العدد 350 -

السنة الثلاثون ربيع الأول 1437هـ – كانون الثاني 2016م

في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم: أحيوا الكتاب والسنة بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم: أحيوا الكتاب والسنة بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

 

لما جعل الله سبحانه وتعالى الإسلام خاتم الرسالات، وجعل سيدنا محمداً خاتم الرسل، وحفظ لنا هذا الدين ومنع أن تمتد إليه يد التحريف والتبديل… فمعناه أن الله قد جعل الإسلام هو دين الله الحق الصالح للبشر أجمعين في كل زمان ومكان وإلى قيام الساعة، وجعل ما جاء به سيدنا محمد   صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة هو المرجع الوحيد لدين الله… ومعناه أن المسلم مأمور أن يفهم من قوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ). ومن قوله تبارك اسمه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا  ) ومن قوله عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)مأمور من الله سبحانه أن يتقيد به في كل زمان ومكان وإلى قيام الساعة، تماماً مثله مثل الأوائل من هذه الأمة… ومعناه أنه يجب أن يصلي ويزكي ويصوم ويحج…  تماماً كما صلى وزكى وصام وحج الرسول  صلى الله عليه وسلم ، وأن يبيع ويشتري ويتزوج تماماً كما أمر عليه الصلاة والسلام، وأن يسير في دعوته تماماً كما سار  صلى الله عليه وسلم . فالتأسي برسول الله  صلى الله عليه وسلم  على هذه الصورة معلوم من الدين بالضرورة، قال تعالى: (كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) والمسلم ليس مخيراً في ذلك، قال تعالى: (وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا     )، وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)؛ لذلك كان ما جاء به سيد الخلق أجمعين هو الصراط المستقيم وهو النور والضياء لنا في هذا الصرط. ونحن عندما نقف كل عام على ذكرى مولد الرسول  صلى الله عليه وسلم  فإنما يجب علينا أول ما نقف على هذا المعنى… ثم نستذكر كيف أنه لا عز للمسلمين إلا بالإسلام، وكيف أخرج الإسلام من أعراب البادية خير أمة للناس، وكيف كان النصر حليفهم ما تقيدوا بالإسلام واتبعوا سبيله، وكيف أصبحوا هداة ورعاة للبشر بقيادة نبيهم، واستمروا على ذلك قروناً وقروناً، يقوَون بقوة تقيدهم وحسن اتباعهم، ويضعفون بضعف تقيدهم وسوء اتباعهم؛ حتى أصبح ما قاله سيدنا عمر رضي الله عنه لازمة عند المسلمين من قبل: « نحن قوم أعزنا الله بالإسلام. فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله»… ونستذكر كيف أن الرسول  صلى الله عليه وسلم  جعل عمله في مكة منصباً، إلى جانب تبليغ العقيدة، على إقامة الدولة الإسلامية الأولى.

 ففي مكة، دعا قومه إلى عبادة الله وحده، وكتَّل معه من آمن به، وفي دار الأرقم كان ( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ). ومن ثم صدع بأمر الله نزولاً عند قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ )، وقال للمشركين: «كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم»، وهو الذي طلب النصرة من أهل القوة في قبائل العرب، وسمَّى الله من نصره من أهل القوة في المدينة الأنصار تشريفاً لهم، ومدحهم بقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) وبهؤلاء الأنصار نصر الله سبحانه الدعوة وأقام له الدولة الإسلامية الأولى. ثم بعد أن أقام الرسول  صلى الله عليه وسلم  الدولة الإسلامية في المدينة، حكم بالإسلام ورعى شؤون المسلمين بالإسلام، وأقام الجهاد لإعلاء كلمة الله، فجيشت هذه الدولة الجيوش ونشرت الإسلام… ونحن مطالبون اليوم أن نسير على نفس الطريقة التي سار عليها الرسول  صلى الله عليه وسلم ، وأن نقوم بالأعمال التي قام بها والتي كان من شأنها أن أقامت الدولة، ونقطع نفس المراحل التي قطعها…

ونحن اليوم على هذه المسافة الزمنية من مولد الإسلام دين الله الحق (مع مولد الرسول) فمن الأمانة التي يجب المحافظة عليها أن نعود إلى سيرة الإسلام العطرة والتأسي بالرسول  صلى الله عليه وسلم  في كل أمور حياتنا وأولها ما يجعل هذا الدين مطبقاً في هذه الحياة، ويجعل المسلمين يعيشون الحياة التي ترضي ربهم، ويجعلهم أعزاء، هداة مهديين.

ونحن اليوم نرى كيف أن أمة الإسلام تعيش في أسوأ حالاتها نتيجة للبعد عن التأسي بالرسول  صلى الله عليه وسلم ، ونتيجة للإعراض عن تحكيم شرع الله، وأنها بعد أن استذكرت ماضيها الوضيء تريد الرجوع إلى التحاكم بالإسلام والعيش في رحابه، وحمل رسالته؛ ولكن هناك من يمنعها ويحاربها من أجل ذلك. نعم، لقد صحت الأمة وانتفضت وثارت على واقعها، تريد العودة… ولكن شرار الخلق من حكام الغرب وأذنابه من حكام المسلمين أخذوا يحاربونها حرباً إبليسية، بكل مكر ولؤم وإجرام ليمنعوها. وراحوا يشنون عليها حرباً عالمية ليمنعوها من أن تصل إلى غايتها من إقامة حكم الله في الأرض. لقد أفزعها أن ترفع هذه الثورات شعار «هي لله هي لله» وخطف قلبها أن تسمع المسلمون ينادون « محمد رسول الله قائدنا» و»الأمة تريد خلافة من جديد»، وأرَّقها أيما أرق أن تجعل شعارات الجُمَع آبات قرآنية من مثل: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ )، وأن تتسمَّى الفصائل المسلحة بأسماء الصحابة وأسماء الجهاد وقادة المسلمين الأوائل المظفرين… لقد جعل هذا الواقع الذي برز أكثر ما برز في سوريا، يعقد العزم لدى الغرب الكافر وأذنابه من الحكام على منع المسلمين من المضي بهذا الأمر، وأقام لأجل منع ذلك تحالفات دولية سياسية وعسكرية.

إن الغرب عندما يحارب الإسلام ويعمل على منع عودته إلى مسرح الحياة بإقامة الخلافة فلأنه يعلم تماماً كيف ستكون هذه الدولة، فهو يعلم أنها ستكون الدولة الأولى في العالم حضارة وقوة، ويعلم أن فيها خواصَّ التوسع والتأثير والانتشار بحسن تطبيق الإسلام والدعوة والجهاد حتى تأتي على كل مكتسباته، بل يرى أنها ستقضي على وجوده واجتثاث مبدئه… إن الغرب يعلم أن المبدأ الرأسمالي وصل إلى مرحلة السقوط، فقد بان لأهله قبل غيرهم أن لا يوجِد الاطمئنان، بل هو أفضل من يولِّد الأزمات، وأنه مبدأ تستفيد منه أقلية جشعة لا تتجاوز الآلاف على حساب مليارات الشعوب، وأنه يقوم على الظلم والقتل وتجارة الحروب… إن الغرب وصل إلى مرحلة أنه قد آن أوان رحيل مبدئهم، وأنه قد آن أوان عودة الإسلام إلى مسرح الحياة، إلى مسرح العلاقات الدولية، إلى مسرح القيادة من جديد؛ لذلك راح هذا الغرب الماكر المجرم الذي لم تعرف البشرية خلاله إلا الحروب والبؤس والمجازر والاستغلال وسرقات الشعوب وإفقارها بل وجعلها مفلسة مدينة بمئات المليارات ومجبرة على دفع فوائدها بعشرات المليارات في كل سنة…  راح يستميت من أجل منع إقامة الخلافة من جديد… إن الغرب بهذه الهجمة الشرسة على عودة الإسلام يدافع عن نفسه ويحاول أن يبعد الخطر عن تقوق مبدئه…

 ومن أجل ذلك عمل هذا الغرب الحاقد على الإسلام وعلى حاملي مشروع إقامة دولة الخلافة، عمل على خطف الثورات، فجاء بالسيسي الذي لا يقل إجراماً عن مبارك، وبالسبسي أقرب المقربين من بن علي، وبمنصور هادي عبد ربه نائب الطاغية على عبد الله صالح… وهي ما زالت تمكر في ليبيا حتى تستقر لها الأمور هناك. أما في سوريا وما أدراك ما سوريا، حيث فيها أم الثورات؛ فإن الغرب يرتكب أكبر محزرة في التاريخ، ويحوك أعظم مؤامرة هناك؛ لأنها فقط أعلنت عن نفسها أنها ثورة إسلامية وتريد إقامة الخلافة. وصدق الله العظيم في قوله: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ).

 إن المسلم اليوم عندما ينظر إلى الواقع يجد فيه شدة تآمر على الإسلام بتشويهه، وعلى المسلمين باللعب بمصائرهم وسهولة تقتيلهم، ويجد أنه محاط بالظالمين من كل مكان، ولا يجد على الحق أعواناً… وعندما ينظر إلى قوة اميركا وروسيا ودول أوروبا، وينظر إلى مظاهرة الحكام العملاء لهم قد يتطرق إليه اليأس؛ ولكنه عندما ينظر بمنظار الإيمان، وينظر إلى ما حدث مع الرسول  صلى الله عليه وسلم ، وما مرَّ به الأنبياء من قبل من شدة إيذاء وكيف قابلوه بحسن التقيد والاتباع  والتوكل على الله؛ يرى بأنه أقوى من هذا الواقع، ويشعر بمعية الله وحفظه وتأييده؛ فتختلف حساباته؛ فيرى أن الطريق التي يجب أن يسلكها للخروج من هذا النفق المظلم هي الطريق التي سلكها الرسول  صلى الله عليه وسلم ، وأن النصر بيد الله وحده لا بيد الغرب ولا أذنابه من الحكام، ويرى أن الله هو أشد منهم قوة، وينصر عباده المؤمنين مهما بلغ ضعفهم وبلغت الشدائد التي تطالهم. ومهما قيل عن قوة دول الكفر، وقد قيل فقد نجَّى الله إبراهيم من نمرود ونجى موسى من فرعون ونجى هود وصالحاً ولوط وغيرهم من أقوامهم، نعم إن المسلمين اليوم يجب أن يعوا جميعاً أن خلاصهم هو في دينهم، وأن الغرب إنما يحاربهم في دينهم، وقد رماهم عن قوس واحد، وهم يجب أن يحاربوه جميعاً بدينهم.

إن أكبر هدية نقدمها للرسول  صلى الله عليه وسلم  اليوم في ذكرى مولده، مولد الإسلام، أن نتاسى بطريقته في التغيير، وإن أكبر عرفان بالجميل له هو بأن نعود إلى سيرته العطرة لنتلمس خطوات السير فيها. وليعلم المسلمون أنهم مهما بلغ بهم المصاب والشدة وضيق الحال؛ فإنهم أمام فنتة لا مخرج منها إلا بالله، ولا فرج إلا بتقواه، وإلا فإن مآسيهم ستتجدد، وستستمر حياة الضنك التي أخبرنا بها الله تعالى بقوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ).

 إن المسلمين اليوم أمام حل واحد لا ثاني له، وهو أن يجتمعوا لحل قضيتهم من منطلق الإيمان بالله وحده،  وأن يضعوا أمامهم هدفاً واحداً لا ثاني له: هو إقامة دولة الخلافة الراشدة التي يرضى الله عنها، والتي أمر بإقامتها أمراً جازماً. وأن يستعينوا به وحده في إقامتها فلا يشرِّقوا ولا يغرِّبوا، فالله لا يرضى أن يكون له شريك في الحكم والطاعة، قال تعالى: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )، فالحق هو في هذا الدين، وما عداه فضلال وجاهلية، قال تعالى: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) وقال سبحانه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .

فالناظر في كتاب الله سبحانه وتعالى يرى أن المسلمين اليوم يمرون بأوضاع مشابهة لما مر به رسولنا الكريم  صلى الله عليه وسلم  والأنبياء الكرام صلوات الله عليهم. وهؤلاء جعلهم الله لنا أسوة حسنة؛ نهتدي بآثارهم ونقتدي بأعمالهم ونعتبر بقصصهم… فقد مرَّ به سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما واجه وحده قومه، وتحداهم بتحطيم أصنامهم فنصره الله بأن حعل نار حاكمهم وملئه برداً وسلاماً عليه، قال تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ومرَّ به جمع سيدنا موسى عليه السلام وقومه من المؤمنين المستضعفين بعد أن تراءى مع جمع فرعون القوي المدجج بالسلاح؛ فأنفذ الله له وعده بالنصر وإهلاك فرعون ذي الأوتاد؛ وذلك في أحلك الظروف، قال تبارك اسمه: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ).

  وها هو سيدنا محمد نبي الرحمة والملحمة في معركة الأحزاب التي اجتمع فيها على الرسول  صلى الله عليه وسلم  وعلى المؤمنين معه أئمة الكفر ُكلهم يريدون استئصال الدعوة من أساسها، كما يحدث للمسلمين اليوم، يخاطبه ربه واصفاً حال المؤمنين كم كانت صعبة فقال جلَّ ثناؤه في سورة الأحزاب: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا). ثم قال الله تعالى جده في ثنايا السورة: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ). ثم قال جلَّ من قائل: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ).

وفي معركة حنين، خاطب الله تعالى رسوله والمؤمنين بقوله: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ )

وفي معركة بدر، قال تعالى: قال تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ). وهناك آيات تختصر المشهد كله بنصر الله للمؤمنين على مرِّ العصور، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ    ).

وعليه، فإننا إذا أردنا أن ينصرنا الله، ولا نصر إلا من الله، فعلينا أن نكون على شرطه من قوة الإيمان  وصحة الالتزام، وحسن التوكل عليه وحده، واستمداد العون منه وحده، والصبر الجميل على أمره وحده… وفي الوقت نفسه أن لا تمد اليد إلى أحد غيره.

وأخيراً نقول: إن هذه الدعوة لا تنتصر إلا بأهل قوة ينصرونها كما فعل أنصار المدينة مع رسول الله، وهذا يتطلب أن يتحول مسؤولي الفصائل المقاتلين إلى أهل نصرة بدل أن يكونوا أهل ثورة، وأن ينضم ضباط الجيش (المنشقين منهم أو الذين ما زالوا في الخدمة) إلى أهل الدعوة في إقامة حكم الله ليكتمل العمل بهما. وهذا الاكتمال مطلوب شرعاً، سواء في سوريا أم في غيرها… وإذا ما حقق الله لنا النصر منه سبحانه؛ فإن العالم كله سيتغير. وهذا ممكن التحقيق، والمسلمون عموماً متشوقون إليه، والغرب يعيش حالة ذعر من هذا الذي نتكلم عنه الآن. فإلى عمل هو أشرف الأعمال التي ترضي الله سبحانه ندعو المسلمين ليقومَ أمر الله.q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *