العدد 330 - 331 - 332 -

السنة التاسعة والعشرون رجب وشعبان ورمضان 1435هـ / آيار وحزيران وتموز 2014م

مقتطفات من كتاب التيسير في أصول التفسير للعالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشته

مقتطفات من كتاب  التيسير  في أصول التفسير للعالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشته

( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) ).

جاء في كتاب التيسير في أصول التفسير لمؤلفه

عطاء بن خليل أبو الرشته

أمير حزب التحرير حفظه الله في تفسيره لهذه الآيات ما يلي:

يبين الله سبحانه في هذه الآيات ما يلي:

  1. إنَّ اليهود قالوا لن يدخل الجنة غيرهم، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا هم، والله يخبرنا أنَّ أقوالهم تلك ما هي إلا مجرد أمانيّ باطلة كتلك التي تَمَنَّوها عندما وَدّوا أن لا يكون الرسول من غيرهم، وعندما ودوا أن يردوا المؤمنين كافرين بغياً وحسداً، ثم يعلمهم الله سبحانه أنهم كاذبون في أمانيّهم تلك وإلا فلو كانوا صادقين فليأتوا ببرهانٍ على ذلك.

وهذا وإن كان في صيغة السؤال ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) إلا أنه بمعنى التكذيب من الله لهم في قيلهم ذاك، فهم لن يستطيعوا أن يأتوا ببرهانٍ وهذا واضحٌ من الآيات التالية التي تبدأ ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ ) كما سنبينه إن شاء الله.

  1. يبين الله سبحانه في هذه الآية بطلان قولهم ويرده عليهم فليست الجنة لليهود أو النصارى بل هي لمن آمن بالله مخلصاً وانقاد وخضع لله سبحانه مصدقاً لما جاء به رسول الله rفهؤلاء لهم الجنة ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

( أَسْلَمَ ) أصل الإسلام لغةً الخضوع والانقياد لله سبحانه، وشرعاً الدين الذي أنزل على محمّدٍ e ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/آية19 ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/آية85.

( أَسْلَمَ وَجْهَهُ  ) أي أسلم كله، واستعمال الوجه هنا مجاز من باب إطلاق الجزء للدلالة على الكلّ لأهمية ذلك الجزء، وهو هنا الوجه وأريد به كلّ الجسم.

( بَلَى  ) حرف إيجاب لا يستعمل إلا بعد نفي لإثباته وهو هنا لإثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة.

إفراد ( فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) وجمع ( وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) لأن ( مَنْ ) من صيغ العموم – فيها معنى الكثرة – وأسندت إلى مفرد من حيث اللفظ ( مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ ) فتكون من حيث اللفظ للمفرد، ومن حيث المعنى للجمع وعلى هذا النحو استعملت في الآية الكريمة ( فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) من أجل اللفظ (المفرد) ( وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) من أجل المعنى (الجمع).

  1. في الآية الأخيرة يبين الله سبحانه كيف كان يقول اليهود عن النصارى إنهم ليسوا على شيء أي لا دين لهم، وكذلك يقول النصارى إن اليهود ليسوا على شيء فلا دين لهم – لما حدث عندما جاء نصارى نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقوا اليهود في المدينة – يقولون ذلك وهم أهل كتاب يعلمون من كتبهم أن اليهود جاءهم رسول من عند الله – موسى عليه السلام – وأن النصارى جاءهم رسول من عند الله – عيسى عليه السلام – ومع ذلك فقد كان كلّ فريق يطعن في الآخر واضعين أنفسهم بهذا القول مع الجهلة الذين لا علم عندهم ولا كتاب كالمشركين عبدة الأصنام، الذين كانوا يقولون لأهل كلّ دين ليسوا على شيء، وهذا توبيخ عظيم لهم.

ثم يختم الله الآية بأنه سبحانه سيحاسبهم على قولهم ذلك يوم القيامة حيث الحكم لله وحده فيجازي كلاً بقوله: ( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *