العدد 384 -

السنة الثالثة والثلاثون – محرم 1440هـ – أيلول / سبتمبر 2018م

عامة علماء المسلمين: حديث الآحاد لا يفيد الاعتقاد (1)

عامة علماء المسلمين: حديث الآحاد لا يفيد الاعتقاد (1)

ابو عبيدة معاوية الحيجي

 

الحمد لله، والصلاة على سيدنا رسول الله، وبعد جمعت في هذه الوريقات أقوال علماء الأمة في مسألة كثر الكلام عنها (حديث الآحاد، وماذا يفيد: الظن أم اليقين؟) هذا هو أصل المسألة، ويتفرع عنها جملة مسائل، أشهرها وأكثرها تداولًا: هل يؤخذ حديث الآحاد في العقيدة أم لا؟

وعلى شهرة هذه المسألة وكثرة تداولها، تجد أن معظم الذين يتكلمون بها لا يفقهون معناها، فالذين يقولون بوجوب أخذ حديث الآحاد في العقيدة تراهم أنفسهم يقولون إن حديث الآحاد يفيد الظن، لكن يجب أخذه في العقيدة (وعلى رأسهم الألباني) وكلامهم هذا يدل على عدم إدراكهم أن معنى العقيدة هو الجزم واليقين، كما أنك تجد هذا الفريق ذاته يؤلف الكتب في الرد على من أنكر أخذ حديث الآحاد، وهذا أيضًا يدل على عدم فهمهم لكلام الفريق الثاني. فالفريق الثاني لا ينكر الحديث النبوي كما يتوهم الفريق الأول، وإنما يقولون إن حديث الآحاد لا يجوز رده، ولكنه يفيد الظن ولا يفيد الاعتقاد، وهو ذات قولهم لا يفيد اليقين، وذات قولهم لا يفيد العلم، وهذا الفريق الثاني يقول: «إن حديث الآحاد يفيد الظن؛ لذلك يجب تصديقه ولا يجوز رده، لكنه لا يفيد الاعتقاد أي لا يفيد اليقين» وهذا الكلام واضح المعالم كما ترى ولا إشكال في فهمه ووضوحه، لكن هناك من يفهم الكلام بالمقلوب، أو من يفهمه كما يحب أن يفهمه هو، وكما يحلو له وكما يشتهي، أو في أحسن أحواله كما يتوهمه فكره وعقله. على أنه والحق يقال إن هناك من القائلين إن حديث الآحاد لا يفيد الاعتقاد من لا يحسن التعبير عن فكرته ولا يجيد الإبانة عن رأيه؛ مما يسبب للعوام إشكاليات، أو يوحي إليهم عن غير قصد أنه لا يصدق كلام النبي عليه الصلاة والسلام؛ لذلك ننصح هؤلاء أن يطرحوا فكرتهم بشكل واضح لا لبس فيه وبشكل بسيط يفهمه الجميع؛ كي لا يظن أحد من الناس أن معنى عدم أخذ حديث الآحاد في الاعتقاد هو رد للحديث النبويّ. فالأفضل أن تطرح هذه الفكرة على بساطتها ودون تعقيد.             

 وأحب أن أقول إن السبب الذي دعاني إلى جمع أقوال العلماء أمران: أولهما أن هناك من زعم زورًا وبهتانًا أن السلف رأيهم وجوب أخذ حديث الآحاد في العقيدة، فجمعت هذه الأقوال ردًا على هذا الزعم، ولبيان أن أقوال السلف خلاف ما زعموا أنه قولهم، بل عامة أهل السلف وعلى رأسهم ابن تيمية يقولون إن حديث الآحاد يفيد الظن دون الاعتقاد. وثانيهما أن القائلين بوجوب أخذ حديث الآحاد في العقيدة يعتبرون كل من خالفهم في الرأي كافرًا أو فاسقًا، وإذا أراد التهذيب قال ليس من أهل السنة. وكأنهم هم وحدهم أهل السنة. أما من عداهم من جمهور أئمة المسلمين المعتبرين وجمهور علمائهم الكبار فهؤلاء مبتدعة  حسب منهجهم.                                                           

وقبل الشروع في نقل أقوال العلماء، أحب توضيح أمور لابد منها:

1- إن قول العلماء بعدم إفادة حديث الآحاد للاعتقاد لا يعني رد كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

2- قول العلماء (لا يفيد العلم) هو ذات القول لا يفيد الاعتقاد، أي لا يفيد اليقين.

3- لم يقل أحد من العلماء إن حديث الآحاد حجة بنفسه في العقائد والأحكام سوى القلة القليلة، وعلى رأسهم ابن حزم من الأقدمين والألباني من المعاصرين (وهو متناقض في قوله هذا كما ستراه في هذه النقولات) وبالتالي فرأيهم شاذ مخالف لما عليه جمهرة علماء السلف، وجمهرة المفسرين، وجمهرة شراح كتب الحديث.

4- عامة العلماء الذين قالوا بوجوب أخذ حديث الآحاد في الاعتقاد يشترطون أن يحتفي بالقرائن، أي أن تجتمع معه قرينة تنقله إلى درجة اليقين، أي أنه بنفسه يفيد الظن ولا يفيد اليقين. 

5- اختلف العلماء في ماهية هذه القرينة، لكنهم اتفقوا على قرينة موافقة الحديث للقرآن وللمتواتر ولعموم الشريعة الإسلامية 

6- من العلماء من اعتبر تلقي الأمة بالقبول قرينة على اليقين وعلى رأسهم ابن تيمية وابن الصلاح، ومنهم من لم يعتبرها قرينة وعلى رأسهم الإمام النووي.

7- جميع العلماء من السلف والخلف يقولون بوجوب العمل بحديث الآحاد عدا رأي شاذ للمعتزلة انه لا يجب العمل به.

8- في كتب الذين يقولون بإفادة الآحاد للاعتقاد نجد نقولات كثيرة للعلماء تؤيد وجهة نظرهم، ولو دققت النظر في هذه النقولات لرأيت أن هذه النقولات في وادٍ ورأي هؤلاء في وادٍ آخر؛ ذلك أن عامة نقولاتهم عن العلماء أن حديث الآحاد يجب العمل به – وهذا مما لا خلاف فيه كما قدمنا – لكن هؤلاء ينقلونه على سبيل التأييد لفكرتهم، فهم يستدلون بأقوال العلماء بوجوب العمل على وجوب الاعتقاد، وهذا مرده إما التدليس، وإما سوء الفهم لأقوال العلماء.

9- إن الشيخ ناصر الألباني، وهو من تبنَّى القول بوجوب أخذ حديث الآحاد في العقيدة، هو نفسه يقول في مواضع أخرى بعكس قوله هذا؛ وهذا من تناقضاته التي صار مشهورًا بها عند عامة طلاب العلم.

هذا وقد نقلت أقوال العلماء، وعزلت كل فئة منهم وحدها، فجعلت لكل فئة زمرة، فأولهم أهل التفسير، ثم شرَّاح الحديث، ثم علماء مصطلح الحديث، ثم أصحاب أصول الفقه، ثم أقوال متفرقة للعلماء، والله الموفق لما فيه خير العباد والبلاد.

أقوال المفسرين

1- أحكام القرآن للجصاص (5/ 279) في تفسير آية ﴿إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ﴾: «وفي هذه الآية دلالة على أن خبر الواحد لا يوجب العلم، إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه إلى التثبت. ومن الناس من يحتج به في جواز قبول خبر الواحد العدل، ويجعل تخصيصه الفاسق بالتثبت في خبره دليلًا على أن التثبت في خبر العدل غير جائز، وهذا غلط؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن ما عداه فحكمه بخلافه».         

2- الجامع لأحكام القرآن (16/ 332) للقرطبي: «وأكثر أحكام الشريعة مبنية على غلبة الظن كالقياس وخبر الواحد».

3-  تفسير النيسابوري (2/ 93): «﴿إِذۡ قَالُواْ لِنَبِيّٖ لَّهُمُ لم يحصل العلم بذلك النبي وبأولئك الملأ من الخبر المتواتر، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن».

4- تفسير القشيري (5/478): «﴿۞قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٢٧ وفي هذا دلالة على أن خَبَرَ الواحدِ لا يوجِب العلمَ فيجب التوقفُ فيه على حدِّ التجويز، وفيه دلالة على أنه لا يُطْرَح بل يجب أن يُتَعَرَّفَ: هل هو صدق أم كذب؟».

5-  تفسير روح البيان للمؤلف إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي (3/ 154): «وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن ولا عبرة بالظن في الاعتقاديات». وقال في موضع آخر (10/ 41): «﴿أَصَدَقۡتَ فيما قلت ﴿أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ وفى هذا دلالة على أن خبر الواحد وهو الحديث الذي يرويه الواحد والاثنان فصاعدًا مالم يبلغ حد الشهرة والتواتر لا يوجب العلم، فيجب التوقف فيه على حد التجويز». وفي موضع آخر (12/ 445): «خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد إلا الظن، ولا يعتبر إلا فى العمليات دون الاعتقاديات». 

6- فتح القدير (5/ 92) الشوكاني: «من الظن ما يجب اتباعه، فإن أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الظن كالقياس وخبر الواحد». وقال في موضع آخر (5/ 158): «إن دلالة العموم والقياس وخبر الواحد ونحو ذلك ظنية، فالعمل بها عمل بالظن، وقد وجب علينا العمل به في مثل هذه الأمور».

7- مفاتيح الغيب (1/ 161) و (6/ 144) تفسير الرازي: «خبر الواحد لا يفيد إلا الظن».

8- اللباب في علوم الكتاب (2/ 215) المؤلف أبو حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي: «قوله تعالى: ﴿أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٨٠﴾: تمسّك منكرو القياس وخبر الواحد بهذه الآية، قالوا: لأن القياس وخبر الواحد لا يفيدان العلم، فهو قول على الله بما لا يعلم. والجواب أنه دلَّت الدلائل على وجوب العمل عند حصول الظّن المستفاد من القياس، منه خبر الواحد، فكان وجوب العمل عنده معلومًا، فكان القول به قولًا بالمعلوم».

9- فتح البيان في مقاصد القرآن (7/ 390) لأبي الطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي: «﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ وأقول إن هذه الآية دلت على عدم جواز العمل بما ليس بعلم، ولكنها عامة مخصصة بالأدلة الواردة بجواز العمل بالظن كالعمل بالعام وبخبر الواحد والعمل بالشهادة والاجتهاد في القبلة وفي جزاء الصيد ونحو ذلك، فلا يخرج من عمومها ومن عموم أن الظن لا يغني من الحق شيئًا إلا ما قام دليل جواز العمل به». وفي موضع آخر (13/ 147): «أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الظن: كالقياس، وخبر الواحد، ودلالة العموم، ولكن هذا الظن الذي يجب العمل به قد قوي بوجه من الوجوه الموجبة للعمل به».

10- نواسخ القرآن (1/ 83) لابن الجوزي: «الأخبار المنقولة بنقل الآحاد، فهذه لا يجوز بها نسخ القرآن؛ لأنها لا توجب العلم بل تفيد الظن، والقرآن يوجب العلم، فلا يجوز ترك المقطوع به لأجل مظنون».

شرَّاح الحديث

1- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (1/ 7) لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى : 463هـ): «واختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد العدل هل يوجب العلم والعمل جميعًا، أم يوجب العمل دون العلم، والذي عليه أكثر أهل العلم منهم أنه يوجب العمل دون العلم، وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر، ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله وقطع العذر بمجيئه قطعًا ولا خلاف فيه».

2- العرف الشذي شرح الترمذي لمحمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي المحقق محمود أحمد شاكر (1/ 25): «ونقول إن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، فعملنا به معاملة الظن»

3- شرح الزرقاني على موطأ مالك (2/ 251): «قال جمهور العلماء ويجري عندهم مجرى خبر الواحد في العمل به دون القطع، قاله ابن عبد البر (وذلك في القراءة الشاذة)»

4- شرح النووي على مسلم (1/ 131): «الذى عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم»، وقال أيضًا (1/ 132): «وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس، وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه والله أعلم»، وقال في موضع آخر: (1/ 20): «ما قاله المحققون والأكثرون فإنهم قالوا أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن فإنها آحاد، والآحاد إنما تفيد الظن على ما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه، فإن أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد إلا الظن، فكذا الصحيحان، وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحًا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقًا، وما كان في غيرهم لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم».

5- عمدة القاري شرح صحيح البخاري (4/ 444): «أن خبر الواحد إذا حُفَّ بالقرائن يفيد اليقين».

6- فتح الباري ابن حجر (13/ 234): «قال الكرماني وأفرد الثلاثة بالذكر للاهتمام بها. قال الكرماني ليعلم أنما هو في العمليات لا في الاعتقاديات (وذلك في باب قبول خبر الواحد في الأذان والصلاة والصوم)»

7- فتح الباري لابن رجب (1/ 174): «إن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن».

8- جامع الأصول في أحاديث الرسول (1/ 125) لابن الأثير الجزري: «وخبر الواحد لا يفيد العلم ولكنا مُتَعَبَّدُون به. وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يورث العلم، فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل، أو سمَّوا الظن علمًا، ولهذا قال بعضهم: يورث العلم الظاهر، والعلم ليس له ظاهر وباطن، وإنما هو الظن. (هذا وقد علق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط على هذا الكلام في تحقيقه لجامع الأصول بقوله: سواء أكان مما اتفق الشيخان على روايته في  صحيحيهما، أم رواه أحدهما، أم رواه غيرهما على شرطهما، وسواء أكان في طريقه إمام أم لم يكن، وهو مذهب المحققين وأكثر العلماء، واستدلوا على هذا بجواز الخطأ والنسيان على الثقة عقلًا، ومع هذا الجواز العقلي لا يمكن ادعاء القطع، فإنه لا يمكن ادعاؤه إلا إذا انتفى ما يعارضه ويأتي عليه. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم (1/20): «فإنهم – أي: المحققين – قالوا: إن أحاديث الصحيحين التي ليست متواترة إنما تفيد الظن؛ لأنها آحاد، والآحاد إنما تفيد الظن كما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه، فإن أخبار الآحاد في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد إلا الظن، وكذا الصحيحان، وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيها صحيحًا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقًا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر فيه، وتوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم. نقول (الشيخ عبد القادر الأرناؤوط): ومن مارس صناعة الحديث وفحص متونها وأسانيدها وتتبعها تتبعًا دقيقًا لا يسعه إلا أن يسلم بما نقله الإمام النووي رحمه الله عن المحققين وارتضاه».

9- حاشية السندي على ابن ماجه (4/ 83) (شرح حديث أن الله فرض على كل مسلم الخ) قَوْله (فَرَضَ) أَيْ أَوْجَبَ، وَالْحَدِيث مِنْ أَخْبَار الْآحَاد فَمُؤَدَّاهُ الظَّنّ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ بِوُجُوبِهِ دُون افْتِرَاضه مَنْ خَصَّ الْفَرْض بِالْقَطْعِ وَالْوَاجِب بِالظَّنِّ (عَلَى كُلّ حُرّ وَعَبْد)».

10- حاشية السندي على النسائي (5/ 47): «الحديث فرض الله زكاة رمضان، قوله: فرض، أي أوجب، والحديث من أخبار الآحاد فمؤداه الظن؛ فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه من خص الفرض بالقطعي والواجب بالظني».

11- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/ 59) المؤلف/ الشيخُ أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ الشيخِ المرحومِ الفقيهِ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ الحافظ الأنصاريُّ القرطبيُّ: «وأخبار الآحاد إنما تفيد غلبة الظن، غير أن الظن على مراتب في القوة والضعف، وذلك موجب للترجيح».

12- إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للقاضي عياض (1/ 138): «هذا هو طريق أهل الصنعة ومذهبهم، وهو غاية جهدهم وحرصهم، وبمقدار علو حديث الواحد منهم تكُرُ الرحلةُ إليه، والأخذ عنه، مع أنَ له فى طريق التحقيق والنظر وجهًا، وهو أن أخبار الآحاد وروايات الأفراد لا توجب – كما قدمنا – علمًا، ولا يُقطع على مُغَيَّبِ صدقها، لجواز الغفلات، والأوهام، والكذب على آحاد الرواة، لكن لمعرفتهم بالصدق ظاهرًا وشهرتهم بالعدالة والستر، غلب على الظن صحةُ حديثهم وصدق خبرهم، فكلفنا العمل به،كما قال في (1/ 134): «قال مسلم: (خبر الواحد الثقة عن الواحد حجة يلزم به العمل). هذا الذى قاله هو مذهب جمهور المسلمين منَ السلف والفقهاء والمحدثين ومذهب الأصوليين، وأن وجود ذلك من جهة الشرع كأن نقله بواحد عن واحد أو أكئر ما لم يبلغْ عدد التواتر، وإن أوجب غَلبة الظن دون اليقين والعلم».

13- مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 381)، المؤلف أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري: «أخبار الآحاد: الآحاد جمع أحد بمعنى واحد. وخبر الواحد: في اللغة: ما يرويه شخص واحد، وفي الاصطلاح: ما لم يصل حد التواتر، أو لم يتوفر فيه شروط المتواتر، وهو يفيد الظن».

[يتبع]

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *