العدد 397 -

السنة الرابعة والثلاثون – صفر 1441هـ – ت1 2019م

المبدأ الرأسمالي ونتنه على العالم (1)

المبدأ الرأسمالي ونتنه على العالم (1)

محمد الزيلعي – اليمن

تستحوذ الحضارة الغربية على العالم، فبعد أن نشأت في أوروبا في القرن الثامن عشر، استطاعت هذه الحضارة أن تزيح الحضارة الإسلامية من مركز الصدارة، ثم لاحقتها في بلاد المسلمين حتى حلّت محلّها بعد النصر العسكري الذي حققه الغرب على دولة الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فأخذت زعيمتا الغرب آنذاك، بريطانيا وفرنسا، تخططان للقضاء على الحضارة الإسلامية وتجلياتها في حياة المسلمين، ثم لمنع عودتها إلى الوجود، وتتزعمهما الآن في ذلك أميركا. وكانت الفكرة الاشتراكية وطروحاتها العالمية تصفية الاستعمار، والسلم العالمي، ووحدة الطبقة العاملة، أول تحدٍّ جديٍّ يجابه حضارة الغرب، سيما بعد أن تركز في منظومة دول المعسكر الاشتراكي بزعامة روسيا. ولكن الاشتراكية لم تستطع أن تركّز حضارة خاصة بها، وواصل الناس تسيير شؤونهم بحسب معتقداتهم الدينية إلّا ما كان منها متصلًا بالدولة، التي كانت تسيّره بحسب الفكرة الاشتراكية التقدمية. وعند انهيار الاشتراكية، وتفتت الاتحاد السوفياتي في نهاية التسعينات، سقط التحدي الجدي الوحيد للرأسمالية وللحضارة الغربية؛ وبذلك تفرّدت الحضارة الغربية وطروحاتها الفكرية كالديمقراطية والليبرالية ونظام الحريات بالهيمنة على العالم. ولا يوجد الآن حضارة فيها قابلية التحدي وحتى الانتصار على الحضارة الغربية سوى حضارة الإسلام، وهي ما تزال مشاريع في أذهان المسلمين، أو أهدافًا تعمل لتحقيقها أحزاب وجماعات. فهل هذا الانتصار الكاسح لحضارة الغرب في العالم ناتج عن صحة أيديولوجية الغرب؟ أم أنه انتصار مؤقت سببه التفوق الغربي في مجال التكنولوجيا والعلوم والمكتشفات؟ سنحاول في هذه المقالة الإجابة عن ذلك.

إن الرأسمالية هي نظام اقتصادي منبثق عن فكرة كلية عن الحياة والكون والإنسان، ولإدراك واقع الرأسمالية والحكم عليها، لا بدّ من محاكمة الفكرة التي انبثقت عنها ألا وهي العلمانية، والتي تعني فصل الدين عن الحياة. وهذه العقيدة كان منبتها الغرب، وعلى وجه الخصوص أوروبا، ويكفي هذه الفكرة الأساسية فسادًا ونقصانًا أنها لم تكن نتاج إعمال العقل في واقع الكون والإنسان والحياة، وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها، وإن كانت تقرر أحكامًا بخصوص هذه المدركات وما يربطها بما قبلها وما بعدها، إلا أنّ هذه الأحكام التي تتعلق بمبدأ الإنسان والحياة والكون كان ناتجًا عن ردة فعل للحياة العصيبة التي عاشها الغربيون في القرون الوسطى والتي تجسدت في الصراع بين الكنيسة والعلم، وبين رجال الدين الذين يطرحون أنفسهم أنهم يمثلون الله على الأرض ورجال الفكر الذين يمثلون الحياة العلمية المرتبطة بالنواحي المادية من الحياة. ولم يكن العقل هو الحكم النهائي في حسم هذا الصراع بشكل متجرد من كل خلفية، بل دفعت الدماء التي سالت، والرعب الذي ساد، وحالة الجبروت والطغيان التي ظهرت عليها الكنيسة التي كانت تمثل الدين، وحالة القرف والامتعاض والقهر التي أدت إلى ثورة أهل العلم وأهل الفكرة، إلى أن تحسم القضية بحل وسط لعدم قدرة أحد الطرفين على إلغاء الآخر، وهو الاعتراف بالكنيسة، أي الدين، مع فصلها عن الحياة، والتي خرَّجوها على مذهب (دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله)، أي الاعتراف بالمتناقضات مع استحالة اجتماعها، فعندهم أنَّ الدين هو ضد العلم، وأن الإيمان يتعارض مع العقل؛ إذ إن الأول يتعلق بالمغيَّب وهو ما لا يمكن إدراكه، والثاني متعلق بالحس وبالواقع الملموس أو المحسوس، ولهذا جعلوا لكلٍ منهما مجاله، فالدين علاقة بين الإنسان وخالقه، ومجاله الكنيسة، والعلم ينظم كل العلائق الأخرى، ومجاله الحياة على سعتها… ومن هنا جاء التضارب في هذا المعتقد الذي يحتوي المتناقضات بحسب مفاهيمهم عن العلم والدين والعقل الإيمان؛ ولذلك كان من المحال التسليم بالعلمانية،أي عقيدة فصل الدين عن الحياة، فهي ليست مبنية على العقل وإنما على الحل الوسط، فهي تتضمن التسليم بالدين، أي الاعتراف بالخالق وبيوم الحساب، وكذلك بالحياة المادية العلمية التي هي محصلة العقل. وهكذا نجد أن هذه العقيدة ينقض أولها آخرها؛ لذلك كان لا بد من ردها وإنكارها.

إن العقل هو الأداة الحاكمة على الوقائع، وهو ما يتميز به الإنسان عن بقية المدركات. والناظر في واقع المدركات التي تشمل الكون والإنسان والحياة يجد أنها تستند في وجودها إلى غيرها؛ إذ إنها محدودة، فهي عاجزة وناقصة ومحتاجة، وبالتالي فهي ليست قائمة بذاتها، بل تحتاج لموجد أزلي واجب الوجود تستند في وجودها إليه وتخضع لنظامه وسننه. وللتدليل على هذه العقيدة هناك ما لا يمكن حصره من الأدلة العقلية والكونية التي بثَّها الله في أنحاء مخلوقاته، والتي تقطع بحتمية ارتباط الكون والإنسان والحياة بخالق خلقها جميعها.

ومن هنا نجد أن العقل هو الأداة الموصلة للإيمان، وأن أصل الدين هو محصلة نظر العقل في واقع الكون والإنسان والحياة؛ ومن هنا يتبين أيضًا بطلان تعميم قاعدة أن الدين يتناقض مع العقل؛ إذ إنه إن انطبق على العقيدة النصرانية التي يعترف أصحابها أنفسهم بعدم قدرة العقل على إثبات عقيدتهم، وأن اعتناقها يكون من جراء إلقاء الرب نعمة الإيمان في القلب، فالدين عندهم هو شيء تشعره ولا تعقله. إلا أنه لا ينطبق على الإسلام الذي يجعل العقل هو الحكم على صحة وصدق عقيدته، والموصل إليها.

فالعقيدة الإسلامية قائمة على أركان هي: الإيمان بوجود الخالق المدبر، والإيمان بأن القرآن من عند الله، والإيمان بمحمد خاتم الأنبياء والرسل، وبأن ما جاء به هو من عند الله. وهذه الأركان هي جماع العقيدة الإسلامية، وهي ما يحكم العقل المجرد عن الهوى وعن أية خلفية سوى بديهيات العقل بصحتها ومطابقتها للواقع؛ هنا نجد أن الرأسمالية مبنية على عقيدة منهارة أصلًا، ولا تصلح لأن تكون القاعدة الفكرية التي يبني الإنسان عليها حياته، فالتناقض والتضارب صارخ في أصلها، وما بني على باطل فهو باطل؛ ولذلك كانت أنظمتها للحياة باطلة، ولا تحقق سعادة البشر.

ولعل التفصيل هنا يعطي نماذج واضحة على عدم صلاحية الرأسمالية للإنسان، أي إنسان؛ لأنها لا توافق الفطرة ولا تقنع العقل؛ فتملأ النفس اضطرابًا، والقلب همًّا، والحياة بؤسًا.

والإنسان وما في فطرته من غرائز وحاجات عضوية (وهي الطاقة الحيوية التي تحتاج إلى الإشباع) قد مسختها الرأسمالية، إذ أخرجت الإنسان من تحت سلطان الله وتدبيره، مع اعترافها الضمني بوجوده، فأنكرت وجود علاقة تدبير من الخالق تضبط حياة الإنسان لإصلاح حياته، فاعترفت لِلّه بالخلق، ولكن لا أمر له بيننا، ولا حكم له على أفعالنا، فالله له الخلق فقط، وليس الخلق والأمر، وهذا على عكس ما يقوله الله تعالى: (ألا له الخلق والأمر) فأقرت حاجة الإنسان إلى خالق يخلقه، وأنكرت حاجته إلى مدبّر، وهي ما تنطق بها فطرته؛ ما اضطر الإنسان للاعتماد على ذاته ليعرف مصلحته ومنفعته، فحولته إلى وحش كلُّ همه هو إشباع أكبر قدر من اللذة الحسية الآنية؛ ولذلك كانت الأثرة والأنانية محور تفكيره. فعلى مقدار تحقيق النفعية الأنانية على قدر ما ينسجم الإنسان مع الرأسمالية، وفي هذا تشويه لفطرة الإنسان الذي لديه غرائز تعتبر من مقوماته كإنسان، وهي خارج دائرة الأنا، والتي إن لم يتم إشباعها أدى ذلك إلى شقاء الإنسان وتعاسته.

وهناك غرائز يضحي الإنسان بنفسه من أجل إشباعها، فهو يبذل نفسه رخيصة في سبيل إعلاء راية دينه أو نصر مبدئه، وهذه من مظاهر غريزة التدين، وهو يضحي بماله وبراحته وربما بنفسه من أجل أولاده، وهذه من مظاهر غريزة النوع؛ ولهذا فإن الإنسان إذا جعل نفسه مركز الدائرة التي يدور ضمنها، فإنه يشقى، والأصل في المبدأ الصحيح أن يحقق سعادة الناس.

هذا على الصعيد الفردي، أما على الصعيد العالمي، فهي تجعل العلاقات بين الدول تتحكم فيها النفعية، وتسلط الأقوياء على الضعفاء، ولا تجعل للضعفاء مكانًا في الأرض؛ إذ لا أحد يفكر فيهم ولا في قضاء حوائجهم، فهم عالة على البشر، والأَولى أن يموتوا، هذه نظرة الرأسمالية اللاإنسانية، وما الاستعمار إلا المرحلة النهائية من الرأسمالية، إذ تتسابق الدول القوية على استضعاف من كان به ضعف من أجل استغلاله وامتصاص دمه، ومن هنا تنشأ المنازعات بين الدول الاستعمارية، وبالتالي الحروب المدمرة. وباستعراض الحروب في القرنين الماضيين، نجد أن سببها التكالب على المصالح المادية، والتنازع على خيرات الشعوب، واستغلال كل ما يملكون.

وكان من أبرز هذه النظم النظام الاقتصادي الذي يهدف إلى تكثير رأس المال في المجتمع بأية وسيلة دون انضباطٍ بأخلاق ولا بقيم، وفي نفس الوقت ينظر إلى توزيع الثروة في المجتمع عن طريق أداةٍ وحيدة هي (جهاز الثمن) وهذا الأمر ولّد أمورًا كثيرة في المجتمع جلبت الدمار والخراب داخل المجتمعات الرأسمالية وخارجها؛ حيث كانت الشركات العملاقة والبنوك التي تنهب ثروات الناس تحت عنوان حرية التملك وتنميته والانتفاع بالملك، وكان التفاوت الطبقي الكبير نتيجة سيطرة الأغنياء على الثروات؛ فأصبح نسبة 1-2% في المجتمعات الرأسمالية يسيطرون على أكثر من 98% من ثروة المجتمع، و 2% من البقية الباقية من الثروات توزّع على 98%  من باقي الشعب. أما في سياسة الدول الخارجية، فكان الاستعمار وكانت الحروب، وكان مصّ دماء الشعوب الضعيفة، وانتشرت فوق ذلك الجرائم والأمراض الفتاكة كالإيدز نتيجة ارتباط عقول الناس بالمنافع والأموال وعدم ارتباطهم بالقيم والأخلاق، فأصبح مرض الإيدز ينتشر بالملايين في مجتمعات الغرب، وأصبحت الجريمة تقاس بالثانية الواحدة في أرقى مدن الغرب في نيويورك وغيرها…

من هنا نشأت المشاكل والأزمات في النظام الرأسمالي منذ نشأته وتكوّنه، وصارت تكبر وتزداد مع امتداد هذا النظام وتوسّعه، فكان من مظاهر هذه الأزمات، ومنذ أوائل نشوئه في القرن التاسع عشر- أزمة الأجور وساعات العمل في أميركا؛ حيث استمرت إضرابات العمال فترةً طويلة حتى توصّلوا بعدها إلى حلّ وسط في تحديد الأجور وساعات العمل… وكان بعد ذلك أزمة الكساد العظيم في بدايات القرن العشرين سنة 1929م، وكانت أزمة الحروب الطاحنة للسيطرة على الأسواق ورؤوس الأموال؛ فكانت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية التي حصدت أكثر من 20 مليون إنسان، وعشرات ملايين الجرحى والمعوقين، وجلبت الخراب والدمار والرعب والأمراض النفسية، ثم استمرت أزمات الصراع الدولي الساخن والبارد بين الدول العظمى، واستمرّ تسابق التسلح وإنفاق المليارات على ذلك من أجل الردع، وتخلّل هذه المرحلة الاستعمارُ العسكريّ لكثير من بلاد العالم من أجل خدمة أصحاب رؤوس الأموال والشركات الرأسمالية، ثم حصلت الأزمة الحالية في بدايات القرن الواحد والعشرين حيث بدأت بأزمة الرهن العقاري، وامتدت كالنار في الهشيم، وجلبت على العالم الدمار الاقتصادي وخساراتٍ تقدر بأكثر من 14 تريليون دولار، من بداية الأزمة حتى سنة 2008م، ثم ازدادت سنة 2011م لتصل إلى حوالى 60 تريليون دولار، عدا عن انهيارات في مؤسسات مالية كبيرة، وغلاء الأسعار وارتفاع البطالة وانخفاض الأجور، وازدياد عدد الفقراء وازدياد عدد المهددين بالموت جوعًا، وما زالت الأزمة تضرب هنا وهناك، وتنفلت نارها هنا وهناك، ويحاول قادة الغرب إطفاءها والسيطرة عليها لكن دون جدوى!!..

 والقاعدة التي تستخدمها دول الغرب وعلى رأسها أميركا لتحقيق مصالحها هي: الغاية تبرر الوسيلة. وأميركا تقوم بتحقيق مصالحها وخبثها السياسي في العالم بمساعدة الأمم المتحدة التي تُعَدُّ من براثنها السياسية. ومثال ذلك سياسة أميركا في الشرق الأوسط وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان وفي سائر البلاد. هذه السياسة أوقعت الشعوب في بحر المصائب الكبرى.

 وفي الاقتصاد أيضًا، أدّى النظام الرأسمالي إلى الكوارث الكبرى. فمثلًا حسب معلومات منظمة compassion international يعيش حوالى نصف أهل الأرض الآن بـ2،5 دولارًا فقط أو أقل منه. وحسب تقرير منظمة Credit Suisse عن الثروات في العالم فإن 45،6% من ثروات العالم تتركّز في يد 0،7% من أهل الأرض فقط. وهؤلاء الـ0،7% من الناس يملكون 116 تريليون دولار من أصول الثروات. وفي تقارير حول ثروة أغنى رجل في العالم الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون» جيف بيزوس؛ إذ دخل إلى حسابه 12 مليار دولار أميركي في يوم واحد فقط، بمعدل 500 مليون دولار كل ساعة، ما يعادل أكثر من 8 ملايين و333 ألف دولار في الدقيقة. وبهذا باتت ثروة بيزوس 134 مليار دولار أميركي، وارتفعت أسهم «أمازون» 6.3 في المئة في بورصة نيويورك، فقد بلغ سعر السهم الواحد 12.1614 دولار، بحسب موقع «بلومبرغ». أما موقع «فوربس» فأشار إلى أنّ أرباح بيزوس بلغت 9 مليارات دولار أميركي في يومين؛ وذلك بعد ارتفاع سهم «أمازون» المالك 16 في المئة فقط. ويُذكر انّ بيزوس يجري مفاوضات حاليًا لشراء شركة «Flipkart» الهندية للتجارة الإلكترونية، وقد عرض على مالكيها نحو 11 مليار و600 مليون دولار أميركي، وأن واحدًا بالمائة من أرباحه لهذا العام ما يعادل ميزانية وزارة الصحة الإثيوبية.

 وفي الوقت نفسه يعيش الملايين من الناس في الفقر ويعانون أشد العذاب من أنواع الأمراض ويموتون من الجوع. فحسب معلومات الأمم المتحدة شُوهد في عام 2016م لدى 155 مليونًا من الأطفال التوقف عن النموّ. وقبل هذا بسنة مات 5،9 مليونًا من الأطفال في اليوم الثالث أو الرابع من ولادتهم. ويجيئون بهذه الوقائع أيضًا:

  1. حوالى نصف أهل العالم، أي أكثر من 3 مليار إنسان يعيش يوميًا بأقل من 2،5 دولارًا، وأكثر من 1،3 مليار إنسان يعيش بأقل من 1،25 دولارًا، أي يعيش في الفقر المدقع.

  2. الآن في العالم يعيش 1 مليار طفل في الفقر المدقع. وحسب معلومات يونيسيف يموت يوميًا 22 ألف طفل بسبب الفقر المدقع.

  3. في العالم 805 مليون إنسان ليس عندهم الطعام الذي يكفي لحاجاتهم.

  4. أكثر من 750 مليون إنسان ليس عندهم إمكانية شرب الماء الصافي.

  5. شوهد في عام 2011م عند 165 مليون من #الأطفال عدم النموّ وعدم التطور نتيجة الجوع المزمن.

  6. يموت 2 مليون طفل سنويًا بمرض الالتهاب الرئوي والإسهال. وهم الأطفال الذين يعيشون في الفقر المدقع ولا يملكون إمكانية العلاج.

  7. يعيش ربع أهل الأرض أي حوالى 1،6 مليار إنسان بلا كهرباء.

  8. حسب تقدير أوكسفام تقتضي مكافحة الفقر المدقع 60 مليار دولار، وهو أقل من رُبع دخل 100 ملياردير.

علاوة على ذلك زاد عدد العاطلين عن العمل، وحسب تقرير منظمة العمل الدولية وصل عدد العاطلين في العالم عام 2017م إلى مستوى قياسي أي إلى 192،7مليون شخص. ولا شك هذه بعض الثمرات النتنة المــرَّة لتطبيق النظام الرأسمالي.

في الحقيقة إن النظام الرأسمالي شرير، ودول الغرب الاستعمارية وعلى رأسها أميركا شريرة، ويشهد على شرها أهلها أنفسهم. فالمخرج الأميركي المعروف مايكل مور يقول إن الرأسمالية شريرة، لا يمكن إصلاحها إنما يجب إزالتها.

إن النظام الرأسمالي كفر، وجرائم رأس الكفر أميركا لا تحصى. وضحايا أميركا: هيروشيما، وناغاساكي، والشرق الأوسط، والعراق، وأفغانستان، وسوريا، وليبيا، والصومال، وغيرها من البلاد… ويمكن مواصلة قائمة جرائمها طويلًا.، بينما أميركا ظلمت ولا تزال تظلم البشرية كلها، وقتلت ولا تزال تقتل الناس وأولادهم. فمثلًا حسب تقرير منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية (وهي منظمة الأطباء التي تكافح لمنع الحرب النووية) قُتل في حرب أميركا على العراق وأفغانستان وباكستان واليمن فقط، والتي استمرت 12 سنة، 1.2 مليون إنسان. وحسب تقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان يوجارّيك قتل في عام 2016م فقط 8 آلاف طفل. ولا شك في أنها معلومات إحصائية رسمية، وفي الحقيقة عدد الضحايا أكثر من ذلك أضعافًا مضاعفة.

وفي السنوات الأخيرة، ظهرت بدع العولمة والخصخصة، التي تجعل للأقوياء حق استغلال الطاقات البشرية والفنية، والموارد الطبيعية، والأسواق التجارية في كل مكان في العالم، وذلك بشكل مسموح به قانونيًا، وتؤكده الاتفاقات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، ويُعمل على حماية هذه الاستثمارات بقوة السلاح، حتى لا يخطر ببال أحد أن ينقلب عليها ويطالب بترحيلها أو بإضعاف سطوتها.

 والسوال الذي يطرح نفسه، لماذا بقي هذا المبدأ صامدًا إلى الوقت الحاضر؟ وبمعنى آخر ماهي أهم الترقيعات التي ساندت هذا المبدأ المنتهي أصلًا في نظر أصحاب الفكر -المستنير؟. وهذه بعض الأسباب الداعمة له حتى يتسنى له البقاء والاستمرار            [يتبع]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *