العدد 400-401 -

السنة الرابعة والثلاثون، جمادى الأولى وجمادى الآخرة 1441هـ ، كانون الثاني وشباط 2020م

أردوغان يفرِّغ سوريا، مرة أخرى، من مقاتلين من «الجيش الوطني» بإرسالهم كمرتزقة إلى ليبيا

أردوغان يفرِّغ سوريا، مرة أخرى، من مقاتلين من «الجيش الوطني» بإرسالهم كمرتزقة إلى ليبيا

 

أعلنت تركيا بشكل رسمي نيتها إرسال قوات إلى ليبيا للقتال إلى جانب القوات التابعة لـ «حكومة الوفاق» الليبية ضد قوات اللواء خليفة حفتر، وبدوره أبدى المبعوث التركي إلى ليبيا أمر الله إيشلر، استعداد بلاده لبناء قاعدة عسكرية في ليبيا إذا تقدمت طرابلس بطلب بهذا الشأن، على غرار القاعدتين التركيتين في الصومال وقطر. ويقف وراء التدخل التركي هذا أن ليبيا بلد نفطي ويتاخم طرق تجارية هامة في البحر المتوسط، كما يقول أويتون أورهان من مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط. إلى ذلك يجب ذكر أن تركيا بدأت مؤخرًا في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الشرقية من البحر المتوسط قبالة قبرص، أي في الشطر الذي تسيطر عليه “جمهورية شمال قبرص التركية” التي لا تعترف بها سوى أنقرة، وهو ما يثير اعتراضًا دوليًا عليها. ثم إن هذا الإعلان من أردوغان للتدخل في ليبيا جاء بعد اجتماع لـ«منتدى غاز شرق المتوسط» الذي يضم كلًا من اليونان وقبرص وإيطاليا ومصر والأردن و(إسرائيل) وفلسطين، ولا يضم تركيا، وهذا اعتبره أردوغان مؤامرة إقليمية تعمل على عزل تركيا في المنطقة وهذا ما أضاف إلى المنطقة عامل نزاع جديد، وفي هذا النزاع على النفط والغاز تحتاج تركيا إلى حلفاء في جانبها، وحكومة طرابلس بين من يضمن الولاء لأنقرة. إذًا الصراع سياسي تجاري.

هذا الإعلان التركي بإرسال قوات تركية إلى ليبيا واكبته معلومات عن إرسال مقاتلين من «الجيش الوطني» التابع لها برعاية الجيش التركي ليكونوا قوات رديفة له في مهماته القتالية هناك. وعن العرض التركي للمقاتلين ذكر أنه من المفترض أن يحصل مقاتلو «الجيش الوطني» على أجر شهري مقابل مهامهم القتالية في ليبيا يصل إلى 2000 دولار أميركي للمجندين، وحوالى 2500 للمختصين بأنواع محددة من العتاد الحربي والأسلحة الثقيلة. والمعلومات تفيد بأن مئات العناصر من فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا توجهوا منها إلى الأراضي الليبية.

الوعي: إن إعلان أردوغان هذا داخل في لعبة المصالح المادية والصراع عليها، وهو لا يختلف فيها عن سائر حكام المسلمين العملاء للغرب. وهو لا يقيم وزنًا للإسلام في كل قراراته السياسية، وتاريخه السياسي يشهد له بذلك؛ فهو كان إلى جانب القوات الأميركية في غزوها لأفغانستان من ضمن القوات المتعددة الجنسيات (إيساف) والتي تسببت بقتل المسلمين هناك واحتلال بلادهم، وهو وضع قاعدة إنجرلك الجوية العسكرية تحت تصرف أميركا في عدوانها على المسلمين في العراق من قبل، والتي تسببت بقتل المسلمين هناك واحتلال بلادهم. وهو قام وما زال يقوم بأخطر دور أميركي له في ضرب الثورة في سوريا وجعلها في حالة انكسار (سلم حلب بعد أن فرغها من المقاتلين التابعين له ليقوم بعملية (درع الفرات). ومثلها عملية (غصن الزيتون)… وها هو الآن يريد أن يفرغ سوريا من المقاتلين، ويحولهم إلى مقاتلين بأجر (مرتزقة) لخدمة مصالح بلاده الوطنية… على غرار مرتزقة شركة بلاك ووتر الأميركية وفاغنر الروسية؛ خاصة وأنه تم الحديث عن أن التطوع يجري عبر شركة أمنية… إن أردوغان هذا بات مكشوفًا، والمشكلة هي في أن من يسير معه ويحبه هو الأعمى، قال تعالى: (وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *