العدد 350 -

السنة الثلاثون ربيع الأول 1437هـ – كانون الثاني 2016م

اجتماع المعارضة السورية في الرياض والتدخل العسكري الروسي وجهان لعملة واحدة: تعويم السفاح بشار

بسم الله الرحمن الرحيم

اجتماع المعارضة السورية في الرياض والتدخل العسكري الروسي وجهان لعملة واحدة: تعويم السفاح بشار

في 9/12/2015م انعقد في الرياض ولمدة يومين «الاجتماع الموسع للمعارضة السورية» ضم شخصيات من المعارضة السورية السياسية وأبرزها كان من الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق، والعسكرية وأبرزها كان من جيش الإسلام وأحرار الشام، وقد تمت تسميتهم من الخارج، وتم اختيارهم من أصحاب التوجهات المعتدلة؛ والهدف المرسوم لهم كان التوصل إلى إصدار وثيقة إعلان مبادئ مشتركة لا تخرج عن إطار مقررات مؤتمر جنيف كأرضية للحل وما يتضمن من تشكيل «هيئة الحكم الانتقالية». وهذا ليس بجديد، ولكن الجديد فيه هو ما تم الكلام عنه من  إيجاد مرحلة تفاوضية بين المعارضة والنظام قبل المرحلة الانتقالية، وفي سبيل ذلك تم الاتفاق على تشكيل وفد موحّد للمشاركة بالمفاوضات المقبلة في نيويورك مع وفد النظام،

 إن المفاوضات المقبلة مع النظام السوري تعني أن الأسد صار بهذا الاتفاق جزءاً من الحل. إذ إن المفاوضات المقبلة بين المعارضة والأسد ستتناول الأسس التي سيقوم عليها الدستور الجديد، وشكل نظام الحكم الجديد، وتكريس الديمقراطية، وإبعاد الإسلام عن الحكم، وحقوق الأقليات، وحقوق المواطنة، ودور المرأة… وغيرها مما يجعل النظام الجديد علمانياً مدنياً ديمقراطياً، وسيتناول الشخصيات التي ستتشكل منها «هيئة الحكم الانتقالية»… وهذا يعني أن الأسد سيكون بإمكانه أن يناور ويماطل ويهدد ويضغط باستعمال القوة والاستعانة بالروس من أجل فرض شروطه، أثناء المفاوضات المقبلة، ويمكنه أن يضع الفيتو على من لا يوافق عليه من هذه الشخصيات، وسيجعل له اليد الطولى في تحديد معالم المرحلة الانتقالية…

إن هذا المؤتمر الذي جعل الرسن في رقبة من تسمي نفسها زوراً وبهتاناً معارضة يثبت مرة أخرى أن هذه المعارضة لا تفقه من السياسة شيئاً، بل هي تثبت أنها معارضة مرتبطة بالخارج؛ وبالعودة إلى ما قبل الاجتماع، يتبين أنه قد تقرَّر بعد اتفاق ممثلي ما يعرف بدول مجموعة «أصدقاء سورية» على القيام بخطوات للحل يتضمن عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول كانون الثاني (يناير) المقبل. وهذا تماماً ما تم الحديث عنه. وقد حضر هؤلاء في الكواليس، أثناء انعقاد المؤتمر، للتأثير على مواقف المجتمعين وإسداء النصائح لهم من مثل طلبهم اعتماد «لغة لا تُغلق الأبواب مع الجانب الروسي إزاء دور الرئيس بشار الأسد». وكذلك أعلن كيري صراحة أنه كان يتصل خلال الاجتماع بمختلف الأطراف طبعاً للتأثير عليها. ثم كان تشكيل «هيئة عليا للمفاوضات من قوى الثورة والمعارضة السورية لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي، وتكون مرجعية المفاوضين مع ممثلي النظام السوري نيابة عن المجتمعين». وجعل مقرها في الرياض لتبقى تحت الوصاية وخاضعة للإملاءات.

أما ادعاء أن المعارضة المجتمعة في الرياض شاملة تضم  مختلف «أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج، وينتمون إلى كافة مكونات المجتمع السوري من العرب والأكراد والتركمان والأشوريين والسريان والشركس والأرمن وغيرهم» فهذا كذب وإيهام وإعطاء شرعية لهذه المعارضة الزائفة، فالمجتمعون لا يمثلون المسلمين، الذين يشكلون غالبية أهل سوريا، ولو عدنا إلى كيفية إنشاء الائتلاف الوطني لوجدنا أنه أنشئ بإرادة أميركية، أما هيئة التنسيق فإن تبعيتها للنظام السوري أشهر من نار على علم، ومعظمهم سيعود إلى مناطق النظام بعد انتهاء الاجتماع. وهذا يعني فيما يعني أن أميركا تعمل عبر اجتماع المعارضة هذا على إعادة إنتاج النظام السوري بنظام عميل لها بديل عن نظام بشار.

أما بالنسبة لاشتراك أطراف من المعارضة المسلحة في هذا الاجتماع، فإن مجرد اشتراكها فيه يعد انتصاراً للسياسة الأميركية؛ إذ يعطي صورة أن المعارضة المسلحة هي مع النتائج التي أسفر عنها هذا الاجتماع، ولا يقدم ما قيل عن تسجيل بعض التحفظات أو يؤخر. وهذا يبين الأثر السيئ بل المميت للمال والسلاح السياسي الذي تحصل عليه من بعض الدول؛ إذ إنه يرهن إرادتها للداعمين. وإننا ننصح هؤلاء وننصحهم بإعلان تنصلهم من هكذا اجتماعات ومن هكذا مقررات. وإننا نعلن أن الفصائل المسلحة المشتركة في هذا الاجتماع لا تمثل إلا جزءاً صغيراً من الفصائل المسلحة، ثم إن اشتراك مثل هذه الفصائل في مثل هذه الاجتماعات والموافقة على مثل هذه المقررات لا يمكن أن يمر عليها بخير، بل المرجح أنه سيرتد عليها بمشاكل داخلية فيها.

وللمسلمين في سوريا الشام نقول إن من يتابع مجريات هذا الاجتماع يرى أن أميركا تقف وراء كل فعالياته، وإنها تعمل على استثمار التدخل الروسي المباشر من أجل فرض حلها، وخاصة بعد أن أصبح عميلها السفاح بشار في حالة مشرف فيها على الانهيار. وإذا كان التدخل العسكري الروسي هو من أجل تعويم الأسد، فإن هذا الاجتماع جاء، وفي نفس الاتجاه، لتعويم الأسد بشكل كان لا يحلم به الأسد نفسه.

وللفصائل المسلحة نقول إن بلاءكم ضد النظام السوري المجرم كان مشهوداً فلا تضيعوه، ومن سيسير منكم في مخططات أميركا سيبوء بغضب من الله، وستنفضُّ عنه القاعدة الشعبية التي احتضنته، بل وحتى مقاتلوه لن يقبلوا منهم مثل هذا التوجه الجديد لديهم، وإننا نذكر الجميع أن المقصود الاول من كل ما يجري من تآمر على المسلمين إنما هو الإسلام، ومشروع الخلافة الذي يخشاه جميع أعدائه. وإننا أكثر ما نحب أن يستجيب أهل القوة لدعوتنا، لا لدعوة أميركا وروسيا ولا حتى لدعوة حكام السعودية وقطر وتركيا والأردن العملاء،  وأن يكونوا أهل نصرة لهذا الدين، فإن قوتنا الذاتية كافية لإحداث النصر متى اتقينا الله، واستحقينا نصره: ، قال تعالى: ( فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (102) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *