العدد 148 -

السنة الثالثة عشرة – جمادى الأولى 1420هـ – أيلول 1999م

اليورو والدولار والصراع الاقتصادي والسياسي بين أوروبا وأميركا (2)

بقلم: فتحي سليم / الأردن

            تكمن قوة أميركا الاقتصادية في ثرواتها الطبيعية الهائلة، التي تجعل منها دولة مستغنية عن مصادر الطاقة والمواد الخام، وفي إنتاجها الزراعي والصناعي الهائل، الذي يضطرها إلى توفير أسواق استهلاكية واسعة لتصريف هذا الإنتاج. وهذان عاملان يوفران قوة للدولار، جعلته العملة التي تجري المبادلات التجارية بحسبها، والتي تحسب أسعار العملات بالقياس إليها، والتي تعتبر مخزناً آمناً للثروت بالنسبة للدول وللأفراد. ويعزز هذه المكانة ثقل سياسي مميّز، فأميركا تتربع على قمة النظام العالمي، وقوة علمية وتكنولوجية وعسكرية لا تقارن بها أية قوة في العالم بمفردها أو متكتلة مع غيرها. كما أنها تستخدم المؤسسات الدولية مثل: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة الجات، من أجل حماية اقتصادها وعملتها، ومن أجل فرض سيطرتها الاقتصادية والسياسية في العالم.

فبالنسبة لصندوق النقد الدولي، فإن صلاحياته التدخل لإصلاح ميزانيات الدول الأعضاء، ومعالجة النقد المحلي للدولة، فيما إذا حصل اختلال في اقتصادها، والوصفة الجاهزة التي يوصي بها الصندوق هي: وقف الدعم عن السلع التموينية، وتجميد الأجور، وتعليق الاستخدام، وتعويم العملة، وحرية السوق والخصخصة. وتكون نتائج تدخله إلحاق الكوارث بالبلد كما حصل في إندونيسيا.

                لقد بدأ التذمر من تصرفات الصندوق، وأصبح يُستقبل بامتعاض، وينظر إليه من ناحية وجهه القبيح؛ كما اعتراه التآكل وفقد ثباته وخاصياته العلاجية، بعد أن استعملته أميركا أداة فعالة لاحتواء بعض الدول التي انهارت اقتصادياً، مثل روسيا وإندونيسيا، كما اتخذته تكئة تقيل به عثرات بعض الدول، لتفتح أبوابها للاستثمارات والاحتكارات الأميركية، مثل المكسيك، التي ربطتها باتفاقية نافتا (منظمة التجارة الحرة لشمال أميركا).

                فقد قدم صندوق النقد الدولي للمكسيك ما يزيد عن أربعين ملياراً من الدولارات، بحجة معالجة ميزانيتها، وقدم الصندوق لروسيا المحطمة اقتصادياً أكثر من ستة عشر ملياراً من الدولارات، وهو الآن بعد المفاوضات الأخيرة قرّر منحها أربعة مليارات ونصف المليار من الدولارات. كما أوجد صندوق النقد الدولي في إندونيسيا هزة اقتصادية كان من نتائجها الإطاحة بالرئيس الإندونيسي سوهارتو؛ ولا تزال إندونيسـيا تعاني من هذه الضربة، وتلملم جراحها، ولم تشف منها بعد.

                وترتفع الأصوات الآن لإدخال الإصلاحات على هيكلية هذا الصندوق، والحد من صلاحياته العلاجية المخولة إليه، والتي هي في حقيقتها وباء انتشر خطره حتى أصاب العديد من الدول. كما تتهمه بالتحيز الفاضح لصالح السياسة الأميركية، والاحتكارات والاستثمارات الأميركية. وللتدليل على خطورة النصائح التي يقدمها الصندوق، نأخذ حالة روسيا، وما أصابها من الخصخصة التي أوصى بها، أو اشترطها الصندوق.

                يشير تقرير أعدته (لجنة دراسة نتائج الخصخصة) التي شكلها البرلمان الروسي، بعد أربع سنوات من بدايتها، إلى الوقائع التالية:

  l           أدت الخصخصة إلى تدهور مستوى معيشة أكثر من 70% من الشعب في روسيا، ونزول مستوى أكثر من 30% من الشعب تحت خطر الفقر، وتدني مسـتوى التعـليـم والصـحـة، وانتشار العادات السيئة.

  l           تزايد المخالفات القانونية حتى وصلت إلى أكثر من (100) مخالفة قانونية في اليوم الواحد في عام 94، وإذا تم قياس ذلك بالسجلات التي توضح خصخصة (104) مشاريع يومياً، فإنه يمكن القول إن خصخصة كل المؤسسات في روسيا كانت مخالفة للقانون.

  l           بلغت نسبة الانخفاض في الإنتاج الصناعي الروسي بعد عمليات الخصخصة أكثر من 70%.

  l           تم بيع (324) مصنعاً بحد أقصى أربعة ملايين دولار للواحد، في حين يقدر الحد الأدنى لأقل مصنع فيها بحوالي (34) مليون دولار، والحد الأقصى يزيد عن ستين مليون دولار.

  l           أكثر من (400) مؤسسة صناعية بيعت في المزاد العـلـنـي، ولم يزد المدفوع في الواحدة منـهـا عـن ثمـانـيـة ملايـيـن دولار، في الوقت الذي يقـدر ثمـن الكـثـيـر مـن هـذه الـمـؤسـسـات بــ (70) مـلـيـون دولار.

  l           بيع مجمع (تشيليا بنسك) العملاق للحديد والصلب بـ (3.74) مليون دولار، ويقدر الخبراء ثمنه بحوالي (88) مليون دولار. وكذلك مصنع (أورال ماش) لمحركات السيارات الثقيلة الذي بيع بحوالي (3.72) مليون دولار.

  l           بيع مصنع الأسلحة الخفيفة في (كوفروف) بـ (2.71) مليون دولار، بينما يقدر الخبراء ثمنه بحوالي (43) مليون دولار.

  l           يبين التقرير أن أغلب المشترين هم من المستثمرين الروس، على الرغم من أنهم لم يكونوا يملكون أية أموال قبل عام 1991، وكانوا مجرد موظفين عاديين في أجهزة الدولة، واستعانوا بمستثمرين أجانب في تمويلهم لشراء هذه المصـانع والمؤسـسـات، وأعطـوهـم حق الإدارة الكامل فيها.

                هذا نموذج عن انهيار الاقتصاد الروسي، والمدى المنخفض الذي وصل إليه، بشهادة تقرير اللجنة المكلفة دراسة نتائج الخصخصة التي شكلها البرلمان الروسي منذ أربع سنوات حتى اليوم.

                ومن الإصلاحات التي لجأت إليها نتيجة ضغـط الصـنـدوق، والتي تركت آثـاراً سـلـبـيـة على الاقتصاد الروسي:

  l           تعويم العملة: فقد انخفض الروبل إلى (150%) من قيمته.

  l           التوقف عن سداد الديون البالغة (19) مليار دولار لمدة ثلاثة أشهر.

  l           اضطر البنك المركزي الروسي إلى بيع أكثر من (8) مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية.

  l           توقف البنك المركزي عن دعم الروبل.

  l           ارتفاع الأسعار، وقد أدى انخفاض الروبل إلى إلحاق الضرر بالمستثمرين الذين تخلوا عن السندات التي أعطيت لهم بالرغم من ارتفاع الفائدة عليها إلى أكثر من (200%).

  l           خسارة البنك المركزي جراء هروب الأموال إلى الخارج ما بين 3.5ـ4.5 مليار دولار.

  l           بلغت الديون الخارجية (140) مليار دولار، والديون الداخلية (100) مليار دولار، ووصلت الخسائر إلى حوالي (3) تريليون دولار.

                يقول رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الروسي: (إن الخصخصة في روسيا، لا تعدو كونها: عملية نهب وتخريب كبرى، ومؤامرة مدبرة من الخارج).

                الأهم من ذلك كله أن روسيا بدأت تخسر أهم ما تملكه، وهم العلماء والأطباء والمهندسون وعلماء الذرة وسواهم.

                أما بالنسبة للبنك الدولي فإن هذا البنك يتبنى مشاريع دولية ضخمة، تكون في الغالب غير إنتاجية، أي من البنى التحتية، ولآجال طويلة، فيغرق الدولة بالفوائد، ويثقل كاهلها بحيث لا تستطيع خدمة الدين، ولا سداد الأقساط. وتتضاعف هذه القروض بفوائدها المركبة إلى مدى يعصف بالبلد المدين إلى الهاوية فيلجأ إلى جدولة الدين. وتدور دول العالم الثالث الآن في حلقة مفرغة من القروض والسداد.

                هناك دين على (109) دول نامية، يقدر بـ (430) مليار دولار. سددت منه هذه البلدان خلال الفترة (1980ـ1986) إلى الدائنين (658) مليار دولار أقساطاً وخدمات. ومع ذلك فقد بقي على هذه الدول مبلغ (882) مليار دولار. فهل لهذا النهب من مثيل؟!

                أما منظمة (الجات) والتي سميت فيما بعد بـِ (منظمة التجارة الحرة). فقد وضعت أسس إنشائها عام 1947. وسارت في سبع مراحل متعثرة. وفي الدورة الثامنة عام 1989، وتسمى دورة (أورغواي) خرجت إلى حيز الوجود، وبدأت الدول تدخل في عضويتها حتى بلغت اثنتين وعشرين ومائة دولة، ولكل دولة منها اتفاقيتها وشروطها الخاصة بها، حسب نوعية إنتاجها وحجم اقتصادها وأهم ما تتناوله هذه الاتفاقية هو تخفيض الجمارك بين الدول الأعضاء إلى حد كبير. ولا تزال هذه الاتفاقية في دور التجربة، أي لم يستقر بها المطاف. والمستفيد من هذه الاتفاقية هم الدول الكبرى ذات الحجم الإنتاجي الكبير كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان.

دول الاتحاد الأوروبي :

                تشكل مجموعة دول الاتحاد الأوروبي الإحدى عشرة، التي اعتمدت اليورو كعملة موحدة قوة اقتصادية وتجارية ضخمة، وإن كانت تعاني من نقطة ضعف لديها تتمثل في البطالة، إذ تفيد إحصائيات المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات) أن مجموعة الدول الأوروبية الإحدى عشرة تملك الجزء الأكبر من احتياطي الذهب والعملات (20.6%) مقابل (8.13%) لليابان و(4.1%) للولايات المتحدة.

                على صـعـيـد التـجـارة الدوليـة: تحـتـل مجـموعة الدول الإحدى عشرة المرتبة الأولى بلا منـازع، وتمـلك أكبر نسـبـة مـن الصـادرات العالمية (20%) متقدمة على الولايات المتحدة (16%) واليابان (7%).

                وتتمتع مجموعة الدول الإحدى عشرة أيضاً بفائض تجاري مريح، يبلغ نحو 90 مليار وحدة حسابية أوروبية (إيكو) أي حوالي (100) مليار دولار. في حين تعاني الولايات المتحدة من عجز بسبب زيادة وارداتها عن صادراتها.

                يزيد عدد سكان هذه الدول عن (291) مليون نسمة. عدد سكان الولايات المتحدة (269) مليون نسمة. لكن دخل الفرد السنوي في دول المجموعة الأوروبية (19182) إيكو، ودخل الفرد في الولايات المتحدة (27561) دولاراً وفي اليابان (22371) دولاراً. ولذلك، فإن دول الاتحاد الأوروبي تشكل منافساً قوياً للاقتصاد الأميركي، وعملتها الموحدة توجّه تحدياً للدولار.

                تستوعب أسواق أميركا اللاتينية نحو 20% من الصادرات الأميركية، وأي تخفيض للعملات الأميركية ـ اللاتينية سيؤدي حتماً إلى خسارة هذه الأسواق؛ وقد انتقلت آثار الهزة الاقتصادية التي أصابت دول جنوب شرق آسيا، إلى دول أميركا اللاتينية، فأصبحت تعاني فوضى مالية واقتصادية، وإذا ما أضيفت الأسواق الآسيوية المشلولة إلى الأسواق الأميركية ـ اللاتينية المهددة، فإن ذلك يعني شد الخناق على نصف منافذ التجارة الخارجية الأميركية. ومن دون شك، فإن انخفاض الدولار الأميركي إزاء العملات الأوروبية والين الياباني قد يخفف من هذه الانعكاسات السلبية، إلا أنه لن يلغيها، خصوصاً أن الصادرات الأميركية بدأت تظهر عليها علامات الضعف، حيث انخفضت بنسبة 1.3% خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام 98، وبنسبة 21% في الأسواق الآسيوية وحدها.

                وقد يكون لهذه الأزمة أيضاً انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الأميركي، فمعظم المصارف الأميركية مثل (سيتي بنك) و(مورغان ستانلي) و(ج ب مورغان) وغيرها لديها عمليات مصرفية وأموال ضخمة في الدول التي طالتها الأزمة، وقد تضطر إلى تقنين التسليفات داخل الولايات المتحدة، ما سـينعكـس سلباً على النشاط الاقتصادي فيها.

                وإذا وجدنا أن 39% من مدخرات الأميركيين هي سندات أسهم فإن أي هبوط في أسعار هذه الأسهم قد يؤدي إلى كارثة. وهذا يذكرنا بالأزمة الحادة التي عصفت بالاقتصاد الأميركي عام 1929 والتي كان سـبب حدوثـهـا هـو الهبوط الحاد في أسعار الأسهم.

                وقد حصلت مؤخراً مواجهة بين دول السوق الأوروبية وأميركا، بشأن مشكلة العجول المسمنة المستوردة من أميركا، ولا تزال مشكلة الموز قائمة الآن بين دول السوق الأوروبية وأميركا، فالولايات المتحدة هي الآن بصدد تقديم طلب إلى منظمة التجارة العالمية (الجات) من أجل إنزال عقوبات على دول المجموعة الأوروبية بشأن قضية الموز. ولا ننسى أن الأكوادور هي من أكبر مصدري الموز للولايات المتحدة، فالأكوادور تطالب أميركا بدراسة المقترحات الجديدة التي وضعتها السوق الأوروبية بشأن تجارة الموز.

                ومن الجدير ذكره أن الذي يتولى تجارة الموز الأكوادوري وتسويقه هي شركات أميركية. فمثلاً: كانت الشركات الأميركية تأخذ كيلو الموز من المزارع الأكوادوري بمبلغ سبعة سنتات، ويباع للمستهلك الأميركي بأضعاف هذا المبلغ. وقس على هذا استغلال الاحتكارات الأميركية لأميركا اللاتينية. وعندما حصلت الفيضانات المدمرة في بعض دول أميركا اللاتينية مثل هاييتي وهندوراس، فقد أتلفت الفيضانات المحاصيل، وغرقت المزارع من الموز وغيره عن بكرة أبيها، حيث أصيبت هذه البلدان بأضرار فادحة، ما جعل بعض الشركات تستغني عن أكثر من ستة عشر ألفاً من الأيدي العاملة، وقد زارها شيراك، وأمر بإعفائها من الديون الفرنسية المتوجبة عليها.

                وها هي البرازيل الآن، وكأن الأزمة الاقتصادية الآسيوية قد انتقلت إليها، وإلى القارة اللاتينية، ما اضطر رئيس البنك المركزي البرازيلي إلى الاسـتقالة. وقد انعكس هذا الهبوط الشديد في الاقتصاد البرازيلي على البورصات العالمية، وطال الأسواق الأميركية والأوروبية، كما حصل تراجع شديد في أسواق الأسهم في تلك البلدان.

                وقد حاول صندوق النقد الدولي إنقاذ البرازيل حيث قدم مبلغ (42) بليون دولار مساعدة في شهر 11/98. ولكن هذا المبلغ لم يحل دون حصول الكارثة البرازيلية. وقد سمح البنك المركزي البرازيلي بتعويم الريال البرازيلي دون التدخل. وارتفع معدل الفائدة إلى 41% سنوياً. ويبدي صندوق النقد الدولي ارتياحاً للإجراءات التي تتخذها البـرازيـل تنـفـيـذاً لمتطلبات الصندوق، حيث جرى ارتفاع في الضرائب، ووصل تخفيض الإنفاق من الميزانية إلى (23) مليار دولار.

                هذا نموذج من هزات مالية كثيرة تصيب بلدان أميركا اللاتينية. والمتأثر الأول من هذه الهزات هو الولايات المتحدة، نظراً لما لها من استثمارات واسعة في تلك المنطقة. وقد لحقت أضرار فادحة بالريال المكسيكي جراء هذه الأزمة. والمكسيك عضو في منظمة (نافتا).

                فهذه أزمات أميركا اللاتينية الاقتصادية. وهذه أزمات دول شرق آسيا. وهذه الأزمة التي أصابت الاقتصاد الياباني، فاليابان لا زالت تضمد جراحها حتى الآن؛ وهذا مقدم اليورو الأوروبي غازياً الأسواق العالمية. كل هذه العوامل من شأنها أن تضيق الخناق على الاقتصاد الأميركي، وبالمقابل يبقى اقتصاد المجموعة الأوروبية في مأمن من التأثر بهذه الأزمات.

                يعـتـمـد الاقتـصـاد الأميـركـي عـلـى عامـلــيـن اثـنـيـن هـمـا:

 1ـ           الاستثمارات الخارجية.

 2ـ           الإنتاج الهائل.

                وكلاهما تسدد إليه سهام قوية. فبالنسبة للاستثمار الخارجي: فإنه يحتاج إلى استراتيجية سياسية لحمايته وتنشيطه، أي يحتاج إلى مجالات وأسواق هادئة لضمان استمرارية تنميته وربحيته. وأما بالنسبة للإنتاج المحلي، وإن كان قوياً، فإنه يحتاج إلى أسواق خارجية تخلو من العراقيل السياسية والمنافسات الدولية. وهذه غير متوفرة الآن للصادرات الأميركية.

                ففي إفريقيا تعتبر أميركا فاشلة في إيجاد أسواق مستقرة لصادراتها. وفي منطقة الخليج من الواضح بداهة أنها منطقة تشتعل الآن، ومكتظة بالمشاكل، بعيدة أسواقها كل البعد عن الاستقرار السياسي والاقتصادي. وهذه احتكارات بيع السلاح لمنطقة الخليج فإن أميركا لم تستطع إبعاد فرنسا ولا بريطانيا عن مزاحمتها في عروض بيع السلاح.

                أما منطقة أميركا  اللاتينية، فهي عبارة عن حفر يتعثر فيها المستثمر الأميركي. والشواهد على ذلك كثيرة.

                وأما جنوب شرق آسيا، فما زالت تئن تحت وطأة الهزات المالية التي أصابتها منذ فترة قصيرة؛ وحتى الآن لم تتعاف منها.

                وأما الصـيـن، فـهـي عـمـلاق قـادم، ولا يتوقع أن ترى فيه أميركا سوقاً رائجة لمنتجاتها؛ وما أكثر المشاكل الاقتصادية بين الصين والـولايـات الـمـتـحـدة.

                أما أوروبا فإن أميركا ترى فيها المنافس الأول بعد أن تفتت الاتحاد السوفياتي. وقد اكتملت وحدتها الاقتصـادية والسـياسـية، وضعفت روسيا، وزال حلف وارسو، وأصبحت ترى أنه لا داعي للحماية الأميركية، ولهذا عملت أميركا على توسيع حلف الناتو، وتوسيع مجال عمله، وإعطائه مهام جديدة، تتعلق بحماية الديموقراطية، والتدخل في الأماكن التي يجري تهديد مصـالح دول الحلف فيها، ودون اللجوء إلى مجلس الأمن كما حصـل أخيراً في يوغوسلافيا؛ وقد أعلن كلينتون مؤخراً، أن عمليات الناتو ضد الصرب، ستتكرر في كل مكان في العالم إذا اقتضى الأمر .

[يتبع]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *