العدد 292 -

العدد 292 – السنة الخامسة والعشرون، جمادى الأولى 1432هـ، نيسان 2011

نداء حار…!! أيتها الأمة الكريمة

نداء حار…!!

أيتها الأمة الكريمة

 

أبو المعتصم – القدس

أيتها الأمة الكريمة… يا خير أمة أخرجت للناس على وجه الأرض، بشهادة ربنا جل جلاله حيث قال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران 110] يا خير أمة أخرجت للناس على وجه الأرض بشهادة الرسول الأكرم  صلى الله عليه وسلم  رسول البشرية جميعاً حيث قال : «أمتي كالشامة بين الأمم..!! » وقال : «أمتي كالغيث لا يعرف أوله خير أم آخره» .

أيتها الأمة الكريمة؛ يا من سطّرت بأحرف من نور أسمى معاني المجد والرفعة والقوة والسنا، على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان؛ فكنت الأولى في كل شيء؛ حضارةً ومدنيةً وأخلاقاً وقوة، حتى أصبحت سيدة الأرض بلا منازع!! …

يا من بلغت فتوحات جيوشك حافّة الأطلسي غرباً والصين والهند شرقاً، ومناطق روسيا حتى أطراف سيبريا شمالاً، وأواسط أفريقيا جنوباً… ولم يكن يطمع أحدٌ من النيل من شبر واحد من أرضك، طوال السنوات الماضية في تلك الحقبة الذهبية، بل لم يكن أحد يفكّر مجرد تفكير أن يغزوَ أرضك أو سماءك أو بحارك!!

يا من بلغتِ ذروة المجد في العلوم والمخترعات والمكتشفات، حتى أصبح العالم كله عالة على علومك ومخترعاتك، وكنت مفتاحاً للمدنية العظيمة المعاصرة هذه الأيام، بشهادة أهلها من ساسةٍ وعلماء ومفكرين وكتاب!!

يا من كنت عنواناً للترابط والتآلف بين شعوبٍ وأعراقٍ شتىّ؛ يجمعك هذا الدين العظيم؛ فيجمع بين العربي والتركي، وبين المغوليّ والأفريقيّ، وبين الأوروبي والبربري، كلهم إخوة في هذا الدين عبادٌ لله إخواناً… يحبُّ المسلم أخاه المسلم أكثر من نفسه ويؤثره عليها.. فلا عصبيةَ ولا حدودَ ولا سدود ولا نعرات قبلية ولا إقليمية تفرق هذه الأمة عن بعضها!!

هكذا كنت طيلة العقود والقرون الماضية، فماذا أصبحت وكيف صار الحال في ربوعك الواسعة، وبلادك الممتدة على ثلاث قارات من الأرض؟! ولماذا حدثَ ويحدثُ ما يحدث في بلادك اليوم؟!

أيتها الأمة الكريمة

إن ما حدث هو أنك تقهقرت ورجعت عن هذه المرتبة العظيمة، وهذه المكانة العالية الرفيعة، وذلك اليوم التليد لأنك تركت سبب العزّة والرفعة والسموّ!!.. عندما تركت هذا الدين العظيم، وابتعدت عنه في الدولة والسلطان وفي باقي الأحكام…؛ فكانت أولى درجات الانحدار والدمار الذي حل بساحتك هي ضياع السلطان (دولة الإسلام)؛ التي جمعت حبات هذا العقد العظيم، ثم تناثرت حباته بعد ذلك شيئاً فشيئاً، وابتعدت عن بعضها البعض، فجاء الكافر المستعمر فغزاك أيتها الأمة الكريمة في عقر دارك، ولم يكن من قبل يفكر مجرد تفكيرٍ في الاقتراب من أطراف حدودك عند بلاده!

لقد جثم هذا الكافر على صدرك، وأعمل فيك سيف القتل والتنكيل، وأبعد دينك العظيم عن كافة شؤون الحياة حتى في أبسط الأشياء من العلاقات والمعاملات…، وأعاد الطائفيات والقبليات والإقليميات إلى بلادك؛ فهذا مصريّ وهذا تركي، وذاك أوزبكي… وهكذا، وفرّق بلادك عن بعضها في حدودٍ وسدود ما أنزل الله بها من سلطان، وجاء برجالٍ غرباء عن دينك وحياتك؛ جلبهم من جامعات أوروبا، أو ربّاهم على طريقته، ونصبهم فوق رقابك حكاماً يحكمونك بغير ما أنزل الله… ويحاربون الله ورسوله وأيّ شيء يمتّ إلى جذور هذا الدين العظيم، ويصفونه بالإرهاب أو التخلّف أو غير ذلك مما ينفّر الناس من هذا الدين الرباني العظيم!

أيتها الأمة العظيمة الكريمة

لقد استمر هذا الحال البئيس سنوات وسنوات، في فقرٍ وذلٍّ وهوانٍ وظلمٍ شديد تعافه حتى الأنعام العجماء، لكن المعدن الأصيل سرعان ما يعود إلى أصالته أيتها الأمة الأصيلة، أيتها الأمة كريمة المعدن، فلم تطيقي هذا الذلّ والهوان بسبب هؤلاء المجرمين المأجورين العملاء من الحكام، وكيف يطيق الحرّ الأبيّ القيد والذل والهوان؟!… كيف يطيق من تسري في عروقه أمجاد العزة والرفعة- من تاريخ هذه الأمة العظيم – هذا التردّي والانحطاط ؟!

كيف يطيق من تتردّد في أذنيه آيات الله تعالى وهي تقول: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون 8]، كيف يطيق المذلّة والدنيّة في نفسه وأمته؟!

لقد تحركت دماء العزة في عروقك أيتها الأمة العظيمة، فقمت على هؤلاء اللئام الأنذال الجبناء، تقولين لهم: ارحلوا من أرضنا .. فهذه الأرض لا تقبل النجاسة، وهذه الشعوب المسلمة لا ترتضي الذلّ أبداً .. ليس لكم مكان في هذه البلاد الطاهرة التي رواها أحفاد الصحابة بدمائهم الزكية الطاهرة ؟!

أيتها الأمة العظيمة: عندما أبى هؤلاء الأراذل من الحكام قمت عليهم بالنعال، وبكل شيءٍ تقدرين عليه في التصدي والتحدّي والجهاد.. تقاتلين وتجاهدين؛ في تونس المجاهد الفاتح (عقبة بن نافع) وفي مصر كنانة الفاتح الصحابي الجليل (عمرو بن العاص) وفي ليبيا المجاهد الكبير (عمر المختار) وفي يمن الصحابي الجليل القاضي (معاذ بن جبل)… قمت أيتها الأمة الكريمة تطهّرين البلاد والعباد؛ بلداً بلداً وشارعاً شارعاً، وبيتاً بيتاً من بقايا هؤلاء المجرمين من الحكام الجبناء العملاء!!

أيتها الأمة العظيمة، إنه لخيرٌ كبير وإنه لعنوان كبير للعزة والانعتاق والشرف الرفيع وكما قال الشاعر:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

حتـى يــراق عـــلى جـــوانبـــــه الدم

إنه لخير عظيم وأنتم تنفرون خفافاً وثقالاً استجابةً لقول ربكم جل جلاله: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [التوبة] إنه لخير عظيم وأنتم تستجيبون لما يحييكم استجابة لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﯥ) [التوبة 24] إنه لخير عظيم وأنتم تقاتلون في سبيل الله استجابة لقوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ) [النساء]، إنه لخير عظيم وأنتم تنتفضون في وجه هؤلاء الظلمة من الحكام، وتخلعونهم واحداً بعد الآخر، تماماً كما يُخلع النعل المهتريء من أخمص القدم، وكما ينزع الثوب النتن المممزّق عن الجسد الطاهر!! … تستجيبون لرسولكم عليه الصلاة والسلام وهو يقول: «لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا» (أخرجه أبو داود) وقوله: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه فقتله» وقوله: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» (رواه الترمذي).

وإننا نعزم عليك أيتها الأمة الكريمة.. يا أحفاد خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وصلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، وعقبة بن نافع، والعز بن عبد السلام، وعمر المختار، وعبد القادر الجزائري، نعزم عليك أيتها الأمة العظيمة ذات المعدن الأصيل الطيب.. نعزم عليك يا أمة الجهاد والمجاهدين الأبطال… نعزم عليك أن لا تقفي عند حدّ خلع هؤلاء الأحذية من الحكام، وإنما طهّري كل أرض المسلمين من بقايا الاستعمار السياسي والفكري… طهّري البلاد والعباد من أعوان الحكام وبقاياهم ممن خلّفوهم مكانهم في الجيش، وفي سدة الحكم، وفي الوظائف العامة…

نعزم عليك أيتها الأمة الكريمة أن تخلعي أفكار الاستعمار التي زرعها هؤلاء الحكام؛ خدمةً لهم في ظل حكمهم العميل، مثل الديمقراطية الكافرة التي لم تجنِ الشعوب منها خيراً حتى في موطنها الأصلي في بلاد الغرب .. ومثل الحريات السقيمة التي تبيح للإنسان أن يكفر بالله تحت عنوان حرية التدين، وتبيح للإنسان أن يزني بمحارمه، تحت عنوان الحرية الشخصية، وتبيح للإنسان أن يقيم البنوك الربوية التي تنهب ثروات الناس وتضعها في أيدي الرأسماليين الكبار (طبقة 2%) في المجتمع، بينما يعيش باقي الناس في فقرٍ مدقع ،كل ذلك تحت عنوان (حرية الملكية)!. ومثل حقوق الإنسان التي تتخذ القوانين الكافرة والحريات طريقة لتحصيلها، فيزداد الإنسان ظلماً فوق ظلم، ولا يحصّل الشعوب في نهاية المطاف أي حق!

نعزم عليك أيتها الأمة الكريمة؛ أن تلفظي الديمقراطية التي تجعل الإنسان مشرّعاً بدل رب العالمين؛ تحت عنوان (الشعب مصدر السلطات)، أو السيادة للشعب لا للشرع.. إن الحرية الصحيحة هي ما تكون ضدّ العبودية التي تجعل الإنسان عبداً لله وحده لا شريك له، وتطلقه من عبودية البشر.. الحرية التي تحرّر ماله من ظلم الرأسماليين وتعطيه حقّه كاملاً في ثروات الله تعالى التي خلقها للإنسان.. وتحرّر الإنسان من الاحتكام إلى قوانين أميركا وفرنسا وبريطانيا وتجعله يحتكم لقانون الواحد الديّان لا إله إلا هو!

إن الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان؛ في أميركا ودول أوروبا، قد جلبت الدمار في المجتمعات الغربية، وجعلتهم طبقتين؛ طبقة الأسياد (الرأسماليين) وطبقة العبيد (الفقراء)، وجلبت أمراض الإيدز والزهري والسفلس، وجلبت الأنانية وحب الذات وكراهية الآخرين، وجعلت الفرد محروماً من كل شيء حباه الله به حتى من إبداء رأيه أو اختيار حاكمه؛ لأن الذي يختار الحكام هم الرأسماليون، وليس الشعوب كما يكذبون ويدعون!.. لقد عادت هذه الأفكار السامة بالمجتمعات على وجه الأرض إلى عصرٍ أسوأ من عصر الكنيسة في العصور الوسطى المظلمة الظالمة!

أيتها الأمة الكريمة … ألم تسمعي كبار المفكرين والسياسيين ماذا قالوا عن دينك العظيم، وعن نظامك الاقتصادي في ظل هذه الأزمات التي تعصف بأميركا ودول أوروبا ؟!،  ألم تسمعي أيتها الأمة الكريمة ماذا قال من يعلنون إسلامهم ويدخلون في دين الله أفواجاً في بلاد الغرب، ويخلعون عن كاهلهم ضلال الديمقراطية وتهتك الحرية وادعاء حقوق الإنسان؟! فلماذا لا تكملين المشوار؟ لماذا لا تعودين إلى ربك ورسولك، ودينك العظيم، دين الإسلام، لتعودي خير أمة أخرجت للناس كما كنت تماماً ؟!!

إننا نعزم عليك أيتها الأمة العظيمة … أيتها الأمة الكريمة .. يا شامة الأمم … يا أمة الغيث والإغاثة والرحمة … يا أمة الإسلام الرباني العظيم … إننا نعزم عليك وقد سطرت آيات التضحيات العظيمة،أن تطبقي القرآن في حياتك، في الدولة والمجتمع، وأن تختاري مِنْ خِيارك من الناس من يحكمك بالإسلام … ولا تخافي أيتها الأمة من شيء، لا من الغرب ولا من الشرق … ولا تسمعي لهؤلاء الأبواق (بأننا لا نريد فتنة بين الناس)، أو (لا نريد أن ينعتنا العالم بالإرهاب)، ولا تسمعوا لبقايا الأنظمة العفنة من بقايا الحكام،  قال تعالى: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [التوبة]، وقال: (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [آل عمران]، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ» (رواه الترمذي).

أيتها الأمة الكريمة كوني كرسولك الكريم  صلى الله عليه وسلم  الذي تحدّى الأسود والأبيض من الناس وهو يقول: «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الدين ما تركته حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة» وكما قال أبو بكر رضي الله عنه وهو يحارب المرتدين : «وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ» (أخرجه البخاري). لا تخافي أحداً، وقد ضحّيت بأعزّ ما تملكين من الأبناء والأموال والدماء الزكية الطاهرة .. ارفعي راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) عالياً في بلاد الإسلام .. وارفعي شعار (الله أكبر) …. وقولي بصوت واحد (نريد تطبيق الإسلام)،  نريد خلافة راشدة على منهاج النبوة يرضى عنها ساكن الأرض وخالق السماوات والأرض، (لا شرقية ولا غربية، إسلامية.. إسلامية)!!…

عند ذلك أيتها الأمة الكريمة ستعودين كما كنت (خير أمة أخرجت للناس على وجه الأرض) ، تنشرين الإسلام وأنت شاهدة ٌعلى الناس في الدنيا والآخرة … وتفرحين بنصر الله، وهو ينصرك في كل المواقع والأماكن … وتحرّرين المسجد الأقصى المبارك وباقي بلاد المسلمين من دنس اليهود والصليبيين، وتتقدمين الأمم والشعوب جميعاً في كل شيء ..نسأله تعالى أن يكرم هذه الأمة الكريمة بالخير العميم بعد بداية هذا الخير الكبير بانتفاضكم وثورتكم على الظلم والظالمين!!..  آمين يا رب العالمين

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *