العدد 338 -

السنة التاسعة والعشرون ربيع الأول 1436هـ – كانون الثاني 2015م

الإسلام يفاجئ الغرب ويلقي بجرانه من جديد على المسرح الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام يفاجئ الغرب ويلقي بجرانه من جديد على المسرح الدولي

بعدما تمكن الغرب من هدم دولة الخلافة الإسلامية في الربع الأول من القرن العشرين، لم يخطر على باله أنها ستعود يوماً؛ حيث لم يحدث في التاريخ أبداً أنَّ حضارة سادت ثم بادت أن عادت… ولكنه فوجئ أن الإسلام بدأ يلقي بجرانه من جديد  على المسرح الدولي، والمسلمون وطنوا أنفسهم على العودة بدينهم إلى قلب الصراع الحضاري في العالم؛ من هذا المنطلق بدأ الغرب بشن حملته المجرمة الماكرة لمنعهم من إقامة الخلافة الراشدة التي هي عنوان نهضتهم من جديد متخفياً وراء شعار «الحرب على الإرهاب».

 والحقيقة التي لا يستطيع أحد إخفاءها هي أن الحضارة الغربية الرأسمالية القائمة على فصل الدين عن الحياة قد وصلت اليوم إلى نهاية المطاف وغاية الإفلاس، وأصبحت آيلة إلى السقوط، وأصبح معها العالم خالياً من أي حضارة صالحة يمكنها قيادته إلا من الإسلام، من هنا يعتبر الغرب أن محاولات المسلمين الفكاك من إساره، والعمل لإقامة الخلافة تهديداً حقيقياً جاداً لحضارته ولنفوذه. ومن هنا تعتبر الحرب العالمية التي يشنها الغرب على الإرهاب إنما هي حرب على الإسلام السياسي، وهي حرب حضارية، ويحرم على المسلمين أن يكونوا في فسطاطه، يقاتلون في صفه عاملين معه على منع الحكم بما أنزل الله.

والجدير ذكره أن هناك تحالفاً دولياً تقوده أميركا لمحاربة عودة الإسلام إلى مسرح السياسة الدولية منذ بوش الأب وبيل كلينتون ومحاصرتهما للعراق، ثم في احتلال كل من أفغانستان والعراق زمن بوش الابن، ثم هذا التحالف الدولي الجديد الذي أعلن عنه أوباما مؤخراً ليكون الأداة العدوانية التي يعمل الغرب بقيادة أميركا من خلالها  لضرب توجه المسلمين بشكل عام نحو إسلام الحكم، وتشويه سمعة الإسلاميين العاملين ضمن هذا التوجه… من هنا يعتبر كل من يقف مع هذا التحالف الدولي من حكام المسلمين، ومن يفتي له من العلماء الرسميين وغير الرسميين، ومن ينشر له من وسائل الإعلام، ومن يكتب له من الكتاب والمفكرين، ومن يؤيده من الأحزاب العلمانية أو ممن يسمون بـ(الإسلاميين المعتدلين)، ومن يتعاون معه من الفصائل والعشائر أو يسير في مخططه… يعتبر أنه يسير في فسطاط الغرب الكافر، ويقاتل في سبيل الطاغوت، ويصد عن سبيل الله، ويحادُّ الله ورسوله والمؤمنين… والويل، كل الويل، له من الله. ولينتظر عذابه الشديد في الدنيا أو الآخرة، أو فيهما معاً، إن لم يتب، ويعوض عن إثمه بعمل عظيم يخذل فيه عن المسلمين كما خذَّل نُعَيم بن مسعود عن الرسول والمسلمين يوم الخندق.

ولا يظننَّ ظانٌّ أن الإسلام ومشروع المسلمين للتغيير في هذا الصراع الحضاري هو في موقع الدفاع، بل هو على عكس ما يظهر عليه، إنه في موقع الهجوم والتقدم نحو هدفه في تبوُّء مركز قيادة العالم حضارياً بالرغم من فتح أبواب الجحيم على المسلمين في مختلف أصقاع العالم، وبالرغم من اتهام مشروعهم للتغيير القائم على أحكام الإسلام الصحيحة كالجهاد وتحكيم الشريعة والدعوة لإقامة الخلافة… بالإرهاب. بل إن الغرب هو الذي يعيش مرحلة مقاومة زوال حضارته، ويعمل بكل قوة على درء سقوطه، فهو بالرغم مما يمتلكه من قوى مادية، ويرتكبه من إجرام، ويسيطر عليه من إعلام، ويسخر لمصلحته من حكام عملاء يضعون كل إمكاناتهم لضرب توجه شعوبهم نحو تحكيم الإسلام، فهو يتقهقر إلى الوراء بنسبة ما يرتكبه من إجرام، ويُحدث من أزمات، وينحدر به من ممارسات، ويحيكه من مؤامرات…

نعم إن مشروع المسلمين لإقامة الخلافة الراشدة يتقدم ويقترب شيئاً فشيئاً من سدة القيادة بعون الله وحده. والنصر معقود للإسلام والمسلمين في هذا الصراع إن شاء الله تعالى. ولكن على المسلمين العاملين للتغيير أن يعلموا أنهم يجب أن يلتزموا بأحكام الشرع في عملية التغيير حتى يضمنوا وصولهم ويختصروا مآسيهم، والتي يحاول الغرب جاهداً أن يحرفهم عنها. وهذا الالتزام يقتضي أن يكون عندهم التشخيص الآتي:

1- إن الواقع الذي تسعى الأمة إلى إيجاده هو إقامة الخلافة وليس أقل من ذلك، وأن مشكلتها لا تتعلق بإسقاط نظام هنا أو هناك، أو تحقيق مكاسب سياسية في تركيبة الحكم الجديد، أو تحسين مستوى المعيشة، ولا الحصول على أي مكسب جزئي من هذا القبيل. فالتغيير على هذا الأساس، وهو إيجاد الخلافة، هو تغيير جذري يرضي ربهم، ويضعهم على صراط ربهم المستقيم، ويجعل التغيير على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحقق النتائج ذاتها التي حققها وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نحققها.

2- إن التحالف الدولي الذي أعلن عنه لمنع التغيير لا يمكن مواجهته إلا بتغيير جامع يجمع المسلمين على صعيد واحد لينهي وجود الغرب ونفوذه في بلادهم، وهذا لا يتحقق إلا أن يكون التغيير قائماً على أساس الخلافة الراشدة حتى يضع حداً لكل مآسي المسلمين. وإن أي تغيير دون هذا المستوى سيكون تحت سيطرة الغرب، وسيكون النظام الجديد مثله مثل الأنظمة الفاسدة العميلة التابعة له.

3- اعتبار وضع الأمة واحداً، فما حدث من ثورات في بعض بلاد المسلمين، هو تعبير عن تطلع الأمة كلها وليس فقط في البلاد التي قام فيها. وأكبر دليل على ذلك هو ما رأيناه من تمدد في انتشار الثورات من بلد إلى بلد، وما وجدناه من تجاوب الأمة ككل مع كل ثورة واعتبار نفسها معنية بها، وكذلك ما نسمعه من تداعي كثير من المسلمين في كل أنحاء العالم، وحتى من دول الغرب نفسه، للقتال إلى جانب الثورات، وحتى ضد قوات بلادهم التي يحملون جنسياتها.

4- اعتبار هذه الثورات واحدة في طروحاتها، وهي تريد حقيقة تغيير الحكام، وتغيير الدساتير الوضعية التي فرضها الغرب عليها، والانتهاء من علمانيته الكافرة، ومن الأحزاب التي تحمل أفكاره ومفاهيمه عن الحياة. إنها تريد رفع يد الغرب عنها كلياً وتعتبره أنه كان وما زال سبب مآسيها، والعودة إلى مبعث عزها من خلال العيش في ظل الخلافة. ولعل ثورة الشام كانت هي الأصدق والمعبرة أكثر من غيرها عن إسلاميتها، ويمكن إطلاق أنها ثورة الأمة. ونحن هنا سنتناولها كنموذج يستفاد منه ويتمثل به، وتبذل له النصيحة لتقويم مسيرته وتصحيح مساره.

5- إدراك أن الأمة وإن كانت لا تحسن بمجموعها التعبير عن مطالبها، ولكنها تحسن التمييز بين مختلف الدعوات، وقد تحقق للغرب أن الأمة استجابت بمجموعها لدعوة الخلافة أكثر من سائر الدعوات، وعليه يكون من يدعوها إلى إقامة الخلافة هو الناطق عنها لأنه يحسن التعبير عن تطلعاتها. وفي الحقيقة، إن هذه الاستجابة أرعبت الغرب وجعلته يحسب لها ألف حساب؛ فقام بإحصاءاته وتحقق من وجودها، وأمر مفكريه وباحثيه بدراسة هذه الظاهرة فتحققوا كذلك من وجودها… ومن ثم راح يضع مخططاته لمواجهة هذه الحالة. ومن ذلك طرحهُ  فكرة (الإسلام المعتدل)، وطرحه مقولة (دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية) ومعاداته لكل من يدعو إلى إسلام الحكم أو الجهاد، أو يرفض الديمقراطية… ويعتبره متطرفاً، وإذا حمل السلاح في وجه الحكام التابعين له اعتبر عملهم هذا إرهاباً…

أما ما هو المطلوب شرعاً أن نقوم به من أجل التغيير الجذري؟ فقبل الإجابة، لا بد من التذكير أن المسلم، أي مسلم، لا يجوز له شرعاً أن يقوم بأي عمل إلا بعد معرفة حكم الله فيه، ومن ثم أن يأتي عمله بحسب الحكم الشرعي. وهذا يعني أن على القائمين على عملية التغيير واجب أن يلتزموا بالشرع تحديداً في خطوات التغيير، وأن لا يسمحوا لأنفسهم بالتصرف خارج أحكام الإسلام، فضلاً عن التنسيق مع أعداء الإسلام من أميركيين وأوروبيين وتبني طروحاتهم وتحقيق أهدافهم، فإن ذلك يحرم تحت أي اسم من مثل «أصدقاء الشعب السوري»…  وكذلك يحرم شرعاً التعامل مع حكام المسلمين باعتبارهم عملاء للغرب الكافر المستعمر ولا يخالفون له أمراً، وهؤلاء هم أعداء لشعوبهم… كذلك يجب شرعاً رفض التعامل مع ممثلين يفرضهم الغرب، أو عملاؤه من حكام المسلمين، كـ «المجلس الوطني السوري» أو «الائتلاف الوطني السوري». وكذلك يحرم اعتبار مجلس الأمن مرجعية قانونية، وبالتالي التزام قراراته كما لو كانت قرآناً منزلاً، بل يجب رفضها مهما غلفت بمسحة إنسانية من ادعاء تقديم المساعدات وإيواء اللاجئين… وجامع القول هنا إننا عندما نتخذ الإسلام مرجعية لنا فمعنى ذلك أنه يجب الرجوع إلى أحكامه في التغيير، لا أن نقول ذلك ثم لا نتقيد بأحكامه.

وهنا مسألة في غاية الأهمية وتحتاج إلى إيضاح وكشف اللبس وهي: إذا قمنا ضد المجرم بشار أسد مع نظامه الأمني، ومن ثم وجدنا أن أميركا تدَّعي الموقف نفسه، فهل يجوز شرعاً تنسيق العمل معها والسير في مخططها لضرب النظام السوري بحجة وحدة الموقف. أو عندما تعرض بعض أنظمة الحكم في بلاد المسلمين مساعدة الفصائل المقاتلة ولكن على شروطها، وغرضها في ذلك رهن إرادة المقاتلين والضغط عليهم ليقبلوا بأي حل يفرضونه عليهم فيما بعد من أسيادهم الغربيين. أو عندما يقسم الغرب الثوار إلى معتدلين ومتطرفين ثم يطلب من قسم منهم هناك أن يكونوا معه في مشروعه، أو عندما يطلب الغرب من المسلمين أن ينسقوا معه لضرب تنظيم البغدادي بحجة أنه يرتكب في حق المسلمين وغير المسلمين الفظائع، أو عندما يطلب الغرب أن يجتمع النظام السوري مع المعارضة المعتدلة لمحاربة المتطرفين. أو عندما يعيِّن الغرب عن طريق الأمم المتحدة مبعوثاً دولياً ككوفي أنان والإبراهيمي وديمستورا ويطلب من المسلمين التعامل مع هؤلاء. أو عندما تطرح أي خطة دولية  كـ(جنيف1) التي عرضها الإبراهيمي، أو تلك التي عرضها ديمستورا والتي تدعو إلى الاتفاق على تجميد القتال في بعض المناطق لتحويل السلاح عن هدفه في إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام إلى الاقتتال لمصلحة أميركا، أو الدعوة إلى الاستعانة بقوات دولية لضمان تطبيق خطة ديمستورا في تجميد القتال والفصل بين أفرقاء الصراع… وهناك أمثلة كثيرة تنسحب عليها. فكل هذه الحالات يعمل الغرب جاهداً لفرضها على المسلمين ليمرر مخططه من خلالها ويحقق هدفه. فهل يجوز للمسلمين، وللمقاتلين تحديداً، أن يستجيبوا لهذه الطروحات والمطالب ويتعاملوا مع الغرب وعملائه من حكام المسلمين، خاصة وأن أميركا قد أعلنت جهاراً نهاراً أنها تعتبر صراعها في المنطقة صراعاً حضارياً أي ضد الإسلام، وضد إقامة الخلافة الراشدة التي أمر الله سبحانه وتعالى بإقامتها؟!.

إن المسلمين عندما يقومون بأي عمل يجب أن يقوموا به على أساس إيمانهم بالله، أي أنه حكم شرعي من الله تعالى، ويبتغون به في الدنيا إعزاز دينه، وفي الآخرة جنته ورضاه، واجتناب عذابه وغضبه. فأي من هذه الطروحات السالفة الذكر تحقق ذلك؟! وأي من هذه الطروحات تحقق أمر الله بإقامة شرعه يإقامة الخلافة؟! وأي من هذه الطروحات ستقضي على وجود الغرب في بلادنا؟! بل إن هذه الطروحات تثبت الوجود الأميركي في المنطقة، وتوجد نظام حكم تابعاً لها، وتوجد نظاماً علمانياً وحكماً مدنياً، وتقضي على مطلب المسلمين بإقامة الخلافة.

من هنا يجب التنبه، كل التنبه، من مخالفة أمر الله، فالله أغنى الشركاء عن شركه، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم. وأما أمر إقامة الدين فله مقاييسه الشرعية التي تخالف المقاييس الوضعية البشرية، إنه يقوم على الصادقين، المخلصين، الواعين، المستجيبين لأمر الله فحسب في عملية التغيير مهما قل عددهم، المستضعفين بسبب أنهم يرفضون أي عون من أعدائهم، أو يرضون معه بأنصاف الحلول، أو يتساهلون في طرح أفكار الإسلام فيتبنون الفهم الغربي للإسلام فيما بات يعرف بـ (الاعتدال الإسلامي)… والذي يراجع القرآن الكريم والسنة المطهرة يرى أن ذلك كان مرافقاً للأنبياء في دعوتهم لتغيير واقع أقوامهم إلى ما يريده الله ويرضى عنه حتى إنه سبحانه علق النصر على مثل هذه الصفات وجعلها من لوازم النصر. قال تعالى عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ   ). وقال تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام: (فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ   ). وقال سبحانه: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) وقال تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام:  (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ). وعندما كان الأنبياء والرسل يلتزمون أوامر الله في التغيير كان يأتيهم نصر الله بمدد منه وبتدخل منه، فهو سبحانه أمدَّ رسولنا الكريم بجنود من الملائكة وبالريح وبالسكينة وبغيرها، وكذلك أمدَّ سائر الرسل. قال تعالى في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ) وقال عزَّ من قائل: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ    )… إن النصوص الشرعية كثيرة مستفيضة في هذا المجال. والذي يريد أن يقوم بعملية التغيير يجب أن يعيش مع هذه النصوص ليثبُتَ إيمانه بالله عن طريقها، ويسير بحسب الأحكام  الشرعية المتعلقة بعملية التغيير، وليكون حلقة في سلسلة الدعوة إلى الله من لدن آدم إلى قيام الساعة.

أما ما هو المطلوب من أعمال حتى نعتبر عند الله من المتقيدين بأمره الداعين إلى صراطه المستقيم على بصيرة من الله تعالى؟ فالأمر في غاية البساطة، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه، ودلت عليه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمال التي قام بها، والتي أدى القيام بها إلى إقامة دولة الإسلام الأولى في المدينة، والتي تتمثل بـ:

– قيام كتلة للدعوة ككتلة الصحابة الكرام مع الرسول الأكرم، والتي أثمرت وجود ثلة من رجال الدولة المؤهلين للحكم.

– إيجاد رأي عام منبثق عن وعي عام، وهو ما يعبر عنه بالحاضنة الشعبية، تؤيد هذا العمل وتحميه وتدافع عنه بعد قيامه

– إيجاد ثلة من أهل القوة والمنعة المؤمنين الصادقين لنصرة كتلة الدعوة وإيصالها إلى الحكم تماماً كما نصر زعيم الأنصار سعد بن معاذ الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكل هذه الأمور موجودة ومتوفرة على أرض الواقع. من هنا فإن النصر أمر ميسور، ولا يحتاج حتى يتحقق لا إلى الاستعانة بالغرب ولا بعملائه من الحكام، لا يحتاج إلّا إلى التقيد بأمر الله وحده، قال تعالى: ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). وقال سبحانه: (  وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ    ) وقال عزَّ من قائل: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *