العدد 284-285 -

العدد 284-285، السنة الخامسة والعشرون، رمضان وشوال 1431هـ، الموافق أيلول وتشرين الأول 2010 م

أزمة مياه النيل بين مطرقة المستعمرين وسندان حكام دول حوض النيل

أزمة مياه النيل بين مطرقة المستعمرين وسندان حكام دول حوض النيل

 

بقلم المهندس محمد مصطفى – السودان

لقد ظهرت في الآونة الأخيرة مؤشرات تنبئ بانفجار أزمة في حوض نهر النيل التي ستكون عواقبها وخيمة على سكان حوض النيل، ففي الفترة ما بين 16-21 آب/ أغسطس 2009م قام وفدٌ من مسؤولين أفارقة رفيعي المستوى من دول منبع حوض النيل التي ثارت خلافات حادة بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان في الاجتماع الذي جمع دول حوض النيل في الإسكندرية في أواخر شهر تموز/ يوليو 2009م حول تقسيم مياه النيل؛ قام هذا الوفد بزيارة إلى الكيان الصهيوني هذا الأسبوع، بترتيب من منظمة مشروع التبادل، وهي منظمة تابعة للجنة الأميركية اليهودية، إحدى أكبر منظمات «اللوبي (الإسرائيلي) الأميركي لدعم التعاون بين الكيان والبلدين في الشؤون التنموية والزراعية.

  وعقب ذلك تمت زيارة وزير الخارجية (الإسرائيلي) يوم 2/9/2009م، أفيجدور ليبرمان، إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا، وغانا ونيجيريا، التي استغرقت 10 أيام واختتمها، يوم الجمعة 11/9/2009م.

وحسب المصادر (الإسرائيلية)، فإن ليبرمان بحث سبل إنشاء مشاريع مياه. وقالت هذه المصادر إن الدول التي زارها الوزير تعاني من مشاكل مياه، وإن (إسرائيل) لها تجربة جيدة، في مجال تحلية المياه، وعرضت خدماتها على مسؤولي تلك الدول.

ونقلت صحيفة «الشرق الاوسط» اللندنية عن ليبرمان قوله في لقاء مع الإذاعة (الإسرائيلية)، بعد ذلك الحين، إن جولته الأفريقية كانت ناجحة وفوق التوقعات. وإن قادة الدول الأفريقية سألوه عن سبب إهمال أفريقيا في السياسة الخارجية (الإسرائيلية).

ورافق ليبرمان وفد ضخم من كبار موظفي وزارات الخارجية والدفاع والمالية والتجارة والصناعة والزراعة، ووفد من رجال الأعمال، نصفهم من العاملين في حقل الصناعات العسكرية. ووقع على عدة اتفاقيات للتعاون في مختلف المجالات.

ويرى ليبرمان أن (إسرائيل) أهملت في الماضي دول أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا وركزت على العلاقات مع دول الغرب، وبهذا خسرت دولاً حصتها من الاقتصاد العالمي تزيد على 40%. وقال إن جولدا مائير كانت آخر وزيرة خارجية من (إسرائيل) تزور أفريقيا، في نهاية الستينات، أي قبل حوالى 40 سنة، وفي حينه كان لـ(إسرائيل) 30 سفارة في أفريقيا، بينما يوجد لها اليوم تسع سفارات فقط.

وقد كشفت صحيفة الوفد المصرية في تلك الأيام أنه بعد زيارة ليبرمان لدول منبع نهر النيل، ستعقد (إسرائيل) في 17/10/2009م وفي أرض المعارض بتل أبيب وعلى مدار يومين مؤتمراً هو الأخطر على مصر, وهو مؤتمر watec-israel لتكنولوجيا المياه والبيئة والذي جمع ثلاثة من وزراء المياه في دول حوض النيل وهم وزراء المياه في كينيا وأوغندا وتنزانيا، بالإضافة إلى جمع غفير من كبار المسؤولين مكون من 110 وفود من 44 دولة من القارات الخمس؛ للتعرف على أهم الإنجازات (الإسرائيلية) في مجال تكنولوجيا المياه والبيئة.

فالأخطر والأهم في هذا المؤتمر هو وقائع تلك الندوة التي عقدت في اليوم الثاني للمؤتمر تحت عنوان: «المياه والتحديات البيئية التي تواجه أفريقيا والحلول العملية المقترحة» ثم أعقبتها محاضرة يلقيها وزير المياه والبيئة الأوغندي ماريا موتاجامبا وهي بعنوان: «قضايا المياه في أوغندا: مياه الأمطار وتنقيتها وتصنيعها»، ثم تلتها محاضرة لوزيرة المياه والري الكينية خيرية كالوكي نجيلو وعقدت تحت عنوان: «مشاكل وحلول بشأن قضايا المياه في كينيا»، وتلتها محاضرة لوزير المياه والري التنزاني علامة جيمس مواندوسيا وكانت تحت عنوان: «التعامل مع الماء والتحديات البيئية في تنزانيا»، وبعد الاستماع لمحاضرات الوزراء الأفارقة كانت محاضرات تم خلالها طرح رؤى مختلفة لحل مشاكل المياه في القارة الأفريقية، وحاضر فيها خبراء من (إسرائيل) ومن أفريقيا ومن بعض المؤسسات الدولية ومنها محاضرة «دور المؤسسات الدولية في أفريقيا وتحديات المياه والعمل الخيري» التي ألقاها جريج كوتش العضو المنتدب بشركة كوكا كولا بالولايات المتحدة الأميركية والذي يشغل منصب رئيس قطاع التعاون والبيئة وموارد المياه، ثم تلتها محاضرة «آثار التدهور البيئي في المناطق الحضرية وإمدادات المياه والصرف الصحي» ويحاضر فيها نجينينجي تيموثي المدير الإقليمي بشركة سوراجي نيروبي للمياه الكينية، ثم قام كبار المسؤولين بوزارة الخارجية (الإسرائيلية) بعقد محاضرة خاصة تحت عنوان: «مائدة مستديرة: الحلول العملية للسوق الأفريقية لبحث أهم الاقتراحات والحلول الإسرائيلية التي تمت صياغتها خصيصاً من أجل دول القارة السمراء» ويحاضر فيها كل من عوديد فيكسلر نائب المدير العام بسلطة المياه (الإسرائيلية) وإيلان فلوس المدير العام بوكالة التنمية والتعاون الدولي بوزارة الخارجية (الإسرائيلية) وأمنون أوفن المدير المسؤول بشركة NAANDANJAIN المتخصصة في مجال الري، وجوزيف حاييم نائب رئيس مجموعة تاهال والمسؤول عن قطاع العمليات الخارجية للمجموعة في قارتي آسيا وأفريقيا.

(إسرائيل) تغوي الجميع بما لديها من تكنولوجيا، فلم تكتف بدعوة كبار المسؤولين الأفارقة لحضور المؤتمر بل تعدى الطموح (الإسرائيلي) هذا الأمر، إذ وجدت فيه تل أبيب فرصة ذهبية لها من أجل الترويج لما تمتلكه من تكنولوجيا حديثة لدول العالم، وهو الأمر الذي كشفته الدعوة التي بعث بها رئيس المؤتمر ذخر بوكي أورين للمشاركين من أنحاء العالم في وقائع المؤتمر، والتي أكد فيها أن (إسرائيل) انتهزت الفرصة من جديد في أعقاب نجاح المؤتمر السابق الذي عُقد عام 2007م والذي حضره نحو 19 ألف زائر من 81 دولة، لتوجيه الدعوة من جديد لحضور مؤتمر عام 2009م، وقال أورين إن ما يشهده العالم من زيادة سكانية سريعة وبالتزامن مع التطور الرهيب في مجال التكنولوجيا، دفعت (إسرائيل) للتفكير في تنظيم هذا المؤتمر الذي يهدف القائمون عليه إلى عقد لقاءات مباشرة بين مسؤولي الدول والمؤسسات الأكاديمية ورجال الصناعة وكبار المستثمرين لطرح ما لديهم من أفكار في مجال المياه، وتحدث رئيس المؤتمر عما أسماه بوجود حالة منافسة شديدة للحصول على موارد المياه والطاقة والحاجة للحفاظ على الحصول على تلك الموارد، وقال إن توفير المياه والطاقة أصبح أمراً ملحاً من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بل وحتماً من الناحية التاريخية، وأكد أنه لا يجب فصل التعامل مع قضيتي المياه والطاقة بشكل منفصل مشيراً إلى أنهما يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالواقع الذي تعيشه كافة دول العالم، وقال إن هذا الأمر يتطلب وجود تعاون دولي فعال على كافة الأصعدة والمستويات لإيجاد حلول ناجحة لها.

كل ذلك جعل أمراً تلقائياً أن تثير جولة ليبرمان ومن قبلها الأزمة المتعلقة بتقسيم حصص مياه النيل، فكرة مخاطر التغلغل (الإسرائيلي) فى دول حوض النيل، تلك الدول التي شهدت علاقاتها بـ(إسرائيل) تنامياً ملحوظاً منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، ما فسره المراقبون بأنه التطور «الأخطر» على الأمن المائي للدول.

كما تأتي زيارة ليبرمان لتوضح بشكل أكبر أثر بصمات الأصابع (الإسرائيلية) في منطقة حوض النيل، إما من خلال التغلغل الاقتصادي أو من خلال التعاون التجاري أو حتى من خلال توثيق العلاقات السياسية والعسكرية – الأمنية.

فالسياسة (الإسرائيلية) تهدف بالأساس من وراء التغلغل في دول حوض النيل إلى زيادة نفوذ (إسرائيل) السياسي في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه، مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فيكتوريا.

وتعتمد (إسرائيل) لتحقيق ذلك على سياسة إثارة المشاكل والخلافات السياسية بين الأقطار العربية النيلية ونظيراتها الأفريقية، ومحاولة إقناع دول المنبع بوجود ظلم واقع عليها نتيجة الإسراف العربى فى موارد المياه، ثم تقوم بتقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لتلك الدول.

كما استخدمت (إسرائيل) الجانب العسكري بهدف ترسيخ تواجدها فى دول حوض النيل لا سيما التى تشهد اضطرابات وقلاقل داخلية، إذ إنها تستغل الصراعات العرقية والقبلية فى منطقة حوض النيل لدعم الحركات الانفصالية بالسلاح والمعدات العسكرية المختلفة؛ فإسرائيل دعمت الحركة الانفصالية في جنوب السودان منذ انطلاقها، ثم دربت كوادر الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا عندما لاحت بوادر انتصارها، وعملت على إقامة علاقات حديثة مع قبائل «الكامبا» و»الكيلوي» في تنزانيا.

إضافة إلى ذلك، تستخدم (إسرائيل) الجانب الاقتصادي بهدف أساسي وهو تأمين سيطرتها على مشروعات الري والمياه في دول حوض النيل، فقد نجحت بمساعدة الولايات المتحدة في تأمين سيطرتها على بعض مشروعات الري في منطقة البحيرات، حيث تقوم بتقديم الدعم الفني والتكنولوجي من خلال الأنشطة الهندسية للشركات (الإسرائيلية) في مجال بناء السدود المائية.

وقدمت (إسرائيل) دراسات تفصيلية إلى زائير ورواندا لبناء ثلاثة سدود، كجزء من برنامج شامل لإحكام السيطرة على مياه البحيرات العظمى.. وقام خبراء (إسرائيليون) باختبارات للتربة في رواندا، حيث يتوجه الاهتمام (الإسرائيلي) بوجه خاص إلى نهر كاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي.

وبشكل عام، تحاول (إسرائيل) من خلال تغلغلها في دول حوض النيل، تهديد الأمن المائي لمصر والسودان، وتوسيع معركتها مع العالم العربي إلى خارج الحدود الضيقة، وذلك بهدف التخفيف من عبء جبهة المواجهة المباشرة مع إسرائيل من جانب، والعمل على إضعاف الدول العربية الكبرى مثل مصر بشكل غير مباشر من جانب آخر.

فجولة ليبرمان الأفريقية ومن قبلها الكم الهائل من التسريبات الإعلامية (الإسرائيلية) عن وجود مشروعات مختلفة مع دول حوض النيل، والتي يرى الكثير من المهتمين بالشأن (الإسرائيلي) أن تسريبها يهدف بالأساس إلى إشاعة أجواء من التخويف والضغط على الدول المعنية وفي مقدمتها مصر لتحقيق مكاسب سياسية.

وفي منتصف شهر نيسان/ أبريل 2010م فشلت دول حوض النيل في اجتماعها بالقاهرة في التوصل لاتفاق على حصص كل منها في مياه النهر الذي يمر بعشر دول أفريقية، فكان الخلاف بين دول المنبع الثمانية من جهة ودولتي المصب مصر والسودان من جهة أخرى، حيث تمسكت دولتي المصب بحقوقهما التاريخية الموثقة في اتفاقيتي 1929م و1959م، وهي 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.

وكردة فعل طالبت وسائل الإعلام الكينية، فى تصعيد جديد من جانبها، أن تدفع مصر ثمن استخدام مياه النيل إلى كينيا ودول المنبع فى حال إذا كانت ستواصل الاستفادة من مياه النيل.

ثم نشرت «الشرق الأوسط» بتاريخ 15/5/2010م بواسطة محمود البرعي في لندن: خبراً تقول فيه: إن أربع من دول حوض النيل وقّعت، هي إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، أمس، اتفاقية إطارية مثيرة للجدل بشأن تقاسم مياه النيل، أكبر أنهار القارة الأفريقية، رغم غياب دولتين من دول الحوض هما بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومقاطعة مصر والسودان المعارضتين بشدة لهذا الاتفاق. فيما أعلنت كينيا الدولة التاسعة دعمها الكامل للاتفاقية الجديدة، مؤكدة رغبتها في توقيعها «في أقرب وقت ممكن». وأعرب مسؤولون في الحكومة المصرية أمس عن رفضهم للاتفاقية، قائلين إن القاهرة متمسكة باتفاقيات سابقة تمنحها حصصاً ثابتة من مياه النيل تصل إلى 95% من الموارد المائية، داعين في الوقت نفسه إلى الحوار والتعاون مع دول المنبع السبع.

وجرى توقيع هذه الاتفاقية الجديدة، التي يتم التفاوض عليها منذ نحو عشر سنوات بين الدول التسع المشاطئة للنهر من أجل تقاسم أكثر عدالة لمياهه، في مدينة عنتيبي بأوغندا. ولم تشارك مصر والسودان، المستفيدان الرئيسيان من مياه النيل بموجب الاتفاقية الأخيرة لتقاسم المياه الموقعة في 1959م رسمياً في مراسم التوقيع، ويؤكدان أن لهما «حقوقاً تاريخية» في النيل. وكان البلدان أعلنا صراحة منذ أشهر معارضتهما لمشروع هذا الاتفاق الإطاري الجديد الذي لم تعلن تفاصيله كاملة. كذلك تغيب عن حفل التوقيع ممثلو بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن ثم لم يوقع البلدان بالأحرف الأولى على الاتفاقية الجديدة.

ولا يشير النص الجديد إلى أي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه، لكنه «يلغي» اتفاقي 1929م و1959م، ويسمح لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص على ألا تضر بالدول الأخرى. كما ينص الاتفاق على إنشاء مفوضية لحوض النيل تكلّف بتلقي كل المشاريع المتعلقة بالنهر (من قنوات ري وسدود) وإقرارها. وسيكون مقر هذه المفوضية أديس أبابا، وستضم ممثلين للدول التسع المعنية.

ولا ننسى الدعم الأميركي للمبادرة حيث نشرت صحيفة الدستور المصرية بتاريخ الجمعة 4 يونيو 2010م أن مارجريت سكوبي سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة أكدت في ندوة عقدت بجامعة الزقازيق أهمية نهر النيل بالنسبة لمصر، مؤكدة دعم أميركا لمبادرة حوض النيل للوصول لحل يرضي جميع الأطراف التي تطل على النيل، مضيفة أنه من خلال دعم المجتمع الدولي سيتم التوصل إلى حل يرضي جميع دول حوض النيل.

وتاريخياً بدأت المفاوضات منذ عام 1995م، لوضع اتفاقية إطارية للتعاون بين دول حوض النيل، وتمسكت مصر -ومعها السوادن- بموقفيهما الخاصين بضرورة قيام دول المنبع بالإخطار المسبق للدولتين قبل تنفيذ مشروعات في أعالي النهر -بعد قيام دول بإنشاء سدود تمكنها من حجز المياه خلال السنوات الماضية- واستمرار العمل بالاتفاقيات القديمة التي تنظم موارد النهر بما يحافظ على حصة مصر التاريخية التي تصل إلى 55 مليار متر مكعب من المياه، وأن يكون نظام التصويت في حالة إقرار إنشاء مفوضية لدول حوض النيل بالأغلبية المشروطة بمشاركة دولتي المصب «مصر والسودان».

ويقول محمود إبراهيم أبو العينين، أستاذ العلوم السياسية ووكيل معهد البحوث والدراسات الأفريقية بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط إن محاولات الوصول إلى صيغة مشتركة للتعاون بين دول حوض النيل، بدأت عام 1993م من خلال إنشاء أجندة عمل مشتركة لهذه الدول. ثم عام 1995م، طلب مجلس وزراء مياه دول حوض النيل من البنك الدولي الإسهام في الأنشطة المقترحة.

 والجدير بالذكر إن اتفاقية الأمم المتحدة الصادرة عام 1997م والخاصة باستخدام مياه الأنهار في غير أغراض الملاحة لا تعترف بوجود اتفاقيات من طرف واحد. وقد بنيت هذه الاتفاقية على قاعدة «الاستخدام المنصف للمياه»، مشيراً إلى أن البنك الدولي يمتنع عن تمويل أي مشروعات في دول المنبع استنادًا إلى هذه الاتفاقية. وهذا يجعل أي اتفاقية من غير رضى مصر والسودان فاقدة للشرعية الدولية.

وعام 1997م، قامت دول حوض النيل بإنشاء منتدى للحوار من أجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم. ثم اجتمعت لاحقاً عام 1998م من أجل إنشاء الآلية المشتركة التي تم التوقيع عليها في فبراير (شباط) 1999م في تنزانيا، وتم تفعيلها لاحقاً في مايو (أيار) من العام نفسه، وسميت رسمياً باسم «مبادرة حوض النيل». وتهدف إلى الوصول لتنمية  مســـتدامة من خـــلال الاسـتغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل، وتنمية المصادر المائية لنهر النيل لضمان الأمن والسلام لجميع شعوب دول حوض النيل.

أعلنت إثيوبيا التي يأتي منها 86% من مياه النيل في تاريخ 15/5/2010م أي في نفس اليوم الذي وقعت فيه الاتفاقية الإطارية، عن افتتاحها سداً جديداً على النهر، هو الثاني من نوعه خلال أقل من عام، ويعتقد مراقبون أن من شأن السدين أن يحدا من حصة مصر من مياه النيل على المدى الطويل. وقال مصدر في الحكومة المصرية أمس، إن القاهرة «تدعو دول حوض النيل للعودة إلى مائدة المفاوضات حول اتفاقية المياه»، وأن الرئيس المصري حسني مبارك يتابع الملف عن كثب، مؤكداً رغبة بلاده في التوصل لحلول ترضي جميع الأطراف، على أساس من التعاون لصالح شعوب حوض النيل، وذلك بعد يوم من توقيع أربع، من سبع دول تقع على منابع النيل، اتفاقية من شأنها التأثير على حصة مصر في مياه النيل مستقبلاً. حيث افتتح رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوي، سداً لتوليد الكهرباء على النيل بكلفة نحو 500 مليون دولار. ونسبت صحيفة «نيشن» الكينية على موقعها على الإنترنت لزيناوي قوله: «إن الانتهاء من السد يتوج جهود إثيوبيا على مدار مئات السنين لاستغلال موارد نهر النيل». وتم افتتاح السد على مصدر من المصادر الرئيسية لمياه نهر النيل في تانابليز (أحد الأحواض الفرعية للنيل الأزرق، وتعتبر مصدراً أساسياً لنهر النيل) على بعد نحو 500 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا غرب إثيوبيا، ويمكنه توليد طاقة كهربائية تقدر بـ460 ميغاوات، وقال زيناوي إن الحكومة الإثيوبية تعمل على تحقيق هدف توليد طاقة كهربائية تتراوح ما بين 5 آلاف إلى 8 آلاف ميغاوات. وقالت الصحيفة الكينية إن إثيوبيا بنت السد على نفقتها الخاصة بعد رفض المانحين تمويل المشروع.

يشار إلى أن إثيوبيا افتتحت أواخر العام الماضي أعلى سد في القارة الأفريقية على منابع النيل، وهو سد تيكيزي بارتفاع 188 متراً، وحذر خبراء مياه مصريون من أن تدفع المشاريع الإثيوبية الدول الأخرى الواقعة على منابع النيل لبناء سدود دون العودة لمصر (دولة المصب) كما تنص الاتفاقيات المنظمة لحصص مياه النيل، التي ترفضها دول المنبع وتتمسك بها كل من مصر والسودان. (المصدر صحيفة الشرق الأوسط 16مايو2010م العدد 11492).

 ومن كل الأحداث التي جرت يتضح لنا أن ملف مياه النيل هو ملف شائك، فالجميع يستخدمه لخدمة مصالحه. فأميركا تريد استخدامه كورقة للضغط على السودان ليقبل بالانفصال، وتستخدمه (إسرائيل) كورقة للضغط على مصر حتى تقبل بحل الدولة الواحدة التي ستكون عاصمتها القدس، وهذا إحراج لأميركا لتقبل حل الدولتين، كما أن (إسرائيل) ترى في ملفي مياه النيل ربحاً اقتصادياً ممتازاً كما عبر عن ذلك ليبرمان وزير الخارجية، وأميركا تدخلت لدعم المبادرة الإطارية التي تم توقيعها في 15 أيار/ مايو الماضي لتمسك بخيوط اللعبة وذلك مع تحفظها بدعم مصر، فهذه رسالة إلى (إسرائيل) بأن مسعاك لحل قضية فلسطين بالدولة الواحدة لن يرى النور فعليك أن تقبلي بحل الدولتين، كما أن الصراع بين أميركا و(إسرائيل) هذا يصب في مصلحة أميركا لأنه يبعد المنطقة من الانشغال بقضاياها المصيرية في الباب الأول مثل قضايا تمزيق مصر والسودان، كما يزيد من سيطرتها على المنطقة، فالسفيرة الأميركية في القاهرة أشارت إلى زيادة التطبيع بين مصر وأميركا في الندوة التي ذكرنا عن طريق زيادة حجم التبادل التجاري والتعليمي التي تغسل به أدمغة الفئة الحاكمة بمفاهيم الغرب الكافر. كما أن (إسرائيل) تريد أن تخفف الرأي العام ضدها في قضية غزة وذلك بإشعال منطقة حوض النيل بالتوترات لتكون هذه القضية مادة للاستهلاك السياسي بعيدة عن أحداث فلسطين.

يدفعنا تطور هذه الأزمة إلى أن ندرس ميلاد هذه الأزمة تاريخياً ومن الذي افتعلها؟ ومن ثم دور الحكام في تأجيج هذا الصراع، وسنعرج بعدها إلى حقيقة واقع حياة أهل حوض النيل من حيث اعتمادهم عليه في الشرب والزراعة. وأخيراً نساهم بالمعالجة المبدئية المنبثقة من أعظم مبدأ وهو مبدأ الإسلام.

افتعال الاستعمار لأزمة مياه النيل عبر الاتفاقيات:

الآثار التي تركها الاستعمار تتمثل بذروة أزمة مياه النيل عبر سياسة الاتفاقيات التي تم عقدها وهي: بروتوكول روما 1891م، اتفاقية أديس أبابا 1902م، اتفاقية لندن 1906م، اتفاقية مياه النيل 1929م.

نبذة عن بروتوكول روما 1891م:

بروتوكول روما الموقع في 15/4/1891م بين كل من بريطانيا وإيطاليا، باعتبار أن إيطاليا كانت وقتذاك تحتل إريتريا. ويتناول هذا البروتوكول تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في منطقة شرق أفريقيا، حيث تعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من هذا البروتوكول بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على موارد النيل.

اتفاقية أديس أبابا 1902م:

اتفاقية أديس أبابا بين بريطانيا وإثيوبيا، الموقعة في 15/5/1902م، ووقعتها بريطانيا بالنيابة عن السودان، وأهم ما فيها المادة الثالثة التي تنص على: «إن الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني يعد بأن لا يبني أو يسمح ببناء أي أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو السوباط»، إلا أن البعض يذهب إلى أن هذه الاتفاقية ليست لها قوة إلزامية بالنسبة لإثيوبيا لأنه لم يتم قط التصديق عليها من جانب ما كان يسمى مجلس العرش الإثيوبي، والبرلمان البريطاني. كما يذهب البعض إلى أن الوضع اختلف كثيراً بشكل يجعل من الصعب الالتزام بالمادة المذكورة.

اتفاقية لندن 1906م:

اتفاقية لندن الموقعة في 13 ديسمبر 1906م، وجرى التوقيع عليها بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أية إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.

اتفاقية نهر النيل 1929م:

هي اتفاقية أبرمتها الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا و كينيا)، في عام 1929م مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه‏ النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده.

نص الاتفاقية:

تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى فى الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامي البريطاني:

إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية فى تلك المياه.

توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925م وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.

أن لا تقام، بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية، أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر، أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.

تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل فى السودان، ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.

فالآثار التي ظهرت جراء هذه الاتفاقيات أن ظلم أهل مصر والسودان في حصصهم المائية، وأصبحت عندهم مشكلة مائية بعدما كانوا لا يعانون منها إطلاقاً، ثم أوجدوا الحقد والبغضاء وأسباب التوتر بين شعوب بلدان حوض النيل، فأصبحت دول المنبع ترى أن مصر والسودان تتعامل معهما باستعلاء وهذا ما يثير حفيظتهم ويؤجج الصراع. فأصبحت هذه الأسباب فتيلاً يمكن إشعاله في أي وقت يشاؤون حتى يحققوا أهدافهم، ومنها إجبار مصر والسودان على تقديم دعومات للتنمية التحتية وغيرها لدول منابع النيل، وتأتي الدعومات من مواطني مصر والسودان من خلال الضرائب التي تغذي ميزانية الدولتين لأن الحكام يأكلون عائدات البترول وغيرها فلا يبقى منها شيء فيضطر الحكام إلى زيادة الضرائب لدعم المشاريع التنموية في دول المنبع، كما أن هذه السياسة تضمن إفقار أهل مصر والسودان حتى لا ينهض أهل البلاد ويكون لهم شأن عظيم بأن يزيلوا هذه الحكومات.

دور حكام دول حوض النيل في تركيز آثار الاستعمار وتعميقها:

إن لحكام دول حوض النيل دور الأداة التي ينفذ بها الشغل، وعملياً قاموا بدورهم الموكول لهم من قبل أميركا وريثة المشروع الاستعماري خير قيام بهدف السيطرة على هذه الشعوب وضمان انشغالها بالفقر وآلامه وإضعافها أكثر وأكثر، وحتى لا يستطيع أهل حوض النيل، وغالبيتهم من المسلمين، من أن يقيموا دولة الخلافة الدولة المبدئية التي تضمن لهم الحياة الكريمة، قام الحكام بتحويل الأوضاع إلى فوضى وهي التي تسميها أميركا بالفوضى الخلاقة للسيطرة على الشعوب.

والدور الموكول للحكام هو افتعالهم لأزمة مياه النيل، فحكام دولتي المصب مصر والسودان عليهما أن يمثلا دور المستعمر، وذلك بالالتزام بالاتفاقية التي أبرمها الاستعمار الإنجليزي والإيطالي، وأما بالنسبة لحكام دول المنبع فعليهم أن يمثلوا دول المظلوم الذي يشعر بالغباء تجاه دولتي المصب اللتين حرمتاهم من الاستفادة من مياه النيل. وإليكم الأدوار التي مثلها الحكام وهي:

اتفاقية 1959م:

وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959م بين مصر و السودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929م وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان فى ظل المتغيرات الجديدة التى ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة فى إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان.

بنود الاتفاقية:

تضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل على عدد من البنود من أهمها:

احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً.

موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.

كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان .

قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة فى بحر الجبل و بحر الزراف و بحر الغزال وفروعه و نهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض ، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.

إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.

كما أن معظم حكام دول حوض النيل بعد الاستعمار قد اعترفت بكل الاتفاقيات من بروتوكول روما وحتى اتفاقية عام 1929م.

اتفاقية القاهرة للتعاون في يوليو/ تموز 1993م:

أبرم الاتفاق بين مصر وإثيوبيا التي ينبع منها 85% من مياه النيل. وتعهد كل من البلدين بعدم تنفيذ مشروعات مائية تضر مصالح البلد الآخر وبالتشاور بخصوص تقليل الفاقد وزيادة تدفق المياه.

مبادرة حوض النيل عام 1999م:

تضم المبادرة دول حوض النيل من أجل تطوير النهر بصورة تعاونية وتقاسم فوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة وتعزيز السلام والأمن الإقليميين.

اتفاقية مبادرة حوض النيل:  لم تنل الاتفاقية بعد موافقة كل دول حوض النيل. وفشلت محادثات عقدت في كينشاسا بجمهورية الكونجو الديمقراطية في أيار/ مايو 2009م بخصوص هذه الاتفاقية الإطارية الجديدة التي تحدد استخدام مياه النيل بعد أن رفضت مصر التوقيع عليها. وقالت مصر إنها لن توافق على أي اتفاقية إطارية جديدة تسلبها حقها في الحصول على 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً وحق الاعتراض على أي مشروعات من شأنها أن تهدد حصتها.

وكذلك دور حكام إثيوبيا وكينيا وأوغندا في القبول بالأطروحات التي قدمها ليبرمان. ولا ننسى مشاركة كينيا وأوغندا وتنزانيا في مؤتمر تكنولوجيا المياه والبيئة الذي عقد في تل أبيب في أكتوبر/ تشرين أول 2009م. الذي كان تمهيداً لأطروحات ليبرمان.

إن المشاهد المحسوس في دور هذه الدويلات الضرار (دول حوض النيل العشرة) يبين لنا مدى دورها في اعترافهم بأن هناك مشكلة في توزيع مياه نهر النيل التي فرضها زوراً وبهتاناً الاستعمار البريطاني والإيطالي وغيره في المنطقة، ثم بعد ذلك قاموا بتعقيدها لأن هذا هو دورهم الحقيقي: أن يوجدوا مشكلة تؤدي إلى السيطرة على هذه المنطقة حتى تكون منطقة نفوذ للغرب الكافر؛ لأن دخول كل الدول المستعمرة ليمتصوا ثروات هذه البلاد عبر إقامة مشاريع اقتصادية وهي العولمة بعينها التي تعتبر الذراع الأساسي للرأسمالية الغربية في السيطرة على الأمم والشعوب، ومن ثم يكون هؤلاء الحكام هم الحراس الذين يقومون بحماية المشاريع الغربية في المنطقة، وهم الذين يوقعون صك تنفيذ هذه المشروعات الاقتصادية (التنموية) الاستعمارية في منطقة حوض النيل.

فلقد كتبنا معلومات في هذا الموضوع تبين دور الحكام والتدخلات الغربية و(الإسرائيلية) والأميركية وغيرها عبر مشكلة مياه النيل.

فالسؤال الذي وصلنا إليه هو: تيار نهر النيل في القرن الحادي والعشرين إلى أين؟

الإجابة: إلى إدخال وتثبيت أقدام العولمة في المنطقة لتكون ذراعاً قوية للسيطرة على هذه الشعوب، لأن العولمة عندما تدخل أي بلد تسعى في البدء إلى شراء الذمم التي تحميها على حساب حياة أهل البلد التي ستتحول إلى ضنك وفقر وحروب.

وستكون دولة الجنوب هي الكيان الصهيوني في المنطقة الذي سينفذ السياسات المائية الظالمة التي سيقومون بها؛ فيمتصون مياه نهر النيل في مشاريع زراعية تقلل كثيراً من حصة مياه السودان ومصر لدرجة الجفاف والعطش؛ فعندها سيتحول النهر إلى نهر من الدماء.

فالحكام هم الذين ينفذون أسباب المشكلة وذلك بإيجاد المشاريع التنموية الزراعية بالتعاون مع دول مانحة كـ(إسرائيل) وغيرها حتى توجد أسباب الشقاق والصراع، ثم إذا رجعوا إلى جهة لتحكم وتفصل بينهم يرجعون للذي أوجد المشكلة فيرجعون إلى مواثيق الأمم المتحدة ودولها.

حياة سكان حوض النيل واعتمادهم عليه في الزراعة والشرب:

إن دول حوض النيل هي: أوغندا، إثيوبيا، إريتريا، السودان، الكونغو، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا، مصر.

تضاريس دول حوض النيل:

يقع حوض النيل بنسبة (64.6%) من مساحته في السودان، و(10%) في مصر و(11.7%) في إثيوبيا وبقية الدول تقل عن مصر كثيراً فيما جميع دول حوض النيل عدا مصر والسودان تملك حاجتها من المياه وزيادة لكثرة البحيرات العذبة والأنهار، ونسبة لهطول الأمطار المتواصلة، بينما يعتمد السودان على (77%) ومصر (97%) على مياه النيل، ويغذي نهر النيل 300 مليون نسمة، وهم سكان دول حوض النيل العشرة. يعتبر نهر النيل من أطول الأنهار في العالم حيث يبلغ طوله 6650 كلم، وهو يجري من الجنوب إلى الشمال نحو مصبه في البحر الأبيض المتوسط، وذلك في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا. ينبع النيل من بحيرة فيكتوريا التي تبلغ مساحتها 68 ألف كلم2.

يعتبر نهر كاجيرا (Kagera) من الجداول الرئيسية لنهر النيل، ومن أكبر الروافد التي تصب في بحيرة فيكتوريا، وينبع من بوروندي قرب الرأس الشمالي لبحيرة تنجانيقا الواقعة إلى الجنوب من بحيرة فيكتوريا في وسط أفريقيا، ويجري في اتجاه الشمال ممثلاً الحدود بين تنزانيا ورواندا، وبعدما يتجه إلى الشرق يصبح الحد الفاصل بين تنزانيا وأوغندا ومنها إلى بحيرة فيكتوريا بعدما يكون قد قطع مسافة 690 كلم.

أما نهر روفيرونزا (Rovironza) الذي يعتبر الرافد العلوي لنهر كاجيرا وينبع أيضاً من بوروندي، فيلتحم معه في تنزانيا، ويعتبر الحد الأقصى في الجنوب لنهر النيل.

حوض النيل ويبلغ معدل كمية تدفق المياه داخل بحيرة فيكتوريا أكثر من 20 مليار متر مكعب في السنة، منها 7.5 مليارات من نهر كاجيرا و8.4 مليارات من منحدرات الغابات الواقعة شمال شرق كينيا و3.2 مليارات من شمال شرق تنزانيا، و1.2 مليار من المستنقعات الواقعة شمال غرب أوغندا، كما ورد في تقارير منظمة الفاو لعام 1982م. يعرف النيل بعد مغادرته بحيرة فيكتوريا باسم نيل فيكتوريا، ويستمر في مساره لمسافة 500 كلم مروراً ببحيرة إبراهيم (Kyoga) حتى يصل إلى بحيرة ألبرت التي تتغذى كذلك من نهر سمليكي (Semliki) القادم أصلاً من جبال جمهورية الكونغو الديمقراطية مروراً ببحيرة إدوارد، وبعدها يدعى “نيل ألبرت”. وعندما يصل جنوب السودان يدعى بحر الجبل، وبعد ذلك يجري في منطقة بحيرات وقنوات ومستنقعات يبلغ طولها من الجنوب إلى الشمال 400 كلم ومساحتها الحالية 16.2 ألف كلم2، إلا أن نصف كمية المياه التي تدخلها تختفي من جراء النتح والتبخر. وقد بدأ تجفيف هذه المستنقعات عام 1978م بإنشاء قناة طولها 360 كلم لتحييد المياه من عبورها، وبعدما تم إنشاء 240 كلم منها توقفت الأعمال عام 1983م بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان. وبعد اتصاله ببحر الغزال يجري النيل لمسافة 720 كلم حتى يصل الخرطوم، وفي هذه الأثناء يدعى “النيل الأبيض”، حيث يلتحم هناك مع “النيل الأزرق” الذي ينبع مع روافده الرئيسية (الدندر والرهد) من جبال إثيوبيا حول بحيرة تانا الواقعة شرق القارة على بعد 1400 كلم عن الخرطوم. ومن الجدير بالذكر أن النيل الأزرق يشكل 80-85% من مياه النيل الإجمالية، ولا يحصل هذا إلا أثناء مواسم الصيف بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام إلا نسبة قليلة، حيث تكون المياه قليلة. أما آخر ما تبقى من روافد نهر النيل بعد اتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا نهر النيل، فهو نهر عطبرة الذي يبلغ طوله 800 كلم وينبع أيضاً من الهضبة الإثيوبية شمالي بحيرة تانا. ويلتقي عطبرة مع النيل على بعد 300 كلم شمال الخرطوم، وحاله كحال النيل الأزرق، وقد يجف في الصيف. ثُم يتابع نهر النيل جريانه في الأراضي المصرية حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط.

أرض الحبشة (إثيوبيا وأريتريا): تتمتع بتضاريس جبلية وأمطار غزيرة طول العام، مما يعني أن سكانها يعيشون على الزراعة المطرية بشكل كلي من حيث الغذاء، وأما من حيث الشرب فيعتمدون على تجمع هذه المياه في الوديان أو المناطق المنخفضة التي تتجمع فيها مياه الأمطار، ونعلم أن من مميزات الزراعة المطرية لا تشمل تكاليف الري، فالري مطري، فالمشروع الزراعي عندهم لا يكلف إلا في الحرث والتقاوي والبذور، وأما في شق القنوات فهذا لا يحتاجونه ولهذا يتشجع السكان على الزراعة المطرية مع العلم أن سكان هذه البلاد من الفقراء فلا يستطيعون توفير تكاليف الزراعة المروية بطبيعة الحال، فضلاً عن فوائد الزراعة المطرية التي لا تحصى ولا تعد كما يذكر أهل الاختصاص الزراعي.

أوغندا وتنزانيا وبوروندي ورواندا وكينيا والكونغو: كل هذه الدول تقع في منطقة خط الاستواء، وبعضها مثل رواندا وبوروندي إلى الجنوب قليلاً من خط الاستواء وهي السافنا الغنية و تتمتع هذه البلدان بسلسلة من الجبال، فالأرض أرض جبلية ولذلك نجد أنها باردة، فدرجة الحرارة في كل العام لا تتجاوز 23 درجة مئوية، بل أحياناً تصل البرودة إلى حد نزول الثلج بكثافة لدرجة تصعب فيها ممارسة أي نشاط بشري. وأما الميزة الأولى لهذه البلدان وهي تَوضُّعها في منطقة السافنا الغنية هذا يعني أن هذه المناطق تتمتع بغزارة هطول الأمطار طوال العام مما يعني أن سكانها يعتمدون في ريهم لزراعتهم على الأمطار بشكل كلي، فحالهم كحال أهل إثيوبيا وأريتريا (هضبة الحبشة) فمعظم السكان فقراء وبالتالي ليسدوا حاجاتهم المحلية يتجهون نحو الزراعة المطرية قليلة التكاليف جداً والمربحة في نفس الوقت. ولكن إذا تدهورت الزراعة في هذه الدول لا يكون السبب هو شح الأمطار، فالأمطار غزيرة جداً طوال العام، ولكن السبب يكمن في نشوب الحروب الأهلية الطاحنة طويلة الأمد، كما كان يحصل في الكونغو وأوغندا وبورندي ورواندا وكينيا وإثيوبيا وإريتريا. وأما الميزة الثانية وهي طبيعة الأرض في هذه البلدان فطبيعتها جبلية، مما يجعل مياه الأمطار تنساب من قمم الجبال إلى سفوح الجبال عبر مجاري تتكون شيئاً فشيئاً من قمة الجبل إلى سفحه، وتتجمع هذه المياه إما في الوديان أو تصب في جداول أو خيران، فإنسان تلك المنطقة إذا أراد أن يشرب أو أن يسقي حيواناته فإنه يتجه إلى المياه المتجمعة في الوديان أو الأنهار الصغيرة أو الخيران، وإذا أراد أن يزرع فإنه في الغالب يزرع في سفوح الجبال أو المنحدرات الجبلية أو الوديان، فعليه فقط أن يحرث الأرض ويغرس البذرة، ثم تأتي المياه من السماء فتسقي زرعه، كما أن الأرض طينية تحتفظ بالمياه لفترة من الزمن وهي فترة كافية لإنبات البذور، فمنطقة السافنا الغنية تتمتع بكثافة الأشجار والخضرة تجدها في كل مكان في السافنا الغنية، وذلك لغزارة الأمطار وجودة التربة لأنها تربة طينية. فالخلاصة هي أن بلدان منابع حوض النيل، لا تعتمد على البحيرات التي هي منبع نهر النيل ولا حتى روافده في سقاية الزرع بل تعتمد على الري المطري المباشر للمنطقة المزروعة أو الري الانسيابي، ونعني به أن المياه التي تنزل من الجبال تنساب من القمة إلى سفح الجبل حيث الزراعة، وأما في الشرب فيشربون من الخيران والبحيرات والأنهار الصغيرة التي تعتبر الروافد المغذية لنهر النيل أو المياه الجوفية. وأما إذا أرادوا أن يعتمدوا في الزراعة على الري بالطلمبات فهو من الصعوبة بمكان؛ ذلك لأن رفع المياه من البحيرات إلى سفوح الجبال هذا أمر شاق للطبيعة الجبلية ووعورة الطرقات، ومكلف مالياً لأنهم سيحتاجون إلى خطوط أنابيب بمواصفات عالية حتى تضمن لهم ري مستمر، ويحتاجون أيضاً إلى طلمبات كبيرة، ومن المعلوم أن هذه البلدان تعتبر من أفقر دول العالم، فلا يوجد لديها مخزون مالي حتى تنفقه على الري بالطلمبات. ومن ناحية أخرى فهذه البلدان لا تحتاج إلى سدود حتى تجمع المياه للاستفادة منها لأغراض الزراعة، لأنها متجمعة بصورة طبيعية في الوديان والبحيرات كأمثال: بحيرة فكتوريا وألبرت وإبراهيم وغيرها من البحيرات والوديان، ونؤكد على أن سقاية الزراعة عندهم إما أن تكون بالري المطري المباشر من السماء ويكون ذلك في الأراضي التي تقع في الوديان والسهول المسطحة، وإما أن تكون سقاية الزرع بالري الانسيابي الطبيعي وذلك عندما تكون المنطقة المزروعة في سفوح الجبال ومنحدراته. وأنبه إلى أن الري الانسيابي قد يحتاج إلى قليل من الاهتمام، وذلك في شق بعض الترع والقنوات حتى يسهل عملية انسياب المياه بشكل منظم إلى الأراضي المزروعة، وتكون كمية المياه النازلة حسب كمية المطر، فإذا كانت الكمية غير كافية فلا بأس، غداً ستهطل الأمطار لأن الأمطار لديهم تهطل بصورة تكاد تكون مستمرة، فلن يصاب الزرع بالعطش إطلاقاً لأن الأمطار غزيرة وممتدة على طول العام. فمسألة الري المطري والري الانسيابي هو نعمة من الله على أهل تلك البلدان إذ وفر عليهم عناء الري الانسيابي الصناعي أو حتى الري بالطلمبات، كما وفر لهم تربة خصبة طينية تحتفظ بالمياه لحين إنبات الزرع، فسبحان الله أحسن الخالقين. فأهل تلك البلدان التي تسمى ببلدان منبع نهر النيل يعيشون في جنان الله في الأرض، فجميع دول المنبع بالتحديد غالب سكانها يحترفون الزراعة (بالري المطري) بل وتعتبر الزراعة (بالري المطري) هي الدخل الرئيس لاقتصاديات هذه البلدان (كينيا، أوغندا، إثيوبيا، تنزانيا، رواندا، بوروندي والكونغو الديمقراطية) هذا بالرغم من ممارستهم للزراعة التقليدية التي يكون إنتاجها ضعيفاً مقابل الزراعة المحكومة بالدراسات الحديثة، كما أنه من المتوقع حسب الظروف التي تفرضها هذه الحكومات على سكانها فإنهم لا يستفيدون من كل مياه الأمطار من حيث تخزينها وتوزيعها سواءً للشرب أو الزراعة، ففي ليبيا على سبيل المثال هناك استفادة ممتازة لمياه الأمطار حيث يقوم السكان بتجميعها عبر أسقف المنازل ثم تخزينها في أحواض ترسيب حتى تتم تنقيتها، ثم إنها لا يعتمدون عليها إلا في الشرب، بل وأنها أصبحت من المظاهر الاجتماعية حيث إن الليبي لا يسقي أي إنسان من مياه الأمطار إلا إذا كان عزيزاً عليه فيكرمه بماء الأمطار العذبة. إذاً كيف تعمل دول المنبع على تبديل هذه النعمة إلى نقمة عن طريق إنشاء سدود ستزيد عليهم تكاليف الزراعة مما يعني أنهم سيعيشون في جوع مستمر بدل أن يجوعوا عاماً أو عامين لأن أسعار المحاصيل سترتفع ارتفاعاً باهظاً هذا من الناحية الاقتصادية، وأما من الناحية الزراعية فإن إنشاء سدود يعني إغراق كثير من الأراضي الصالحة للزراعة التي تقع في الوديان والسهول التي ستنشأ فيها السدود التي لن تستطيع بدورها أن تحتفظ بالمياه لأن الأمطار غزيرة، فإن احتفظت بالمياه ستغرق الأراضي الزراعية والسكنية في آنٍ واحد كما حصل في منطقة مروي حيث غرقت المنطقة السكنية والزراعية، وهذا يؤدي إلى إنقاص الرقعة المزروعة من الأراضي ما يعني تدني الإنتاج الزراعي ما يعني الجوع المميت لإنسان تلك البلدان الذي سيعتمد في غذائه فيما بعد على الوارد من المحاصيل التي كان إنتاجه المحلي منها يكفيه طوال العام، ولكن هذه البلدان لأنها فقيرة فلن تستطيع أن تستورد المحاصيل الأساسية في غذاء السكان، وسيحصل عندها فجوة مالية كبيرة لن تستطيع أن تسدها، فسوف تعتمد هذه البلدان في نهاية الأمر على الغذاء المقدم من منظمات العون الإنساني والإغاثة، فالمنظمات لن تستطيع في ذلك الوقت أن تؤمن الغذاء لكل إنسان في تلك المناطق، بل مسلسل الجوع المميت لن ينتهي، ولهذا سيكون الحل إما ثورات لتغيير الأنظمة في تلك البلدان وإيجاد أنظمة حكم تعيد الأمور إلى طبيعتها التي جبلها الله عليها أو الهجرة، ولكن إلى أين؟ فإذا كانت الإجابة هي البلدان المجاورة فسيواجه المهاجرون الحروب الأهلية مع أهل البلدان التي هاجروا إليها لأنهم سيعتبرونهم محتلين لأراضيهم ومشاركين لهم في خيراتها ومنها الزراعة، أو سيواجهون الذل والصغار الذي سيجعلهم عبيداً مسخرين لخدمة أهل تلك البلدان مقابل فتات من العيش وهذا لن يدوم، فمصير المهاجرين إما أن يحاربوا من أجل الدفاع عن أنفسهم، أو أن يحاربوا من أجل البقاء، إذاً الخلاصة هي إما الجوع المميت أو الحروب الأهلية المميتة، فهما خياران مجبور إنسان تلك البلدان طالما هو تحت سيطرة عملاء الغرب أن يختار أحدهما، أو يكون الحل هو البحث عن فكرة مبدئية تخرج الناس من هذا الدرك المميت.

معالجة الإسلام لأزمة مياه النيل:

 إن دول المنبع تعتمد في توليد الكهرباء على إنشاء سدود، وهذا لا بأس به لأن هذا الاستخدام لا يحجز المياه ولا يبددها، فيمكن إنشاء عدة سدود لتزود جميع هده الدول بالطاقة الكهربائية بدلاً من إنشاء عدد ضخم من السدود كما هو حاصل الآن، وذلك لأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» فطالما أن الناس شركاء في النار فيمكن أن تشترك كل هذه البلدان في الإنتاج الكهربائي من السدود المائية.

ومن حيث الشرب فيكمن في تجميع مياه الأمطار العذبة وتنقيتها للشرب وذلك في بلدان دول المنبع، لأن المولى عز وجل يقول: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، ومن حيث الزراعة يتم تطوير الزراعة المطرية في دول المنبع، مع السماح بالاستفادة القليلة من مياه روافد النيل بحيث لا يتضرر أهل بلدان المصب (مصر والسودان) فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «خذ ما يكفيك وأرسل لجارك». وأما بلدان المصب (مصر والسودان) فهما يعتمدان اعتماداً شبه كلي على النيل وروافده في الشرب والزراعة، ونوصي بتطوير الزراعة في هذين البلدين والاستفادة من كل الدراسات الحديثة التي تزيد في الإنتاج وتوفر المياه، كما نوصي بإنشاء علمي حديث لشبكات إمدادات مياه الشرب في كل البلدان، حتى نضمن إشباع حاجة كل إنسان من هذه المياه.

والحل كل الحل في إقامة دولة مبدئية تنفذ أحكام الإسلام التي ذكرناها بحيث تدير المياه بصورة تضمن إشباع هذه الحاجة لكل إنسان من حيث الشرب والزراعة. ولا يكون ذلك إلا بإزالة أسباب الصراع الحالي على رأسها حكومات دول حوض  النيل التي تتعاون مع الغرب الكافر، ثم إزالة كيان يهود من الوجود والولايات المتحدة من المنطقة، ومعها دول الاستعمار السابقة.

وأما الحل الآني فعلى الحزب المبدئي أن يستخدم هذا الملف في كشف بشاعة عمالة هؤلاء الحكام لأسيادهم حتى لو كان الثمن عندهم هو قتل كل الناس بالعطش والجوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *