العدد 29 -

السنة الثالثة – العدد 29 – صفر 1410هـ، الموافق أيلول 1989م

سؤال وجواب؟

السؤال 1: تستعمل عبارة (حركة إسلامية). ما هي الشروط التي يجب توفرها في الحركة كي يصح اعتبارها حركة إسلامية؟

الجواب 1:

كلمة (حركة) مأخوذة من معناها اللغوي: (التحرك)، ثم صار لها معنى محدد غلب عليه الاستعمال وهو الشخص أو مجموعة الناس الذين يكون لهم هدف يتحركون للوصول إليه. وهذا المعنى ما زال ضمن حدود المعنى اللغوي للكلمة.

والحركة يمكن أن تكون فردية، أي أن الذي يتحرك فرد، فقد كان جمال الدين الأفغاني حركة وكان فرداً. وقد تكون الحركة كتلة، أي مجموعة من الناس لها رئيس. وهذه الحركة ـ الكتلة يمكن أن تكون جمعية أو حِزباً، والحزب يمكن أن يكون حزباً حقيقة أو حزباً اسماً فقط. وكل من هذه الفئات يسمى حركة ما دام يتحرك لتحقيق هدفه.

هذه الحركات منها ما يكون إسلامياً ومنها ما يكون قومياً ومنها ما يكون وطنياً ومنها ما يكون شيوعياً وغير ذلك. فهناك عوامل تعطي الحركة اسمها وهويتها.

أهم هذه العوامل:

1- الهدف الذي تسعى الحركة إلى تحقيقه.

2- الفكر الذي تلتزم به الحركة في عملها.

3- توجهات وميول الأشخاص الذين تتألف منهم الحركة.

ومن أجل أن تكون هوية الحركة إسلامية لا بد من تحقيق هذه العوامل فيها. ولا يكفي أن يكون الهدف الذي تسعى إليه الحركة يقره الإسلام بل لا بد أن يكون لخدمة الإسلام. فالإسلام يقر مثلاً وجود حركة للرياضة، فمثل هذا الهدف مباح في الإسلام ولكن الحركة الرياضية لا تسمى حركة إسلامية. أما الحركة التي تعنى بالقرآن أو السنة أو بناء المساجد أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو العمل لإقامة الدولة الإسلامية أو مساعدة فقراء المسلمين أو الوعظ والإرشاد كل هذا يمكن أن يكون هدفاً لحركة إسلامية.

ولا يكفي أن يكون الهدف لخدمة الإسلام بل لا بد أن تكون أعمال الحركة كلها مقيدة بأحكام الإسلام، أي أن الطريقة التي تسلكها الحركة لا بد أن تكون منضبطة بالأفكار الإسلامية.

ولا بد أن يكون الأشخاص الذين تقوم الحركة على أكتافهم من المسلمين. فإذا قامت حركة من أشخاص غير مسلمين كالمستشرقين مثلاً وأخذت تدرس التراث الإسلامي وتعمل على نشره وتعمل على التدقيق والتحقيق فيه فلا يمكن أن نسميها حركة إسلامية.

ويصح أن نسمي حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده حركة إسلامية رغم كونهما من أركان الماسونية. ويصح أن نسمي الآن جمعيات المحافظة على القرآن أو مكارم الأخلاق حركات إسلامية. ويصح أن نسمي جماعة التبليغ وجماعة السلفيين وجماعة الشيخ عبد الله الحبشي حركات إسلامية. ومن الحركات الإسلامية السياسية جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله وحزب التحرير وحركة الجهاد الإسلامي. وهناك حركات إسلامية كثيرة في باكستان والهند وأفغانستان وتركيا ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية.

وأما اللقاء الإسلامي في بيروت فإنه تجمع علماني ولا يصح أن يطلق عليه أنه حركة إسلامية وكذلك المجلس الشيعي الأعلى هو تجمع علماني وليس حركة إسلامية. وحركة الاتجاه الإسلامي في تونس (حركة النهضة) ليس حركة إسلامية بل هي حركة علمانية. إذ أن هذه الفئات من اللقاء الإسلامي والمجلس الشيعي الأعلى وحركة الاتجاه الإسلامي تنادي علناً بالعلمانية فليس هدفها خدمة الإسلام وليست طريقتها الالتزام بالإسلام.

وأما الأفغاني ومحمد عبد فكانت ماسونيتهما ليست جزءاً من حركتهما الدينية.

السؤال 2: إذا انضم شخص إلى حركة إسلامية وبايع أميرها، فهل يحل له شرعاً أن ينقض بيعته ويترك هذه الحركة.

الجواب 2:

هناك حالات مختلفة. فإذا كان في ظرف بحيث يؤدي تركه للحركة إلى حصول أضرار لا يجيزها الشرع فليس له أن يترك الحركة. أما إذا تغير هذا الظرف فإن له أن يستقيل بيعته من أمير الحركة فإن أقاله فيها وإن رفض إقالته فإنه ينظر، فإن كان يريد ترك الحركة إلى عمل أفضل شرعاً فإن له أن يترك ولو رفض الأمير إقالته. وذلك بناء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فائت الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك» وانضمام الشخص إلى كتلة إسلامية هو عمل خير وبيعة الأمير هي عبارة عن تعهد بالعمل تحت إمرته وبطاعته ضمن حدود إمارته. وهذه البيعة أو هذا التعهد إن كان موثقاً بيمين فإنه يندرج تحت الحديث وإن لم موثقاً بيمين فالتحلل منه من باب أولى.

فإذا كان المسلم في كتلة إسلامية ثم اقتنع أن كتلة إسلامية أخرى هي أصلح وأقرب إلى الحق فإنه مطلوب منه شرعاً أن يترك الكتلة الأولى وينتقل إلى الكتلة الأصلح.وإذا كان اقسم عليه أن يكفّر عن قسمه، وإذا كان قد باعي عليه أن يتحلل من بيعته، وتحلله يكون بإعلام أمير الكتلة بعزمه على تركها وأن يسلم لها أغراضها إذا كانت لديه، وعليه أن يكتم سرها الذي كانت تأمنه عليه ما دام ذلك مشروعاً.

أما إذا كان وجود الكتلة فرضاً، وكان وجوده هو في الكتلة فرضاً، ولم يجد أمراً افضل يريد الانتقال إليه، بل يريد فقط أن يرتاح من أعباء حمل الدعوة فإن مثل هذا لا يحل له شرعاً التنصل من بيعته، ولا يحل للأمير أن يقبله بيعته. لأن عمل الكتلة فرض كفاية وما دامت الكفاية غير حاصلة فلا يجوز ترك العمل بل يجب على بقية المسلمين الانضمام إلى الكتلة حتى تحصل الكفاية، والذي لا ينضم إليها بعد تبيان الأمر له واقتناعه به يكون آثماً عند الله.

وهذا يختلف عن بيعة الخليفة فوجود بيعة للخليفة في عنق المسلم هو فرض عين وليس فرض كفاية، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» المبايعة الفعلية للخليفة فرض كفاية، وأما وجود بيعة في عنق المسلم فهو فرض عين. ولا يجوز للمسلم إلا أن يضمر في نفسه أن هذا الخليفة هو أميره وخليفته وأن يكون مستعداً لطاعته حين يأمره، وهذا هو معنى وجود البيعة في عنقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *