العدد 286 -

العدد 286، السنة الخامسة والعشرون، ذو القعدة 1431هـ، الموافق تشرين الأول 2010م

مع القرآن الكريم

مع القرآن الكريم

 

قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران 110].

قال الامام الطبري القول في تأويل قوله جل ثناؤه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال:”أنتم”، فكنا كلنا، ولكن قال: (كُنْتُمْ) في خاصة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في حجّة حجّها ورأى من الناس رِعَة سيئة -[والرعة (بكسر الراء وفتح العين) أصلها من الورع، مثل”العدة” من”الوعد”. والرعة: الهدى وسوء الهيئة أو حسن الهيئة، أي هي بمعنى: الشأن والأمر والأدب]. وفي حديث الحسن: “ازدحموا عليه فرأى منهم رعة سيئة فقال: اللهم إليك”، أي سوء أدب، لم يحسنوا الكف عما يشين –  فقرأ هذه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، الآية. ثم قال: يا أيها الناس، من سره أن يكون من تلك الأمة، فليؤد شرط الله منها.

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان 32].

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، قال يقول: كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط: أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله. وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، قال: كنتم خير الناس للناس، تجيئون بهم في السلاسل، تدخلونهم في الإسلام. حدثنا عبيد بن أسباط قال، حدثنا أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، قال: خيرَ الناس للناس. وأما قوله: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)، فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، يعني: وتنهون عن الشرك بالله. وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه.

– حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). يقول: تأمرونهم بالمعروف: أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بما أنزل الله، وتقاتلونهم عليه، و”لا إله إلا الله”، هو أعظم المعروف. وتنهونهم عن المنكر، والمنكر هو التكذيب، وهو أنكرُ المنكر.

وأصل”المعروف” كل ما كان معروفًا فعله، جميلاً مستحسناً،  غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله”معروفًا”، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله. وأصل”المنكر”، ما أنكره الله، ورأوه قبيحًا فعلُهُ، ولذلك سميت معصية الله”منكرًا”، لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون رُكوبها. وقوله: (وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، يعني: تصدّقون بالله، فتخلصون له التوحيد والعبادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *