العدد 352 -

السنة الثلاثون جمادى الأولى 1437هـ – شباط / آذار 2016م

بين سماحة ومشعان، ابتذال في الظلم والفساد!

بين سماحة ومشعان، ابتذال في الظلم والفساد!

 

أخلت محكمة التمييز العسكرية في لبنان سبيل الوزير السابق ميشال سماحة مقابل كفالة مالية، على أن تتم «متابعة محاكمته» لاحقاً! وكان سماحة قد اعترف أمام المحكمة العسكرية بنقل متفجرات من سورية إلى لبنان برفقة المدير العام للأمن العام اللبناني السابق، اللواء جميل السيد، بهدف تنفيذ مخطط إجرامي يتضمن قتل سياسيين ونواب ورجال دين ومواطنين.  وقد تم ضبط ميشال سماحة متلبساً بـ 24 عبوة ناسفة منها أربع عبوات كبيرة وعشرين عبوة صغيرة، وكانت العبوات الصغيرة مجهزة بمغناطيس لاصق، يمكن أن تستخدم في عمليات اغتيال، مرفقة بأجهزة التفجير المناسبة ومبلغاً مالياً كبيراً لاستخدامه في دفع أجر المجرمين الذين كانوا سيكلفون تنفيذ العمليات. وقد أكد وزير العدل اللبناني أشرف ريفي حين القبض عليه أنه « تم إنجاز الملف في شكل احترافي كامل، مع كل الأدلة الموضوعية والمضبوطات، وأن الاعترافات مدونة بالصوت والصورة، بأرقى المعايير الموضوعية والعلمية والاحترافية» .

على صعيد آخر، اعترف النائب في البرلمان العراقي مشعان الجبوري، في لقاء له على قناة الاتجاه العراقية، بأنه جزء من الفساد الموجود في العراق، مؤكداً أن جميع السياسيين وأصحاب المناصب الرفيعة في العراق «فاسدون ومرتشون». وزاد الجبوري: «جميعنا نكذب، جميعنا نسرق، جميعنا نأخذ رشوة، ومن يقول غير ذلك يكذب، أقسم بالله أعرف قصصاً لو يعلمها العراقيون لدخلوا إلى المنطقة الخضراء وأحرقوها، لكني سأقتل إن تكلمت». واعترف الجبوري، وهو عضو لجنة النزاهة البرلمانية، بأنه تلقى رشوة من أحد المسؤولين، تقدر بملايين الدولارات، وأوضح أنه لا يستطيع أحد رفع دعوى قضائية على مسؤولين حتى لو لديه حقائق وأدلة على أنهم فاسدون، لافتاً إلى أنه لو تم ذلك من الممكن اختطاف القاضي، ومن الممكن أن يطاح رئيس مجلس القضاء إذا أراد فتح ملفات فساد. وختم الجبوري حديثه بتوجيه اتهامات بالفساد لرئيس لجنة النزاهة العراقية، طلال الزوبعي، متهماً إياه بجمع 100 مليون دولار خلال ترؤسه اللجنة، وقال الجبوري: «رئيس لجنة النزاهة بحاجة إلى لجنة نزاهة».

نعم، إن الظلم والفساد ليسا جديدين في أنظمتنا الحاكمة ولا يقتصران على لبنان والعراق، لكن ممارستهما بهذا الشكل الممجوج يعني أن كارثة كبرى قد حلت بأمتنا، وسَوق النموذجين السابقين كافٍ للتدليل على الدرك الذي انحدرت إليه أحوال بلادنا. فالإجرام والفساد يرتكبان بشكل علني وبرعونة، مع ابتسامة عريضة على وجوه أصحابها، بل وتجد لديهم من يبرر لهم ويدافع عنهم، ما يعني أن الظلم والفساد وصلا حداً لم يعد ممكناً إخفاؤه، أو لم يعد من داع أصلاً لإخفائه، بل صار التبجح بارتكابهما مع القدرة على النجاة من المحاسبة محل فخر أصحابها ودليل سطوتهم ومكانتهم، وصارا نهجاً علنيا وظاهرة متفشية بابتذال لدى الفئة الحاكمة ومن يدور في فلكها. إن هذا الحال منكر بائس ينهى الله عنه، ولا بد من العمل لتغييره بكل جد وكل صدق وكل وعي، يقول الله تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *