العدد 420 -

السنة السادسة والثلاثون – محرم 1443هـ – آب 2021م

لـِمَاذَا كُلُّ هَذَا الرُّعْبُ مِنَ الإِسْلامِ؟ (1)

لـِمَاذَا كُلُّ هَذَا الرُّعْبُ مِنَ الإِسْلامِ؟ (1)

ثائر سلامة، أبو مالك

يقول أحد كبار رموز التخطيط الاستراتيجيّ للولايات المتّحدة الأمريكيّة، المستشرق الصهيوني الشهير المعاصر«برنارد لويس»: «لقد كانت عادتنا الّتي تعوّدناها في العالم الغربيّ هي أنه: كلّما اتّجه الشرقيّون إلينا كلّما ازداد تمسُّكنا بالغرب لنجعل أنفسنا مثالًا للفضيلة والتقدُّم؛ فإذا تشبّهوا بنا عددْنا ذلك أمرًا حسنًا، وإذا لم يكونوا كذلك عددْنا ذلك سوءًا وشرًّا؛ فالتقدّم هو في التشبُّه بنا، أمّا إذا لم يقتدوا بنا فذلك هو التقهقر والاضمحلال!! إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك بالضرورة، فعندما تصطدم حضارتان تسيطر إحداهما وتتحطّم الأخرى، قد ينبري المثاليّون والمفكّرون فيتحدّثون بطلاقة وسهولة عن تزاوجٍ بين أحسن العناصر من الحضارتين، إلاّ أنّ النتيجة العاديّة في هذا التلاقي هي تعايشٌ بين أسوأ العناصر من الاثنين1».

وكتب برنارد لويس أيضًا: «إن إرهاب اليوم هو جزء من كفاح طويل بين الإسلام والغرب… فالنظام الأخلاقي الذى يستند إليه الإسلام مختلف عما هو فى الحضارة الغربية المسيحية / اليهودية، وإن آيات القرآن تصدق على ممارسة العنف ضد غير المسلمين… وهذه الحرب هي حرب بين الأديان»[1].

وكتب المفكر الاستراتيجي الأمريكي «فوكو ياما» يقول: «إن الصراع الحالي ليس ببساطة ضد الإرهاب؛ ولكنه ضد العقيدة الإسلامية الأصولية التي تقف ضد الحداثة الغربية وضد الدولة العلمانية، وهذه الأيديولوجية الأصولية تمثِّل خطرًا أكثر أساسية من الخطر الشيوعي، والمطلوب هو حرب داخل الإسلام، حتى يقبل الحداثة الغربية والعلمانية الغربية والمبدأ المسيحي: “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله”»[2]!.

ولقد فسر الرئيس الأمريكي الأسبق «نيكسون» مراد الأمريكان من «الأصولية الإسلامية» في كتابه: «الفرصة السانحة» فقال: «إنهم هم الذين يريدون بعث الحضارة الإسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية، وجعل الإسلام دينًا ودولة، وهم وإن نظروا للماضي فإنهم يتخذون منه هداية للمستقبل، فهم ليسوا محافظين، ولكنهم ثوار»[3]!.

وعلى درب هذه الشهادات، قالت «مارجريت تاتشر» رئيسة الوزراء البريطانية الأسبق: «إن تحدي الإرهاب الإسلامي إنما يشمل حتى الذين أدانوا أحداث 11 سبتمبر وابن لادن وطالبان، يشمل كل الذين يرفضون القيم الغربية، وتتعارض مصالحهم مع

الغرب [4]»!.

فهذه شهادات من صنَّاع قرار استراتيجي، ومن مفكّرين، ومن سياسيين قادة أداروا السياسة تُجاه العالم الإسلامي، وهذا هو منظورهم لطبيعة الصراع.

وكانت أمريكا قد وضعت مواصفات للمسلم المعتدل كما جاء في دراسة وتوصيات لمركز راند المدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية في 2007م استغرقت ثلاث سنوات تحت اسم «بناء شبكات مسلمة معتدلة Building Moderate Muslim Networks[5]» فالمسلم المعتدل، بحسب الوصفة الأمريكية، هو الذي:

1 – يرى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية.

2 – يؤمن بحرية المرأة في اختيار «الرفيق»، وليس الزوج.

3 – يؤمن بحقِّ الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة.

4 – يدعم التيارات الليبرالية.

5 – يؤمن بتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: «التيار الديني التقليدي» أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات أخرى، و«التيار الديني الصوفي» – يصفونه بالتيار الذي يقبل الصلاة في القبور (!) – وبشرط أن يعارض كل منها ما يطرحه «التيار الوهابي».[6]

وكتبت كارين آرمسترونغ karen Armstrong (الراهبة التي تركت الدير لتصبح باحثة ومؤلفة مرموقة) قبل عشر سنوات من إطلاق جورج دبليو بوش أحدث حملة على الإسلام تقول: «يبدو أن الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي على وشك أن تستبدل بحرب باردة ضد الإسلام». وفي كتابها المعنون «محمد.. سيرة حياة نبي»، كتبت آرمسترونغ تقول: «في الغرب هناك تاريخ طويل من الشعور بالعداء تُجاه الإسلام، وما يزال هذا العداء …إن التحامل على الإسلام هو الذي دفع بالسكرتير العام لحلف شمال الأطلسي للقول عام 1995م بأن الإسلام السياسي لا يقلُّ خطورةً على الغرب من الشيوعية.»

وقال يوجين روستو Eugene Rostow[7]: «يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب؛ بل خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية…إن  الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا هي جزء مكمل للعالم الغربي فلسفته وعقيدته ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام، وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية؛ لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها»[8].

وطبقًا للمؤرخ والمفكر صامويل هنتينغتون، فإن أحد كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق كلينتون وصف الإسلام بأنه نِدٌّ عالمي للغرب. كما كتب هنتينغتون لاحقًا: «خلال الفترة بين 1980ـ 1995 نفذت الولايات المتحدة 17 عملية عسكرية في الشرق الأوسط، طبقًا لوزارة الدفاع الأمريكية، وكانت جميعها تستهدف المسلمين، وهو رقم لم يسجله التاريخ العسكري للولايات المتحدة ضد أي شعب من أي حضارة أخرى.»

وكتب هنتينغتون في كتابه الشهير «صراع الحضارات»: «إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب ليست مشكلة الأصوليين الإسلاميين، بل المشكلة بالإسلام نفسه، الذي يمتلك حضارة مختلفة يؤمن أصحابها بتفوقها… المشكلة في الغرب نفسه ذي الحضارة المختلفة والتي يؤمن أصحابها بتفوقها وصلاحيتها كنظام عالمي، يرغبون في فرض هذه الحضارة على العالم. «[9] ودعنا نشدد على عبارة «فرض هذه الحضارة على العالم».

وحينما سألت ليسلي شتال مقدمة البرامج من قناة سي بي أس الأمريكية وزيرة الخارجية الأمريكية الصلفة المتعجرفة مادلين أولبرايت: «هل تعتبرين دم نصف مليون طفل عراقي، إبادة كل تلك الضحايا ثمنًا يستحق العملية؟، فأجابت المتعجرفة الديمقراطية أولبرايت: «أعتقد أن هذا اختيار في منتهى الصعوبة؛ لكن الثمن كما نرى يستحق»[10].

ومن المعروف أن العملية كانت من أجل النفط، ومصالح الشركات الأمريكية الكبرى، ولإحكام سيطرة وسيادة واستعمار أمريكا للمنطقة، وفرضُ نمطِ معيشَتها على العراقِ وأهلهِ.

«إنهم يعلمون أننا نمتلك بلدهم، إننا نفرض عليهم الطريقة التي يعيشون ويتحدثون بها، وهذا هو الشيءُ العظيمُ بالنسبة لأمريكا في الوقت الراهن، إنّهُ شيءٌ طيبٌ، خاصة عندما يكون هناك قدرٌ كبيرٌ من النفطِ تشتدُّ حاجتنا إليه» اللواء وليام لوني، قائد القوات الجوية الأمريكية التي قامت بقصف العراق.[11]

في 7 كانون الثاني 1991م، أوضح الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في جريدة نيويورك تايمز بأنه «نحن لا نذهب إلى هناك للدفاع عن الديمقراطية؛ لأن الكويت ليست بلدًا ديمقراطيًا، ولا يوجد بلد ديمقراطي في المنطقة، ونحن لا نذهب إلى هناك للدفاع عن الشرعية الدولية، نحن ذاهبون إلى هناك وعلينا أن نفعل ذلك لأننا لا نسمح لأحد أن يمس مصالحنا الحيوية»[12]

[1]1             – برنارد لويس – الغرب والشرق الأوسط – تعريب نبيل صبحي – بيروت – د.ت – ص60 نقلًا عن نشوء الحضارة الإسلامية للأستاذ أحمد القصص.

                 في «النيوز ويك» (عدد 14 يناير 2004م) 

[2]               في العدد السنوي « للنيوز ويك « (ديسمبر 2001 م – فبراير 2002م)،

 

[3]               نيكسون، الفرصة السانحة ص 140-141 ترجمة أحمد صدقي مراد 1992م، والأصولية بين الغرب والإسلام د. محمد عمارة ص 15.

 

[4]               الأصولية بين الغرب والإسلام د/ محمد عمارة.

 

[5]               http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2007/RAND_MG574.pdf

 

[6]

                 تقرير « RAND 2007 « خطير جدًا .. تفاصيل خطيرة عنه يجب معرفتها! عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل.

[ كتب سيد قطب رحمه الله تعالى مقالًا عام 1952م بعنوان «إسلام أمريكاني» قال فيه: « والإسلام الذي يريده

الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام

الذي يقاوم الاستعمار، وليس هو الإسلام الذي يقاوم

الطغيان، ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية! إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم، ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلّم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن الشيوعية كالاستعمار وباء. فكلاهما عدو، وكلاهما، اعتداء»….سيد قطب/ يونيه 1952م، من كتاب “دراسات إسلامية ص 119].

[7]8             رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الأمنلقومي، ومستشار للرئيس الأمريكي السابق ليندون جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م.

 

[8]ا              جلال العالم، قادة الغرب يقولون: أبيدوا

الإسلام، دمروا أهله، القاهرة، المختار الإسلامي للطباعة ط 2، ص 24-25، وظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب، أسبابها، مظاهرها، ونتائجها، إياد صلاح شاكر. دار الكتب العلمية، ص50.

[9]               عبد الحي زلوم: الإسلام… العدو الجديد بعد الشيوعية والولايات المتحدة وحلفاؤها هي “فرّاخة الإرهاب”

 

[10]              أنظر المقابلة على هذا الرابط، كذلك جون بيلجر: حكام العالم الجدد ص 80

 

[11]              حكام العالم الجدد جون بيلجر ص 80

 

[12]              أمريكا المستبدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» مايكل بوغنون موردانت ص 142

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *