العدد 18 -

السنة الثانية – العدد السادس – ربيع الأول 1409هـ، الموافق تشرين الأول 1988م

بريد «الوعي»

نشرت «الوعي» في العدد الماضي مقالاً تحت عنوان «حوار بين الديمقراطية والشورى» وقد جاءنا من أحد الأخوة القرّاء توضيح يتعلّق بالمقال المذكور. ونحن هنا نورد هذا التوضيح وجزى الله هذا القارئ والكاتب عنّا كل خير.

السيد: على أحمد مدكور

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فإني أحمد الله لكم ضارعاً إليه أن يثيبكم الخير ويحسن لكم الجزاء لما تفضلتم به من بيان في مقالكم: حوار بين الديمقراطية والشورى، المنشور في جريدة الشرق الأوسط. 08/08/88 والذي تفضلت مجلة الوعي الغراء بنقله.

إن تعليقي على ما جاء في المقال ما يلي:

1- بالرغم من الرد القاطع على أن الديمقراطية ليست من الإسلام، ولا الإسلام من الديمقراطية وأن هذه الشبهة مدفوعة باختلاف المصدرين. فالإسلام وحي من عند الله. والديمقراطية فكرة من وضع الإنسان وابتكاره.

2- وبالرغم من الرد القاطع على أن الشورى لا تعني الديمقراطية. حيث أن الشورى جزئية من نظام الإسلام، الذي هو وحي من عند الله، بينما الديمقراطية فكرة ابتكره الإنسان. بالرغم من هذا الوضوح في دفع الشبهة، ألا أنني أريد أن أضيف شيئاً لما جاء في مقالك وهو:-

أ- إن الرد بهذه الكيفية على هذه الشبهة إنما يعني التسليم بوجود شبه بين الديمقراطية والشورى، وهذا منزلق خطر شاء الغرب أن نقع في مثل هذا المنزلق. فعلينا الحذر في مثل هذا الأمر. لأنه لا يصح عقد مقارنة بين جزئية، وأساس. فالشورى جزئية في نظام. بينما الديمقراطية أساس تنبثق عنه جزئيات منها الشورى.

ب- أراد الغرب من هذا المنزلق أن نضع أفكاره في الميزان تضيللاً بتحميلها معان غير المعاني التي وضعت لها تعابيره. فالديمقراطية ليست الشورى، وإن الشورى جزءاً منها. والديمقراطية ليست نظام الحكم، وإن كانت تتضمن نظام حكم. أما الشورى فليست نظام حكم وإنما هي جزئية يستعملها الحاكم أي الخليفة كلما حزبه أمر، أو احتار في مسألة.

ج- أتمنى على الكاتب تعريف كل من الديمقراطية والشورى ليتبين في طرح هاتي الفكرتين للمناقشة، فالمقارنة، بينهما إقرار بوجود شبه بينهما. وحين نكتفي بالتفريق في المصدر نكون قد أكدنا وجود الشبه، وتبقى الشبهة قائمة. أما أن يكون الغرب قد سرق منا هذا المفهوم، أو أنه توصل إليه بفكره تأثراً من أفكارنا أو غير ذلك كما في أذهان بعض العامة من الناس.

– إن طرح المناقشة والحوار بهذا الشكل، يؤكد ما أراده الغرب من تضليل. من حيث أن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الشورى. وهذا المفهوم الخاطئ يكاد أن يهيمن على أذهان غالبية الأمة، وجزء كبير من علماء الدين فيها ومفكريها.

حيث أن نظام الحكم في الإسلام لا يصح أن يقال فيه أنه نظام الشورى. فالشورى ليست نظاماً. وإنما هي ـ جزئية ـ حكم شرعي يُسن للخليفة استعماله متى شاء وإنها لا تعدو أن تكن طريقة للتوصل إلى ما يغلب على الظن أنه الرأي الصواب

هـ- إن الديمقراطية مبدأ، أو قل أساس ينبثق عنه أنظمة حكم وأساليب حياة ونمط عيش معين، يقوم هذا المبدأ على أمرين:

1- أن الشعب يضع نظمه وقوانينه «مع أن كذبة كبرى».

2- أن الشعب يختار حكامه باعتماد الأكثرية «وهذه كذلك كذبة كبرى».

فاعتماد الانتخاب واعتماده الأكثرية ـ كذباً ـ واعتماده حرية الرأي، هي أفكار جزئية منبثقة من أساس. سواء تشابهت مع جزئيات الإسلام أو تعارضت فلا سبيل للمقارنة. كما لا يجوز أن نقول أن الإسلام اشتراكي أو شيوعي لوجود تشابه في إحدى الجزئيات كتحريم الربا مثلاً، أو كون الأرض المزروعة ـ أي قابلة للزرع ـ والغير مملوكة لأحد ملك للدولة. فلا يجوز أن يقال أن الاشتراكية من الإسلام أو إن الإسلام اشتراكي.

إن الشورى حكم شرعي في الإسلام وحكمها أنها مندوبة للحاكم. أما معنى الشورى أي ما هو واقعها فهي أن الإنسان حين يحتار في مسألة فإنه يلجأ لمن يثق به، ومن يرى أنه عنده القدرة على مساعدته في حل هذه المسألة. إذن هي عملية البحث عن معنى رأي من الآراء. وأما أخذ الرأي المشار به فهناك تفصيلات شرعية تبين وجوبها أو إباحتها حسب واقع الحال.

القارئ: حافظ صالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *