العدد 19 -

السنة الثانية – العدد السابع – ربيع الثاني 1409هـ، الموافق تشرين الثاني 1988م

أخبار المسلمين في العالم

 مجلس الأمن والحيتان وقصف مسلي لبنان

أرأيتم لو أن أحداً أخبركم أن أميركا رؤوفة بالبشر وحتى بالحيوانات أكنتم تصدقون ذلك؟ وهل تصدقون إذا سمعتم أن روسيا أصبحت تهتم حتى بحقوق الحيوان؟ إن ما يثير هذه التساؤلات هو ما حصل من وفاق روسي أميركا على إنقاذ حوتين محاصرين بالجليد، واستُنفرت كاسحات الجليد وحُشد عشرات المتطوعين والإسكيمو لإنقاذ الحوتين، واستمرت عملية الإنقاذ الشاقة عدة أيام وتُوّجت عملية الإنقاذ الأميركية الروسية المظفرة بالنجاح، وخلال عملية الإنقاذ تلك وقبل يومها الأخير كانت الطائرات الأميركية الصنع التي في حوزة اليهود تقصف مستوصفاً في جنوب لبنان وتقتل وتجرح من فيه. بما فيهم طفل لا يتجاوز عمره الأربع سنوات، ثم بالإضافة إلى عشرات القتلى والجرحى وتكرر القصف في اليوم التالي ووصلت الطائرات الأميركية الصنع إلى التلال المحيطة بمدينة بيروت وقصفت عدة أماكن، أما المدفعية البعيدة المدى فقد مشطت قرى عدة حتى طاولت مدينة صيدا، كل ذلك حصل وكلٌّ من أميركا وروسيا منهمكتان في إنقاذ الحيتان، حتى يكاد المرء يتساءل وهو حائر لماذا لم تدعُ أميركا وروسيا مجلس الأمن للاتفاق على خطة لإنقاذ الحيتان المحاصرة بالجليد؟! أم أنهما لا تريدان أن يقاسمهما العالم بينهما في ظل الوفاق المتجدد. وعلى ذكر مجلس الأمن هل تناهى إلى سمعكم أن مجلس الأمن الذي تهيمن عليه أميركا لم يستنكر القصف الإسرائيلي حتى مجرد كلام استنكار (مع عدم فائدته) وأن مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة احتج على «الصمت المطبق» الذي تلتزمه المنظمة الدولية ومجلس الأمن بعد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وأنه قام بتقديم مذكرتين إلى دي كويار بهذا الخصوص، هذا مع ملاحظة أن مجلس الأمن وكل المنظمات الدولية لا تعني للمسلمين شيئاً من مقياس الإسلام، ولكن الدول التي انضمت إليه قامت بعملها هاذ حتى يقوم ذلك المجلس بتحصيل حقوقها، وحمايتها من العدوان والظلم، ولكنه خيّب آمال جميع المخدوعين والمنقادين له طوعاً أو كرهاً، ولم يتدخل المجلس حتى بكلمة استنكار لا تسمن ولا تغني من جوع، فعلاً إن من يسمع بقصة الحيتان فإنه من حقه أن يقترح تسمية مجلس الأمن باسم جديد هو (مجلس الحيتان الكبيرة) لأن ذلك أقرب إلى واقعه، ومن يسمع بقصة الحيتان لا يسعه إلا ترديد المثل القائل «الذين استحوا ماتوا» وأن يردد أيضاً مع الشاعر:

قتلُ امرءٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغْتَفَر

وقتلُ شعب آمن مسألةٌ فيها نَظَر

ولا تنس أن نذكر بالرحمة والشفقة التي تمارسها روسيا على مسلمي أفغانستان تماماً مثلما عطفت على الحيتان المحاصرة فهي تمطرهم كل يوم بقذائف طائراتها وأسلحتها وذلك من شدة عطفها على الإنسان. أرأيتم كيف تنظر كل من روسيا وأميركا إلى الإنسان المسلم نظرة هي أصغر بكثير من نظرتها إلى الحيوان والحيتان؟!

من نتائج فك ارتباط الضفتين

برزت في الأسابيع الماضية النتائج الأولى لفصل الضفة الشرقية عن الغربية (بقرار أردني) ومن هذه النتائج انخفاض القيمة الشرائية للدينار الأردني واضطرار السلطات إلى تعويمه وإلى اتخاذ البنك المركزي لبعض الإجراءات وأهمها:

1- فك ارتباط الدينار بحقوق السحب الخاصة. 2- السماح بالإيداع بالعملات الأجنبية في البنوك المحلية. 3- يقوم البنك المركزي بتحديد سعر صرف الدينار يومياً على ضوء العرض والطلب.

ويبدو أن القلق الذي عاشه سكان الضفتين من جراء عملية الفصل تلك قد ظهرت بوادره في الدينار الأردني خصوصاً وأن الأنباء تشير إلى أن رجال الأعمال وكبار المستثمرين قد سمعوا تأكيدات من الجهات المسؤولة بأن الانفصال هو أمر جدي ويشمل الاقتصاد كما يشمل الأفراد. ولوحظ تراجع في بعض القطاعات الاستثمارية وتريث في تحويلات العملات من خارج الأدرن، وانخفاض في أسعار العقارات، مما أثار غموضاً اقتصادياً لا يشجع على الاستثمار، ولوحظ أيضاً هروب من الدينار باتجاه العملات الأجنبية، فكان أن قامت السلطات مؤخراً بفرض قيود على الصيارفة وعلى خروج العملات الأجنبية خارج الأردن وذلك بدعوى أن البنك المركزي يريد تعزيز احتياطيه من العملات الصعبة مما يشكل خطوة أولى لدعم الدينار.

العالم الإسلامي يدعم ثورة مسلمي فلسطين ولكن إعلامياً فقط

التأم شمل وزراء الإعلام للعالم الإسلامي في جدة بالسعودية، وقرر المؤتمر عدة قرارات وهي:

1) إرسال الوفود إلى فلسطين المحتلة. 2) نشر الوثائق والكتب. 3) الأفلام التلفزيونية. 4) إحياء يوم التضامن الإسلامي مع الشعب الفلسطيني بمناسبة مرور عام على الثورة. 5) مسيرة تضامن لأطفال العالم مع أطفال فلسطين. 6) دعم جمعيات الصداقة. 7) تنفيذ البرامج. 8) خطة تكميلية على الساحة الأميركية. 9) حساب خاص لتمويل البرامج.

وهكذا قام حكام العالم الإسلامي برفع العتب إعلامياً حتى يتجنبوا مقاتلة اليهود عسكرياً، ولا زال أطفال فلسطين بانتظار الخطط والمؤتمرات والقرارات التي يعدهم بها حكام العالم الإسلامي.

«المراهنة على انتخابات الأعداء»

في كل أربع سنوات تتكرر الانتخابات الأميركية وكذلك الإسرائيلية وتتكرر ملهاة مراهنة المسلمين على نتائجها لأنهم يأملون أن يصل إلى قمة السلطة من هو أقل تشدداً من سلفه ويتوقعون منه أن يهتم بهم وبقضاياهم، هذا إن كان المرشح أميركياً، أما إن كان المرشح يهودياً فإنهم يتوقعون منه أن يتخلى لهم عن قطعة من الأرض مقابل السلام المزعوم، وفي الأيام الماضية التي جَرَت فيها الانتخابات الإسرائيلية فإن كثيراً من المسلمين حَبَسُوا أنفاسهم بانتظار نتائج الانتخابات، وحين برز تفوق حزب شامير (الليكود) أصيب المراهنون بخيبة أمل وشملت تلك الخيبة بعض الزعماء العرب وقادة المنظمة الفلسطينية.

ومن المؤسف والمخزي معاً أن المراهنة على شخص العدو هي ظاهرة انحطاط وتخلف ولا تليق بالأمم الحية التي تحترم نفسها، فالعدو هو العدو مهما تغيرت الأوجه، والسياسة الأميركية لا يرسمها ريغان أو خليفته، ولا السياسية الإسرائيلية يرسمها شامير أو من ينافسه في الانتخابات، فسياسة الدول تُرسم للمدى الطويل الذي يتجاوز السنوات الانتخابية ويتجاوز تغيير الأشخاص، والإنسان يُراهن وينتظر من عدوه أن يغير موقفه وموقعه كرمى لسواد عيونه هو إنسانٌ ساذج ومخدوع، ويعيشُ في الأوهام وحينها يكون بطن الأرض خيرٌ له من ظهرها.

حكام السودان يتخبطون في مشاريع القوانين

إمعاناً في التضليل صوتت الجمعية التأسيسية السودانية بالأغلبية على مشروع قرار يعهد إلى اللجنة التشريعية المنبثقة عن الجمعية التأسيسية بدراسة ثلاثة مشاريع قوانين يقال أنها (مستوحاة من الشريعة الإسلامية) وقد تم إعداد المشروع. الأول من قبل الصادق المهدي وحزبه (حزب الأمة) وبالاشتراك مع الحزب الحليف في الائتلاف الحكومي (الحزب الاتحادي الديمقراطي) أما المشروع الثاني فقد أعده تحالف الإنقاذ الوطني، وأما المشروع الثالث فقد أعدته الجبهة القومية الإسلامية.

هذا مع العلم بأن كلاً من حزب الأمة والحزب الديمقراطي هي أحزاب قومية ووطنية لا تنظر إلى الإسلام النظرة الصحيحة النابعة من العقيدة، فكيف تسن قوانين يقولون عنها بأنها إسلامية؟ أما التجمع الذي أعد المشروع الثاني والذي يُدعى تحالف الإنقاذ الوطني فإنه يتألف من أحزاب يسارية وقومية ونقابات مختلفة، فكيف ستكون حال مشاريع القوانين التي تقدم بها هؤلاء وأسموها إسلامية؟ وأي إسلام هذا الذي سيطبق على مسلمي السودان والذي توضع قوانينه من قبل التجمعات والأحزاب اليسارية والوطنية والقومية. خصوصاً وأن من النماذج في تلك المشاريع هنالك وثيقة تنص على عدم تطبيق (قوانين إسلامية) جديدة في العاصمة الخرطوم وذلك مراعاة للتنوع السكاني الذي يعيش في العاصمة!.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *