العدد الثالث -

العدد الثالث، السنة الأولى، ذو الحجة 1407 هـ، الموافق آب 1987م

كتاب الشهر: الإسلام بين العلماء والحكام

 الكتاب: الإسلام بين العلماء والحكام.

المؤلف: عبد العزيز البدري ـ رحمه الله ـ.

الناشر: المكتبة العلمية/ المدينة المنورة/ 1966.

وتوزعه دار مكتبة الحياة في بيروت.

253صفحة من الحجم الكبير.

“حفلت الدولة الإسلامية في تاريخها الطويل بمآثر جليلةٍ سجّلها العلماء في مواقفهم الخالدة والفذّة مع الحُكّام، فكانوا نجوماً وضّاءةً يهتدي بهم الحكام والمحكومون في ظلمات الحياة”.

المؤلف: هو عبد العزيز البدري، أحد علماء بغداد العاملين الذين رفضوا الرضوخ والسكوت عن مخالفة الحكام لأحكام الإسلام. فقام يغيِّر عليهم وينكر أفعالهم حتى فرضت عليه الإقامة الجبرية مرتين المرة الأولى ودامت سنة كاملة في زمان الطاغية عبد الكريم قاسم وذلك سنة 1959 والثانية في سنة 1961. وقضى على يد الطغاة، حيث اغتيل على أيدي الكفرة من أزلام الحكام في بغداد (رحمة الله) في أواخر الستينات.

له من الكتب خمسة، تعتبر من أغنى الكتب التي ألفت في عصرنا الحديث وهي: الإسلام ضامن للحاجات الأساسية ـ حكم الإسلام في الاشتراكية ـ الإسلام بين العلماء والحكام ـ الإسلام حربٌ على الاشتراكية والرأسمالية ـ وكتاب الله الخالد ـ القرآن الكريم ـ.

ـــــــــــــــــــ

يهدي المؤلف كتابه هذا “إلى العلماء العاملين .. موعظة للعلماء غير العاملين الذين رضوا لأنفسهم طريق الكسل والخمول والقعود. وإلى الحكام الصالحين… تذكرة للحكام غير الصالحين الذين انحرفوا عن حكم الإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً”.

إن مقدمة هذا الكتاب، هي حقاً من المقدمات الغنية جداً، فهي بعيدة كل البعد عن السفسطات الخالية، ومنطلقة من معاناة المؤلف (رحمه الله). وهي تعبر عمَّا يتمناه المؤلف من عودة هؤلاء العلماء والحكام للالتزام بشرع الله والعمل به.

ثم ينتقل الكاتب من المقدمة إلى عرضٍ لما كان عليه العلماء والحكام في العصر الإسلامي فيقول: لم ترفل الأمة الإسلامية بالسعادة الحقة والرفاهية والأمن، ولم تشعر بالعزّة والسيادة الكاملتين في الأرض إلا في ظل حكم الإسلام، ولم ترتح هذه الأمة من حكام بمثل ما ارتاحت حين تولى أمرها حكام مسلمون، آمنوا بالله واليوم الآخر وحافظوا على كتاب الله وسنة رسوله، ووقفوا عند حدودهما، والتزموا بأحكامها.. ويتكلم المؤلف عن أحد المفاهيم الغربية التي أدخلها الكافر المستعمر إلى بلاد المسلمين عن طريق غزوه الثقافي فينقضها، ألا وهي فكرة “رجال الدين”، وتشبيه خليفة المسلمين بالبابا، وفصل الدين عن الدولة. فيظهر المؤلف فسادَ هذا المفهوم وينقضه نقضاً بناءً ينمُّ عن اطلاع ووضوح في الرؤية ونقاء في الأفكار.

وبعدها يعرض الكاتب دور العلماء ومرتبتهم، وعظم المهمة التي يضطلعون بها. فيقول: الناس بلا علماء هم جهال، تتخطّفهم شياطين الإنس والجنّ من كل حدب وصوب، وتعصف بهم الضلالات والأهواء من كل جانب.

ويُفرد المؤلف (رحمه الله) باباً ليتكلم فيه عن الحكّام وآيات الحكم، وآخر يتكلم فيه عن الحكّام ودورهم في الإسلام. يقول المؤلف: وجود الحكام للناس أمر قائم، ولا حقَّ ظاهر إلا بسلطان الحكّام، فالناس فوضى بدونهم، ولن يصلح الناس فوضى، لا تقام فيهم أحكام الشرع، ولا تطبّق عليهم حدود الإسلام ولا تُنفّذ أنظمته.. ويتكلم الكاتب في باب منفرد عن صلاح الصنفين من الناس: العلماء والحكام، وما يدرُّه صلاحهما من خير للناس أجمعين. وعمّا يدرُّه فسادهما من مصائب وبلاء. ثم ينتقل ليحدِّد موقف الإسلام من الاصطلاحات الحديثة، وما يجب على العلماء من مواقف تجاه الاصطلاحات الحديثة، وما يجب على العلماء من مواقف تجاه الاصطلاحات التي تخالف معناها ما في الإسلام. فيضع المؤلف (رحمه الله) مقياساً لمعرفة الاصطلاحات الممكن استعمالها، والتي لا يخالف معناها ما في الإسلام، من تلك التي يخالف معناها ما في الإسلام فيقول: كلّ لفظ يحمل اصطلاحاً موجوداً معناه في الإسلام لا مانع شرعاً من جواز استعماله بذكره أو بالدعوة إليه، أما إذا كان الاصطلاح يخالف معناه ما في الإسلام من معان فلا يجوز ذكره على سبيل الدعوة إليه، وإن بوصف إسلامي له، لأنه تعبيرٌ وضع بالأصل لفكر معين أو نظام خاص عرف به أصحابه وحملته”.

 

العلماء “الجبناء”:

وينطلق الكاتب ليتكلّم عن العلماء الذين يستشهدون بآية التهلكة ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة “حينما يطالبون أن ينكروا على الحكام الظالمين، وأن يتصدّوا لأفعال المسؤولين الفسقة، وذلك ببيان زيف أعمالهم وكشف تصرفاتهم للأمة، وإبداء رأي الإسلام وحكم الشرع في تلك الأفعال والتصرفات…“. فيصف المؤلف (رحمه الله) هؤلاء العلماء “وأقول العلماء تجاوزاً” بالجبناء، ويفسّر المعنى الحقيقي لهذه الآية التي يؤولونها لتتماشى وما يريدون. ثم يعطي بعض الأمثلة عن محاكمة العلماء للحكّام في الأعصر الإسلامية (الذهبية)، وعن وجوب محاسبة الحكام وإنكار المنكر من أفعالهم. وفي المقابل يخصص المؤلف (رحمه الله) باباً ليتكلم عن الحكّام وسؤالهم العلماء فيقول: “الجواب على الأسئلة من واجبات العلماء، والزوغان في الجواب من علامات النفاق، والساكت عنه والكاتم له ملعوناً ومطروداً من رحمة الله، وهو شيطان أخرس…” ويستشهد الكاتب هنا بأدلة كثيرة وحوادث حصلت مع الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.

نصح الحكام:

ينتقل الكاتب ليتكلم عن العلماء ونصحهم الحكّام فيقول: يحرص العلماء الصالحون ـ دائماً ـ على إبداء النصيحة والموعظة الحسنة للحكام، حرصاً يتحملون كل مشقة وأذى في هذا السبيل، ويبذلون كل جهدهم لتحقيق هذا المطلب الشرعي الكريم.. ويتكلم في باب آخر عن مواجهة العلماء للحكام، وفي آخر عن مِنح الحكّام للعلماء. وفي المقابل، يُفرد المؤلف (رحمه الله) قسماً كبيراً من كتابه يتحدث فيه عن العلماء ومحن الحكام فيتكلم بالتفصيل عن محنة سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير وجعفر الصادق وأبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل ومحمد الشافعي والبخاري والعز بن عبد السلام وأحمد بن تيمية وأحمد السرهندي رحمهم الله أجمعين. فيصف مواقفهم وصبرهم واحتسابهم أمام المحن التي أصابتهم.

ويتكلم كذلك عن العلماء في سجون الحكام وموقف العلماء من الجهاد، فيتحدث عن عبد الله المبارك والإمام الشافعي والإمام البخاري والإمام ابن تيمية وأسد بن الفرات وأحمد بن عرفان (الهند) وعز الدين القسام وعبد القادر الجزائري ومحمد بن عبد الله المهدي (السودان) وأحمد الشريف السنوسي (ليبيا) وعمر المختار. ثم يتكلم عن العراق في ثورة العشرين ومحاربتهم الإنكليز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *