه على غير النظام الآثم الشرير، الذي رتبه عليه ذلك السيد الكبير،… ولكن، مهما يكن من أمر، فلن تَعْدَم الإرادةُ الحرة الصادقة أن تجد – بعون الله – طريقها نحو التحرر والتحرير على أية حال. وهذا الطريق – بالنسبة للمسلمين – هو توحيد الصفوف، ونبذ الخلافات، والقضاء على كل أنواع التجزئة، التي فرضها الاستعمار عليهم، والارتفاع عن الأنانيات الضيّقة، وبذل التضحيات الكبيرة…

وهذا كله لن يتأتى لهم، إلا بالاعتصام بالحبل المتين: (حبل الله) الذي إن تعلق به المسلمون نجوْا، ونجا معهم العالم بأسره…

يقول الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا[.

كما يقرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاستخلاف، وهذا التمكين للمسلمين إذا صدقوا مع الله، واتبعوا منهج رسول الله… وذلك فيما يخبر به عن المستقبل لهذه الأمة، يقول عليه الصلاة والسلام:

تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.

ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.

ثم تكون ملكاً عاضّاً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.

ثم تكون ملكاً جبرياً (أي: دكتاتوريات) فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.

ثم تكون خلافة على منهاج النبوة.

هذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونسأل الله أن يكون قد أظل زمانُ هذه الخلافة، التي توحد المسلمين على منهاج النبوة، وأن يستظل العالم كله بظلها، ليستريح من شقائه وعذابه. وما ذلك على الله بعزيز… واللهُ ولي التوفيق، والحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *