العدد 389 -

السنة الثالثة والثلاثون، جمادى الآخرة 1440هـ، شباط/فبراير 2019م

خفايا الدستور السوري الجديد

خفايا الدستور السوري الجديد

عبد الكريم أبو مصعب

يشكل الدستور السوري اليوم الشغل الشاغل للغرب في مؤتمراته التفاوضية من جنيف إلى سوتشي وآستانة بعد السنوات العجاف التي عاشتها سورية وما تزال. فما هو تاريخ الدستور السوري؟، وما هي أهم التعديلات المراد وضعها؟ ولماذا في هذا الوقت بعد ثورة عارمة سالت فيها حمامات الدماء في جميع أنحاء سورية، وبذلت التضحيات الكبيرة التي تستهدف النظام كله، وليس الدستور وحده؟!.

فبعد الحرب العالمية الأولى دخل الأمير فيصل بن الحسين إلى سوريا عام ١٩١٨م، وبعد معرفته أن سوريا من حصة الفرنسيين حسب (سايكس-بيكو) حاول الأمير عقد مؤتمر سمي بالمؤتمر السوري العام، ضم قرابة تسعين مندوبًا تم انتخابهم من قبل ناخبي الدرجة الأولى حسب النظام العثماني عام 1919م، وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيسًا له، وبعد أن توفي تولى هاشم الأتاسي رئاسة المؤتمر، وقد أعلن هذا المؤتمر استقلال سوريا العربية تحت اسم المملكة السورية العربية في 8/آذار/1920م وتتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكًا عليها، فاقترح فيصل تشكيل لجنة لوضع الدستور تألفت من عشرين عضوًا، ووضع أول دستور مؤلف من ١٤٧ مادة، وصدر رسميًا في ١٣/تموز/١٩٢٠م تحت اسم القانون الأساسي، وتعتبر البلاد ملكية دستورية مدنية، لا مركزية الإدارة، وتكفل الحريات السياسية والاقتصادية، وحقوق الطوائف الدينية، فلم يعترف الحلفاء بالكيان الجديد، ونظرة فرنسا إلى فيصل بوصفة (حليف بريطانية) دفعت إلى نفيه وحل المملكة في 28/تموز/1920م بعد ثلاثة أيام من معركة ميسلون، واحتلال الفرنسيين دمشق في ٢٥/تموز/١٩٢٠م، فدخلت سوريا مرحلة الانتداب.

ثم تمخض عن الثورة السورية الكبرى انتخابات الجمعية التأسيسية التي شكلت لجنة الدستور برئاسة إبراهيم هنانو، وتألفت من سبعة وعشرين عضوًا، وكلف فوزي العنزي بإعداد الدستور، فاستند إلى الدستور الفرنسي لعام ١٨٧٥م، ووضع الدستور عام 1930م، الذي أعلنت بموجبة الجمهورية السورية الأولى، وبسبب توالي الأحداث حتى الحرب العالمية الثانية أدت إلى توقيف العمل بالدستور،  وإعادة البلاد إلى الحكم المباشر، بعد الحرب العالمية الثانية، وانتفاضة الاستقلال التي دفعت نحو جلاء الفرنسيين عن كامل التراب السوري؛ ولكن المفوض السامي الفرنسي كان يقيم في بيروت وله صلاحيات مطلقة.

وطبعا تم الاعتراض من قبل الفرنسيين على بعض المواد التي تعبر عن استقلال سوريا، وأصرت فرنسا على إلغاء تلك المواد، وأخذ الأمر جدلًا طويلًا. وفي عام ١٩٤٣م، وبعد مباحثات بين الجنرال جورج كاترو والحكومة السورية تم الاتفاق على نقل صلاحيات السلطة الفرنسية إلى الحكومة السورية، ثم جرت انتخابات نيابية جديدة، وأعيد العمل بالدستور مع إلغاء المادة ١١٦ المتضمنة صلاحيات سلطة الانتداب. ومع خروج الفرنسيين في ١٧/نيسان/١٩٤٦م دخلت سوريا في مرحلة الانقلابات،  

ومع أول انقلاب عسكري ٣٠/آذار/١٩٤٩م بقيادة حسني الزعيم، قام بتعطيل الدستور، وإجراء استفتاء شعبي لتنصيب رئيس الجمهورية، وتخويله وضع دستور جديد؛ فشكَّل لجنة من سبعة أعضاء لصياغة الدستور بأخذ النظام البرلماني مع صلاحيات كبيرة للسلطة التنفيذية (ممثلة برئيس الجمهورية) على حساب سلطة المجلس. وفي ١٤/كانون أول/١٩٤٩م، حدث انقلاب عسكري بقيادة سامي الحناوي نجم عنه تعيين هاشم الأتاسي رئيسًا للدولة، وصلاحية العمل بالدستور ١٩٣٠م لحين صياغة الدستور الجديد. وفي ١٩/كانون الأول/١٩٤٩م، أي بعد خمسة أيام من استلام هاشم الأتاسي، وقع انقلاب أديب الشيشكلي الأول، واستمر في وضع الدستور الذي نوقش واعتمد في ٥/أيلول/١٩٥٠م، ويتألف من ١٦٦ مادة بعد طي ١١ مادة مختلف عليها، وقد اتسم هذا الدستور بالليبرالية في مجال الاقتصاد. وبعد انقلاب أديب الثاني ١٩٥١م، وافق على الدستور الذي يقيم نظامًا رئاسيًا، وكان يشبه النظام المعمول به في الولايات المتحدة، وفي ٢٥/شباط/١٩٥٤م، خلع الشيشكلي واستلم هاشم الأتاسي رئاسة الدولة، وأرجع العمل بدستور ١٩٥٠م.

 ثم جاء دستور الوحدة مع مصر ١٩٥٨م المؤلف من ٧٣ مادة ليرجع صلاحيات رئيس الجمهورية الكبيرة، وتلاه دستور الانفصال ١٩٦١م بعد انقلاب عسكري بقيادة عبدا لكريم النحلاوي، وتم انتخاب المجلس التأسيسي والنيابي مهمته وضع دستور دائم. وبعد انتخاب ناظم القدسي رئيسًا للجمهورية، أعاد العمل بدستور ١٩٥٠م مع بعض التعديلات، أهمها تخويل رئيس الجمهورية بحق حل المجلس النيابي، ومنع السلطة التنفيذية إصدار مراسيم تشريعية. وفي ١٩٦٤م، وقع انقلاب عسكري بقيادة ضباط حزب البعث وتم وضع دستور مؤقت. وفي ٢٣/شباط/١٩٦٦م، وقع انقلاب أطاح بالحكومة التي عينتها القيادة القومية، ووقتها صعد حافظ أسد ليصبح وزيرًا للدفاع. وعام ١٩٧٠م أصبح رئيسًا للجمهورية، وتم وضع دستور الجمهورية العربية السورية ١٩٧٣م، وتخلَّله تعديلين في عام ١٩٨٠م، وفي عام ٢٠٠٠م؛ ليتيح لبشار أسد استلام الحكم، ثم أجري آخر تعديل عام ٢٠١٢م. وبقي ساريًا حتى دخول الثورة السورية، أو ما سمي بـ (الربيع العربي).

ويلاحظ أنه في كل مراحل تغير الدستور كان يتأرجح بين إملاءات أوروبية وأخرى أميركية وبين تفعيل السلطة البرلمانية، أو وضع جميع الصلاحيات لصالح رئيس الجمهورية، ولم يختلف أي عضو كان قد رشح للجنة وضع الدستور بأن يدرج ولو للنقاش مثلًا الدستور العثماني أو تحكيم الشريعة أو أي شيء من هذا القبيل، وهذا يدل على العناية الفائقة لاختيار لجان وضع الدستور.

وجاءت مرحلة الثورة، ومع أن سوريا لم يحدث فيها صراع دولي، والدستور كان على هوى الولايات المتحدة الأميركية بحكم تبعية النظام لها سياسيًا، وهذا لا يحتاج إلى دليل عليه، إلا أنه الآن يتم إيعاز من الولايات المتحدة الأميركية إلى روسيا لوضع مشروع دستور جديد. فما هي النقاط التي سوف يتم تعديلها في الدستور أو استبداله بدستور جديد ليخدم مصالح الدول الغربية مستقبلًا، وبالدرجة الأولى أميركا؟؟

ابتداء، تم تشكيل لجنة وضع الدستور، وحددت النسب ٥٠% من النظام و٣٠% من المعارضة، و٢٠% خبراء دوليين. وكان الاقتراح الأخير في هذا المجال: 50 عضوًا من النظام و 50 عضوًا من المعارضة الداخلية، و 50 من المعارضة الخارجية، وأيضًا خبراء دوليين. من هذا التوزيع، ومهما اختلفت الاقتراحات، يتضح على أي شكل يجب أن يوضع الدستور، وهو بإملاء أميركي، ومفروض على الشعب قبوله، ولن يستشار فيه رغم معاناتهم لسبع سنوات عجاف، لم يغادر فيه الحظيرة الغربية؛ وذلك لأسباب كثيرة منها: عدم وضوح الفكرة، وعدم الثبات على مبدأ، والمال السياسي، وكثرة الخونة، وغيرها كثير.

طبعًا هم يعلمون أنه يجب وضع شكل الحكم قبل وضع الدستور، أو تعديله، ولكنهم فرضوا أن يتم القبول بدستور جديد هو الذي يحدد شكل نظام الحكم، وآلية الإصلاح السياسي والإداري، على أن تقوم فئة محايدة بالإشراف على انتخابات حرة ونزيهة على حد قولهم.

وأعلنت الأمم المتحدة وروسيا وتركيا وإيران الثلاثاء 18/12/2018م أنها ستضاعف الجهود لتنظيم أول اجتماع للجنة الدستورية المكلفة بإعداد دستور جديد لسوريا مطلع العام المقبل في جنيف.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بيان ألقاه نيابة عن الدول الضامنة لاتفاق أستانا-إن المشاركين “اتفقوا على بذل جهود للدعوة إلى أول جلسة للجنة الدستورية في جنيف مطلع العام المقبل”. وقال روبرت بالادينو   المتحدّث باسم الخارجية الأميركية للصحفيين في واشنطن “إنشاء لجنة دستورية تتمتّع بالمصداقية ومتوازنة سيكون خطوة هامة نحو نزع فتيل التصعيد بشكل دائم، وإيجاد حلّ سياسي لهذا النزاع”.

إن مسودة دستور سوري قيل على أنه صيغ في روسيا، والأرجح بأن صياغته تمت بموافقة أميركية، أي أن المسودة روسية أميركية، وسبب نشر هذه المسودة كان كما قيل من قبل جهات عديدة هو “جس النبض”. لقد تم جس النبض، والآن ستأتي مسودة أممية مصدرها الأمم المتحدة، وحسب تقييمنا ستكون نسخة طبق الأصل عن المسودة السابقة، وأهم نقاط الدستور السوري الجديد، ومسودته:

شطب اسم “الجمهورية العربية السورية”، واستبداله بـ “الجمهورية السورية “.
– لم يعد الفقه الإسلامي مصدرًا للتشريع بعد إلغاء الفقرة التي كانت تنص على ذلك .
– عدم تحديد ديانة الرئيس بعد إلغاء المادة التي كانت تحدد ديانة الرئيس بالإسلام .
– اللغتان العربية والكردية متساويتان في مناطق الحكم الذاتي الثقافي الكردي، ويحق لكل منطقة وفقًا للقانون أن تستخدم بالإضافة إلى اللغة الرسمية لغة أكثرية السكان إن كان موافقًا عليها .
– تطبيق مبدأ “لا مركزية السلطات”… واستبدال “جمعية المناطق” ، بدلًا عن “الادارات المحلية” في شكلها الحالي بصلاحيات موسعة تقيّد مركزية السلطات.
– استبدال تسمية “جمعية الشعب” بدلًا عن تسمية “مجلس الشعب”.
– تتولى جمعية المناطق السلطة التشريعية في البلاد وتتكون من “ممثلي الوحدات الإدارية”، وينعقد مجلسها على نحو منفرد عن “مجلس الشعب”، ويجوز لها عقد جلسة عامة للانتخاب والاستماع إلى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية .
– يجوز لجمعية المناطق إحالة مشاريع القوانين إلى جمعية الشعب للنظر فيها.
– يحق لمجلس الشعب تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا (من صلاحيات الرئيس في الدستور الحالي)، وتعيين رئيس “البنك الوطني” (تغيير اسم “البنك المركزي”) وإقالته من المنصب.

– يشترط للترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح قد أتم الأربعين عامًا من عمره، وأن يكون متمتعًا بالجنسية السورية، أي شُطبت عبارة إضافية من الدستور السابق وبأنه يجب أيضًا أن يكون من “أبوين متمتعين بالجنسية السورية بالولادة”، وأن “لا يكون متزوجًا من غير سوريا”.
– وينتخب الرئيس، لمدة سبعة أعوام ولا يجوز إعادة انتخاب الشخص نفسه إلا لولاية واحدة تالية. ويؤدي الرئيس المنتخب القسم الدستوري أمام أعضاء جمعيتي الشعب والمناطق.
– يتولى الرئيس مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين “الدولة والمجتمع”… ولا يلحظ المشروع أي سلطات تشريعية للرئيس .
– في حين تخضع له القوات المسلحة ويتولى مهمات القائد الأعلى للقوات المسلحة… وفي حال العدوان أو الخطر بالعدوان يحقّ له اتخاذ الإجراءات للتصدي له و”يبلغ بها جمعيتي الشعب والمناطق…”.
– كما يحق له إعلان التعبئة العامة، وُيطرح إلى جمعية المناطق الموافقة على إعلانها… كما يحق له إعلان حالة الطوارئ “بالموافقة المسبقة لجمعية المناطق”.
– تتولى جمعية المناطق مهمات رئيس الجمهورية في حال الشغور الرئاسي أو عجز الرئيس عن تأدية مهماته، بعد إثبات عجز رئيس مجلس الوزراء أيضًا عن ذلك.
– تعيين مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون “تمسّكًا بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية لسكان سوريا، وتُحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية”.
– يحق للحكومة، في صلاحيات إضافية عن الدستور الساري، “عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حق الامتياز، والاتفاقيات التي تقصد نفقات إضافية غير منصوص عليها في الموازنة.

– يحق لثلث أعضاء جمعية المناطق طرح حجب الثقة عن الحكومة مثل “جمعية الشعب”. كما يحق للجمعيتين في “جلستهما المشتركة” حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية أصوات الحاضرين.

المحكمة الدستورية العليا:
– تتألف المحكمة الدستورية العليا من 11 عضوًا بدلًا من 7 “تعيّنهم جمعية المناطق”، بعدما كان يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم.
-تبقى التشريعات الصادرة سابقًا سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكام “الدستور الجديد”، على أن يجري التعديل خلال سنة واحدة منذ تبني الدستور.
دور القوات المسلحة:
– القوات المسلحة “تكون تحت الرقابة من قبل المجتمع، ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دورًا في عملية انتقال السلطة”… ويحرم تنظيم أعمال عسكرية، أو ذات طابع عسكري خارج سلطة الدولة.
أما في الدستور الساري، فدور الجيش والقوات المسلحة هو “الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية”…
– تم تغيير القسم الدستوري حيث تم إسقاط القسم بلفظ الجلالة، أو أي إشارة “قومية عربية” أو “اشتراكية” ليكون: “أقسم أن ألتزم بدستور البلاد وقوانينها، وأن أحترم وأحمي حقوق وحريات الإنسان والمواطن، وأن أدافع عن سيادة الوطن واستقلاله وسلامة أرضه، وأن أتصرّف دائمًا وفقًا لمصالح الشعب”.

–يظهر “المشروع” نزوعًا كبيرًا نحو الاقتصاد الحر، بتأكيد إحدى المواد أن سوريا تُؤمّن “حرية النشاط الاقتصادي، وتعترف بالملكية الخاصة… وتخلق الدولة على أساس علاقات السوق ظروفًا لتطوير الاقتصاد، وتضمن حرية الأعمال… وتضمن حرية تنقل البضائع والرساميل… وأن الموارد الطبيعية يمتلكها الشعب”

إن أهم التعديلات التي فرضت على الدستور تدل بشكل واضح عن تطلعات الغرب (أميركا) لمستقبل سوريا، و نجد أنها جميعها تؤسس إلى أمرين أساسيين هما: بنية طائفية معززة بسلطة، وقابلية لتقسيم البلاد بأسرع وقت ممكن وأسهل طريقة دستورية.

وتتيح أمورًا تساعد في تنفيذ هذين الأمرين بحيث إن الدولة أخرجت من إسلاميتها وعربيتها، وأن الرئيس ليس له صلاحيات كبيرة؛ مما يتيح عمليات تغير السلطة بشكل أسهل، وأيضًا السماح لمن هم سوريين من الخارج (تربية غربية) باستلام الحكم، وأيضا التغير بين مسميين (مجلس وجمعية) فهي تتيح التقسيم. فالمجلس هو يمثل الدولة بأشخاص من كل المناطق، أما الجمعية فهي مناطق مجتمعة لتشكل جمعية، أي إذا سوِّق للتقسيم فقط تنفصل هذه المناطق عن الجمعية وكل منطقة تمثل نفسها دستوريًا، وهذا أمر خطير جدًا.

إذًا، بعد أن تم تغيير مسار الثورة، ونقلها من صراع حول تغيير النظام إلى صراع حول السلطة مع النظام، واستغل الغرب الجهل السياسي والخونة والنظام لتشكيل الدولة على هوى مصالحه بحيث متى شاء هو يستطيع بكل سهولة تقسيم البلاد، وهذا يعني تقسيم مواردها وجيشها وإمكانياتها، ويستطيع إشعال الطائفية متى أحبَّ؛ لأنه في الأصل دعم مفاصلها، وجعل لها كينونة واضحة لها في الدستور.

لذلك نهيب بأبناء شعبنا أن لا يستسلموا لما يحيك الغرب لنا، وأن لا يسلموا دفة هذه البلاد إلى من هم خونة أولًا، وليس لديهم فكر سياسي أصلًا، وإنما هم أحجار يتلاعب بها المجتمع الغربي، ويهدد بهم كياننا كأمة ووحدة أراضينا وسلامة معتقدنا الذي لم يستطع عبر مئة عام أن يلغيه أو يغيره، فيلجأ عبر هؤلاء الخونة وعبر ما يسنه أن يغير ما يريد أن يغيره، رويدًا رويدًا.

أيها المسلمون، إن ما يحدث في سوريا اليوم هو نفس الأمر الذي سوف يحدث في جميع دولنا، وإن فكرة تقسيم منطقتنا إلى كانتونات صغيرة غير قادرة على الوقوف منفردة دون الحاجة إلى يد العون الخارجية، هو مخطط تسعى له القوى الغربية لتبقى مناطقنا بمواردها تحت سيطرتهم اليوم، وغدًا، وبعد غد… وهذا يوجب علينا أن لا نستسلم لخططهم، وأن الخطة البديلة لنا التي يجب العمل عليها وتبنيها، هي عكس ما يقوم به الغرب. ويوجب علينا أن نتوحد على مبدئنا وديننا وعقيدتنا، وأن نسعى إلى دعم ومساندة من يحملون هذا التوجه، أي العودة إلى دولتنا التي غيَّبها الغرب، وحرَّم علينا أن نتحاكم عبر تغييبها لديننا ولمنهجنا الرباني منذ١٩٢٤م، حتى غاب عن أذهاننا أننا نملك دستورًا ربانيًا متكاملًا، يصلح لكل زمان ومكان.

لذلك نحن اليوم نمر بمرحلة الحكم الجبري التي ذكرها رسولنا الكريم، وستأتي بعدها بشراه لنا الخلافة على منهاج النبوة.

روى الإمام أحمد عن النعمان بن البشير رضي الله عنه “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيًّا ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، ُثمَّ سَكَتَ”.

فيا أبناء هذه الأمة المعطاءة، هبُّوا إلى مساندة حزب التحرير، وغذو السير معه، فهو الوحيد الذي يعمل لإعادة دولة الخلافة منذ١٩٥٣م، وله دستور مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله الكريم، ولنعِد عزنا وأمجادنا باستئناف الحياة الإسلامية لنرضي ربنا، ولنحافظ على ديننا ووحدتنا وعلى الأجيال القادمة، وأن لانفرط بالدماء الزكية التي سكبت، ولنكن نحن من يخلص العالم من هذا النظام الرأسمالي الجشع، ونخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام. قال تعالى: ﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *