العدد السادس -

السنة الأولى، العدد السادس ربيع الأول 1408هـ، الموافق تشرين ثاني 1987م

كتاب الشهر: الديمقراطية وحكم الإسلام فيها

الكتاب: الديمقراطية وحكم الإسلام فيها.

المؤلف: الأستاذ حافظ صالح.

الناشر: المكتبة العلمية /1985/ لاهور ـ باكستان.

106 صفحات من الحجم المتوسط باللغتين العربية والأُرْدِيَّة.

“لم تستأثر كلمة قط بمثل ما استأثرت به كلمة الديمقراطية من الاهتمام والعناية حيث وجهت إليها الأنظار وسلّطت عليها الأضواء، بل جعلت النور الذي يبهر الأبصار والفكر الذي يسحر الألباب. وأصبحت في نظر الكثيرين المثل الأعلى في الدول، والمجتمعات، والأفراد والصفة الحميدة التي يحاول الناس الاتصاف بها، والاعتزاز بالتخلي بها.

والأسوأ من ذلك كله أن يقول بعض علماء المسلمين وجمهرة مثقفيهم ـ زوراً وبهتاناً ـ إن الإسلام ديمقراطي أو إن الإسلام دين الديمقراطية، أو إنَّ الديمقراطية هي الإسلام، أو هي مأخوذة منه على الأقل.. ولهذا كان لا بد من معرفة حقيقتها من معرفة العقيدة التي تقوم عليها، والأصل الذي تنبثق عنه نظمها وقوانينها. والكيفية التي يتم بها وضع هذه النظم والقوانين كيم يصح الحكم عليها”.

بهذا الكلام يبدأ المؤلف كتابه ثم ينتقل بعده للتعريف بالديمقراطية (نشأتها ـ معناها الحقيقي ـ المعاني التي أُلصقت بها ـ الأسماء التي وضعت للديمقراطية لتتناسب مع المعنى المراد أداؤه). ويوجز المؤلف القول بأنَّ “الديمقراطية بكافة معانيها تقوم على قاعدة واحدة هي عقيدتها، وهي قيادتها الفكرية، وهذه العقيدة هي فصل الدين عن الحياة، وأن الإنسان هو الذي يضع نظم حياته وقوانين سلوكه. ولا يتأتى له ذلك إلا إذا تحققت له السيادة، وتوفرت له ممارسة الإرادة، أي تمكينه من الحريات العامة وممارسته لها.

ولهذا فإن البحث في صلاح فكرة الديمقراطية أو فسادها، إنما يكون ببحث الفكرة التي تقوم عليها أي عقيدتها. وكذلك ببحث الأصل الذي بنيت عليه وهو الحل الوسط ـ ثم بحث المصدر التشريعي لها ـ أي جعل الإنسان هو الذي يضع التشريعات جميعها من دستور ونظم وقوانين. فإن ثبت أن هذه الأصول الثلاثة للديمقراطية فاسدة فإن جميع ما يصدر عنها من معالجات، وما يبنى عليها من أفكار يكون فاسداً قطعاً. وبالتالي فإنها تؤدي إلى شقاء الإنسان وتعاسته، بدلاً من أن تؤدي إلى رفاهيته وسعادته.

ثم ينتقل المؤلف ليستخلص إذا كانت فكرة الديمقراطية هي مبدأ من المبادئ الموجودة في العالم، فيخلص بنتيجة أنَّ الديمقراطية تعتبر مبدأ من مبادئ العالم لأنها قد أعطت فكرة كلّية عن الكون والحياة والإنسان، وعما قبلها، وعما بعدها، وعن علاقتها بما قبلها، وعن علاقتها بما بعدها. رغم أن هذه الفكرة التي أعطتها الديمقراطية “لم تكن واضحةً ولم تقرِّر حقيقة”.

وبعدها يضع المؤلف القواعد والمقاييس التي يجب أن توضع لمحاكمة أية فكرة فيقول بأنَّ “هذه المقاييس والقواعد التي اتفق عليها مجموعة العقلاء، وهي الحاكم فعلاً على صحة أية فكرة بغض النظر عن قائل هذه الفكرة أو المصدر الذي نشأت عنه. فما قطعت هذه القواعد والمقاييس بصحته فهو الصحيح وما قطعت ببطلانه فهو الباطل. وأعني بهذه القواعد والمقاييس الاحتكام إلى العقل، والاحتكام إلى مطابقة الواقع، والاحتكام إلى ما جاءت به العقيدة”.

ثم يقوم المؤلف بمحاكمة فكرة الديمقراطية على الأسس التي أثبتها لمحاكمة أية فكرة. فيبدأ بنقض العقيدة العقلية التي تقوم عليها فكرة الديمقراطية ألا وهي فكرة فصل الدين عن الحياة. فيحاكم الفكرة بالعقل كونه هو المقياس الأول للحكم على أيِّ فكرة، فيخلص إلى القول بأن فكرة الديمقراطية ليست مبنية على العقل، فهي مبنية على الحل الوسط وأنها خرجت عن البحث العقلي السليم حيث أنها توقفت عن مواصلة البحث فلم تجرؤ على تقرير حقيقة الوجود. أما من حيث مطابقتها للواقع فيستخلص المؤلف بأنَّ فكرة الديمقراطية فكرة خيالية لا تنطبق على الواقع، وتقوم على الوهم والخيال، فلا الشعب بمجموعه يسن القوانين، ويضع النظم والأحكام والدساتير، ولا الشعب بمجموعة يختار حكامه، وأنها حكم الأقلية للأكثرية وليس حكم الأكثرية للأقلية.

ثم يضيف الأستاذ صالح “وأما الاحتكام إلى الأصل الثالث أي ما تقرره المسلمات العقيدية، من قبول أو رفض، من صحة أو خطأ، فإننا نقول إن الاحتكام إلى هذا الأصل هو الأساس في حياتنا ولا يجوز الانصراف إلى غيره لقوله تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً). نعم هذا هو الأصل الذي يقرر لنا كل حقيقة. ولكننا ونظراً إلى ما خدع به شبابنا من وجوب الاحتكام إلى العقل، أو إلى مطابقة الأمر لواقعه، قمنا بعرض سريع لهذه الفكرة فكرة الديمقراطية على هذين الأصلين في الاحتكام، كي لا نترك ذريعة لأحد في أخذها، مؤمناً كان أم ملحداً، وكي نطرحها في المجتمع على حقيقتها.

إن الاحتكام إلى المسلمات العقيدية أي إلى ما جاءت به العقيدة يري بوضوح مناقضة الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية مع هذه المسلمات.

فالديمقراطية تتهرب من الإجابة عن تقرير حقيقة فلم تجرؤ على القول بأن الكون والإنسان والحياة مخلوقة. أما المسلمات العقيدية عندنا فإن الله خالق كل شيء.

والديمقراطية تقول بالحل الوسط والمسلمات العقيدية تقول: “فماذا بعد الحق إلا الضلال”.

والديمقراطية تقول إن الإنسان حر ليس لأحد عليه سلطان والإسلام يقول إن الإنسان عبد الله.

والديمقراطية تقول إن الإنسان يتصرف حسب رغبته وهواه، والإسلام يقول إن الإنسان مأمور أن يتصرف حسب أوامر الله.

والديمقراطية تحتكم إلى قوانين يضعها الناس والإسلام يوجب فيه هو الوحي.

وبالتالي فهي (أي الديمقراطية) مناقضة ومخافة لما جاءت به العقيدة الإسلامية من أصول وفروع لا تلتقي به وكيف يلتقي من كان مصدره الشرع مع من كان مصدره العقل. ومن يحتكم إلى الله مع من يحتكم إلى الإنسان وأخيراً فالمسلم يفخر أنه عبد الله، والديمقراطي يفخر بأنه حر ليس مقيداً بأي شيء”.

وهنا يكون المؤلف قد أثبت مناقضة الديمقراطية للعقل ومناقضتها للواقع ومناقضتها للإسلام.

ثم يتوسع الأستاذ صالح ببحث مفهوم الحرية، من عدم مطابقتها للواقع وغاية الغرب من طرحها وحكم الإسلام فيها.

ويطرح في فصل مستقل، غاية الغرب من طرح فكرة الديمقراطية والاشتراكية. وفي فصل آخر يتوسع بموضوع حكم الإسلام في الديمقراطية ويأتي في هذا الفصل بالأدلة التفصيلية عن مناقضتها للإسلام.

وتحت عنوان “وصف الإسلام بأنه دين الديمقراطية”، يقسّم المؤلف العلماء الذين وصفوا الإسلام بأنه دين الديمقراطية، أو أن الديمقراطية منهاج حكم استنبط من القرآن، أو منهج عيش كامل استنبط من القرآن، إلى أربع فئات:

“فئة خبيثة تدرك حقيقة الإسلام، وتدرك حقيقة الديمقراطية، فألبست الديمقراطية ثوباً قشيباً، وزينتها بزينة الشورى، فقالت إن الديمقراطية نظام حكم ومنهاج حياة يقوم على الشورى…

وفئة انطلت عليهم الحيلة فحملوها مخلصين لها جاهلين حقيقة الشورى في الإسلام وجاهلين حقيقة الديمقراطية، فظنوا حقيقة أن الإسلام ديمقراطي وأخذوا ينادون بذلك..

وفئة أحبت الإسلام واندفاع الشباب إلى الأفكار المستوردة، والمفاهيم الفاسدة، من الذين بهرب أعينهم الأضواء المسلطة على الديمقراطية والحرية والاشتراكية. ورأت بأم عينها جمود علماء المسلمين وتقصيرهم عن مواكبة أحداث العصر ومشاكله، فاندفعت تستصرخ الناس للعودة إلى الله، وتستثيرهم همم الشباب بالتمسك بالإسلام وتعاليمه ولما لم تجد آذاناً ساعية، وقلوباً واعية، زين لها إيمانها أن تصف الإسلام بشتى الأوصاف محاولة تقريب الإسلام إلى أذهان الناس وقلوب الشباب فوصفته بأنه ديمقراطي… وبأنه دين الحرية…”.

وأما الفئة الرابعة: تلك الفئة التي أحبت نفسها فاتخذت من الإسلام ووصفه بالديمقراطية والحرية والاشتراكية سلّماً ترتقي عليه، وتصل منه إلى ما تصبو إليه…”.

ويختتم الأستاذ صالح كتابه بباب خاص يبيّن فيه حرمة استعمال كلمتي الديمقراطية والحرية مستشهداً بالأدلة اللازمة لذلك.

نبذة عن المؤلف:

هو الأستاذ حافظ صالح، من مواليد قرية “سيلة الظهر” في الضفة الغربية المحتلة سنة 1930م.

حائز على ماجستير في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من الجامعة السلفية في لاهور ـ باكستان.

له رسالة في الدكتوراه لم تناقش بعد تحت عنوان “نهج القرآن الكريم في الدعوة” وله كتاب سيصدر قريباً تحت اسم “النهضة”.

تقويم:

إن كتاب “الديمقراطية وحكم الإسلام فيها”، يعتبر من الكتب القليلة التي بُحثت فيها فكرة الديمقراطية وحكم الإسلام فيها بتفصيل ووضوح. لذلك ننصح قراءنا الكرام بقراءة هذا الكتاب القيّم بمضمونه وأبحاثه.

_________________________

تنويه

أخي القارئ…

يصدر كتاب “الديمقراطية وحكم الإسلام فيها” باللغتين العربية والأُرْدِيّة. فإذا أحببت الحصول على النسخة العربية منه، يمكنك طلبها من ملتزم الطبع والنشر على العنوان التالي “المكتبة العلمية ـ 15 ليك رود ـ لاهور ـ باكستان” وثمن النسخة العربية (1,5 دولار أميركي) ضمنها أجور البريد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *