العدد 399 -

السنة الرابعة والثلاثون، ربيع الثاني 1441 الموافق كانون الأول 2019م

«الثورات العربية… ما العقبات التي تعترض تطلعاتها؟ وماذا يقول التاريخ عن مآلاتها؟»

«الثورات العربية… ما العقبات التي تعترض تطلعاتها؟ وماذا يقول التاريخ عن مآلاتها؟»

هذا عنوان لمقال مشترك بين الكاتبين الفرنسيين الخبيرين في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آلان غريش وجان بيير سيريني نشر بموقع أوريان 21 الفرنسي.

 بداية، يلفت الكاتبان إلى أن العالم العربي يشهد حاليًا الموجة الثانية من الاحتجاجات والانتفاضات التي كانت موجتها الأولى بدأت بتونس في ديسمبر/كانون الأول 2010م… ثم يوضحان كيف أن الثورة المضادة حشدت على أثر هذا الحراك قواتها، فجمعت بين القمع وإغداق الأموال وتقديم التنازلات الشكلية، وكيف أن المنظومة القديمة أظهرت قدرة على التأقلم والمقاومة. ويقصد بذلك أنه تم استيعاب هذه الثورات وإفشالها. وساورت البعضُ الأوهامَ، ولا سيما في الغرب، بعودة «الاستقرار» ولكن ذلك تبدد بعد حين، إذ اشتعلت من جديد نيران الثورة في عام 2019م، في السودان والجزائر والعراق ولبنان وحتى في مصر… ومن ثم يلفت الكاتبان إلى أن دوافع الموجة الثانية لم تختلف عن دوافع الموجة التي سبقتها والتي تتلخص في خضوع هذه الشعوب لحكومات استبدادية ومعاناتها من أوضاع اجتماعية لا تطاق، ورافقه تسوير الحكام أنفسَهم بجهاز أمني متربص في كل مكان، وتضييق كبير على الحريات… ويذكران أن الحَراك الجديد قد استخلص بعض العبر من الماضي، فرفض العَسْكرة ونأى بنفسه عن محاولات شق صفوفه على أساس طائفي… ولكنه وجد نفسه أنه يصطدم بعقبة كبرى، ألا وهو  ابتكار نظام اقتصادي اجتماعي جديد… ثم انتقلا إلى ذكر النقطة المفصلية التي أدت إلى إيجاد هذه الثورات وهو دافع خارجي دولي يتجلى بتأثير العولمة وانتصار الليبرالية الاقتصادية الجديدة (النيوليبرالية) المرتكز على التجارة الحرة وخطط صندوق النقد الدولي طريقًا وحيدًا للتنمية. والتي تُفرض على البلدان دون أية شفقة… ساعده دافع داخلي وهو أن القطاع الخاص لم يضطلع بمهام القطاع العام، بل استثمر كل ما نهبه في الملاذات الضريبية… كل هذا كان له أثر فادح على الشعوب، وجعل الملايين من الشباب من ذوي المؤهلات المهنية يهاجرون… وأخيراً يذكران أنه عندما هبّت الموجة الثانية من الثورات العربية، كانت أنظمة الحكم قد ازدادت وهنًا، وبات التشكيك يطال الطبقة السياسية بأسرها حيث كل قطب فيها متواطئ مع الآخرين، وهو تواطؤ كان واضحًا في لبنان والعراق بين كل الأحزاب التي غدت غنية… أم عن الحل فيرى الكاتبان أنه لن تكون هناك عودة للاستقرار دون تغييرات سياسية عميقة. فالإبقاء على النخب الحالية في الحكم يعني انتشار الفوضى العارمة التي تستفيد منها أكثر التنظيمات تطرفًا: القاعدة أو الدولة الإسلامية أو أي حركة أخرى لم تظهر بعد إلى الوجود.. والحل هو بسلوك طريق آخر يستند إلى ثقافة تعددية جديدة تبصر النور حاليًا، وإلى تنمية اقتصادية وطنية تلبي احتياجات الشعوب.

الوعي: يعترف الكاتبان هنا أن سبب تفجر هذه الثورات هو سياسة الدول الكبرى التي اعتمدت النموذج النيوليبرالي المرتكز على التجارة الحرة الذي أثقل بديون الربوية كاهل الدول ورهن مقدرات البلاد، وأفقر الشعوب، وجعل التنمية تنعدم، والبنى التحتية تهترئ، ومستوى المعيشة يتدنى بشدة… ويعترفان ضمنًا بأن هذه الثورات هي موجهة في الحقيقة إلى سياسة الغرب الاستعمارية وصنائعه من الحكام الذين كانوا أدوات هذا الغرب القذرة في النهب والإفقار والإضلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *