طاغية الشام بشار أسد على خطى أبيه: الأب ذبح الآباء، والابن يذبح الأبناء

طاغية الشام بشار أسد على خطى أبيه:

الأب ذبح الآباء، والابن يذبح الأبناء

عبد القادر الحلبي

بحضور قطيع من المصفقين، وبابتسامته الصفراء المعتادة، ألقى بشار أسد يوم الثلاثاء 10-1-2011م في جامعة دمشق خطابه الرابع منذ انطلاق ثورة أهلنا الأباة في سوريا ضد طاغية الشام ونظامه المجرم منذ عشرة أشهر، والأول له منذ حزيران الماضي، فجاء الخطاب ممقوتاً ممجوجاً مفلساً كصاحبه واجتراراً لما دأب على ذكره في الخطابات السابقة من مؤامرة خارجية، وإصلاح مزعوم، وتغيير للدستور، وانتخابات، وحوار مع معارضة من صنع يديه، وتغنٍّ بمقاومة مزعومة «يدفع ثمنها»! كما ألقى درساً في العروبة فوصف بعض الدول العربية التي لا توافق هواه بـ «المستعربة» وحذر من الانقسام والفتنة الطائفية التي ينسج خيوطها بيديه، ولم ينسَ التطرق لـ «الإرهاب المتصاعد» الذي تتعرض له سوريا، رغم أنه وأزلامه وأمنه وشبيحته هم الذين يعربدون في طول البلاد وعرضها غير آبهين بدماء الناس وأرواحهم وأعراضهم، ولا أدلَّ على إجرامه وكذبه من التفجيرات التي ضربت دمشق بتخطيطه وتنفيذه وتغطية وسائل إعلامه التي سبقت الحدث لعلمها به، فكانت في موقعه قبل حدوثه وقبل وصول سيارات الإسعاف!

ولفهم الخطاب على حقيقته، لابد من الإشارة إلى الأمور التالية:

أولاً: يأتي هذا الخطاب بعد أن بلغ عدد الشهداء ستة آلاف أو يزيد، مع عشرات الآلاف من الجرحى وأضعافها من المعتقلين والمهجرين في مشارق الأرض ومغاربها، مع حصار خانق للمدن و قناصة تعتلي أسطح المنازل ومدافع تقصف الأحياء السكنية ودبابات تدك البيوت فوق ساكنيها تحت مرأى ومسمع المراقبين العرب، كل ذلك ظناً من هذا النظام (وظنه يرديه بإذن الله) أن بإمكانه إخماد جذوة شباب مؤمنين صادقين أقسموا ألا تهدأ حناجرهم وألا يعودوا لبيوتهم حتى يسقط هذا النظام الفاجر الذي حارب الله ورسوله والمؤمنين الثائرين في الشام الأبية المباركة، والذي اطمأنت له يهود وهدأت حدود فلسطين والجولان التي يحتلها يهود شذاذ الآفاق.

ثانياً: يظهر الخطاب أن بشار ماضٍ في غيّه وصلفه وقد نسي أو تناسى مصير أقرانه الأسود من حكام الضرار. فهو عازم على متابعة نهج الإجرام ضد شعب مسلم أعزل يذبح مستشهداً بأحداث الثمانينات من القرن الماضي وكيف تم التعامل معها، في إشارة إلى نية مبيتة لتكرار سيناريو أبيه الذي قتل عشرات الآلاف وارتكب أفظع المجازر في حماة وغيرها، كل ذلك بذريعة «محاربة الإرهاب» الذي «يتستر بالدين»! فسعى جاهداً ولايزال لتهيئة الأجواء التي تبرر مزيداً من العنف والإجرام والمجازر وخلق ذريعة له لاتباع سياسة الأرض المحروقة للوصول لـ «الحسم»، فنفذ تفجيرات دمشق الجبانة ليقول إن تعامل النظام بعد التفجيرات لن يكون كما قبلها لأنه ضاق ذرعاً بـ «العصابات الإرهابية المسلحة» التي اتهم أفرادها بأنهم «شرعوا بعمليات الاغتيال وحاولوا عزل المدن وتقطيع أوصال الوطن، وسرقوا ونهبوا ودمروا المنشآت العامة والخاصة»، وقال بأن «الأولوية الآن هي لتحقيق الأمن» «وضرب الإرهابيين والقتلة بيد من حديد»، مشدداً على أنه «لا مهادنة مع الإرهاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الآثم لإثارة البلبلة والانقسام، ولا تساهل مع من يروع الآمنين، ولا تسوية مع من يتواطأ مع الأجنبي ضد وطنه وشعبه». ويؤكد هذا التوجه قوله بضرورة احتضان الأمن والجيش لأنهما أمله الأخير! فقد أعطاهما كل حصانة ممكنة، مشيراً إلى أنه تم اعتقال عدد من الأشخاص المحسوبين على الدولة لمحاسبتهم على أعمال القتل، غير أنه قال إنه لم يمكن اعتقال إلا عدد محدود بسبب عدم قدرة المؤسسات الأمنية على أداء عملها في ظل الوضع الراهن في البلاد! كما نفى وجود أي أمر بإطلاق الرصاص في أي مستوى من مستويات الدولة، إلا في حالات يوضحها القانون للرد على هجوم مسلحين والدفاع الشرعي عن النفس!

ثالثاً: لا يزال بشار يعوّل على التخاذل الدولي وعلى المهل المتوالية التي تأتيه لسفك مزيد من الدماء الزكية الطاهرة، إضافة لانقسام «المعارضة» التي أوعزت لها أميركا بالتوحد للانتقال للمرحلة التالية من التآمر على الشعب السوري عبر استبدال عميل فاجر بوجه أقل سواداً منه، ولكن هيهات هيهات فأهلنا في سوريا أوعى وأرقى من ذلك، وستكون لهم كلمتهم بإذن الله، وإن غداً لناظره لقريب، فقد بلغت نقاط التظاهر أكثر من 400 نقطة في شتى أنحاء البلاد، فهل كلهم مندسون أيها الأعمى الرخيص الكذاب الأشر؟! لا بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بقوله إن كل متظاهر يضعف المناعة الوطنية ولا بد من «مواجهتهم بقبضة من حديد»!

رابعاً: أقر بشار بطريقة غير مباشرة بخروج الأمور عن سيطرته في الميدان حين تحدث عن تدهور في الاقتصاد وتراجع في العملة السورية وقطع العديد من الطرق وتدمير ألف مدرسة. كما حاول التهرب من تقصيره بل عجزه عن رعاية شؤون الناس التي تعاني من أزمة خانقة في الوقود والكهرباء والغذاء، وراح يقايض الإصلاح بالأمن، فلا إصلاح بلا أمن حسب زعمه، واتهم الثائر بأنه هو من يقطع الغاز والمازوت ويعتدي على المنشآت الحكومية لجعل الفقير أكثر فقراً! وقال بأن الآخرين فشلوا في إرضاخ سوريا فلجؤوا إلى الاقتصاد، أما أقصى إبداعاته في هذا المجال فهي قوله بالتركيز على الصناعات المتوسطة والصغيرة وخلق فرص العمل والعدالة الاجتماعية! وكرر مقولة وليد المعلم بأنه سيتوجه شرقاً!

خامساً: تحدث بشار عن دستور جديد يخضع للاستفتاء في شهر آذار القادم، وأن هذا الدستور الجديد سيركز على الحريات العامة والتعددية الحزبية وكون الشعب مصدر السلطات، وسيكرس دور المؤسسات وغيرها من المبادئ الأساسية. وهذا إفك عظيم وحكم بالكفر لا ينكر واقعه إلا جاهل أو متجاهل، رغم محاولته البائسة الاستشهاد ببعض آيات القرآن. فالشعب ليس إلهاً يشرع للبشر نظاماً يعالج شؤونهم ويصلح حياتهم، بل الأمر لله كله وهو القائل عز من قائل:(  أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

سادساً: ادعى الطاغية في خطابه أنه يحكم بإرادة الشعب وأنه سيخرج بإرادة الشعب إن أراد ذلك! ولله درُّ الشاعر حين قال في أمثاله:

«قل للطبيب تخطفته يدُ العمى    ****   يا جاهل الأدواءِ من أعماكَ»

لقد قالها القذافي من قبل فأين القذافي الآن!!

ألم يسمع هذا المنافق الكذاب الأشر ما تردده حناجر المتظاهرين وما تلهج به ألسنتهم؟! قال تعالى:  (مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ).

سابعاً: تحدث الخطاب عن ظروف معقدة، وتكررت كلمة «الحسم» مع «الإرهاب على الساحة السورية»، وفي مكان آخر ركز على أن الانتقام لا يبني بلداً ولا يعيد الدماء التي هدرت، وأنه لابد من التسامح الذي يبني الأمم!! أي تسامح يريد هذا المجرم الذي سفك الدماء وقطّع الأشلاء وأمر بالوقوف مع الأمن والجيش والشبيحة ضد الشعب المسلم الذي يذبح يومياً من الوريد إلى الوريد؟! إنه يستشعر بل يدرك بذلك مصيراً أسود قادماً إليه لا محالة، ونسأل الله أن يكون قريباً؛ إذ لابد من الاقتصاص من كل فاجر حارب الله وآذى عباده، والله يمهل ولا يهمل، وله العزة سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد.

أيها المسلمون الثائرون الصامدون في أرض الشام المباركة عقر دار الإسلام:

لقد أمعن هذا النظام الفاجر في الكذب والتدليس عليكم ففضحتموه بإيمانكم وصمودكم وصبركم بعد كل خطاب يفتري فيه على العباد. لقد اتهمكم بالخيانة والعمالة وهي وصفه ولباسه هو لا سواه من الأحرار الأباة. وإننا في حزب التحرير ندعوكم إلى الخير كله، ندعوكم إلى التغيير الحقيقي الذي يصعق هذا النظام الفاجر وزبانيته، ندعوكم إلى عز الإسلام والمسلمين في الدنيا قبل الآخرة، ندعوكم لأن تعلنوها صريحة مدوية في عنان السماء: نريد إسقاط الطاغية بشار لإقامة حكم الله في الأرض عبر دولة الخلافة الراشدة الموعودة بإذن الله، إذ بها نعز ويذل الأعداء، بها نرقى ويخسؤون، بها نروى ويظمؤون، بها تحيا أمة الإسلام من جديد، فمنذ غابت خلافتنا ذبحنا من الوريد إلى الوريد. من أجل ذلك كله، حيّ أيها المسلمون في سوريا على عمل يرضى عنه الله ورسوله والمؤمنون الثائرون في شام الخير والظفر بإذن الله. حيّ على العمل لإقامة دولة الخلافة الإسلامية الراشدة الثانية التي تقضي على حكم من طغى وتجبر وعاث في الأرض فساداً.

أيها الضباط والجند المخلصون:

لقد آن الأوان لأن تقولوا كلمتكم وأنتم لذلك إنشاء الله تعالى أهل… لقد آن الأوان لكي تأخذوا على يدي الظالم وتزلزلوا الأرض من تحت رجليه… لقد آن لكم أن تنحازوا لله ولرسوله وللمؤمنين الصابرين في الشام المباركة عقر دار الإسلام وأرض النصر  والظفر على أيديكم بعون الله… لقد آن الأوان لأن تروا رايات الإسلام خفاقة في عنان السماء. منذ زمن ونحن نقول أين أنتم! وننتظر منكم جواب النداء: أن ها قد جئنا بعزائم الشجعان، عزائم سعد بن معاذ وخالد وأسيد والقعقاع. ها قد جئنا ندك قصور الطغيان.

 الله يناديكم… الإسلام يناديكم… إخوانكم المستضعفين وأخواتكم والأرامل والثكالى والأطفال ينادونكم.. فلبوا نداءهم وكونوا خير من أجاب النداء؛ لتظفروا بعز الدارين بإذن الله تعالى.

إن حزب التحرير ينتظر منكم أن تمدوا له اليد من أجل نصرة لله تقام فيها دولة الخلافة الراشدة التي يعز بها الإسلام وأهله ويذل بها الشرك وأهله؛ فقد تاقت لها النفوس واشتاقت لها المهج، والله مع عباده وهو ناصرهم بإذنه تعالى ولو بعد حين.

قال تعالى: ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)