العدد 19 -

السنة الثانية – العدد السابع – ربيع الثاني 1409هـ، الموافق تشرين الثاني 1988م

فكر إسلامي: العام الدراسي الجديد نظرة شاملة لمناهج التعليم

بقلم: حافظ صالح

بمناسبة بدء العالم الدراسي الجديد، وما يوحي به، تطغى على المجتمع حركة غير عادية، فالمكتبات تغص بالناس الذين توافدوا إليها لتأمين حاجات أولادهم من الكتب والقرطاسية، التي لا غنى لهم عنها. وكذلك الحال بالنسبة لمحلات الأحذية. والملابس الولادية، فالإقبال عليها أكثر من مناسبة العيد ولبس الجديد، وتكاد تقرأ في وجوه الجميع فرحة ممزوجة بالألم والمرارة، فرحة بالتحاق الطلبة بمدارسهم، ومرارة وألم من الغلاء الفاحش الذي لا يتناسب مع مدخولهم، والذي لا بد من مواجهته عند تأمين حاجاتهم، ودفع الرسوم المترتبة عليهم. حتى كاد الألم والمرارة أن يغطى على أحاديث الناس جميعاً، من لهم أولاد، ومن ليس لهم أولاد لأن إحساس المجتمع واحد، ومشاعر الناس واحدة، وخصوصاً مشاعر الحزن والمرارة. وتعبيراً عن وحدة الشعور عن الجماعة فقد تناقلت الأجيال قولاً صادقاً «نم يا جاري بخير كي أنام مثلك» ومفهومه أنه إن كان جاري بخير فأنا بخير، وإن أقلق جاري أمر أو أزعجه حدث، فإنني أحس بما يحس به فيقض مضجعي، ويمنعني من النوم كما منعه.

أما الفرحة الممزوجة بالألم والمرارة، فإنها تبرز على وجوه أولئك الذين تمكنوا من تأمين الرسوم، وحصلوا على حاجتهم من الكتب، بغض النظر عن الكيفية التي تم بها تأمين ذلك.

تزاحم الجميع على أبواب المدارس للتسجيل بعد أن أموا رسم التسجيل والقسط الأول، وتزاحموا على أبواب المكتبات التي تبيع الكتب الجديدة أو المستعملة، وتزاحموا على محلات الأحذية والملابس. وتسللوا لواذاً للبحث عن مورد يغطي هذه النفقات، هبة أو منحة أو قرضاً حسناً. وقد أراقوا ماء وجوههم في محاولة الحصول على معونة من الحريري أو غيره من المؤسسات الخيرية، إلا أن أحداً منهم لم يسأل عن برامج المدرسة أو مناهجها، وما هي التربية والتعليم التي يريد أن يرسل ولده إليها. فأية تربية هذه، وأي تعليم يا ترى؟

من دَور الحضانة حتى الثانوية العامة. مرحلة دقيقة جداً في حياة الفرد. مرحلة بناء عقليته وتنظيم سلوكه، وبناء شخصيته، يصحوا الفرد في الصباح منشغلاً بإعداد نفسه للذهاب للمدرسة يقضي فيها سحابة يومه، ويغفو وهو يستعد لليوم التالي، وليس لأهله في تنشئته إلا دور يسير يقتصر على التوجيه والإرشاد، ولهذا سميت المعارف: التربية والتعليم. ووضعت البرامج والمناهج على هذه القاعدة ـ التربية والتعليم ـ كما يزعمون. سواء في ذلك المدارس الرسمية أو المدارس الأهلية المجانية منها والتجارية. فما هي هذه البرامج التربوية التي وضعت لتحقيق تربية صحيحة، وإيجاد عقليات ناضجة، وبناء شخصيات قوية بسلوك سليم.

التربية والتعليم:

ماذا تعني هذه العبارة؟

أن ما يتبادر للذهن من منطوق هذه العبارة أمران: انتظام السلوك، وتنمية المعارف. فالتربية هي رعاية الطفل من حيث سلوكه في الحياة، وتوجيه الوجهة الصحيحة في تعامله مع نفسه وأهله وغيره. ومراقبة هذا السلوك، ومعرفة مدى التزام الطفل بما يعطي من مفاهيم، وما نغرس في نفسه من قيم. بحيث تكون هذه المفاهيم والقيم في دائرة إيمانه حتى تأخذ دور العراقة والتركيز وتصبح جزءاً من تكوينه، حتى تصلح لأن تبنى عليها عقليته، وتصقل بها نفسيته وتقوى بها شخصيته. وليست مجرد معلوما يتلقاها الطالب، أو زيادة معارف يدرسها. بل هي مفاهيم تعالج سلوكاً معيناً، ومراقبة في تنفيذ هذه المفاهيم، أي مراقبة التزام الطالب بها، وإجباره على الالتزام بها.

وهذا يتطلب وضع منهاج قويم، وبرنامج سليم، يبين نوعية ما نحتاجه في مرحلة ما من مفاهيم ووضع مثل هذا المنهاج يتطلب معرفة مقومات الفرد، والمراحل التي تعطى فيها هذه المقومات، توجيهاً أو إلزاماً. ومعرفة المراحل لا تقل أهمية عن معرفة المقومات نفسها. فهناك السن ما بين ولادته والسابعة من عمره، وهناك السن ما بين السابعة والعاشرة، وهناك السن ما بين العاشرة والخامسة عشرة، وهي سن البلوغ في الغالب، وهناك سن الرشد وهي ما بعد الثامنة عشرة على الأغلب الأعم. فمعرفة هذه المراحل تقتضي معرفة ما يلزمها من معالجات، وما يعوزها من أفكار تقتضي معرفة ما يلزمها من معالجات، وما يعوزها من أفكار ومفاهيم، حتى يكون المنهاج قويماً، والبرنامج سليماً. فالمرحلة ما بين السابعة والعاشرة محلة الرعاية بالتوجيه والإرشاد، والتأنيب في القصاص. مراعياً ما يتناسب مع هذا الطالب في هذه المرحلة. أما المرحلة الثانية وهي ما بين سن العاشرة حتى سن البلوغ، فهي مرحلة دقيقة جداً في تربية الطالب، وتطلب عناية خاصة وهي ما يقال فيها سن المراهقة، ولذلك تسمى مرحلة التأديب والتأديب يقتضي المقاصصة، وإيقاع العقوبة. قال : «مروهم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر». فالصلاة عمل من أجلّ الأعمال وأفضلها، نأمر الأطفال بها هم في سن السابعة أي نلزمهم بها، ولكن لا نعاقبهم، وأما بعد العاشرة فإننا نضربهم عليها إن امتنعوا عن أدائها. وهذا يعني بداية مرحلة جديدة في الحياة، وتقتضي أساليب جديدة في التأديب والرعاية لم تكن في المرحلة السابقة لها. وأما ما بعد سن البلوغ، فهي مرحلة اكتمال الشخصية، وبدء تحمل المسؤولية، فلا بد أن يكون أسلوب التعامل مع الطالب فيها مختلفاً تماماً عن المرحلة التي قبلها. حتى إذا بلغ سن الرشد. تولى شؤون نفسه. ففي قوله تعالى: ]فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ[ من حيث أن مسؤولية استلام المال والتصرف فيه وتنميته من أهم الأعمال وتتطلب مزيداً من الاهتمام والوعي. هذه نبذة يسيرة عن أهمية الوعي على مراحل التدريس ـ وأعني مراحل التربية، وما تتطلبه من حسن الرعاية والتوجيه، هذا من حيث المراحل، أما من حيث منهاج التربية ـ ولست أدري إن كان هناك مدرسة وضعت منهاجاً محدداً للتربية ـ وبتعريف التربية قلنا أن التربية هي تنظيم سلوك الفرد في الحياة ومراقبة التزامه بهذا التنظيم، ابتداءً من طفولته وانتهاءً برجولته ورشده. فما هي مقومات هذا السلوك. بل ما هو هذا السلوك، وما النظام الذي ينتظمه؟ وبتعبير آخر ما هي مقومات الفرد التي تجعل منه فرداً سوّياً قويماً؟ وبالإجابة عن هذا السؤال نقول: إن مقومات الفرد كما عرفها أهل العلم بهذا الفن، هي العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة.

أما العقيدة فلكونها القاعدة التي تنبثق عنها مفاهيمه المسيّرة لسلوكه. وهي القاعدة الفكرية التي تبنى عليها جميع أفكاره، وهي التي تحدد وجهة نظره في الحياة، وهي التي تبين له معنى وجوده في الحياة. فلا بد أن تكون هذه العقيدة واضحة قوية متينة، مبنية على العقل، بعيدة عن الخزعبلات والترهات. بعد هذا فإن من المعروف أن الإنسان له علاقات ثلاث، علاقة بربه في العبادات، وعلاقة مع نفسه بالأخلاق والمطعومات والملبوسات، وعلاقة مع غيره من الناس بالمعاملات.

هذه هي، الأعمال التي يقوم بها الإنسان في الحياة، وهي التي يراد لها التنظيم والتوجيه. فإن كان هذا التنظيم منبثقاً عن تلك القاعدة الفكرية ـ العقيدة ـ كانت شخصية الفرد مستقيمة سوية وإلاّ فإنها ستكون مليئة بالتناقض والاختلاف، مسببة له القلق والاضطراب مما يؤدي به إلى الشقاء والتعاسة. وعلى كل حال، نريد أن نسأله واضعي برامج التربية: هل وضعوا نظاماً يعالج هذه المسألة؟ وهل سأل الناس القائمين على المدارس المتعاملين معها إذا وضعت ضمن مناهجها منهجاً للتربية تقوم على إعطائه للطلبة وتراقب التزامهم به؟ وهل فكر أصحابُ أنفسُهم، أو الوزارةُ المسؤولةُ بمثل هذه المسألة ليضعوا لها الحال المناسب؟ إننا لمن نلمس شيئاً من هذا. وقد اعتذروا بسبب اختلاف العقائد في مجتمعهم. مع أن الحقيقية هي خلاف ذلك من حيث أن منطقة الشرق الأوسط بكاملها، وأعني العالم الإسلامي لم يلتفت لهذه المسألة، بل ولم يسمح له بوضع حل لها. فالعبادة والأخلاق والمعاملة في الحياة لا دخل للمدرسة فيها. وإذا كان ذلك كذلك فلماذا استبدلت التربية والتعليم بالمعارف؟ إن هذا لشيء عجاب.

المعارف العلمية والمعارف الثقافية:

وأما التعليم فالمنهج الذي وضع لذلك بما احتواه من مواد. فقد مزج ما بين المعارف العلمية والمعارف الثقافية، التي يمكن أن يكون لها بعض الأثر في السلوك وبناء الشخصية. فاللغة مثلاً من المعارف الثقافية، وهي الأداة الوحيدة التي يعبّر بها الإنسان عن رغبته، ويقضي بها حاجته، ويفصح بها عن المعاني في داخل نفسه.

والتاريخ الذي يربط بين ماضي هذا الإنسان وحاضرة. فماذا كان نصيبها في مناهج مدارسنا، وما هو مدى الاهتمام بهذه المواد.

إن المرحلة الدراسية من سن الطفولة حتى سن الرشد هي المرحلة التي يجب أن يتم فيها بناء شخصية الطالب بحيث يصبح رجلاً يعرف نفسه ويعرف معنى وجوده في الحياة، وله عقلية تفهم الأمور بطريقة معينة مميزة وله نفسية تسير حسب المفاهيم التي آمن بها. فإذا ما استقامت شخصيته على هذا الأساس عمد إلى تنمية عقليته وصقل نفسيته وتقوية شخصيته بما يشاء من المعارف التي تحقق له أهدافه في الحياة وتبلغه غاياته.

ونظراً لغياب هذا المفهوم عن قصد أو عن غير قصد، فإن مجموعة المعارف التي تعطى للطالب في هذه الفترة من حياته، لم تكن عملية بناء الشخصية هدفاً، ولذلك فلم توضع البرامج المناسبة لتحقيق هذه الغاية، ولغياب هذا المفهوم عن الناس لم يتقدم أحد من الناس ليحاسب الدولة أو المدرسة أو من بيدهم وضع القرارات عن هذا الأمر.

هذه ناحية، وأما الناحية الثانية، فإن نظرة بسيطة في مناهج الدراسة جميعها تظهر أن هذه المناهج قد وضعت عن عمد لتخريج طلبة ليس لشخصياتهم لون معين. وأكثر من ذلك يتبين أن هناك مواد فرضت عليهم لتكون عبئاً يرهق كواهلهم في هذه المرحلة وليس من ورائها أية فائدة تذكر على الإطلاق. من هذه المواد:

تاريخ أوروبا، أو تاريخ اليونان، أو تاريخ الرومان, أن الإنسان القديم أو غير ذلك. في الوقت الذي اقتصر فيه على الصورة القاتمة من تاريخنا، إلا لماماً، في حالات محاولة إخفاء هذا القصد.

وأما الجغرافيا فقد وضعت البرامج لتكريس مفاهيم الوطنية أو الإقليمية أو القومية. وكأن ما وضعه سايكس وبيكو، حق طبيعي لا يجوز الخروج عنه.

اللغة:

وأما اللغة، فقد فرض على الطلبة دراسة اللغة الأجنبية منذ الحضانة حتى الثانوية العامة، بل وفي الجامعة أيضاً إن كانت الجامعة في أي بلد من بلاد المسلمين، وحتى لو كانت المادة التي يريد أن يتخصص بها هي اللغة العربية أو الشريعة الإسلامية، فاللغة الأجنبية مادة أساسية إن رسب فيها رسب، ولو بلغ في الشريعة حد الاجتهاد. أو بلغ في اللغة العربية قدرة الكسائي أو سيبويه.

هل سأل أهالي الطلبة، والطلبةُ أنفسُهم ما الفائدة من دراسة اللغة الأجنبية؟ هذا مع العلم أن لها الحظ الأوفر من الحصص والتدريس. فقد تساوت مع اللغة العربية، اللغة الأم كمادة وزادت عليها بدراسة العلوم والرياضيات باللغة الأجنبية. وهناك نكتة أخرى وهي أن أستاذ اللغة الأجنبية مجبر أن يتحدث مع تلامذته باللغة الأجنبية فقط. أثناء الحصة على الأقل. أما أستاذ اللغة العربية فإنه ليس ملزماً بذلك، فهو يدرس اللغة العربية ويتحدث باللغة الدارجة بلا حرج. وفي الغالب فهو لا يجيد التحدث بها.

أعود للقول، هل جرب الطلاب أن يسألوا أساتذتهم عن فائدة ذلك؟ وهل جرب أولياء أمورهم أن يسألوا أو يتساؤلوا؟ وهل جرب القائمون على هذا الأمر من المخلصين توجيه هذا السؤال لصاحب القرار: لمَ وضعت اللغة الأجنبية في برامج التربية والتعليم؟ وهل هي جزء من التربية.

إن الذريعة التي أدخلت فيها اللغة الأجنبية إلى المدارس قد ولت، وفقد كانت الذريعة تمكن الطالب من مواصلة تعليمه الجامعة أو متابعة التعليم العالي، إلى غير مما هنالك من الأسباب والمبررات. حتى تمكن الغرب وأعوانه من جعل لغته هدفاً لذاته، وغاية يسعى الناس للتبرك بمعرفتها. أما آن لنا أن ندرك أن هذه الآفة إنما وضعت بل فرضت لتثبيت ثقافته، وهيمنة مبدئه، وإحكام قبضته على النفوس كما أحكمها على السياسة والسياسيين.

إن الشبهات التي يتذرع بها بعض الناس حول فائدة دراسة اللغة الأجنبية، لا تصلح لأن تجعل اللغة الأجنبية مؤهلة لأن تدرّس في معهد، لا أن تدخل ضمن برامج التعليم. إن هذه الشبهات هي:

1- مواصلة التعليم الجامعي، والتعليم العالي.

2- متابعة البحوث العملية.

3- الحياة العملية.

1- الشبهة الأولى وهي مواصلة التعليم الجامعي والتعليم العالي:

كان من الممكن أن تكون هذه الشبهة موجودة، حين كان الطالب مجبراً على مواصلة دروسه في الجامعات الناطقة بتلك اللغة الأجنبية. أما الآن وقد أصبحت جامعات العام بأسره مفتوحة أمام الطلبة، وأصبح الإقبال على جامعات أوروبا الغربية والشرقية، كاليونان وأسبانيا وإيطاليا وألمانيا ويوغوسلافيا وبلغاريا والاتحاد السوفياتي، أصبح الإقبال أكثر بكثير من الإقبال على فرنسا وبريطانيا. ولم يحتج الطالب الذاهب لتركيا أو الاتحاد السوفياتي أو رومانيا أو ألمانيا، إلا لسنة تحضيرية تماماً كالطالب الذاهب إلى باريس أو لندن. هذا بالإضافة إلى الجامعات المحلية التي لا تحتاج لمثل هذه السنة التحضيرية والتي تستوعب غالبية الطلبة الراغبين بمواصلة تحصيلهم العلمي.

من المعروف أن نسبة النجاح في الحصول على شهادة التوجيهية العامة ـ البكالوريا ـ أو الفلسفة. لا تتعدى 40% من عدد الطلبة فلو افترضنا مدرسة فيها مائة طالب تقدموا للامتحان فإن ذلك يعني أن 40 طالباً فقط سينجحون. فما نسبة الذين سيواصلون تعليمهم الجامعي من هؤلاء. إن نسبتهم لا تتعدى 50% كذلك أي أن عشرين طالباً فقط سيواصلون تعليمهم الجامعي من مجموع مائة طالب، وما نسبة الطلبة الذين سيلتحقون بجامعات بريطانيا أو جامعات فرنسا. بعد أن تفتحت جامعات العالم أمام الطلبة مثل ألمانيا وأسبانيا واليونان من الدول الغربية ومثل دول أوروبا الشرقية وروسيا. فإن نسبة من يذهب إلى باريس ولندن لا تتعدى 10% من عدد الناجحين، أي أن الذين سيذهبون إلى فرنسا أو لندن من مجموع المائة طالب اثنان فقط. وحتى هذان الاثنان لن يستفيدوا اختصار سنة من دراستهم لأنهم مثلهم مثل من يذهب إلى اليونان أو إلى روسيا سيقضون سنة لغة أو ما يسمى بسنة تحضيرية فأين تلك الفائدة التي حصلنا عليها من تدريس اللغة الأجنبية. فهذه حجة داحضة.

2- الشبهة الثانية:

ترد الشبهة باعتبارها مسؤولية الدولة فهي المسؤولة عن إيجاد جهاز ترجمة يتحف الجامعات والطلبة بترجمة ما يصدر عن العالم من بحوث علمية، ومن بلدان العالم كافة، وليس الأمر مقتصراً على اللغة الإنجليزية أو الفرنسية. وأظن أن علماء ألمانيا والاتحاد السوفياتي وأمثالهم لا يكتبون بلغة غير لغتهم الأم.

3- الحياة العملية:

من المعروف بداهة أن هؤلاء الخريجين سيعودون إلى بلدانهم أو منطقتهم لإفادتها وإفادة أنفسهم مما اكتسبوه من العلم والمعرفة، وعليهم أن يتعاملوا مع الناس بلغتهم وليس باللغة الأجنبية. وأما النزر اليسير ممن له علاقة بالعالم الخارجي فليس الأمر مقتصراً على هذه اللغة التي تدرس في مدارسنا، ولا مبرر في ذلك لتوضع اللغة الأجنبية في مناهج الدراسة وعلى من لهم مثل هذه العلاقات أن يدرسوا اللغة التي يشاءون في معاهد اللغات. وليست في المدارس.

وأخلص إلى القول أن الأمم التي تحترم نفسها والتي تسهر على بناء شخصيات مواطنيها، لا يمكن أن تضع في مناهج طلابها لغة غير لغتهم الأم ولا تحملهم ثقافة غيرهم وإنما تنمي عقلياتهم بمعارف منبثقة من عقيدتهم، وتشد مشاعرهم إلى أمتهم التي إليها ينتمون فأمة تخجل من تاريخها لا تستحق الحياة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *