العدد 342 - 343 -

السنة التاسعة والعشرون رجب وشعبان 1436هـ – أيار وحزيران 2015م

التضليل السياسي والإرهاب

بسم الله الرحمن الرحيم

التضليل السياسي والإرهاب

حمد طبيب – بيت المقدس

من صفات الفكر السياسي الغربي، وما يبنى عليه من أعمال داخلية وخارجية؛ أنه فكر هابط، غير مبني على أسس سليمة ثابتة، فهو فكرٌ يقوم على أساس الحل الوسط، ويضع المصلحة والمنفعة مقياساً لكافة أعماله، ويكيل بمكيالين مختلفين في أعماله وأقواله وتصرفاته تجاه البشر، ويبرِّر الواسطة للوصول إلى المصالح الدنيوية، حتى وان كان على حساب شعبه..  ولا يسعى لإنقاذ البشر وإسعادهم، وإرشادهم إلى الاستقامة، لذلك ليس غريباً إن تقوم أعماله السياسية داخل بلاده وخارجها، على التضليل والخداع والكذب واللفّ والدوران، وقلب الموازين والحقائق، والكيل بمكيالين مختلفين لنفس القضية، واستغلال الشعوب والمتاجرة بدمائهم وجهودهم وأموالهم ومصائرهم…

وقد قامت سياسات إجرامية كثيرة في بلاد الغرب – سواء أكان ذلك في أوروبا أم في أميركا – على التضليل والخداع من أجل تحقيق المصالح، بغضِّ النظر عن الأضرار التي تجلبها هذه السياسات على شعوبهم؛ في الداخل ( السياسة الداخلية)، أو على شعوب غيرهم في الخارج (السياسة الخارجية)، ومن ذلك على سبيل المثال:

1- إن أميركا لما أرادت أن تدخل في الحرب العالمية الثانية، رأى الساسة فيها أنه لا بد من التحايل على الشعب الأميركي لإرغامه على الدخول في الحرب؛ ذلك أن الشعب الأميركي لا يحب الحروب، ولا الخروج خارج أرضه من أجل الحروب… لذلك لا بدّ من افتعال معركة مصطنعة، تتكبد فيها أميركا خسائر مادية وفي الأرواح لإرغام الشعب الأميركي على الدخول في الحرب؛ فكانت قصة خديعة (ميناء هاربر). يقول الكاتب الأميركي (جور فيدال): «هناك ثلاث أكاذيب رئاسية كبري، وهي: (بيرل هاربر، هيروشيما، والحرب الباردة)، ويصفها بأنها ثلاث أساطير حكمت أميركا والعالم». ويقول: «تتحكم النخبة في كثير من الحقائق، وبالتالي تتحكم في اتجاهات الرأي العام».

2- عندما أرادت أميركا الدخول في الحرب على العراق سنة تسعين ،كان لا بد من إيجاد ذريعة مقنعة لدى الشعب الأميركي وممثليه؛ في الكونغرس والنواب.. فاختلقوا مسألة أسلحة الدمار الشامل وتهديد مصالح أميركا ونفوذها السياسي في الشرق الأوسط، وتهديد الكيان اليهودي، فحصل الساسة على الموافقة على هذه الحرب دون معارضة، مع أن الحقيقة تكشف أن الساسة الأميركيين ولجان التفتيش لم يجدوا أية أسلحة للدمار الشامل … نشرت صحيفة التايمز الأميركية بتاريخ 07/02/2012م  تقريراً عن الـ(CIA) جاء فيه: «الآن بعد أن أصبحنا خارج العراق، فان وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) قد كشفت عن كيفية تعرضها للخداع بخصوص أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين… وللأسف، فإن الولايات المتحدة ذهبت إلى حرب مستندة لدرجة كبيرة على معلومات استخبارية زائفة. وقتل أربعة آلاف وأربع مائة وست وثمانون جندياً أميركياً، و318 من جنود التحالف، وآلاف لا تحصى من العراقيين في الصراع الذي أعقب ذلك»!!.

3- قامت فرنسا بعد نجاح (جبهة الإنقاذ في الجزائر) بإلغاء النتائج عن طريق عملائها في الجزائر، مع أنها تدّعي الحريات والديمقراطيات، وصرح رئيس فرنسا فرانسوا ميتران آنذاك أنه مستعد لإرسال جيش إلى الجزائر إذا اقتضى الأمر… فقد ورد في جريدة القدس العربي بعنوان: (الإسلاميون وتجربة الديمقراطية) د . ماهر الجعبري ما يلي: «الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، عندما قال في مطلع التسعينات: «إذا فاز الإسلاميون في الانتخابات في الجزائر سأتدخل عسكرياً كما تدخل بوش في بنما»

وعندما حدثت الاحتجاجات السلمية ضد هذا القرار التعسفي الظالم، صارت فرنسا وعملاؤها داخل الجزائر تفتعل الأعمال الإجرامية من ذبح وقتل للآمنين وتلصقها بالجماعة الإسلامية حتى تكرّه الشعب الجزائري بجبهة الإنقاذ، ولترضخ الجبهة لشروطها. فقد جاء في كتاب «الحرب القذرة» للضابط الجزائري السابق حبيب سويدية… تاريخ من القذارة، «في مارس 1993م جاءته الأوامر بالاستعداد لإحدى المهام، المهمة باختصار هي حراسة شاحنة تقل ما يقرب من 20 فرداً من قوات الصاعقة مدجَّجين بالخناجر والقنابل اليدوية والرشاشات، لحاهم شبه نامية، ويرتدون زياً مدنياً، فبدوا مثل الإرهابيين المسلحين، كانت الأوامر تقتضي بأن يحرسوهم حتى نقطة معينة في مفترق الطرق ويتوقفوا عند ذلك، بينما تُكمل الشاحنة طريقها منفردة إلى قرية تُسمى دوار الزعترية، إحدى القرى التي انتخبت الجبهة الإسلامية للإنقاذ وقت الانتخابات، وقد حان وقت العقاب، ذُبح العديد من أهل القرية بلا رحمة، واغتُصبت نسائهم ونُهبت أموالهم، وخرجت الصحف في اليوم التالي بالخبر التالي: «هجوم إرهابي علي قرية الزعترية ينجم عنه درزينة من القتلى.. وتكررت تلك العملية  كثيراً فيما بعد».

4- عندما أرادت أميركا أن تغزو العراق وأفغانستان سنة 2003م مهدت لذلك بقصةٍ بهرجتها بشكل معين، واستغلتها هي(قصة أحداث الحادي عشر من أيلول سنة 2001م)، مع أن كل الدلائل والإشارات تدل على أن القصة قد ضخمت كثيراً وربطت بأهداف وغايات خارجة عن حقيقة الحدث ومجرياته وطبيعته.

وقد تحدَّث الكثير من الكتاب والصحفيين عن حقيقة هذا الحدث وطريقة ربطه بأهداف أميركا وغاياتها .. يقول الكاتب الأميركي (جور فيدال) : «إن (جورج دبليو بوش) عرف مسبقاً بالهجمات الإرهابية واستخدمها لتمرير سياساته، تماماً كما فعل فرانكلين روزفلت بالهجمات اليابانية على ميناء بيرل هاربر، أثناء الحرب العالمية الثانية ليستخدمها في سياسة التدخل في الشؤون الخارجية».  أما الكاتب الفرنسي (تيري ميسان) في كتاب (الخديعة المرعبة) فيقول: «هجمات 11/9 التي هزت العالم دُبر لها من داخل أميركا، كان لها عدة أسباب: زيادة نفقات النظام الجوي وتطويره، التمكن من إنشاء خط أنابيب يمرُّ بأفغانستان وباكستان ويدرُّ الربح، التمكن من الاستيلاء على الشركات التابعة للمليونير بن لادن وعائلته، والتي يكون بوش الأب شريكاً فيها، القضاء على كل شكل من أشكال الرفض للقيادة الأميركية».

واليوم جاءت مسألة الإرهاب؛ التي اختلقتها أميركا، وركبت عليها أعمالاً سياسية كثيرة، وجعلت منها قاعدة انطلاق لكثير من الأعمال العسكرية والسياسية، ولم تعطِ أميركا ولا غيرها من دول أوروبا حتى الآن تفسيراً منضبطاً لموضوع الإرهاب ولا تفسيراً واضحاً في الأمم المتحدة ولا غيرها من المؤسسات الدولية. فما هو الإرهاب؟ وهل يرتبط بغير المسلمين من أعمال؟ ومتى يسمى هذا العمل إرهابياً، ومتى لا يسمى؟ وهل ينطبق الإرهاب على دول في المنطقة أم أنه ينحصر فقط في التنظيمات السياسية والعسكرية والأفراد؟… كل هذه الأسئلة وغيرها لم يتمَّ الإجابة عليها حتى الآن، وبقي هذا الموضوع مفتوحاً على مصراعيه، حسب تفسيرات أميركا وسياساتها. يقول الكاتب خالد عيسى طه: «الصراع لازال قائماً في تفسير كلمة الإرهاب، وهي الكلمة التي أوجدها الواقع بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر. مئات الآلاف من الضحايا ذهبوا وسيذهبون ويتبعهم الأضعاف إذا لم يصل العالم إلى تفسير قانوني صحيح لمعنى الإرهاب». ويقول الباحث الدكتور كريم شبي في كتاب «مفهوم الإرهاب: دراسة في القانون الدولي والداخلي «تجنبَّت الاتفاقات الدولية وضع تعريف محدَّد للمقصود بالأعمال الإرهابية، واعتمدت أسلوب تعداد بعض الجرائم، واعتبرتها ضمن مفهوم الإرهاب».

فقد حدثت عدة أمور في الآونة الأخيرة ووصمت بالإرهاب، واتهم المسلمون بها مع أن الغرب سواء في أميركا أم في أوروبا لم يعطِ تبريراً صحيحاً، ولا ربطاً واضحاً لهذه الأمور، ومن ذلك :

1 – ما حدث في باريس على صحيفة شارلي إيبدو، عندما قتل أفراد في هذه الصحيفة، تم ربط الحدث بالإرهاب الإسلامي، وترتب على ذلك أعمال سياسية مقصودة قد رُتبت ترتيباً دقيقاً ومتزامناً. ومن هذه الأعمال على سبيل المثال : المظاهرات التي سارت في كل دول أوروبا تقريباً، ومنها مظاهرة مركزية في باريس تندد بالإرهاب، ومظاهرات أخرى تدعو إلى عدم أسلمة أوروبا، ومحاربة الشعارات الإسلامية في المساجد وفي اللباس الإسلامي… وقامت في ألمانيا مظاهرة ضخمة تدعو إلى عدم أسلمة أوروبا… فقد أورد موقع فرانس 24 الإخباري بتاريخ 16/12/2014م: «خرج نحو 15 ألف متظاهر الاثنين في ألمانيا ضد «طالبي اللجوء المجرمين» و «أسلمة البلاد»، وهي تاسع تظاهرة في ما يسمى بـ(تظاهرات الاثنين)»

2- ما حدث في (كوبنهاجن) ومن قبله في باريس، حيث استغل اليهود هذا الحدث لدعوة يهود أوروبا بالرحيل إلى ما يسمى بالكيان اليهودي (إسرائيل)، حيث خرج رئيس وزراء الكيان اليهودي ودعا اليهود في أوروبا بالرحيل إلى المكان الآمن في (إسرائيل)…  نقلت صحيفة الحياة الجديدة  تصريح رئيس وزراء الكيان اليهودي  (نتنياهو) في 11/01/2014م حيث قال: «ندعو  يهود فرنسا للهجرة لإسرائيل» وخاطب يهود فرنسا قائلاً «إن إسرائيل هي وطنكم»، وذلك في تعليق على عملية احتجاز رهائن الجمعة في سوبر ماركت للأطعمة اليهودية في باريس أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص. وقال نتنياهو في كلمة متلفزة  في محطة الكيان اليهودي الثانية: «لكل يهود فرنسا ولكل يهود أوروبا أقول: إسرائيل ليست فقط القبلة التي تتجهون إليها للصلاة، إنها أيضاً وطنكم». وقال أيضاً: «ما لم يعد العالم إلى رشده فان الإرهاب سيواصل الضرب».

3- أعمال عسكرية حدثت في سيناء، سواء أكانت هذه الأعمال ضد أفراد الجيش المصري أم ضد المدنيين في منطقة سيناء والعريش، حيث استغلَّ النظام المصري هذه الأحداث، وحرَّض دول المنطقة والدول الكبرى بأن هذا الخطر يهدد الأمن في المنطقة كلها، وخاصّة أمن الكيان اليهودي، وقام بعملية إنشاء جدار عازل من جهة الكيان اليهودي في منطقة رفح، وأخذ لذلك الفتوى من مشيخة الأزهر؛ فجرف البيوت وهدم المزارع وقلع الأشجار على عرض ما يقارب 500 متر عرضي، ومسافة حوالى 14 كيلو متر. واستغلت أميركا كذلك أحداث سيناء لمحاربة التيار الإسلامي في مصر بشكل خاص، وفي كل العالم  بشكل عام، وقامت بتحريض المجتمع الدولي في مجلس الأمن لاتخاذ قرارات تدين هذا العمل، دون أن تُعرف هويته بالتحديد. فقد اجتمع مجلس الأمن في 01/02/2015م واتخذ قراراً سريعاً دون أن يبحث ويتحرى عن الفاعل؛ فأدان من قام بالتفجيرات في سيناء وجاء في هذا البيان:  «دان مجلس الأمن الدولي، الليلة، بـ»أشد العبارات» التفجيرات التي وقعت في شمال سيناء، الخميس الماضي، وأدّت إلى استشهاد وإصابة العشرات من جنود الجيش والمدنيين» وأكد أعضاء مجلس الأمن تصميمهم محاربة الإرهاب بكل أشكاله، ويقصدون به الجماعات الإسلامية في سيناء، مع العلم أن الكيان اليهودي قام بأعمال صريحة واشدُّ فتكاً بالناس سنة 2014م، ومع ذلك وقفت أميركا في وجه القرار الذي يدين أعمالها !!..

4- تنظيم دولة العراق والشام في سوريا والعراق وبعض الدول الأخرى التي ظهر فيها هذا التنظيم. فلا يخفى ابتداء كيف برز هذا التنظيم بشكل سريع، مع أن غيره من تنظيمات داخل الشام لم يستطع أن يتمدد ولا أن يكبر بهذه الصورة السريعة الخاطفة. ولا يخفى كذلك كيف أنه قام بأعمال كثيرة في حرب التنظيمات العسكرية الأخرى المقاتلة في داخل الشام، أو في منطقة الأنبار في العراق، واستولى على معداتها وعلى أماكن سيطرتها مع أنها تقاتل النظام، ولا يخفى أيضاً أن هذا التنظيم قام بعملية خاطفة في منطقة الموصل (محافظة نينوى) وهي تعد حوالي 2.5 مليون نسمة ومساحتها 23190 كيلومتر مربع، وتوجد بها وحدات عسكرية عراقية خلال فترة قصيرة لم تتجاوز بضعة أيام، مع أنه لم يتمكن خلال ستة أشهر من القتال الضاري أن يسيطر على (منطقة كوباني) الكردية المحاذية لتركيا، مع أنها لا تتجاوز مساحتها  حوالى (3.2 كيلو متر مربع)، وعدد سكانها  44 ألف نسمة، وعندما أراد التنظيم أن يتقدم شمالاً نحو منطقة الأكراد في أربيل كردستان بعد الموصل، أوقف عند ذلك ولم يستطع أن يتقدم متراً واحداً. أما بالنسبة لموضوع البترول والدعم المالي؛ فلا يخفى كذلك كيف أن هذا التنظيم يقوم بتصدير صهاريج البترول عن طريق الحدود التركية بشكل واضح لا تمانعه تركيا من ذلك. وقد فضحت رئيسة الأرجنتين کریستینا فرناندیز دي کیرشنر) في 28/09/2014م (في خطاب على منبر الأمم المتحدة) سياسات أميركا تجاه الإرهاب، وهاجمت القرار الأممي، وسیاسات أميرکا حیال «الإرهاب» وقضایا الشرق الأوسط، وتضمن خطابها الجريء تساؤلات عدة كان من بينها قولها:

* اجتمعنا منذ عام وکنتم تعتبرون نظام الأسد «إرهابياً» ، وکنتم تدعمون المعارضة الذين کنا نعتبرهم «ثواراً». والیوم نجتمع للجم «الثوار» الذین تبیَّن فیما بعد أنهم إرهابیون، ومعظمهم تدرج فی التنظیمات الإرهابیة وانتقل من المتشدد إلى الأکثر تشدداً.

* الیوم نجتمع هنا لإصدار قرار دولي حول تجریم داعش ومحاربتها، وداعش مدعومة من قبل دول معروفة أنتم تعرفونها أکثر من غیرکم، وهي حلیفة لدول کبرى أعضاء فی مجلس الأمن)!!.

 إن هذه الأمور وغيرها لا نريد أن نخوض فيها كثيراً، لكن الأحداث المتتابعة تفضحها وتكشفها شيئاً فشيئاً ، والأيام والأحداث المقبلة كفيلة بكشف ما بقي من خباياها وأسرارها السياسية، وما زالت هناك أحداث كثيرة تتعلق بأعمال هذا التنظيم تضع تساؤلات وعلامات استفهام واضحة على مسألة التسلح والدعم المالي، والتمدد في مناطق، وعدم التمدد في مناطق أخرى!! ..

لقد استُغل هذا التنظيم، واستغلت أعماله العسكرية وما يقوم به من إعدامات في أعمال سياسية وعسكرية كثيرة في المنطقة لصالح سياساتها الاستعمارية الإجرامية وخاصة أميركا نذكر منها :

1- لقد استغلت أميركا ودول أوروبا؛ على السواء هذه الأحداث المقصودة الخاطئة، في الصدّ عن دين الله عز وجل، وذلك بربطها بين الإسلام وبين هذه الأعمال الخاطئة، المشوِّهة لأصحابها ولتنظيمهم فقط، وليس للإسلام، لكن هذه الدول الاستعمارية تربطها ربطاً مقصوداً بهدف رد الناس عن اتباع الدين الإسلامي، وخاصّة أن هناك حملة واسعة واستجابة كبيرة في أوروبا وأميركا للإسلام. فقد  أكد الدكتور فاضل سليمان (مدير عام مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام في الولايات المتحد الأميركية) في 01/09/2010م: أن «80 ألف أميركي يعلنون إسلامهم سنوياً في أميركا. جاء ذلك في أثناء حوار تلفزيوني على فضائية النيل الثقافية»، وقال: «إن هذه الأرقام موثَّقة بالمراكز الإسلامية في أميركا والمساجد الأميركية، كما وثَّقتها مراكز دراسات أميركية رسمية لكنها لا تعلن عنها»، كما قال: «إنه لا يمر أسبوع إلا وهناك العديد من الأميركيين الذين يشهرون إسلامهم» وأضاف: «إن هناك إقبالاً منقطع النظير على الإسلام في أميركا».

2- استُغل ما يقوم به هذا التنظيم بشكل كبير في عملية المحافظة على الكيان اليهودي وخاصّة في منطقة الشام ومصر. ففي الشام صارت الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، وبعض الدول الإقليمية تدعي أن تنظيم دولة العراق والشام يريد القضاء على الكيان اليهودي، وأنه يريد إقامة دولة في العراق والشام ذات صبغة إسلامية تطبق أحكام لاسامية، وتنظر إلى إزالة الكيان اليهودي، فاستغلت هذه النظرة من أجل تصفية كل التنظيمات العسكرية على هذه الشاكلة أو تحت مظلتها، وذلك عن طريق القيام بطلعات جوية كما جرى في الفترة الأخيرة. وقال وزير شؤون الاستخبارات اليهودي (يوفال شتاينتز) في14/12/2014م: «إنه إذا واجه الأردن خطراً حقيقياً بسبب زحف تنظيم داعش إلى أراضيه، وإذا طلب الأردن أي مساعدة، فإننا سنهب لمساعدته من دون تردُّد. (داعش) خطر على المنطقة كلها وليس فقط على إسرائيل». وجاءت تصريحات شتاينتز على خلفية تشكيل الولايات المتحدة جبهة عالمية لمحاربة التنظيم الإرهابي.

3- صارت أميركا تتدخل في رسم سياسات الدول الإقليمية بحجة درء خطر تنظيم دولة العراق والشام وفروعه، فما جرى في سوريا والعراق من أعمال دولة العراق والشام جعلت منه ذريعة لرسم مستقبل سوريا والعراق تحت ذريعة محاربة التنظيمات الإرهابية وما تقوم به من أعمال إجرامية حسب زعمهم؛ من ذبحٍ وقتلٍ وسبيٍ للنساء وغير ذلك … فلا بد من القيام بأعمال يحدد فيها شكل النظام السوري والعراقي المستقبلي، وقد بدأت أميركا بالفعل بتدريب جماعات عسكرية من أجل بسط السيطرة على مناطق واسعة في سوريا، يمهد لجعل مناطق عازلة تبسط فيها القوى المدرَّبة والمدعومة سيطرتها فيها، وتعقد اتفاقات مع النظام حتى تتم عملية رسم مستقبل سوريا النهائي حسب تطلعات أميركا. ففي مؤتمر صحفي  لوليد المعلم وزير الخارجية السوري مع نظيره البيلاروسي فلاديمير ماكيه في دمشق في 09/02/2015م  قال المعلم: «إن أولوية سوريا هي مكافحة الإرهاب وإجراء المصالحات المحلية، كوسيلة للوصول إلى الحل السياسي، وإن سوريا تستجيب لكل مبادرة تقوم على أولوية تجفيف منابع الإرهاب، وتؤكد على الحوار السوري السوري».

4- اتخذت أميركا من  أعمال دولة العراق والشام في سوريا والعراق، وفي  ليبيا وخاصة في عملية ذبح الأقباط ذريعة  من أجل تدخلاتها العسكرية في المنطقة أولاً، ومن أجل تدخلات مصر  في رسم سياسة  ليبيا وصراعه العسكري الحاصل. فهناك جماعات مسلحة ذات توجه أوروبي، وهناك جماعات تحت مظلة عميل أميركا حفتر،  فأرادت أميركا أن تتدخل من خلالها مصر في هذه الأعمال لحسم الصراع العسكري لصالح عميلها، فخرج تنظيم دولة العراق والشام بهذه المسرحية الهزلية من أجل إثارة الشعب المصري والجيش المصري؛ للتدخل في ليبيا. وقد يتبع العمليات بالطائرات أعمال أخرى مستقبلاً، تتخذ لها الحكومة المصرية ذرائع جديدة!!.

ففي تقرير للعربية بتاريخ 04/08/2014م قال عمر موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، «إن مصر قد تضطر لاستخدام حق الدفاع عن النفس إزاء الوضع المثير للقلق في ليبيا، وهو ما يضاعف من احتمالية قيام مصر بخطوة ما إزاء ما يحدث في ليبيا، ودرءاً للخطر القادم؛ منها خبراء عسكريون وأمنيون تحدثوا لـ»العربية.نت» عن ماهية الدور أو التدخل الذي يمكن أن تقوم به مصر، لمواجهة الخطر القادم من ليبيا، وأجابوا على السؤال المهم الآن وهو: هل يصل الأمر إلى تكرار سيناريو التدخل العسكري المصري مرة أخرى، كما حدث في يوليو من العام 1977م؟».

وقد بدأت الدول الغربية بالفعل تدعو إلى تشكيل حلف دولي للتدخل في ليبيا، وبدأت مصر وبعض الدول العربية تدعو إلى تشكيل قوة عربية طارئة إقليمية عن طريق الجامعة العربية، وناشدت كذلك دول العالم لتشكيل قوة أممية عن طريق قرار أممي دولي؛ كما ذكرت قبل أيام قليلة وكالة رويتر للأنباء في 15/02/2015م: «دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يمنح تفويضاً لتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا بعد أن قصفت طائرات مصرية – ما قالت القاهرة إنها- أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية هناك… وقال في مقابلة بثتها إذاعة أوروبا 1 الفرنسية يوم الثلاثاء لا يوجد خيار آخر مع الأخذ في الاعتبار ضرورة موافقة الشعب والحكومة الليبية ودعوتهما لمصر بالتحرك من أجل استعادة الأمن والاستقرار في البلاد».

5- دعم مشروع الإسلام الوسطي، ونبذ الإسلام الآخر حسب زعمهم. والإسلام الوسطي في نظر الغرب وسياساته والدول الإقليمية العميلة له هو الإسلام الذي ينسجم وخدمة سياسات الغرب، ويحافظ على الكيان اليهودي، ويتماشى مع فكرة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. أما الإسلام الإرهابي أو المتطرف فهو كل ما سوى ذلك من حركات، لذلك نطق بها أوباما صراحة في مؤتمر هيئة الأمم أن الدول العالمية تنبذ الإسلام المتطرف والإرهاب. فقد استغل أوباما الأحداث الأخيرة وخرج على العالم من قمة البيت الأبيض يدعو لمحاربة التشدد والتطرف. وردَّد وراءه السيسي، والببغاء التابع له (شيخ الأزهر) نفس التغريدة.  فقد أورد موقع  الجزيرة نت في 19/02/2015م: «دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة الغرب والعالم الإسلامي إلى التوحد ضد «التطرف»، ووضع استراتيجية شاملة لمواجهة الظاهرة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على أجزاء من سوريا والعراق!!».

هذه هي أهم الأعمال المقصودة التي ترعاها أميركا، وترسم السياسات الدولية والإقليمية تحت غطائها ومظلتها، متذرعة بمحاربة التطرف والإرهاب.

والحقيقة أن الغرب يفسر ما يريد حسبما يريد وكيفما يريد، فيرى مثلاً أن استعمال قنابل اليورانيوم المنضب في العراق ليس إرهاباً، ويرى أن قصف الطائرات العملاقة بدون طيار للآمنين من النساء والشيوخ والأطفال في وزيرستان وفي قبائل اليمن ليس إرهاباً وإنما هو ضرورة للمحافظة على نفوذها وسياساتها. وأن استخدام قنابل النابالم في فيتنام ليس إرهاباً!!، وترى كذلك أن استخدام اليهود للأسلحة المدمرة الحارقة بحق العزل من النساء والولدان والشيوخ ليس إرهاباً. وأن قلع شعب بأكمله من أرضه وأملاكه والسيطرة عليها ليس إرهاباً إنما هو ضرورة أمنية للكيان اليهودي وتستخدم أميركا الفيتو للدفاع عنه في الهيئات الدولية…

أما الشعوب التي تريد تطبيق مبدئها (مبدأ الإسلام) في الواقع العملي… فهذه تنظيمات متطرفة إرهابية تجب محاربتها والتخلص منها، وتشجيع الدول الإقليمية لقمعها. وقمعها لا يخالف الديمقراطيات ولا الحريات، وإنما هو محاربة للإرهاب.

وفي الختام نقول: إن الله عز وجل يريد أن يهدم هذا الفكر الكاذب المخادع، فكر الحريات والديمقراطيات الكاذبة، ويريد الله كذلك أن ينتقم من هذه الدول الشريرة التي باتت تحارب الله ورسوله علناً بعد أن تجاوزت مسألة الحرب على المسلمين والجماعات العاملة للإسلام.

لقد أصبحت الحرب هي على الله ورسوله في الفترة الأخيرة، وأن الله عز وجل سينتقم من هذه الدول التي تتحدى الله صراحة. فالله سبحانه يقول: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، ويقول تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}، ويقول أيضاً :{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ}، ويقول عليه الصلاة والسلام  في حديث قدسي يقول الله تعالى: “من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب “. رواه البخاري.

إن نهاية هذه الحرب الشريرة الكافرة هي دمار دول الكفر بعون الله؛ لأن الله عز وجل سينتقم وسينتصر لدينه ولرسوله ولأمته أمة الإسلام حيث قال: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}، وسوف يظهر هذا الدين بعون الله، وبإذن الله، وبنصرة الله، على كل الخداع والمكر والكذب، وكل ألوان هذه الحرب الخفية والظاهرة، يقول جلَّ من قائل: { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا}. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *